وهو عالم روحاني من علماء المسلمين الأندلسيين، وشاعروفيلسوف، أصبحت أعماله ذات شأن كبيرٍ حتى خارج العالم العربي. تزيد مؤلفاته عن 800، لكن لم يبق منها سوى 100. كما غدت تعاليمه في مجال علم الكون ذات أهمية كبيرة في عدة أجزاء من العالم الإسلامي.[12]
لقبه أتباعه ومريدوه من الصوفية بألقاب عديدة، منها: الشيخ الأكبر، ورئيس المكاشفين[13]، البحر الزاخر[14]، بحر الحقائق،[14]إمام المحققين،محيي الدين،سلطان العارفين.
ولد محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي في مدينة مرسية في الأندلس في 17 رمضان558 هـ الموافق 28 يوليو1164م.[15] ويُعرف بن عربي لدى المتصوفين باسم (الشيخ الأكبر) أو محي الدين بن عربي، ويعتبر أحد الأولياء في الصوفية.[16][17] أما في الشرق الأوسط، فُعرف باسم الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي.[18]
انتشرت تعاليم بن عربي بسرعة هائلة عبر العالم. ولم تكن كتاباته حكراً على نخبة المسلمين، بل وجدت طريقها إلى الطبقات الدنيا من المجتمع نتيجة انتشار المد الصوفي. كما تُرجمت أعمال بن عربي إلى اللغات الفارسية والتركيةوالأردية. فوقتها، كان عدد كبير من الشعراء يتبعون المذهب الصوفي، وكانت أفكار بن عربي بمثابة إلهامٍ كبير لهم.[21]
تعود عائلة بن عربي إلى أصول مختلفة ومتداخلة، فمثلاً، كان والده عربياً أصله من إحدى أشهر قبائل العرب، وهي قبيلة طيء.[22] أما والدته، فكانت من الأمازيغ.[23]
وفي كتاباته، أشار بن عربي إلى عمه المتوفي يحيى الصنهاجي (من صنهاجة)، حيث كان عمه ثرياً، ويشغل منصب أمير مدينة تلمسان، لكنه ترك منصبه ليتصوّف بعد لقائه شيخاً متصوفاً.[24]
خدم والد بن عربي، والذي يُدعى علي بن محمد، في جيش حاكم مرسية المعروف باسم ابن مردنيش.[25] وعندما توفي الأخير عام 1172 ميلادي، تحوّل والد بن عربي لخدمة سلطان الموحدين، أبو يعقوب يوسف الأول، وهكذا عاد إلى العمل الحكومي، وانتقلت معه عائلته من مرسية إلى إشبيلية.[18] وهناك، ترعرع بن عربي في بلاط الحاكم وتلقى التدريب العسكري.[25] وعندما أصبح بالغاً، شغل منصب سكرتير حاكم إشبيلية. وتزوّج امرأة تدعى مريم من عائلة ذات صيت.[25]
ولد محيي الدين بن عربي في مدينة مرسية من أب عربي طائي وأم عربية خولانية[26][27][28][29] ويعرف عند الصوفيين بالشيخ الأكبر والكبريت الأحمر. وهو واحد من كبار المتصوفة والفلاسفة المسلمين على مر العصور. كان أبوه علي بن محمد من أئمة الفقه والحديث، ومن أعلام الزهد والتقوى والتصوف. وكان جده أحد قضاة الأندلس وعلمائها، فنشأ ضمن جو ديني. انتقل والده إلى إشبيلية وكان يحكمها أنذاك السلطان محمد بن سعد، وكانت عاصمة من عواصم الحضارة والعلم في الأندلس. وما كاد لسانه يبين حتى دفع به والده إلى أبي بكر بن خلف عميد الفقهاء، فقرأ عليه القرآن الكريمبالقراءات السبع، فما أتم العاشرة من عمره حتى كان ملماً بالقراءات والمعاني والإشارات. ثم سلمه والده إلى طائفة من رجال الحديثوالفقه تنتقل بين البلاد واستقر أخيراً في دمشق طوال حياته وكان واحداً من أعلامها حتى وفاته عام 1240 م.[30]
ذكر أنه مرض في شبابه مرضاً شديداً وفي أثناء شدة الحمي رأى في المنام أنه محاط بعدد ضخم من قوى الشر، مسلحين يريدون الفتك به. وبغتة رأى شخصاً جميلاً قوياً مشرق الوجه، هجم على هذه الأرواح الشريرة ففرقها ولم يبق منها أي أثر فسأله محيي الدين ابن عربي: «من أنت؟» فقال له الرجل:: أنا سورة يس.
