الطائفية والعرقية في الحرب الأهلية السورية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
انتشر التمييز الطائفي والعرقي في الحرب الأهلية السورية بين أتباع الطوائف الدينية وأبناء الجماعات العرقية المختلفة. من الممكن النظر إلى بعض أجزاء الصراع في سوريا على أنها جزء من صراع أوسع، وانعكاس للانقسام الطائفي على المستوى الإقليمي، بالإضافة لذلك، كان للخلافات والصراعات والتحالفات الإقليمية المرتبطة بالقضايا القومية أثر على طبيعة الصراع ونتائجه. نتيجة لما سبق، تعرّضت مُختلف الطوائف الدينية والمجموعات العرقيّة لانتهاكات حقوقية على أساس طائفي أو عرقي، من قبل القوات الرئيسية المتصارعة في الحرب الأهليّة. وقد أدى الانقسام والعنف الطائفي إلى زيادة تهديد الأقليات الدينية. كما انضم عدد كبير من السكان إلى ميليشيات وجماعات تتّسم بطابع طائفي أو عرقي، وتدفّق مسلّحون من عدّة دول للقتال في هذه الجماعات.[1]
تشتمل الجمهورية العربية السورية على تركيبة سكانية غنيّة بالطوائف الدينية والجماعات العرقية. على الصعيد الديني، يُشكل المسلمون أغلبية السكان بنسبة تتجاوز 85%، وهم ينقسمون إلى أهل السنة والجماعة الذين يشكلون السواد الأعظم، بالإضافة لأقليات علويّة وشيعيّة إثني عشرية وإسماعيليّة، بالإضافة لذلك، فهناك أقليّة مسيحية تشكل حوالي 10% من التعداد العام للسكان، تشمل على أكثرية من الروم الأرثوذكس الذين يتبعون الأرثوذكسية الشرقيّة، وعلى طائفتين تتبعان الأرثوذكسية المشرقية هما الأرمن الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، إضافة إلى أقليات كاثوليكية وبروتستانتية وآشورية مشرقية. كما أن هناك أقليات دينيّة آخرى تشمل الموحدين الدروز والمرشديين واليزيديين. أمّا على الصعيد العرقي، فيشكل العرب الأغلبية (1) وهناك أقليات سريانية/آشورية/كلدانية، تنتمي إلى نفس المجموعة السامية. بالإضافة لذلك، هناك عدد من الأقليات العرقية الهندو أوروبية التي يشكل الأكراد أغلبيتها، بالإضافة للأرمن والغجر واليزيدين، وهناك أقليتين من جماعات أُخرى هما الشركس والتركمان.
ابتدأت الحرب الأهلية السورية في شهر مارس عام 2011م بانتفاضة مدنية في وجه الحكومة السورية، وتحولت بشكل تدريجي إلى صراع مسلح شاركت فيه قوى إقليميّة وعالميّة.[2] يشمل الصراع خمس قوى فاعلة لكل منها منطلقات وتحلفات وأهداف مختلفة، وهي الحكومة السورية بقيادة حزب البعث، المعارضة المُمثلة بالائتلاف الوطني السوري، قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية، والتنظيمات الجهاديّة التي تتبنى توجهاً إسلامياً وأهمها هيئة تحرير الشام، وأخيراً تنظيم الدولة الإسلامية الذي يتبنى منهجاً تكفيريّاً مُتشدداً.
هناك اختلاف كبير في وجهات النظر بين الأطراف المتحاربة فيما يخص تحديد أسباب الحرب الأهلية وتوصيف مجرياتها والتعامل مع نتائجها، فقد رأت السلطات السورية على لسان رئيسها بشار الأسد أن سوريا «تتعرض لمؤامرة كبيرة»،[3] وبأنّها «تواجه حرباً حقيقية من الخارج ومشروع فتنة وتدمير للوطن أداته الإرهاب الذي ضرب كل الأطراف دون استثناء».[4] في حين يرى الائتلاف السوري المعارض في الحرب الأهلية هي حراك شعبي يصفه «بالثورة المجيدة»، ويحدد أهدافه «بإسقاط نظام الأسد وإنهاء معاناة الشعب والانتقال نحو دولة ديمقراطية مدنية تعددية قوية ومستقرة»،[5] ويُحدّد المجلس الوطني السوري أهدافه «بسوريا مستقرة وآمنة تحت دولة مدنية منتخبة ديمقراطياً».[6] أمّا قوات سوريا الديمقراطية فقد قامت بتأسيس حكم ذاتي في الشمال تحت اسم «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» وقالت أنها تسعى لإقامة «نظام فدرالي ديمقراطي توافقي» تسوده الحرية الدينية والإثنية واللغوية والثقافية الكاملة، وأعربت عن رفضها لمبدأ «الدولة القومية» العربيّة.[7] أما الأطراف ذات المرجعية الإسلامية، وتحديداً هيئة تحرير الشام وتنظيم الدولة الإسلامية فيشددان على تحكيم الشرع الإسلامي، وإنْ كان لكل منها وجهة نظر مختلفة في تحقيق ذلك. أمّا تنظيم هيئة تحرير الشام، فقد تحدد موقفه على لسان زعيمه أبو محمد الجولاني، وهو «قيام حكومة إسلامية راشدة تطبق شرع الله»، واتهم المجتمع الدولي بمحاولة «اللعب على ورقة الأقليات»، وتطرح الجماعة تصوراً مستقبلياً للسياسة في سوريا، يعتمد على تشكيل مجالس شورى تتولى تحديد سياسة البلاد وفق الشريعة الإسلامية.[8] أمّا تنظيم الدولة الإسلامية فيتبنى منهج الخلافة الإسلامية في الحكم، ويرفع شعاراً هو «خلافة على منهاج النبوة».[9]
تتبادل الأطراف المشاركة في الحرب الأهلية الاتهامات بارتكاب انتهاكات ذات طابع طائفي أو عرقي. اتهمت الحكومة مجموعات مسلحة بالقيام بعمليات «القتل والتخريب والترويع»، ووجهت أصابع الاتهام لجماعة الإخوان المسلمين و«لجماعات سلفية تسعى لإقامة إمارة إسلامية في بعض مناطق سوريا».[10] وفي المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في الشّمال، قالت المنظمات الدولية أن الجيش التركي قام بتهجير مئات الآلاف من الأكراد والأقليات الأُخرى من أجل إحداث تغيير تغيير ديمغرافي في المنطقة،[11][12] بينما اتّهمت جماعات معارضة مختلفة، الحكومة السورية بالقيام بانتهاكات طائفية ضد أهل السنة من خلال التطهير الطائفي للمدن وعمليات التغيير الديمغرافي. ودعت قوى دينية عربية لإنقاذ الشعب السوري من «إجرام النظام الطائفي» وإلى «الجهاد» ضد السلطة،[13] وفي منطقة الحكم الذاتي الكردية، هناك اتهامات مُوجهة للقوات الكردية بالقيام «بانتهاكات ذات صبغة عرقية» بشكل رئيسي بحق «المكون العربي»، وأيضاً بحق «المكونين التركماني والآشوري».[14] وقد تم توجيه اتهامات إلى تنظيم الدولة الإسلامية بالقيام بعمليات تطهير وإبادة واسعة شملت أقليّات مختلفة على أساس طائفي وعرقي في مناطق سيطرته في سوريا والعراق.[15][16]