Loading AI tools
وجيه وتاجر وسياسي كويتي غني من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
يوسف بن عبد الله آل إبراهيم (1845م - 1 يناير 1906م) هو وجيه محلي وتاجر لؤلؤ وتمور ثريّ جدّاً، وُلد في مدينة الكويت ونشأ فيها، كانت له أملاك كثيرة في محيطها وبساتين واسعة في قرية الدورة بولاية البصرة التي أقام فيها مع بعض أسرته، كان مستشاراً مقرباً إلى حاكم الكويت محمد بن صباح،[4] وأصبح بعدئذ ذا تأثير سياسي تاريخي في الكويت والبصرة والخليج العربي.[5][6] عارض حكم الشيخ مبارك الصباح، وأراد إرجاع حكم الكويت إلى أبناء محمد بن صباح الصباح وجراح بن صباح الصباح، وتنازع مع الشيخ مبارك وكان ذلك سبباً في تدخل القوى الأجنبية في الكويت وإعادة رسم خارطتها السياسية.[7][8][9]
الشيخ | |
---|---|
يوسف الإبراهيم | |
يوسف بن عبد الله بن عيسى الإبراهيم | |
معلومات شخصية | |
الميلاد | سنة 1845 الكويت |
الوفاة | 1 يناير 1906 (60–61 سنة) حائل |
الإقامة | الكويت والبصرة وحائل[1] |
الجنسية | الدولة العثمانية |
العرق | عربي |
نشأ في | مدينة الكويت |
الديانة | مسلم سني |
الأولاد | يعقوب، ميثة، فضة، مصطفى[2] |
الأم | مريم بنت علي بن محمد الإبراهيم |
عائلة | بنو تميم |
الحياة العملية | |
المدرسة الأم | مدرسة بن إبراهيم |
المهنة | تاجر - سياسي |
سنوات النشاط | 1865 - 1906 |
مجال العمل | اللؤلؤ والتمور والسياسة |
وكيل الأعمال | علي بن سليمان الحلوة |
سبب الشهرة | التجارة والسياسة |
أعمال بارزة | معارضة مبارك الصباح |
الثروة | بساتين واسعة[3] |
الخصوم | مبارك الصباح |
التوقيع | |
تعديل مصدري - تعديل |
يوسف بن عبد الله بن عيسى بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن ريمان بن إبراهيم بن خنيفر العنقري التميمي، من أسرة آل إبراهيم النجدية ذات الصيت والثراء، من عشيرة العناقر من تميم، وكانوا أمراء ثرمداء في إقليم الوشم في نجد قبل قيام الدولة السعودية، قدم جدُّهم محمد بن إبراهيم بن ريمان بن إبراهيم بن خنيفر العنقري من الحريق إلى الكويت حوالي عام 1120 هـ واستقرّ فيها وأحضر معه أمواله ومنزلته الاجتماعية التي كان عليها في بلدته الأولى.[10][11] وأنشؤوا لهم شارعاً سكنياً، سُمّي على اسمهم «فريج بن إبراهيم» في تل البهيتة قرب قصر السيف، وأقام بعضهم بعد ذلك في أراضيهم بقرية الدورة، وأقام آخرون في بومباي بالهند للتجارة.[12][13][14][15] ويُعدّ آل إبراهيم من الأسر المؤسسين للكويت، وكانوا في أيام يوسف الإبراهيم أغنى أسرة بالكويت،[16] وكانت لهم سيطرة على التجارة في الكويت وكان لهم أسطول سفن شراعية،[6] واشتركوا في عدة تبرعات مشهورة كمساهمة جاسم الإبراهيم في إنشاء خط حديد الحجاز،[14] وهدية زواج من يوسف الإبراهيم للملك عبد العزيز،[17] وتبرعت زوجة يوسف الإبراهيم بألف ربية لصندوق عين زبيدة،[18] واشتراك آل إبراهيم في إغاثة الملهوفين في سنة الهيلق،[19] وكان علي بن محمد الإبراهيم(1) أولَ كويتي يُطبع له كتاب في المطبعة الأميرية في بولاق عام 1871م بعنوان «نيل المآرب».[20] واشتركوا في بناء المدرسة المباركية،[21] وأجار يوسف الإبراهيم ويليام ريتشارد ويليامسون حين استنجد به، فاستقبله في الكويت ثم يسّر له السبيل الآمن إلى البصرة،[22] وأول باخرة أجنبية رست في الكويت عام 1868، كان على ظهرها يوسف الإبراهيم، وكان متوجهاً إلى البصرة، فطلب من الرُبّان الرسو في الكويت ثم المضي إلى البصرة، وكان ذلك حدَثاً مهماً في الكويت، فذهبَ حاكمُها الشيخ عبد الله الثاني الصباح لزيارة الباخرة وتفقد مرافقها.[23][24] وكان يوسف أول كويتي يمتلك يختاً عام 1897م، ثم في آذار عام 1899 أهدى يخته إلى حمدي باشا والي البصرة،[25] ويقال لآل إبراهيم هؤلاء، بيت بن إبراهيم وإبراهيم الدورة، نسبة إلى قرية الدورة، تفريقاً بينهم وبين أسر كويتية أخرى لها نفس الاسم.[26][27][28][29] وقد أراد آل إبراهيم شراء قرية الدواسر، وكادت الحكومة العراقية أن تبيعهم إياها، ثم عدلت الحكومة عن ذلك لخطورة موقع القرية بين ثلاثة دول متجاورة.[30] وكان عبد الله بن عيسى الإبراهيم (أبو يوسف) اشترى أراضي واسعة في البصرة، وحدَهُ وبالتشارك مع تجار من آل صباح.[31]
وُلِد يوسف في حي الوسط (بهيتة)،(2) ودرس في مدرسة أسرته في نفس الحي، وتعلّم اللغة الهندستانية وأتقن الإنكليزية، وكان ذلك أمرا نادراً في ذاك الزمان،[32] وكان ذا هيئة حسنة وأسلوب لطيف،[33] ويحب العزلة، ولا يقيم كثيراً في الكويت.[34] وكان أبوه يقيم أحياناً في مكة.[35]
