حل الإمبراطورية الرومانية المقدسة
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
حُلت الإمبراطورية الرومانية المقدسة عمليًا في 6 أغسطس 1806، حين تنازل الإمبراطور الروماني المقدس الأخير، فرانتس الثاني من عائلة هابسبورغ لورين، عن لقبه وحرر جميع الدول الإمبراطورية ومسؤوليها من عهودهم والتزاماتهم تجاه الإمبراطورية. منذ العصور الوسطى، والإمبراطورية الرومانية المقدسة مُعترف بها من قِبل الأوروبيين الغربيين على أنها الاستمرارية الشرعية للإمبراطورية الرومانية القديمة، لأن البابوية قد أُعلنت عن أباطرتها على أنهم أباطرة رومانيون. من خلال هذا الإرث الروماني، زعم الأباطرة الرومان المقدسون أنهم ملوك شاملون تمتد سلطتهم أبعد من حدود إمبراطوريتهم الرسمية إلى كل أوروبا المسيحية وخارجها. كان انحدار الإمبراطورية الرومانية المقدسة عملية طويلة وممتدة استمرت لقرون. هدد تشكيل أولى الدول الإقليمية الحديثة ذات السيادة في القرنين السادس عشر والسابع عشر، الطبيعة الشمولية للإمبراطورية الرومانية المقدسة، إذ حمل معه فكرة أن السلطة تتوافق مع الأراضي المحكومة فعليًا.
بحلول القرن الثامن عشر، نظر المعاصرون إلى الإمبراطورية الرومانية المقدسة، سواء داخلها أو خارجها، على أنها ملكية «غير منتظمة» إلى حد كبير و«معتلة» ولها شكل حكم «غير مألوف». كانت الإمبراطورية تفتقر إلى الجيش الدائم المركزي والخزانة المركزية، ولم يتمكن ملوكها، المنتخبون رسميًا وليس الوراثيون، من ممارسة سيطرة مركزية فعالة. رغم ذلك، اعتقد معظم المعاصرون أنه يمكن إحياء الإمبراطورية الرومانية واستعادة مجدها. بدأت الإمبراطورية الرومانية المقدسة انحدارها النهائي أثناء وبعد انخراطها في حروب الثورة الفرنسية والحروب النابليونية.
رغم دفاع الإمبراطورية عن نفسها جيدًا في البداية، إلا أن الحرب مع فرنسا ونابليون الأول كانت كارثية. في عام 1804، أعلن نابليون نفسه إمبراطورَ الفرنسيين، ورد فرانتس الثاني عليه بإعلان نفسه إمبراطور النمسا، إضافة إلى كونه الإمبراطور الروماني المقدس، وهي محاولة للحفاظ على التكافؤ بين فرنسا والنمسا وفي الوقت ذاته إيضاح أن اللقب الروماني المقدس يفوق كليهما. عمليًا، عنت هزيمة النمسا في معركة أوسترليتز في ديسمبر 1805 والانفصال الرسمي لعدد كبير من مُقطَعي فرانتس الثاني الألمان في يوليو 1806 لتشكيل كونفدرالية الراين، دولة تابعة فرنسية، نهاية الإمبراطورية الرومانية المقدسة. كان التنازل عن العرش في أغسطس 1806، إلى جانب تفكك التسلسل الهرمي للإمبراطورية ومؤسساتها، ضروريًا لمنع نابليون من إعلان نفسه إمبراطورًا رومانيًا مقدسًا، وهو الأمر الذي كان سيحط من قدر فرانتس الثاني ويحوله إلى مُقطَع تابع لنابليون.
تراوحت ردود الفعل على تفكك الإمبراطورية من اللامبالاة إلى اليأس. شعر سكان فيينا، عاصمة ملكية هابسبورغ، بالرعب من فقدان الإمبراطورية. شكك العديد من رعية فرانتس الثاني السابقين في شرعية أفعاله؛ رغم الاتفاق على أن تنازله عن العرش كان قانونيًا تمامًا، إلا أن تفكك الإمبراطورية وتحرير جميع مُقطَعيها اعتُبر خارج سلطة الإمبراطور. على هذا النحو، رفض العديد من أمراء الإمبراطورية ورعيتها قبول فكرة زوال الإمبراطورية، إذ وصل الأمر ببعض العامة إلى الاعتقاد بأن أخبار حلها كانت مؤامرة من قِبل سلطاتهم المحلية. في ألمانيا، جرى مقارنة التفكك بسقوط طروادة القديم وشبه الأسطوري وربط البعض نهاية الإمبراطورية الرومانية مع نهاية الزمان ونهاية العالم.