Loading AI tools
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
كان أصل الفلسطينيين، وهم مجموعة عرقية قومية تسكن في جنوب بلاد الشام، محور للعديد من الدراسات في التاريخ واللغويات وعلم الوراثة، فضلاً عن الدراسات الأيديولوجية القومية وأساطير النسب المشترك. يتنوّع السكان الفلسطينييون بشكل كبير من حيث الممارسات الدينية واللغوية والثقافية، وعلى الرغم من كون الغالبية العظمى منهم من العرب والمسلمين إلا أنهم لا يشكّلون كيانًا متجانسًا.
هذه المقالة مرشحة للحذف بسبب: «المقالة حذفت لبسبب غير مقنع، واسترجعتها لـ دمج مع مقالة فلسطينيون ضمن قسم في المقالة.»، علماً أن هذا هو طلب نقاش الحذف الأول ولذلك يمكن تحسينها وإصلاحها. للمزيد من التفاصيل وإبداء رأيك في الحذف الرجاء الاطلاع على نقاش الحذف لهذه الصفحة. علما أنه بإمكانك تحسين المقالة لتدارك أسباب الحذف لكن لا تُفرِغ الصفحة، ولا تُزِل هذا الوسم قبل انتهاء نقاش الحذف. (وسم هذا القالب منذ: فبراير 2024) |
هذه مقالة غير مراجعة. (سبتمبر 2023) |
إن التاريخ الديموغرافي لفلسطين معقد وتشكل من خلال أحداث تاريخية وهجرات مختلفة. تعرضت المنطقة عبر التاريخ لنفوذ وسيطرة مختلف القوى الإمبريالية، مما أدى إلى تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية أثرت على التركيبة السكانية للمنطقة. كما لعبت الحروب والثورات والتطورات الدينية دورًا ديموغرافيًا مهمًا في تشجيع الهجرة والتحولات الثقافية والعرقية في المنطقة، فمع الفتح الإسلامي لبلاد الشام في القرن السابع الميلادي، بدأ تعريب المنطقة وأسلمتها نتيجة للتحول المحلي السياسي والثقافي وتماهيه مع الفتح الإسلامي. أدى هذا في النهاية إلى إنشاء مجتمع عربي مسلم، والذي على الرغم من كونه أصغر بكثير من سكان المنطقة في أواخر العصور القديمة، أصبح المجموعة الدينية الرئيسية في المنطقة بدءًا من العصور الوسطى واستمر حتى القرن العشرين.[1]
يتتبع القرويون الفلسطينيون والعائلات البارزة في فلسطين بشكل عام أصول عشيرتهم التي تمتد إلى قبائل البدو الوافدة من شبه الجزيرة العربية والتي استقرت في المنطقة قبل الفتح الإسلامي أو بعده.[2][3] ويتبع عدد قليل من العائلات الفلسطينية التقاليد الشفهية التي تعود جذورها إلى أصول يهودية وسامرية.[4][5][6][7][8]
كانت الجهود المستمرة لبناء الدولة الفلسطينية والجهود الرامية إلى ترسيخ الوعي الوطني الفلسطيني باعتباره الإطار الأساسي للهوية، على عكس الهويات الأخرى السائدة بين الفلسطينيين، بما في ذلك الهويات العشائرية البدائية والقبلية والمحلية والإسلامية، ذات تأثير على التاريخ الفلسطيني الداخلي مما فتح الباب أمام الدراسات للحديث عن أصول الفلسطينيين. ومن أجل تعزيز المطالبات التاريخية الفلسطينية بالأرض ومواجهة الحجج الإسرائيلية الصهيونية، يحاول الخطاب الفلسطيني توظيف أفكار الأصل كسلاح في الصراع المستمر مع إسرائيل.[9]
تأثر التاريخ الديموغرافي المعقد لفلسطين بالعديد من الأحداث التاريخية والهجرات، فكانت المنطقة موطنًا لمجموعات سكانية متنوعة على مر القرون. سكن الكنعانيون المنطقة منذ العصر البرونزي، وكانوا شعوب ناطقة بالسامية.