الإمبراطورية الإسبانية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الإمبراطورية الإسبانية (بالإسبانية: Imperio español)، وعرفت أيضًا باسم المملكة الإسبانية (بالإسبانية: Monarquía Hispánica) أو المملكة الكاثوليكية (بالإسبانية: Monarquía Católica)،[2][3][4] كانت إمبراطورية استعمارية في الحقبة الحديثة المبكرة حكمتها إسبانيا والدول التي سبقتها ما بين 1492 و 1976.[5][6] وهي إحدى أكبر الإمبراطوريات في تاريخ العالم، ومن أوائل الإمبراطوريات الأوربية التي توسعت عالميًا،[7] حيث وصلت القمة عسكريا وسياسيا واقتصاديا تحت حكم أسرة هابسبورغ الإسبانية[8] في القرنين 16 و17. وكانت بالاشتراك مع البرتغاليين أول من استهل عصر الاكتشاف الأوروبي بعيد رحلات كريستوفر كولومبوس وحققت نطاقًا عالميًا،[9] وشملت أقاليم ومستعمرات التاج الإسباني في الأمريكتين وآسيا واوقيانوسيا وافريقيا مثل جزر الأنتيل الكبرى ومعظم أمريكا الجنوبية والوسطى وجزءا من أمريكا الشمالية (وشملت فلوريدا وجنوب غرب الولايات المتحدة وساحلها الغربي). بالإضافة إلى عدد من أرخبيلات المحيط الهادئ مثل الفلبين.[10] أما أقصى امتداد لها فكان في القرن 18 تحت حكم آل بوربون حيث أضحت أضخم إمبراطورية في العالم في ذلك الوقت، فقد كانت القوة العظمى الأولى في زمانها وهي أول من أطلق عليها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.[11]
كانت البداية هو اتحاد سلالي بين تاج قشتالة (أضيف لها مملكة نبرة سنة 1515) وتاج أرغون[12]، فبدأ الملكان الكاثوليكيان (بالإسبانية: Reyes Católicos) بالتماسك السياسي والديني والاجتماعي ولكن ليس التوحيد السياسي. فأضحت أول دولة حديثة في أوروبا[13] عرفت بالمملكة الكاثوليكية، على الرغم من أن سلطة السيادة الإسبانية للملك تختلف من منطقة إلى أخرى، إلا أنه تصرف على هذا النحو بطريقة موحدة[14] على جميع أراضي التي يحكمها من خلال نظام المجالس [الإنجليزية]: فالوحدة لا تعني التوحيد.[15] وبعد انتصاره في حرب الخلافة البرتغالية استحوذ فيليب الثاني ملك إسبانيا على التاج البرتغالي، فأصبحت البرتغال وأقاليمها الاستعمارية تحت حكمه فيما سمي بالاتحاد الإيبيري، مع أن بعض المؤرخين أكدوا أن البرتغال كانت جزءا من نظام إسبانيا الملكي في ذلك الوقت،[16][17][18][19] إلا أن آخرين رسموا صورة متباينة بين الإمبراطورية الإسبانية والبرتغالية وعدوها غزوا إسبانيًا.[20]
حافظ فيليب على درجة معينة من الحكم الذاتي في الأراضي الأيبيرية، وأنشأ إلى جانب المجالس الأخرى لشبه الجزيرة مجلس البرتغال الذي أشرف على البرتغال وإمبراطوريتها واحترم قوانينها ومؤسساتها ونظامها النقدي، فقط في تقاسم السيادة المشتركة.[21] ظل الاتحاد الإجباري ساري المفعول حتى 1640 عندما أعادت البرتغال تأسيس استقلالها في ظل أسرة براغانزا.[22] لذا فهذا التكوين السياسي بغض النظر عن الطوائف[23] مقدما عليها «الاتحاد السلالي»[24][25] فظهر جليا في الفترة من 1580-1640 حيث ابقت الملكية البرتغالية نظامها الإداري واالقضائي في إقليمها، كما فعلت أيضا ممالك أخرى خضعت لحكم آل هابسبورغ الإسبان.[26]
تشكلت الإمبراطورية الإسبانية في الأمريكتين بعد غزو الإمبراطوريات المحلية واستحواذها على مساحات شاسعة من الأرض بدءًا من رحلات كريستوفر كولومبوس في جزر الكاريبي. فقامت في القرن السادس عشر باحتلال وضم إمبراطوريتي الأزتك (1519-1521) والإنكا (1532-1572)، وحافظت على النخب المحلية الموالية لها التي تحولت إلى المسيحية ليكونوا وسطاء بين مجتمعاتهم والحكومة الملكية.[27][28] وبعدها بفترة قصيرة أكد التاج سيطرته على تلك الأراضي وأنشأ مجلس جزر الهند للإشراف على الحكم هناك.[29] ثم أنشأ التاج هيئة لنائب الملك في منطقتين رئيسيتين من الاستيطان، وهما إسبانيا الجديدة وبيرو، وكلا المنطقتين ذات كثافة سكانية محلية عالية وثروة معدنية مرتفعة. تم غزو شعب المايا سنة 1697. أرسى إبحار ماجلان-إلكانو - أول طواف حول الأرض - الأساس لإمبراطورية إسبانيا في المحيط الهادئ وللاستعمار الإسباني للفلبين.
بدأ ملوك البوربون في إصلاح هيكل الحكم لإمبراطوريتهم فيما وراء البحار بشكل كبير في أواخر القرن الثامن عشر من قبل ملوك بوربون. على الرغم من أن التاج حاول الحفاظ على إمبراطوريته بنظام اقتصادي مغلق تحت حكم هابسبورغ،[30] إلا أنه لم يكن قادرًا على تزويد جزر الهند بسلع استهلاكية كافية لتلبية الطلب، فسيطر التجار الأجانب من جنوة وفرنسا وإنجلترا وألمانيا وهولندا على التجارة مع تدفق الفضة من مناجم بيرو والمكسيك إلى أوروبا. عملت النقابة التجارية لإشبيلية (لاحقًا قادس) ليكونوا وسطاء تجاريين. تم كسر احتكار التاج التجاري أوائل القرن السابع عشر، حيث اتفق التاج مع النقابة التجارية لأسباب مالية بتغيير النظام التجاري المغلق. كانت إسبانيا قادرة إلى حد كبير على الدفاع عن أراضيها في الأمريكتين، بحيث أخذ الهولنديون والإنجليز والفرنسيون جزرًا صغيرة في البحر الكاريبي لتكوين بؤر استيطانية، واستخدموها في تهريب البضائع المحظورة مع السكان الإسبان في جزر الهند.
استمرت تلك الإمبراطورية حتى حروب الاستقلال الإسبانية الأمريكية في أوائل القرن 19 فلم يبق لها إلا كوبا وبورتوريكو والفلبين. وفي أعقاب الحرب الأمريكية الإسبانية سنة 1898 تخلت إسبانيا عن آخر مستعمراتها في الكاريبي والمحيط الهادي للولايات المتحدة. أما آخر مستعمراتها الأفريقية فقد تخلت عنها أو نالت استقلالها خلال إنهاء استعمار إفريقيا التي انتهت في 1976.