" وعلى أثر هذا استيقظ فرأى والده جالساً إلى وسادته يتلو عند رأسه سورة يس. ثم لم يلبث أن شفي من مرضه، وأتته فكرة أنه معد للحياة الروحية وآمن بوجوب سيره فيها إلى نهايتها.
تزوج بفتاة فارسية تدعى نظام وهي ابنة الشيخ أبي شجاع بن رستم الأصفهاني الذي يعد من كبار شيوخ بلاد فارس في حينها. وكانت تعتبر مثالاً في الكمال الروحي والجمال الظاهري وحسن الخلق، فساهمت معه في تصفية حياته الروحية، بل كانت أحد دوافعه إلى الإمعان فيها. وفي هذه الأثناء كان يتردد على إحدى مدارس الأندلس التي تعلم فيها سراً مذهب الأمبيذوقلية المحدثة المفعمة بالرموز والتأويلات والموروثة عن الفيثاغوريةوالاورفيوسيةوالفطرية الهندية. وكان أشهر أساتذة تلك المدرسة في ذلك القرن ابن العريف المتوفى سنة 1141م.
إن استعداده الفطري ونشأته في بيئة دينية وتردده إلى المدارس الرمزية، كل ذلك قد تظافر على إبراز الناحية الروحية عنده في سن مبكرة، فلم يكد يتم العقد الثاني من عمره حتى انغمس في أنوار الكشفوالإلهام، ولم يشارف العشرين حتى أعلن أنه جُعِل يسير في الطريق الروحاني، وأنه بدأ يطلع على أسرار الحياة الصوفية. وأن عدداً من الخفايا الكونية قد تكشفت أمامه وأن حياته سلسلة من البحث المتواصل عما يحقق الكمال لتلك الاستعدادات الفطرية. وبقي عاكفاً حتى ظفر بأكبر قدر ممكن من الأسرار. وأكثر من ذلك أنه حين كان لا يزال في قرطبة قد تكشف له من أقطاب العصور البائدة من حكماء فارس والإغريق كفيثاغورسوأمبيذوقليسوأفلاطون وهذا هو سبب شغفه بالاطلاع على جميع الدرجات التنسكية في كل الأديان والمذاهب عن طريق أرواح رجالها الحقيقين بهئية مباشرة. وألف كتاب الفتوحات المكية الذي يمكن تتبع أقواله فيه.
يحكى أن بن عربي رأى وهو في حالة اليقظة أنه أمام العرش الإلهي المحمول على أعمدة من لهب متفجر ورأى طائراً بديع الصنع يحلق حول العرش ويصدر إليه الأمر بأن يرتحل إلى الشرق وينبئه بأنه سيكون هو مرشده السماوي وبأن رفيقاً من البشر ينتظره في مدينة فاس594هـ.
في السنة 595هـ كان في غرناطة مع شيخه أبي محمد عبد الله الشكاز
فيما بين سنتي 597هـ، 620هـ الموافق سنة 1200، 1223 بدأ رحلاته الطويلة المتعددة الي بلاد الشرق فاتجه واستقر في دمشق.
في السنة 1201 م رحل إلى مكة فاستقبله فيها شيخ إيراني وقور جليل عريق المحتد ممتاز في العقل والعلم والخلق والصلاح.[18] والتقى بفتاة تدعي نظام وهي ابنة ذلك الشيخ وقد حباها الله بنصيب موفور من المحاسن الجسمية والميزات الروحية. اتخذ منها محيي الدين ابن عربي رمزا ظاهريا للحكمة الخالدة وأنشأ في تصوير هذا الرمز قصائد سجلها في ديوان ترجمان الأشواق ألفه في ذلك الحين.
وفي ذلك الحين في احدي تأملاته رأي مرشده السماوي مرة أخرى يأمره أيضا بتأليف كتابه الجامع الخالد الفتوحات المكية الذي ضمن فيه أهم أرائه الصوفية والعقلية ومبادئه الروحية.
في سنة 599هـ[31] زار الطائف وفي زيارته إلى بيت عبد الله بن العباس ابن عم رسول الله محمد (ص) استخار الله وكتب رسالة حلية الأبدال لصاحبيه أبي محمد عبد الله بن بدر بن عبد الله الحبشيوأبي عبد الله محمد بن خالد الصدفي التلمساني.