[10] وفي أوائل العصر الحديدي، ظهر العبرانيون كمجموعة عرقية دينية منفصلة وسكنوا المنطقة، وأنشأوا فيها مملكتين هما مملكة إسرائيل في الشمال ومملكة يهوذا في الجنوب. وكان سقوط تلك الممالك أمام الفتوحات الآشورية والبابلية مصحوباً بالنفي والتهجير القسري لساكنيها إلى المشرق. ثم أصبحت المنطقة بعد ذلك واقعة تحت الحكم الأخميني والبطلمي والسلوقي. شكل اليهود في نهاية المطاف غالبية السكان في فلسطين خلال العصور القديمة الكلاسيكية، حتى أنهم استمتعوا بفترة قصيرة من الاستقلال في عهد الدولة الحشمونية، قبل وقوع المنطقة في قبضة الإمبراطورية الرومانية. أدت الحروب اليهودية الرومانية بعد ذلك وخاصة ثورة بار كوخبا إلى مقتل أو تهجير أو استعباد العديد من اليهود، ونتيجة لذلك، انخفض عدد السكان اليهود في منطقة يهودا بشكل ملحوظ.[11] ثُم شهدت المنطقة في القرون التي تلت ذلك اضطرابات سياسية واقتصادية وتحول الكثير من السكان إلى الديانة المسيحية الجديدة الصاعدة، فكانت الأقليات تتعرض للاضطهاد الديني.[12][13] وفي نهاية المطاف تشكلت أغلبية مسيحية تحت الحكم البيزنطي كنتيجة لهجرة الجاليات المسيحية، ورحيل اليهود، ونشوب العديد من الصراعات مثل الثورات السامرية، وتحوّل السكان المحليين.[1][14][15]
فتح العرب بلاد الشام في القرن السابع الميلادي بعد ان اعتنقوا الدين الإسلامي، وفي القرون التالية، حكمت المنطقة العديد من السلالات الإسلامية الناطقة بالعربية مثل الأمويين والعباسيين والفاطميين.[16] وانخفض عدد سكان فلسطين بشكل حاد خلال القرون اللاحقة، حيث انخفض إلى ما يقرب من ثلاثمائة ألف نسمة بحلول فترة الخكم العثماني المبكرة بعدما كان يُقدر بنحو مليون نسمة خلال الفترتين الرومانية والبيزنطية.[17][18]
مع مرور الوقت، تحول العديد من سكان البلاد إلى الإسلام واعتمدوا الثقافة واللغة العربية. يُعتقد أن الهجرات العربية إلى فلسطين قبل الفتح الإسلامي وبعده قد أدت إلى تسريع وتيرة تحول سكان هذه المنطقة إلى اعتناق الأسلام، كما يُعتقد أن الكثير من السكان الفلسطينيين الحاليين في منطقة نابلس ينحدرون من السامريين الذين اعتنقوا الإسلام.[19][20][21][22][7] من غير المعروف ما إذا كان سكان فلسطين قد تحولوا نحو الإسلام قبل فترة الحملات الصليبية أم بعدها، ولكن يشير بعض الأكاديميين إلى أن فلسطين كانت ذات أغلبية مسلمة في وقت وصول الحملات الصليبية،[23][24] بينما يزعم البعض أن عملية الأسلمة الجماعية حدثت في وقت لاحق بكثير كان على الأرجح خلال فترة الدولة المملوكية.[19][25]
تأثرت التركيبة السكانية لفلسطين مرة أخرى بموجات الهجرة المصرية في عهد الوالي العثماني محمد علي ومن بعده عهد ابنه إبراهيم باشا، وكذلك بهجرات الجزائريين الذين هاجروا بعد ثورة عبد القادر الجزائري في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وما تلاها من هجرة الجزائريين والبوسنيين. والشركس خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر.[26][27][28] على الرغم من ذلك انخفض عدد سكان فلسطين وظل يتراوح ما بين مائة وخمسين ألف نسمة ومائتين وخمسين نسمة لعدة قرون في ظل الإمبراطورية العثمانية، ولم يبدأ عدد سكان البلاد في الازدياد بسرعة إلا في القرن التاسع عشر.[29]
في حين تُعتبر الثقافة الفلسطينية اليوم هي في المقام الأول ثقافة عربية وإسلامية، فإن العديد من الفلسطينيين ما زالوا متأثرين بالحضارات السابقة التي سكنت أرض فلسطين.[30] وقد ذكر المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي في كتاباته أنّه في العهد العثماني كان الفلسطينيون يعتبرون أنفسهم منحدرين ليس فقط من سلالة الفاتحين العرب في القرن السابع، ولكن أيضًا من السكان الأصليين الذين عاشوا في البلاد منذ زمن سحيق.