لم تقتصر قوة يوسف على أمواله، بل كان موصوفاً بالدهاء ذا شخصية قيادية، أصغى إليه حكامُ من الكويت وحائل وقطر وبعض ولاة الهند والعثمانيين[36] قال عبد العزيز الرشيد "إن يوسف قام بأعمال عظيمة وحوادث مدهشة في مناوأته مباركا، ومثّل الشيخ يوسف آل إبراهيم روايات لا تقل في غرابتها عن كثير من الروايات التي تذكرنا بأولئك الأبطال الذين يقومون بجلائل الأعمال والناس في غفلة عما يعملون، بل تذكّرنا بذلك الداهية الدهياء حافظ نجيب المصري الذي اشتُهر في فنّه في إقامة الحجب والأستار دون أغراضه ومراميه، بل وتذكرنا بأبي زيد السروجي بطل المقامات الحريرية. يُذكّرنا يوسف بأعماله التي سنقصّها عليك بأولئك الرجال الذين طار صيتهم في عالم الدهاء، ولو كان يوسف في الغرب لكان له من الشهرة الواسعة ما يزاحم به الكثيرين، ولكنّ يوسف من الشرق، وفي الشرق نشأ، وليس للنبوغ ولا لأهله قيمة.[37][38][39] وقال عبد الله الحاتم "[يوسف] هو حاكم الكويت الخفي، وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة، والخصم العنيد للشيخ مبارك ومرعبه. هذا واقع الحال بالنسبة للشيخ يوسف آل إبراهيم دون أي مبالغة أو تهويل، ويوسف لم يكن يطمع في الحكم والاستئثار به، ولو أراده لأدركه خلال ساعات"،[39][40] وقال يوسف القناعي، حصل ليوسف من العز والإقبال ما لم ينله أحد من قبله منذ تأسست الكويت، وكان يوسف صديقاً حميماً لمحمد بن صباح وأمره نافذ لا يرد، ولما قضى الله على محمد كان يوسف بالصبية وهي محل نزهته، فالتجأ إليه سعود بن محمد الصباح،(3) فتحول يوسف معه إلى الدورة خوفاً من هجوم مبارك، وبعد أيام تبعه بقية أولاد محمد(4) وأخذ يطالب بحق أولاد محمد لدى الحكومة العثمانية، ولم يترك طريقاً للمساعدة إلا سلكه، ولكنه لم يوفق في جميع أعماله حتى توفي في حائل سنة 1323 الهجرية،[16][41] وقال أمين الريحاني "كان يوسف آل إبراهيم بنفسه ثورة، ودولة، وحرباً على الشيخ مبارك استمرت عشر سنين، فوقف ثروته، ووقته، وحياته للأخذ بالثأر، أَجَلْ، قد كان هو الباذل للمال، وهو القائد للرجال، وهو رسول قضيته إلى الدولة العثمانية العلية، وإلى أمراء العرب.[32][42]
كان لأسرة الإبراهيم مصاهرة مع آل الصباح، قيل إن يوسف الإبراهيم هو خال أولاد محمد الصباح وجراح الصباح، والصحيح أنه كان ابن خالة لزوجة محمد الصباح وزوجة جراح الصباح، ولكنه تصدّى للدفاع عن أولاد ابنتي خالته كأنه وليّ الدم الطالب بالثأر.[43][44]
يوسف الإبراهيم | هيا الصباح | منيرة الصباح | محمد الصباح | جراح الصباح |
---|---|---|---|---|
ابن مريم بنت علي بن محمد الإبراهيم | بنت شيخة بنت علي بن محمد الإبراهيم | بنت شيخة بنت علي بن محمد الإبراهيم | زوج هيا | زوج منيرة |
كان يوسف الإبراهيم مستشاراً مقرباً وصاحب نفوذ وكلمة في عهد محمد بن صباح الصباح.[45] وقد كان لتجار الكويت عموماً نفوذ في إدارة الشؤون الاقتصادية، وكان حكام الكويت يستشيرونهم، ويُعتقد أن يوسف الإبراهيم قد تجاوز نفوذه من الشأن الاقتصادي إلى الشأن السياسي، ومن أجل منع تكرار مثله، سعى مبارك الصباح إلى إيقاف الشورى خشيةً من ظهور منافسين آخرين.[46]
حين كان محمد بن صباح حاكماً على الكويت، كان اثنان من إخوته يطمعان في حكمه، مبارك وجرّاح، فأما مبارك فلم ينل إلا الصحاري للسيطرة على العشائر، وأما أخوه جَرّاح فأصبح يشارك أخاه محمداً في الحكم،[47][48] وكان يوسف الإبراهيم مسؤولاً عن خزانة الدولة كما أعطي كثيراً من مقاليد السلطة فأصبح كأنه هو الحاكم،[49][50] وكان هؤلاء يميلون إلى الدولة العثمانية، حدثت خصومة بينهم وبين الشيخ مبارك بن صباح الذي كان مسؤولاً عن شؤون الجيش والقبائل وكان يميل إلى الدولة البريطانية.
قال خلف باشا النقيب «طلب مبارك من أخويه الاعتراف له بقسطه من الأملاك فامتنعا من إجابته ولم يصغيا لطلبه، حتى كاد الأمر يمضي إلى غير محمود، لو لا أن سالماً آل بدر وثلة من أشراف البلد توصلوا إلى إقناع الأخوين بالنزول إلى حكم مبارك، وأن يكتبا ثلاث أوراق إحداهما: يحصى فيها لامة الحرب من أسلحة وذخيرة ويبقى ذخرا للجميع، واثنتان فيهما الاعتراف له بما أراد، وتبقى إحداهما عنده والثانية بأيديهما. توصلوا إلى ذلك وكتب الأوراق كلها يوسف بن إبراهيم طائعا مختارا، وبهذه رجعت المياه إلى مجاريها، وصفا وجه الإخاء».