في سنة 601هـ، 1204م ارتحل الي الموصل حيث جذبته تعاليم الصوفي الكبير علي بن عبد الله بن جامع الذي تلقي لبس الخرقة عن الخضر مباشرة، ثم ألبسها لمحيي الدين ابن عربي بدوره. وفي نفس السنة زار قبر رسول الإسلام وكما قال «وقد ظلمت نفسي وجئت إلى قبره صلى الله عليه وسلم فرأيت الأمر على ما ذكرته وقضى الله حاجتي وانصرفت ولم يكن قصدي في ذلك المجيء إلى الرسول إلا هذا الهجير».
في سنه 1214م زار مكة ووجد عدد من فقهائها الدساسين قد جعلوا يشوهون سمعته لسبب القصائد التي نشرها في ديوانه الرمزي منذ ثلاثة عشر عاما فرحل إلى دمشق عائداً.
بعد ذلك رحل الي حلب واقام فيها مدةً من الزمن معززاً مكرماً من أميرها.
أخيرا أقام في دمشق في الفترة 1223م ـ 1240م حيث كان أميرها أحد تلاميذه ومن المؤمنين بعلمه ونقائه وعاش حياته في دمشق يؤلف ويعلم وكان واحدا من كبار العلماء بين أهل العلم والفقه في دمشق، وألتقى به عدد كبير من العلماء والطلاب من جميع أنحاء المعمورة ومن أبرزهم الشيخ جلال الدين الرومي صاحب المثنوي[32][33][34][35][36]، وفي دمشق دون وكتب مراجعاته ومؤلفاته وكان له مجلس للعلم والتصوف في رحاب مجالس دمشق وبين علماء الفقه والعلم بدمشق ومدارسها.
من قال بالحلول فدينه معلول، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد
—محيي الدين ابن عربي
«فيا إخوتي وإحبائي رضي الله عنكم، أشهدكم عبد ضعيف مسكين فقير إلي الله في كل لحظة وطرفة، أشهدكم علي نفسه بعد أن أشهد الله وملائكته، ومن حضره من المؤمنين وسمعه أنه يشهد قولا وعقدا، أن الله إله واحد، لا ثاني له وألوهيته منزهة عن الصاحبة والولد، مالك لا شريك له في الملك ولا وزير له، صانع لا مدبر معه، موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود سواه مفتقر إليه تعالى في وجوده فالعالم كله موجود به، وهو وحده متصف بالوجود لنفسه، ليس بجوهر متحيز فيقدر له مكان ولا بعرض فيستحيل اليه البقاء ولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء، مقدس عن الجهات والأقطار، مرئي بالقلوب والأبصار،»
اختلف العلماء في مذهبه الفقهي لكن يبدو أنه كان ظاهريا[37][38] قبل أن يجتهد لنفسه كما يبدو في بعض مطاوي رسائله.
كتاب الفتوحات المكية، المكوُن من 37 سفر و560 باب..الذي وُصف بأنه من النصوص الصوفية الموغلة في التعمق وان لغته رمزية وبها إشارات الهية، له نشرة علمية محققة متقنة، بتحقيق الدكتور عثمان يحيى.
كتاب فصوص الحكم، الذي أثار جدلا ً كبيراً في وقته ولازال مصدرا ً للجدل.
ديوان ترجمان الأشواق، الذي خصصه لمدح نظام بنت الشيخ أبي شجاع بن رستم الأصفهاني التي عرفها في مكة سنة 598 عندما قدم إليها لأول مرة قادما من المغرب.[39]
كتاب شجرة الكون، يتحدث فيه عن الكون مشبها ً اياه بشجرة اصلا كلمة «كٌن»
كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام،
كتاب اليقين، الذي تناول موضوع اليقين الذي حير عديد من فلاسفة ذلك العصر [40]
تعتبر عقيدة الإنسان لقباً شرفياً أُطلق على ابن عربي، بالرغم من النزاع والخلاف الدائر حول أصل هذه الفكرة، فهي متأصلة في الإسلام، وتحديداً عن الصوفيين.[41] وابن عربي هو أول من صاغ هذا المصطلح، حيث أشار في عمله “فصوص الحكم” إلى كون آدم هو الإنسان الكامل صافي الفطرة.[42]
كانت هذه الفكرة شائعة في الصوفية، لكن ابن عربي تعمّق في تحليلها، حيث ناقش خلال تطويره شرحاً للإنسان الكامل قضية الوحدانية، مستعملاً المرآة كاستعارة.[43]
وفي هذه الاستعارة الفلسفية، يقارن ابن عربي بين انعكاس كيانٍ ما في عدد لا يُحصى من المرايا، وبين علاقة الله مع مخلوقاته. حيث رأى أن جوهر الإله كامنٌ في وجود الإنسان، أي أن الله هو الكيان والبشر هم المرايا. وبما أن البشر ليسوا سوى انعكاساتٍ لله، فلا يمكن الفصل بين الاثنين، فبدون الله لم تكن المخلوقات لتوجد.