احتاج مبارك بعد هذا إلى شيء من المال فما وجد من أخويه، إلّا إعراضا وصدودا وهناك تساقطت شرفات السلم، وهدّ جانب الولاء، وثارت الزوبعة بعد سكونها، فتدخل وجهاء البلد وتشفعوا إلى محمد بإرضاء أخيه وإعطاء ما يريد قطعا للنزاع، فما خيب لهم برجاء، وأمر في الحال فهد الخالد الخضير بقضاء ديونه التي بلغت ستة آلاف ريال وستين ريالا أوشكت الأمور أن تنتهي بسلام لو لا الدور الذي مثله الشيخ يوسف بن إبراهيم عفى الله عنه، فما أحكم عقدة البغضاء، وشيد أركان العداء، فإنه منع فهد الخالد من إعطاء مبارك شيئا وأردفه بإرسال عبد العزيز السميط إلى مبارك بطلب منه تسليم الورقة التي بقيت بعيدة، فامتنع مبارك من تسليمها لأنه حسّ بالمكيدة من يوسف. وكان الأمر كما ظن فقد صارح يوسف السيد خلف بقوله غرضنا من الإرسال عليها إنما هو لأجل تمزيقها لئلا تكون له حجة علينا. بلغ مبارك كل ما بدى من مراوغة يوسف فتميز غيظا وطفق بسبّه سبّا شنيعاً. عقد الأمور يوسف وتركها وسار إلى البر يطلب الصيد وترويح النفس فرجع مبارك إلى أعيان البلاد يرجوهم أن ينصحوا أخيه محمد لعله يرعوي ولا يتمادى في الإساءة، فأجابوا رجاء، ولا كنهم يعملون أن لا حل للإشكال بدون حضور يوسف إبراهيم، فكتبوا له كتابا يستقدمونه لعلم يشاركهم في حل الإشكال، وانتدبوا لتبليغه الأمر وإيصال الكتاب إليه السيد خلف باشا النقيب، وفهد الخالد، وعبد العزيز الفارس وعبد العزيز الصميط، وكان يوسف إذ ذاك قد نزل الرقعي، فذهبوا إليه وعرضوا عليه مهمتهم وما يراد منه، فامتنع عن إجابتهم، فقال له النقيب: إذا لم تجب فإن أحد الأخوين لا بد أن يقتل أخاه. قال : لماذا؟ قال : لأن محمدا بعد أن دعا مباركَ بن عذبي من البر، خشي أخوه مبارك بن صباح أن يكون وراء هذا الاستدعاء شرٌّ فاستعد هو وخدامه بالسلاح اتقاء للحوادث الطارئة، فقال يوسف : سأذهب أولا إلى الصبية، ثم أذهب إلى الكويت، فوصل الكويت بعد ثمانية أيام ، وما خفف مع هذا ويلا ولا حل إشكالاً، بل زاد الطين بلة، وعلم مبارك أن ليس في استطاعة يوسف أن يكون واسطة في حل النزاع، فانتدب السيد خلف، وعبد العزيز الزين، وفهد الخالد الدويرج إلى أخيه يرجونه تصفية الحساب الذي بينهما فلبوا طلبه وساروا إلى أخيه في داره، فأمرهم أن يذهبوا إلى يوسف بن إبراهيم في بيته وهناك يكون الملتقى. ذهبوا إلى يوسف كما أمر محمد فرفض مقابلتهم رفضا باتّاً، وأمر أن يرجعوا من حيث أتوا. جرى هذا وهو لا يعلم بما جاءوا إليه، ولا ماذا يريدون منه، فاقتضى رأي أحدهم أن يذهب إليه وحده ويبين له الباعث لمجيئهم، فقابله وأخبره أنهم إنما جاؤا بأمر محمد. فأسف على ما بدر ودعاهم إلى الحضور، فما كادوا يستقرون في مقاعدهم حتى أقبل محمد، فسألهم عن غرض مبارك من إرسالهم، فقالوا: إنه يريد أن نقدم له حسابا إلى السيد خلف ليقدمه إلى مبارك. ولما قرأ علَى مبارك قال إن بلع الأمواس أهون من بلع هذا الحساب، فقال له السيد خلف: إن كنت تريد خلع الشقاق فابلعه فقال حنا ما قلت وها أنا بلعته والذي يظهر لنا إن هذا قول من المجلس، لأن مباركا أخيرا طلب حسابا آخر من أخيه مصحوبا (بيمين بالله إنه من الصادقين) فيما قدم، فأجابه ولكنه قدم إليه نفسه. عرض النقيب على الأخوين الاجتماع في بيته لعلهما يتفاهمان وأخذ منهما العهد أن لا يجابه أحدهما الآخر بما يكره، فأجاباه إلى ما طلب وحضرا في الوقت المعين ففاتح مبارك أخاه وعتب عليه بعض أمور حصن واعتقرها ثم قال إني لا أريد أن أكلفك شططا فأنا أطلب إشرافي على الحساب الحقيقي لأعرف مالي وما علي، ولك علي قبول ذلك إذا كان بيمين بالله أنك لم تزد فيه ولم تنقص منه. رضي محمد بهذا الاقتراح وأظهر الارتياح له ولكن مضت عدة أيام وهو يعد ويخلف والسيد النقيب يتردد بين الاثنين، وأخيرا قال له محمد: أنا لا أجيب مباركا إلى طلبه، إلّا بعد أن آخذ منه صكّا في قبول ما أقدمه له مهما كان، فحاول النقيب إقناعه بأن مثل هذا الطلب بعيد عن المعقول، فأصر على رأيه: فذهب النقيب مصمما على عدم الدخول في شيء من أمورهم وأبلغ مباركا بكل ما جرى. فاضطرمت النار في قلبه، وكاد يقضي على أخويه في تلك الساعة ولكنه تجلد إلى اليوم الموعود، ثم بعد هذا صادف أن مباركا صادف أخاه محمد في الطريق فدنى منه وسلم عليه وأخذ يلاطفه في الحديث ويستعطفه في إنجاز ما وعد، فلم يجد منه إلّا إباء وامتناعا في نزوله على حكم، وما زال وإياه في هذا الجدال الطريف حتى وصل البيت ورجع عنه. ثم أعقب هذا أن أخاه جرّاحا دخل سوق اللحم فصاح بين أهله بقوله إياكم أن تعطوا مباركا شيئا، فقد تبين أنه من المفلسين وأن عليه ديونا عظيمة، وكان مبارك إذا احتاج إلى لحم أخذ منهم على ذمة أخويه، بعد ذلك لم يبدُ لمبارك إلا أن يقتل أخويه فقتلهما، وبدأ العداء المباشر بينه وبين يوسف الإبراهيم.[54][55]
اغتاظ الشيخ مبارك من أخويه لأنه اعتقد أنهما مذعنان ليوسف الإبراهيم،[56] كما رأى منهما قلة ثقتهما به وحرمانه من أمواله فقتلهما ليلة 17 مايو عام 1896.