وعندما يفهم المرء أن لا فاصل بين الإنسان والله، فعندها سيبدأ طريق الوحدانية المطلقة. وعن طريق البحث عن حقيقة هذه الوحدانية داخل المرء، سيصل الإنسان بذلك إلى اتحاد مع الله، وهكذا، سيصلح ويشذب وعيه الذاتي.[43]
من قال بالحلول فدينه معلول، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد.[44]
الله تعالى واحد بالإجماع، ومقام الواحد يتعالى أن يحل فيه شيء أو يحل هو في شيء أو يتحد في شيء.
لو صح ان يرقى الإنسان عن انسانيته والملك عن ملكيته ويتحد بخالقه تعالى، لصح انقلاب الحقائق وخرج الإله عن كونه إله، وصار الحق خالقا، والخلق حقا.
الحكم نتيجة الحكمة، والعلم نتيجة المعرفة، فمن لا حكمة له لا حكم له، ومن لا معرفة له لا علم له.[45]
«فإذا سمعت احدا من أهل الله يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال الولاية أعلى من النبوة، فليس يريد ذلك القائل الا ما ذكرناه. أو يقول ان الولي فوق النبي والرسول فأنه يعني بذلك في شخص واحد وهو أن الرسول من حيث أنه ولي أتم منه من حيث أنه نبي ورسول لا أن الولي التابع له أعلى منه فإن التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم»[46]
لا تعترضوا على المجتهدين من علماء الرسوم ولا تجعلوهم محجوبين على الإطلاق فإن لهم القدم الكبيرة في الغيوب وإن كانوا غير عارفين وعلى غير بصيرة بذلك ويحكمون بالظنون.[47]
ابن حجر الهيتمي الشافعي حيث قال: «الذي أثرناه عن أكابر مشايخنا العلماء الحكماء الذين يُستسقى بهم الغيث، وعليهم المعوّل وإليهم المرجع في تحرير الأحكام وبيان الأحوال والمعارف والمقامات والإشارات، أن الشيخ محي الدين بن عربي من أولياء الله العارفين ومن العلماء العاملين، وقد اتفقوا على أنه كان أعلم أهل زمانه، بحيث أنه كان في كل فن متبوعاً لا تابعاً، وأنه في التحقيق والكشف والكلام على الفرق والجمع بحر لا يجارى، وإمام لا يغالط ولا يمارى، وأنه أورع أهل زمانه وألزمهم للسنّة وأعظمهم مجاهدة».[48]
عبد الوهاب الشعراني، حيث قال عن ابن عربي: «إِن الشيخ من كمّل العارفين بإِجماع أهل الطريق، وكان جليس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدوام».[49]
علاء الدين محمد بن علي الحصكفي، الفقيه الحنفي صاحب الدر المختار حيث قال ناقلاً: «وفي المعروضات المذكورة ما معناه: أن من قال عن فصوص الحكم للشيخ محيي الدين بن العربي إنه خارج عن الشريعة وقد صنفه للإضلال ومن طالعه ملحد ماذا يلزمه؟ أجاب: نعم فيه كلمات تباين الشريعة وتكلف بعض المتصلفين لإرجاعها إلى الشرع لكنّا تيقنا أن بعض اليهود افتراها على الشيخ قدس الله سرّه فيجب الاحتياط بترك مطالعة تلك الكلمات، وقد صدر أمر سلطاني بالنهي فيجب الاجتناب من كل وجه».[50]
الفيروزآبادي، صاحب القاموس، حيث سئل عن الشيخ ابن عربي فقال: «اللهم نطقنا بما فيه رضاك الذي أعتقده وأدين الله به إنه كان شيخ الطريقة حالاً وعلمًا وإمام الحقيقة حقيقةً ورسماً ومحيي رسوم المعارف فعلاً واسماً إذا تغلغل فكر المرء في طرف من علمه غرقت فيه خواطره عباب لا تكدر الدلاء وسحاب تتقاصى عنه الأنواء كانت دعوته تخرق السبع الطباق وتفرق بركاته فتملأ الآفاق وإني أصفه وهو يقينا فوق ما وصفته وناطق بما كتبته وغالب ظني أني ما أنصفته».[50]
يروي السيوطي عن العز بن عبد السلام في رسالته «تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي»: «وحكي عن خادم الشيخ عز الدين قدس الله روحه أنه دخل مع الشيخ إلى الجامع بدمشق، فقال الخادم للشيخ عز الدين: أنت وعدتني أنك تريني القطب. فقال له: ذلك القطب، وأشار إلى ابن عربي وهو جالس والخلق حلقة حوله. فقال له: يا سيدي فأنت تقول فيه ما تقول؟ فقال له: هو القطب، فكرر عليه القول وهو يقول له ذلك».[51]
السيوطي، حيث قال: «والقول الفصل عندي في ابن عربي طريقة لا يرضاها فرقة أهل العصر ممن يعتقده ولا ممن ينكر عليه، وهي اعتقاد ولايته، ويحرم النظر في كتبه، فقد نقل عنه أنه قال: «نحن قوم يحرم النظر في كتبنا» وذلك أن الصوفية تواطئوا على ألفاظ اصطلحوا عليها وأرادوا بها معاني غير المعاني المتعارفة منها بين الفقهاء».[53]
أحمد المقري التلمساني، حيث قال: «والذي عند كثير من الأخيار في أهل هذه الطريقة التسليم، ففيه السَّلاَمة. وهي أحوط من إرسال العِنَان وقولٍ يعود على صاحبه بالملامة. وما وقع لابن حجر، وأبي حيان في «تفسيره»، من إطلاق اللسان في هذا الصديق وأنظاره، فذلك من غَلَس الشيطان. والذي أعتقده ولا يصح غيره، أنه الإمام ابن عربي ولي صالح، وعالم ناصح، وإنما فَوَّق إليه سهامَ الملامة من لم يفهم كلامه، على أن دُسّت في كتبه مقالات قَدْرُهُ يجلّ عنها. وقد تعرض من المتأخرى ن وَلِي الله الرَّباني سيدي عبد الوهاب الشعراني نفعنا الله به لتفسير كلام الشيخ على وجه يليق، وذكر من البراهين على ولايته ما يثلج صدور أهل التحقيق، فليطالع ذلك من أراده، والله ولي التوفيق».[54]
ابن كمال باشا، مفتي الدولة العثمانية، حيث قال: «أيها الناس، اعلموا أن الشيخ الأعظم المقتدى الأكرم قطب العارفين وإمام الموحدين، محمد بن علي بن العربي الطائي الأندلسي، مجتهد كامل ومرشد فاضل، له مناقب عجيبة وخوارق غريبة وتلامذة كثيرة مقبولة عند العلماء والفضلاء، فمن أنكره فقد أخطأ، وإن أصرَّ في إنكاره فقد ضلَّ، يجب على السلطان تأديبه، وعن هذا الاعتقاد تحويله، إذ السلطان مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وله مُصنّفات كثيرة، منها: «فصوص حكمية» و«فتوحات مكيّة». وبعض مسائلها معلوم اللفظ والمعنى، وموافق للأمر الإلهيّ والشرع النبوي، وبعضها خفي عن إِدراك أهل الظّاهر دون أهل الكشف والباطن، فمن لم يطلع على المعنى المرام يجب عليه السكوت في هذا المقام، لقوله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إنَّ السَّمْعَ والبَصَرَ والفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كان عَنْهُ مَسْئولاً».[55]
ابن عابدينالحنفي، حيث قال في حاشيته على الدر المختار عند قوله «لكن الذي تيقنته»: «وذلك بدليل ثبت عنده، أو لسبب عدم اطلاعه على مراد الشيخ فيها، وأنه لا يمكن تأويلها، فتعيَّن عنده أنها مفتراة عليه، كما وقع للشيخ الشعراني أنه افترى عليه بعض الحساد في بعض كتبه أشياء مكفرة، وأشاعها عنه، حتى اجتمع بعلماء عصره، فأخرج لهم مسودة كتابه التي عليها خطوط العلماء فإِذا هي خالية عما افتُرِي عليه». وقال أيضاً عند قوله «فيجب الاحتياط»: «لأنه إِن ثبت افتراؤها فالأمر ظاهر، وإِلا فلا يفهم كل أحد مراده فيها، فيُخشى على الناظر فيها من الإِنكار عليه، أو فهم خلاف المراد».[56]
شرف الدين المناوي، حيث سئل عن الشيخ ابن عربي فأجاب: «أن السكوت عنه أسلم، وهذا هو اللائق بكل ورع يخشى على نفسه».[53]