بعد أن قُتل محمد بن صباح ونائبه جراح، وسيطر أخوهما مبارك الصباح على القصر، توجّه مبارك من هناك إلى بيت يوسف الذي كان قريباً من القصر، فلم يجده، وكان يوسف قبل ذلك قد خرج من بيته في مدينة الكويت، إلى قصره الريفي للنزهة في الصبية، عن طريق خليج الكويت،[57][58] والتجأ به سعود بن محمد الصباح بعد اغتيال أبيه محمد بن صباح، ثم لحق بسعود بقية إخوته، فجمعهم يوسف الإبراهيم في البصرة، ومن هناك ابتدأ يوسف مع أولاد القتيلين بالسعي إلى الانتقام من مبارك،[16] واسترجاع الحكم لأولاد القتيلين، فقام بالتضييق والتحريض،[59] عليه دبلوماسياً ومالياً مستعيناً بصديقه الشيخ جاسم آل ثاني الذي كان هو أيضاً معادياً لمبارك الصباح، كما استعان يوسف الإبراهيم بآل رشيد الذين كانوا يطمحون إلى الفوز بمنفذ بحري[60][61] على الخليج العربي وكانوا أيضاً على عداوة مع مبارك،[9] وقد أدّى هذا النزاع الإقليمي إلى تمكين عبد العزيز آل سعود من العودة إلى نجد والسيطرة عليها ومنازعة ابن رشيد ونشوء الدولة السعودية الثالثة،[9][62] وأصبح يوسف الإبراهيم زعيماً لمعارضة حكم مبارك الصباح، وصار ذلك هو هدفه الأهم، وسخّر أمواله وعلاقاته في سبيل ذلك وقضى عشر سنوات ساعياً إلى الإطاحة بمبارك، ورغم انقضاء قرن على حادثة اغتيال محمد بن صباح، غير أنّ الباحثين ما زالوا لا يحيطون علماً بالصورة الكاملة للمشهد السياسي في تلك الحقبة، ولا يزالون يناقشونها،[63][64] وقارب بعض المؤرخين أن يصفوا يوسف الإبراهيم بالخيانة لأنه تصدّى للمطالبة بحق أولاد الشيخين في الحكم وعارض مبارك الصباح وسخّر كل ما عنده في سبيل ذلك حتى توفي.[65]
في عام 1314 ه بعد أن سيطر مبارك الصباح على الحكم، وأيقن أنّ يوسف الإبراهيم قد أفلت منه وأنه يبيّت له، بادر مبارك بكتابة مضبطة ذُكِرَ فيها أنّ يوسف الإبراهيم هو الذي قتل الحاكم محمد بن صباح، وأجبر مبارك وجهاءَ الكويت على التوقيع على هذه المضبطة فاستجابوا له إلا قليلاً، فأُرسل بالمضبطة إلى حمدي باشا والي البصرة، بصفته ممثل الحكومة العثمانية، فأعطى منها نسخة إلى صديقه يوسف الإبراهيم، فأخذها يوسف.[66]
بعد أن وقعت واقعة تغيير الحكم في الكويت، وخروج سعود بن محمد بن صباح إلى قصر يوسف الإبراهيم في الصبية، أرسل مبارك الصباح وفداً يرأسه أخوه حمود الصباح ومعه وجهاء، فذهبوا إلى الصبية وظاهرهم إرادة الإصلاح وباطنهم الاطلاع على أحوال يوسف الإبراهيم وما يُبيّتُه لمبارك،[34] فحاولوا إقناعه بالرجوع إلى الكويت آمناً، فأظهر لهم يوسف الموافقة، ولما غادر الوفد، جاءت إلى يوسف أخبار تفيد باستعداد مبارك للهجوم على قصر يوسف في الصبية، فسارع يوسف ومعه سعود إلى ركوب البحر متوجهاً إلى الدورة، وبعد أيام تبعه بقية أولاد القتيلين الذين استأذنوا من عمهم مبارك الصباح أن يخرجوا للاستجمام فامتنع، ثم أذنَ لهم فخرجوا ومعهم حراس مبارك، فغافَلوا الحراس وتوجّهوا إلى منطقة المعامر في الفاو ثم إلى الدورة،[67] فاجتمعوا كلهم هناك عند يوسف الإبراهيم، فسار بهم يوسف إلى البصرة واشتكوا على مبارك الصباح عند والي البصرة حمدي باشا، الذي كان يكره مبارك الصباح، فاستمع لهم حمدي باشا واستجاب لهم بعزمه على إعداد جيش ينطلق إلى الكويت لإزاحة مبارك، غير أنّ مباركاً لم ينتظر، بل ذهب إلى صديقه رجب باشا والي بغداد الذي كان أقوى من حمدي باشا، فكان رجب باشا مناصراً لمبارك أمام الحكومة العثمانية وقال لهم «إن تلك الكارثة من الحوادث العادية التي لا يزال يقع مثلها كثيراً بين أعراب البادية، وخيرٌ للحكومة أن لا تتدخل في القضية..»، فذهب أولاد القتيلين إلى القنصل البريطاني في البصرة، فسعى مبارك الصباح إلى القنصل البريطاني في بوشهر، فأمرت الدولة العثمانية بتخيير مبارك الصباح بإحدى ثلاث، إما الحضور إلى الأستانة للانضام إلى مجلس شورى لدولة، وإما الذهاب إلى بلد يختاره ويعطى راتباً يكفيه، وإما أن تأتيه جنود الدولة العثمانية فتجبره بالقوة على أحد هذين الأمرين، فجاءته قوة بحرية من الدولة العثمانية لإجباره، فاضطرّ مبارك إلى الاستعانة ببريطانية فطردوا القوة العثمانية، وكانت هذه أول منافسة سياسية بين مبارك ويوسف، تفوق فيها مبارك بدهاء شديد، قيل إن سبب ميل رجب باشا إلى مبارك أنه تلقى منه هدايا جزيلة، وقيل لأن رجب باشا كره من يوسف الإبراهيم أن لا يأتي إليه للمساعدة ويختار عليه حمدي باشا الذي كان أقل مرتبة.[68][69]
بعد واقعة القتل، وجد مبارك الصباح نفسه أمام خصوم كثيرين بين قومه، وأنهم في بادئ الأمر كانوا يميلون إلى أولاد القتيلين تعاطفاً معهم، لكنّ مباركاً لم يكن يخشى إلا من يوسف الخصم الشديد ذا الوجاهة والثروة، فأرسل إليه وفداً آخر إلى منطقته في قرية الدورة، فحاولوا استرضاءه وطمأنته، لكنه فاجأهم بعرض المضبطة التي أرسلها بها مبارك إلى والي البصرة، وقال لرئيسهم حمود الصباح «كيف تطلب مني الرجوع والثقة على نفسي منكم، وهذا عملكم معي تشهدون علي بأني أنا القاتل، فهل بلغت بي البلاهة إلى هذا الحد الذي تريدون أن ألقي بنفسي بين أيديكم، فما كان من حمود إلّا أن أنكر علمه بهذه المضبطة، وقال : قد يكون مبارك هو المزور لها على ألسنتنا، قال يوسف : وها أنتم تدعوني إلى الرجوع إليه وهذا عمله، فهل تظنّ أن من أقدم على سفك دم أخويه يتورع عني، فهذا أمر لا سبيل إلى الكلام فيه فرجع الوفد».[34]
علمت الدولة العثمانية بحادثة الاغتيال، فأرسلت برسالة إلى مبارك الصباح تسأله عن الأمر كأنها لا تدري، فأجابهم مبارك «إنّ القاتل هو أفّاق يُدعى يوسف بن عبد الله الإبراهيم، الذي وصل إلى ما وصل إليه بعطف الشيخ محمد، وهدفه أن يغتصب مشيخة الكويت لنفسه، وعندما حان الوقت المناسب، دخلَ بيت محمد وجراح وقتلهما، وكاد أن يعلن نفسه أميراً لولا عناية الله أرسلته (مباركاً) من الصحراء في نفس الليلة، حين أفشل خطته واضطرّه للفرار»، وأكمل مبارك قوله «بأنه سمع بأن ذلك الرجل هو الآن في البصرة، والمطلوب من الحكومة التركية أن تعطي تعليماتها بإلقاء القبض عليه، وسوقه إلى الكويت لينال جزاءه»، فتظاهر الأتراك بتصديقهم إياه وعيّنوه قائممقام الكويت.[70]
قيل إن يوسف الإبراهيم كان يفضل الدولة العثمانية على بريطانية، ويريد إبقاء نفوذ العثمانيين على المنطقة، لكنّ الشك في ذلك مصدره أن تجارة يوسف كانت في الهند، فيترجّح أن لا يفرط في مصلحته، وقد كتب عبد الحميد الثاني في مذكراته أنّ يوسف يميل إلى بريطانية، فقال «ان الإنكليز يرغبون في الاستيلاء على البصرة على وجه الخصوص. وقد أعلمني بعض أعيان تلك المنطقة أن الإنكليز يصرفون أموالا طائلة في هذا السبيل وأن الثري الخدّاع المسمّى «بيوسف إبراهيم» يعمل لحسابهم».[71][72] وقد كان رأي عبد الحميد وفقاً لما يصل إليه من تقارير غير متحقق منها.[73] وقد سعت حكومة بريطانية جاهدةً أن تستميل إليها محمد بن صباح حين كان شيخاً للكويت، وكان وزيره يوسف الإبراهيم يُحذّره من ذلك فاستجاب له محمد بن صباح ورفض عروض بريطانية.[74]
كنا في ضيافة الكويت مع الوالد والعائلة نعيش في بيت صغير من ثلاث غرف، وعيشتنا كانت ضنكة حتى عندما أراد الوالد أن أتزوج لم يقدر على توفير مستلزمات الزواج، وعندما علم المرحوم يوسف آل إبراهيم بالخبر قدم للوالد ما يكفي لكل مستلزمات الزواج. |
—عبد العزيز آل سعود.[75] |
كان عبد العزيز آل سعود مقيماً في الكويت مع أبيه عبد الرحمن في مسكن صغير، ولم يستطع عبد العزيز أن يتزوج لأنه كان في أيام شدة، لكنّ والده عبد الرحمن الفيصل ما أراد أن يطلب من أحد إلا ممن يعرف قدرهم، فانتظروا 40 يوماً حتى رجوع يوسف الإبراهيم النجدي الذي كان في سفر، وكان يوسف من أبناء عمومة آل معمر النجديين،[76] وحين علم يوسف بذلك، منح عبد الرحمن ما يكفي لمؤونة العرس لتزويج ابنه عبد العزيز آل سعود، وكان عبد الرحمن يحب محمد بن صباح ويوسف الإبراهيم، ويكره مبارك الصباح، أما الابن عبد العزيز فكان صديقاً لمبارك،[77] ولكنه لم يظهر ذلك احتراماً لأبيه عبد الرحمن، وقد سعى محمد بن صباح ويوسف الإبراهيم إلى التوسط عند الدولة العثمانية لتأييد عبد الرحمن آل سعود بقوة عثمانية تذهب معه للسيطرة على نجد لتكون المنفعة للدولة العثمانية في توازن القوى النجدية آل سعود وآل رشيد، ولكن عبد الرحمن أبى ذلك التوسط، تحرجاً أن يدخل على قومه بجنود غرباء، وأراد أن لا يدخل إلا بقوة من قومه.[78] ثم بعد بداية النزاع بين ابن إبراهيم ومبارك الصباح، كان مبارك يؤيّد ابن سعود بالمال والسلاح في حربه على ابن رشيد، وكان يوسف ابن إبراهيم يمدّ إمارة ابن رشيد بالمال والسلاح، وقيل إن يوسف كذلك أيّد ابن رشيد في حربه على ابن سعود، ولم يُذكر ذلك في مصادر عربية، بل مصادر أجنبية فقط.[79]
حاول يوسف الإبراهيم أن يقنع البريطانيين بأنه يريد استقلال الكويت عن الحكم العثماني للتحالف مع بريطانية، كما حاول أن يقنع العثمانيين بأنه يريد إرجاع الكويت إلى حكم الدولة العثمانية، فاتبع مبارك الصباح الطريقة نفسها مع العثمانيين والبريطانيين.[9]
في يناير عام 1897، أرسل مبارك طلباً لملاقاة ويلسون المندوب البريطاني في الخليج، فلم يستجبوا له، ثم اتبعها مبارك برسالة أخرى في آواخر مارس، فترددوا في قبول طلبه، لأنهم أحسوا أنه يريد الحماية البريطانية على الكويت، وكانوا يتجنبون مخاطرة التحرش بالدولة العثمانية، ما لم يؤسسوا قاعدة عسكرية في الكويت، ثم أعلنوا قبولهم بلقاء مبارك في المحمرة، غير أنه لم يحضر.