الشوكاني، وقد كان من المنتقدين للشيخ ابن عربي بل والمكفرين له فرجع عن قوله في آخر حياته، فقال رداً على سؤال وجّه له بخصوص الحلاج وابن عربي: «فأجبت عن هذا السؤال برسالة في كراريس سميتها «الصوارم الحداد القاطعة لعلائق مقالات أرباب الاتحاد» وكان تحرير هذا الجواب في عنفوان الشباب وأنا الآن أتوقف في حال هؤلاء وأتبرأ من كل ما كان من أقوالهم وأفعالهم مخالفاً لهذه الشريعة البيضاء الواضحة التي ليلها كنهارها ولم يتعبدني الله بتكفير من صار في ظاهر أمره من أهل الإسلام».[57]
المخالفون له
الحافظ الذهبي، حيث يقول عن ابن عربي: «صنف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة، فقال أشياء منكرة عدّها طائفة من العلماء مروقاً وزندقة، وعدّها طائفة من العلماء من إشارات العارفين ورموز السالكين، وعدّها طائفة من متشابه القول، وأن ظاهرها كفر وضلال وباطنها حق وعرفان، وأنه صحيح في نفسه كبير القدر. وآخرون يقولون: قد قال هذا الباطل والضلال، فمن الذي قال إنه مات عليه، فالظاهر عندهم من حاله أنه رجع وأناب إلى الله، فإنه كان عالماً بالآثار والسنن، قوي المشاركة في العلوم. وقولي أنا فيه: أنه يجوز أن يكون من أولياء الله الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت وختم له بالحسنى، فأما كلامه فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية وعلم محط القوم، وجمع بين أطراف عباراتهم تبين له الحق في خلاف قولهم».[58]
ابن تيمية، حيث قال: «ابن عربي صاحب فصوص الحكم وهي مع كونها كفرا فهو أقربهم إلى الإسلام لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد كثيرا ولأنه لا يثبت على الاتحاد ثبات غيره بل هو كثير الاضطراب فيه وانما هو قائم مع خياله الواسع الذي يتخيل فيه الحق تارة والباطل أخرى والله أعلم بما مات عليه».[59]
ابن خلدون، حيث قال: «هؤلاء المتأخرين من المتصوفية المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة كما أشرنا إليه وملأوا الصحف منه؛ مثل الهروي في كتاب المقامات له وغيره وتبعهم ابن العربي وابن سبعين وتلميذها أبن العفيف وابن الفارض».[60]
أبو زرعة العراقي، حيث قال: «لا شك في اشتمال«الفصوص» المشهورة على الكفر الصريح الذي لا شك فيه، وكذلك «فتوحاته المكية»، فإن صحّ صدور ذلك عنه، واستمر عليه إلى وفاته: فهو كافر مخلد في النار بلا شك»[61]
يروي الشوكاني عن العز بن عبد السلام في كتابه الصوارم الحداد القاطعة لعلائق أرباب الاتحاد: «قال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام لما قدم من القاهرة وسألوه عن ابن عربي؛ فقال: شيخ سوء معتوه، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجاً. قال ذلك قبل أن يظهر من قوله: إن العالم هو الله. ثم قال بعد أن عدد مثالبهم: ولم أصف عشر ما يذكرونه من الكفر. ثم قال: فرؤساؤهم أئمة الكفر؛ ويجب قتلهم، ولا تقبل توبة أحدٍ منهم إذا أخذ قبل التوبة؛ فإنه من أعظم الزنادقة. ثم قال: ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عُرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم ولم يعاون على القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والأمراء والملوك. ثم قال: وأما من قال: لكلامهم تأويل يوافق الشريعة فإنّه من رؤوسهم وأئمتهم؛ فإنه إن كان يعرف كذب نفسه وإن كان معتقداً لهذا ظاهراً وباطناً فهو أكفر من النصارى.»[62]
قال تقي الدين السبكي: «ومن كان من هؤلاء الصوفية كابن عربي وابن سبعين وغيرهما فهؤلاء ضلال جهال خارجون عن طريقة الإسلام فضلا عن العلماء»[63]
قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره: «ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهرا، وانتمى إلى الصوفية حلول الله في الصور الجميلة، ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة: كالحلاج والشعوذي وابن أحلى وابن عربي المقيم بدمشق، وابن الفارض، وأتباع هؤلاء كابن سبعين -وعد جماعة ثم قال: "وإنما سردت هؤلاء نصحا لدين الله، يعلم الله ذلك، وشفقة على ضعفاء المسلمين، وليحذروا، فهم شر من الفلاسفة الذين يكذبون الله ورسله، ويقولون بقدم العالم وينكرون البعث، وقد أولع جهلة ممن ينتمي إلى التصوف بتعظيم هؤلاء، وادعائهم أنهم صفوة الله".»[64]
قال عنه ابن حجر العسقلاني: «قال أقوالا منكرة. ثم قال بعد أن ذكر سيرته وما يعتقده فوالله لأن يعيش المسلم جاهلا خلف البقر لا يعرف من العلم شيئا سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات ويؤمن بالله واليوم الآخر خير له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق ولو قرأ مئة كتاب، أو عمل مئة خلوة». ثم قال وقد اغتر بالمحيي ابن عربي أهل عصره، وقال أيضا عنه: «كان ظاهري المذهب باطني الاعتقاد».[65]
نحن قوم يحرم النظر في كتبنا. وذلك أن الصوفية تواطئوا على ألفاظ اصطلحوا عليها، وأرادوا بها معاني غير المعاني المتعارفة منها.فمن حمل ألفاظهم على معانيها المتعارفة بين اهل العلم الظاهر كفَر وكفَّرهم.
—محيي الدين ابن عربي
نٌقل عن ابن عربي انه قال هذا القول فمن فسر ألفاظه بالطريقة الصحيحة فهم ما يقصد من مؤلفاته فقد حذر من تداول الكتب بين الجهلاء ومن سلم بظاهر تلك الألفاظ دون علم بمعانيها في المذهب الصوفي رأي فيها كفرا ً.
Ibrahim Kalin, Salim Ayduz The Oxford Encyclopedia of Philosophy, Science, and Technology in Islam, Band 1 Oxford University Press 2014 (ردمك 9780199812578) p. 162
Chittick, William (Summer 2018). "Ibn Arabi". In Zalta, Edward N. (ed.). موسوعة ستانفورد للفلسفة (بالإنجليزية). Stanford: Metaphysics Research Lab, Stanford University. Archived from the original on 2019-07-28. Retrieved 2018-07-19. Ibn 'Arabî referred to himself with fuller versions of his name, such as Abû 'Abdallâh Muhammad ibn 'Alî ibn al-'Arabî al-Tâ'î al-Hâtimî (the last three names indicating his noble Arab lineage)
Hossein Nasr، Seyyed (1 يناير 1999). Sufi Essays. Chicago: Kazi Publications, Inc. ص.116. ISBN:978-1871031416. مؤرشف من الأصل في 2020-02-03. It is well known that Ibn 'Arabi, from the point of view of his مذهب was a Sunni...but it is also known that he wrote a treatise on the twelve Shiite imams which has always been popular among Shiites.
Hirtenstein، Stephen (1999). The Unlimited Mercifier: The Spiritual Life and Thought of Ibn 'Arabi. Oxford: Anqa Publishing. ص.32. ISBN:978-1883991296. مؤرشف من الأصل في 2020-02-03. Like many Andalusians, he came of mixed parentage: his father's name indicates an Arab family, which had probably emigrated to Andalusia in the early years of the Arab conquest, while his mother seems to have come from a Berber family...
manuscript: a series of ratios of Yahya bin Hossam Eddin al-Kilani and his descendants, 1790, reserved when Kilanyia family, a length of 0.7 meters, achieving: Engineer Abdul Sattar Hashim Saeed Al-Kilani, 1999. Jump up