في أواخر أبريل عام 1897، التقى يوسف الإبراهيم بجاسكون المسؤول البريطاني القادم إلى البصرة، وأكد له يوسف أنه إن تلقى هو وحلفاؤه من آل الصباح دعماً من بريطانية، لاستعادة حكم الكويت إلى أولاد محمد بن صباح وجراح، فسوف تتوقف القرصنة على السفن البريطانية في شط العرب، وكان يوسف الإبراهيم يعلم بتعرض سفن بريطانية لغارات بحرية قرب مياه البصرة، وتعتقد بريطانية أن تدبيرها قادم من الكويت، ولم تقتنع بريطانية بهذا العرض من يوسف، فأصبح هو وخصمه مبارك غير متيقنين من مستقبلهما، فيوسف الإبراهيم لم يستفد من الدولة العثمانية ولا من بريطانية.[80]
بعد أن استولى مبارك على الحكم، واستتب له الأمر، لم يبق له مكدر إلا خصيمه يوسف الإبراهيم، اتخذ مبارك سبيل الصلح، فأرسل وفداً إلى الصبية لإرضاء يوسف الإبراهيم وإقناعه بأنه إن رجع إلى الكويت فسوف يكون آمناً وتظل له مكانته الاجتماعية التي كانت في عهد محمد بن صباح، فتظاهر يوسف بالاستجابة والطاعة، ثم ما لبث أن خرج من الصبية إلى بساتينه الواسعة في الدورة حيث لا يصل إليه جنود مبارك، وكان يوسف متيقناً أن مبارك لا يريد إلا أن يقتله.[81]
حين وجد يوسف الإبراهيم أن جهوده السياسية لم تنفعه، ويئس من الصلح، اختار الجهد العسكري، وابتدأ حملاته، بعد أن خرجت عوائل محمد الصباح وجراح وعوائل الإبراهيم من الكويت أو أُجبروا على ذلك، فتوجهت عوائل القتيلين إلى الزبير، وأما بعض أسرة الإبراهيم فقد رحلت منهم 10 عوائل واستقروا في الدورة، كما خرجت عوائل كويتية أخرى موالية لمحمد بن صباح أو لها مصالح معه، فجمع رجالهم يوسف الإبراهيم وأراد أن يعجّل بحملة عسكرية تنطلق من الزبير، لكن وفقاً لما قال عبد الله الإملاس فإنّ فهد الراشد شيخ الزبير لم يستجب ليوسف، فأعطى يوسف الإبراهيم رشوة إلى والي البصرة ليسجن فهد الراشد، وكتبَ بعضُ أهل الزبير المتضامنين مع يوسف مضبطةً في يوم 22 صفر عام 1315ه، وأُرسلَ بها إلى السلطان عبد الحميد.[82] ولعلّ ما حفّز يوسف إلى الهجوم على مبارك أنه وجد مباركاً يحاول استرضاءه ويرسل إليه الوفود والوجهاء، فظن يوسف أن ذلك دليل على ضعف مبارك وخشيته، أو يكون السبب هو أن الدولة العثمانية قد خذلت يوسف فلم يجد إلا أن يبادر بنفسه.[83]
في 3 المحرم عام 1315ه، الموافق يونيو سنة 1897م، انطلق يوسف من الدورة إلى هنديان وبندر معشور يحشد الجنود لكي يشن غارة على الكويت، ولعلّ اختيار يوسف لمنطقة هنديان منطلقاً لحملته العسكرية كان لسببين، الأول أن أهل هنديان من عشيرة الشريفات من بني تميم، نفس القبيلة التي ينتسب إليها يوسف، والسبب الآخر أن هنديان لم تكن تحت سلطة الشيخ خزعل صديق مبارك الصباح.[84] كان يوسف قد أشاع أنه ذاهب إلى الهند تمويهاً، وفي 12 المحرم عام 1315ه، أراد يوسف الخروج لولا أنّ الرياح كانت معاكسة وشديدة، فتأخر 3 أيام، حتى يوم 15 المحرم، حين شُنّت حملة بحرية يقودها يوسف في 13 أو 14 سفينة، ومعه أبناء الشيخين محمد وجراح، وجنوده حوالي 700 رجل مسلحين، معظمهم مرتزقة وقطاع طرق،[40] ومعه رجال آخرون غير مسلحين، وفي طريقهم وجدوا سفينة رجل كويتي اسمه علي سليمان أبو كحيل، فأمسكوا به وسألوه عن أحوال الكويت، ثم أطلقوه بعد أن وَعَدَهم بأن لا يخبر أحداً بأمرهم، لكنه سرعان ما توجّه إلى الكويت فأنذر مبارك الصباح الذي كان غافلاً عن ذلك فاستعدّ لملاقاة ابن إبراهيم،[85] ولمّا أصبح الصبح واقترب الأسطول من بنيد القار، هبّت ريح عاصف تفرقت بها سفن الأسطول، وحين تراءت مجموعة يوسف الإبراهيم ومجموعة مبارك الصباح، وجد يوسف أن مقاتلين كويتيين مرابطين على ساحلها، فأراد الرجوع إلى البصرة فأشار عليه رفيقه مبارك بن عذبي الصباح بأن يمضي إلى الساحل، لأنّ أهل الكويت معهم، فقال له يوسف «إنني لا أطمئن لما تقوله من مناصرة الكويتيين، وإننا مع ذلك لم نقصد أهل الكويت، مرادنا ثلاثة لا غير»، والثلاثة هم مبارك وابناه جابر، وسالم، فرجعت السفن بخيبة الفشل، وقد كلفتهم 30 ألف ليرة.[9][86][87][87][16] وفي تلك الأثناء كان طراد إنكليزي يراقب سير أسطول يوسف ويحوم حول جزيرة عوهة فوقع الارتياب في سبب وجودها وعلاقتها بالأسطول، غيرَ أنّ الكويتيين الذي كانوا على ظهر السفينة (منهم حسين بن عيسى القناعي) أنكروا تلك العلاقة.[88] وأراد مبارك الصباح ملاحقة أسطول يوسف الراجع إلى البصرة غيرَ أنّ الحكومة العثمانية لم تأذن له بذلك.[89][90] وحدثت إطلاق رصاص متبادل، بدون نتيجة.[91]
بعد الحملة الأولى، توجّهت في 20 حزيران عام 1897م، سفينةٌ بريطانية مبعوثة من قنصل بريطانية في بوشهر، ليعرض على مبارك استعداد بريطانية للقبض على يوسف الإبراهيم وإحضاره إلى مبارك، فرفض مبارك الصباح هذا العرض وقال «إن حاميتي هي الدولة العثمانية، وإنني أتحرك بموجب أوامرها، ولا أطلب منكم أي تعاون»، فغادرت السفينة.[91]
بعد خيبة يوسف في حملته الأولى، توجّه إلى البحرين فوصل إليها في نهاية أغسطس عام 1897 ليستعين بشيخها على مبارك، فرفض شيخ البحرين لأن مبارك الصباح كان قد طلب إليه أن يُصلح بينه وبين إخوته قبل مقتلهم.[92]
«من عبدالعزيز بن رشيد إلى جناب المكرم الاكرم شيخ يوسف ابن عبدالله بن إبراهيم سلمه الله وعافاه آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، وموجب الخط ابلاغك سلام وسؤال عن حالك والخطوط الذي مع ابن طخيم والذي مع أبو فروة وصلن ... خير وما ذكرت صار معلوم وحمدنا الله ... انت بخير وعافية تقدم لك قبل هذا مكاتيب ان شاء الله وصلتك وانت بخير وعافية وكم مدة بعد هذا ... ولله الحمد غزا سالم بن سبهان معه قحطان ومطير وكانو على هذا ... وعربانه ونبنترك ان ... وهم صار الكون عليهم بالحلوة وقطعوا مني كل الروف بجوار فالرجا منهم كتب واجد في وطرش وشارحلة ولا طاريه الا بالخير ولله الحمد وسالم وقحطان فوق خرما وحنا مال تاريخ مطران الرياض ارجوا ان الله يجز كل عدو والبوادي اللي حوله اخلوه ... اهل الرياض والوشم وهم محتصرين ما يطلع لهم طالع وكل محصور ماخوذ بحول الله وقوته لاجل انهم ... وطعام ما غير بين نخلهم جداه منظر يوم او جونا . هذا وارجو ان الله يحسن لنا ولك العافية ويجعلها حميدة وارجو لا تقاطعنا اخبارك سارة على الدوام مع ما لزم. وسلم لنا على الحمولة وخالد وصباح والبسام وحسن وكافة الجماعة ومن لدينا ماجد والياور وكافة ... والسلام».[98]
تكرر الفشل في مساعي يوسف الإبراهيم، فلم ييأس، فتوجّهَ إلى الأمير عبد العزيز الرشيد ليحرضه على مبارك، فاستجاب ابن رشيد لأنه كان حليفاً للعثمانيين ومبارك حليف للبريطانيين، ولأن مبارك الصباح قد منع بن رشيد من استيراد البضائع في ميناء الكويت،[61] فأغار بن رشيد على عشائر الكويت، فأعدّ له مبارك الصباح ثلاثة جيوش، أحدها بقيادته، والثاني بقيادة أخيه حمود الصباح، والثالث بقيادة عبد الرحمن الفيصل والد الملك عبد العزيز الذي كان مقيماً في الكويت، فانطلقوا كلهم إلى نجد والتقوا مع جنود ابن رشيد عام 1901 في منطقة الصريف، حيث وقعت معركة شرسة، انتصر فيها ابن رشيد، وهُزمَت جيوش مبارك هزيمة شديدة.
استضاف ابن رشيد الشيخ يوسف الإبراهيم وأبناء محمد وجراح، في حائل، وأخذ يوسف يحرض ابن رشيد على مبارك الصباح الذي خشي من بقاء يوسف في حائل، فاتفق مع أميرها ابن رشيد على إخراج يوسف منها مقابل إخراج آل سعود من الكويت، وكان آل سعود مقيمين فيها بحماية مبارك الصباح، وقد صار إيواء مبارك الصباح لآل سعود وإيواء ابن رشيد ليوسف الإبراهيم سبباً للاختلاف بين سعاد الصباح والملك سلمان، فذكرت سعاد الصباح في كتابها مبارك الكبير، أنّ سبب الخلاف بين مبارك الصباح وابن رشيد هو وجود آل سعود في الكويت، وكان جواب الملك سلمان أنّ السبب هو إيواء ابن رشيد ليوسف الإبراهيم.[99][100][101]
في عام 1320ه، أعدّ يوسف خطّة لقتل مبارك الصباح، فاستأجرَ رجالاً من أبناء حميدي كانوا قراصنة معروفين، وأمرهم بأخذ سفينة أحد أقاربه المسمّى عبد اللطيف الإبراهيم، وكانت سفينته هذه معروفة عند الكويتيين، فقال يوسف لأبناء حميدي، خذوا هذه السفينة المحملة ببضائع، وسيروا بها إلى ميناء الكويت، فإذا سألكم عنها مبارك فقولوا له إنكم نهبتموها من رجال يوسف وقتلتموهم، فنفَذّوا الخطة واستقبلهم مبارك فصدّقهم وآواهم وجعلهم من خُدّامه، وبعد مدة بدأ هؤلاء بمحاولة إقناع اثنين خُدّام مبارك المقربين للاشتراك معهم في قتله، فسارع الاثنان إلى أبيهم ليسألوه عن رأيه، فاستمع إليهم الأب وتظاهر بالموافقة، وما لبثً أن هرعَ إلى مبارك ليخبره بالمكيدة، فسجنهم مبارك، فحفروا باطن السجن وهربوا فأدركهم لكنه لم يؤذهم تجنباً لانتقام عشائرهم في شواطئ البصرة، فأرسلهم إلى صديقه الشيخ خزعل في المحمرة.[102][103]
في عام 1902، حشد يوسف رجالاً من الزبير، للإغارة على عربان في صفوان، تابعين لمبارك الصباح، فغنموا منهم ثمانمئة شاة.[104]
في عام 1902م، كان لمبارك الصباح وكيل أملاك ومندوب في البصرة، اسمه عبد العزيز السالم القناعي، وقد وصل إلى عبد العزيز ظرف مختوم فيه مجلة الخلافة الممنوعة في الدولة العثمانية، فأرسل عبد العزيز ذلك الظرف إلى مبارك الصباح فاعتُقل عبد العزيز في البصرة، فجاء إليه يوسف الإبراهيم ليغريه بالتبرؤ من مبارك الصباح مقابل شفاعة يوسف له ليخرج من السجن، فأبى عبد العزيز ذلك العرض، ولم يخرج إلا بعد مجيئ والي البصرة الجديد مخلص باشا.[105][106]
في جمادى الآخرة عام 1320ه، سبتمبر عام 1902م، قام أولاد القتليين بتجهيز أسطول بحري يحمل معدات قتالية متكاملة، فانطلق الأسطول من الدورة متوجهين إلى الكويت، فعلم بذلك جابر بن مبارك الذي كان حيئنئذٍ في الفاو، وخابرَ رئيس الخليج في أبو شهر، فأرسل الخبر إلى الكويت ليستعدوا، كما أرسل طراداً ليترصّد أسطول الدورة قرب ميناء الكويت، وما إن خرج الأسطول حتى بدا لهم أنّ جنود مبارك قد علموا بالأمر، فرجع الأسطول، فلاحقه الطراد الإنكليزي لمدة يومين فمال الأسطول إلى جهة منطقة القصبة وقتلوا ضابطاً بريطانياً وهربوا في 5 سبتمبر عام 1902م، تاركين أسطولهم الذي أخذه البريطانيون إلى البصرة للتحقيق فيمن جهّزه، فأنكر أولاد القتيلين ويوسف الإبراهيم علمهم بذاك الأسطول.[107][108] وفي 9 سبتمبر عام 1902 أرسل راتسلو (Wratislaw) قنصل بريطانية في البصرة ببرقية إلى سفير بريطانية روى فيها فيها تساهل والي البصرة مصطفى نوري باشا وعدم اهتمامه بما يفعله أعداء مبارك الصباح الذي يشنون الغارات عليه من الأراضي العثمانية، وفي 30 سبتمبر عام 1902، أرسل راتسلو ببرقية أخرى ذَكر فيها اجتماعه مع والي البصرة ونقاشهما فيما يتعلق بيوسف الإبراهيم، وكيف كان جواب الوالي متصدياً للقنصل ومدافعاً عن يوسف الإبراهيم، واشترط الوالي على القنصل أن لا يستقبل شكاويه ما لم تكن مكتوبة.[109]
ما زال يوسف خطراً على مبارك، بالرغم من نفي الدولة العثمانية إيّاه من أراضيها في عام 1903م، فقد أرسل مبارك برسالة إلى المقيم السياسي في الخليج، يذكر له فيها اعتداء وقع على مركب كويتي في خور موسى في 3 شباط عام 1903، وقُتل كل من في المركب، وكانوا سبعة، إلا واحد، وسُلبت أموالهم وكانت تعادل 1244 دولاراً نمساوياً، وسمع والي البصرة أنّ المهاجمين كانوا من الجانب الفارسي، وأنهم لجؤوا إلى قرية القصبة شرق الفاو، ثم أرسل مبارك رسالة ثانية تضمنت تحقيقاته في القضية التي تبين له فيها أنّ مركب المعتدي يملكه علي وليد وهو من رجال يوسف الإبراهيم ويسكن في أملاكه في الدورة، أما الذين نفذوا الاعتداء فكانوا يوسف ابن علي وليد، وفيحان عبد الله آية الله، ودوشان عبد الخرسان، وناصر ابن أخت ياقوت سويحي، وبخيت بن كبيش فرحان، وعطية بن زامل، وكلهم يسكنون في الدورة، واثنين آخرين من قبيلة النصور يسكنان في القصبة، كما ذكر مبارك الصباح للبريطانيين أنّ يوسف ليس خارج حدود السلطة العثمانية، بل ما زال في الدورة، فنظرت بريطانية في الأمر وتبين لها أنّ الذي في الدورة هو صالح الإبراهيم ابن عم يوسف، وكان قد أتى من مكة، فلم يقتنع مبارك بذلك وأصرّ على أنّ الذي في الدورة هو يوسف، ثم بدا أنّ قول مبارك كان صحيحاً فقد خرج يوسف من الزبير إلى الدورة في 2 يونيو عام 1903، متوجهاً إلى المحمرة وأقام فيها خمسة أيام، واستقبله شيخها خزعل الكعبي، ثم رجع إلى الزبير متخفياً بلباس تركي.[110]
الحمد لله، هذا الذي أقلق راحتي وأراد أن يزعزعني عن الحكم ولكن حظي تغلب على حظه. |
—مبارك الصباح[111] |
ما لبث انتصار حليف يوسف الإبراهيم في معركة الصريف بضع سنين حتى توفي يوسف في حائل عام 1 يناير أو 12 مارس عام 1906، وقيل سنة 1905م الموافقة 1323 الهجرية،[112] في طريقه إلى المدينة المنورة قاصداً الحج،[113][114][115] ولا يُعلم هل أتعبه السفر فمات، أم كان بسبب مرض أصابه، وبذلك ارتاح مبارك الصباح من خصم دامت عداوته عشر سنين.[116] وتحسّنت بعد وفاته العلاقة بين مبارك الصباح والدولة العثمانية.[117] كما انتعشت التجارة، وبدأت عوائل الإبراهيم بالعودة من البصرة إلى الكويت تدريجياً ابتداء من عهد سالم المبارك الصباح، وذُكرتْ وفاة يوسف في أول تقرير للوكالة السياسية البريطانية في الكويت الذي قيل فيه إن وفاة يوسف كانت في نهاية عام 1905م.[113][118]
حين ظهر اعتراض يوسف على حكم مبارك، انضمّ إليه جماعة من أقارب الحاكم السابق والمقربين منهم، كما انضمّت إليه أسرته، وتكوّنت فئتان من التجار، واحدة مع مبارك الصباح والأخرى مع يوسف الإبراهيم.[119]
ياعبد الله إنك بين يدي الله القدير الرحيم ، فلماذا لا تذهب إلى البصرة ؟ ولماذا لا تأتي معي إلى الكويت ؟ إنك من ديننا ولن تخالف التقاليد خلال ضيافتي. |
—يوسف الإبراهيم |
كان ليوسف بساتين للتمور في عدة مناطق قرب شط العرب.[160] في شهر يونيو أو يوليو سنة 1900م، أرسل يوسف الإبراهيم رسالة إلى السلطان العثماني، ذكر فيها أنّ مبارك الصباح قد استولى على أمواله وقراه في الكويت وأحرقها، فكان جواب السلطان إحالةً إلى والي البصرة محسن باشا يأمرهُ بدعوة مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم للحضور إلى البصرة للحكم بينهما في هذا الادعاء، فأرسل والي البصرة محسن باشا رسالة إلى السلطان يخبرهُ بأن يوسف الإبراهيم ليس له في الكويت قرى أحرقت أو خُرّبتْ، ولم يكن ليوسف إلا حصن خارج مدينة الكويت، استولى عليه مبارك وجعله مقرّاً لبعض رجاله.[161]
في 27 يناير عام 1902م، اُرجعت أموال يوسف الإبراهيم التي احتجزها مبارك الصباح.[162]
الاسم | الوصف |
---|---|
قرية الدورة | اشترى قرية الدورة أبو يوسف، وكان يوسف يقيم فيها هو وبعض أسرته. |
قرية سهل | كان يوسف الإبراهيم ومبارك الصباح والشيخ خزعل شركاء في هذه القرية. |
القَطعة | كانت ملكاً للشيخ يوسف.[163][164] |
نقعة بن إبراهيم | كانت بيوت آل إبراهيم قريبة من البحر، ولهم على الساحل مرسى سفن صغير يُسمى "نقعة"، وفي عام 1906م، أزالَ مبارك الصباح نقعة بن إبراهيم، ويقال إنه بنى قصر السيف على أرض النقعة.[165] |
قصر الصبية | كانت ليوسف الإبراهيم بعض الزراعة.[166] |
أسد الجزيرة هو مسلسل كويتي، أنتجته شركة أهلية في عام 2006م، كان مخططاً للمسلسل أن يُعرض في قناة ام بي سي وتلفزيون الكويت،[167] وكانت أحداثه عن سيرة مبارك الصباح الملقب أسد الجزيرة، احتوى المسلسل على النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم ومعركة يوسف الإبراهيم في غارته البحرية على الكويت،[168] حصل المسلسل على الموافقات الرسمية الكاملة،[169] وفي أثناء تصوير المسلسل ظهرت بوادر احتمالية منعه كلياً أو بعض حلقاته، إذ شُكّلت لجنة من وزارة الإعلام لمشاهدة الحلقات والنظر في الخط الدرامي وسير الأحداث وخاصة فيما يتعلق بمبارك الصباح،[170] وقبل الشروع في عرضه، اشتكى المواطن الكويتي يعقوب الإبراهيم(5) إلى محكمة كويتية على كاتب المسلسل شريدة المعوشرجي ووكيل وزارة الإعلام، وذكر أنّ المسلسل تتضمن شخصية يوسف الإبراهيم وفيها اختلاقات ودسّ وأخطاء تؤدي إلى تشويه تاريخ الكويت، فكان جواب محامي الدفاع أنّ كل الدول الكبرى تنشر أسرارها التاريخية،[171] وقد مُنع المسلسل من العرض في القنوات الكويتية، ثم نُشر في موقع يوتيوب.[172]
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.