وفي عام 1876 كتب عالم الجغرافيا الأثرية البريطاني كلود كوندر خلال حملات استكشاف فلسطين ما يلي:[31]
ومن المعروف جيدًا لأولئك الذين يعرفون البلاد أنهم مهما كانوا، فإن الفلاحين، أو الفلاحين الأصليين في فلسطين، ليسوا عربًا؛ وإذا حكمنا من أسماء المعالم الطبوغرافية فإن لغتهم بالكاد يمكن تسميتها باللغة العربية.
ويقول عالم الأنثروبولوجيا الفلسطيني علي قليبو:[30]
انتقلت مجموعة كبيرة ومتنوعة من الشعوب إلى المنطقة على مر التاريخ وجعلت من فلسطين وطنها كالكنعانيون، واليبوسيون، والفلسطينيون من كريت، واليونانيون والأناضول والليديون، والعبرانيون، والأموريون، والأدوميون، والأنباط، والآراميون، والرومان، والعرب، والصليبيون من أوروبا الغربية، على سبيل المثال لا الحصر. استولى كل منهم على مناطق مختلفة تصارعت بمرور الزمن وتنافست على السيادة والأرض. بينما شكلت فترات حكم البعض الآخر، مثل المصريين القدماء، والحيثيين، والفرس، والبابليين، والمغول في أواخر القرن الثالث عشر حقبًا تاريخية كانت أثارها المتعاقبة مدمرة مثل آثار الزلازل الكبرى فكانت مثل الشهاب تتألق الثقافات المختلفة للحظة وجيزة قبل أن تتلاشى من السجلات التاريخية والثقافية الرسمية لفلسطين، ومع ذلك يبقى الناس على قيد الحياة. وبقي في عاداتهم وأخلاقهم شيء من أثار هذه الحضارات القديمة حتى عصور الحداثة، وإن كانت الحداثة مموهة تحت قشرة الإسلام والثقافة العربية.
بينما كتب المؤرخ العثماني جورج أنطونيوس مؤسس التاريخ القومي العربي الحديث في كتابه المهم الصحوة العربية الذي صدر في عام 1938 يقول:[32]
تعود علاقة العرب بفلسطين دون انقطاع إلى العصور التاريخية الأولى، حيث لا يشير مصطلح العرب في فلسطين في الوقت الحاضر فقط إلى الوافدين من شبه الجزيرة العربية الذين فتحوا البلاد في القرن السابع، ولكن أيضًا إلى السكان الأكبر سنًا الذين تزاوجوا مع فاتحيهم، واكتسبوا ثقافتهم وعاداتهم وأفكارهم، وأصبحوا مستعربين إلى الأبد.
ويقول المؤرخ الأمريكي برنارد لويس:[33]
من الواضح، في فلسطين كما في أي مكان آخر في الشرق الأوسط، أن السكان المعاصرين يضمون بين أسلافهم أولئك الذين عاشوا في البلاد في العصور القديمة. ومن الواضح بنفس القدر أن المزيج الديموغرافي قد تغير بشكل كبير على مر القرون بسبب الهجرة والترحيل والغزو والاستيطان. وكان هذا صحيحًا بشكل خاص في فلسطين، حيث تحول السكان بسبب أحداث مثل التمرد اليهودي ضد روما وقمعها، والفتح العربي، ومجيء وذهاب الصليبيين، وتدمير الأراضي الساحلية وإعادة توطينها على يد النظامين المملوكي والتركي. ومنذ القرن التاسع عشر، عن طريق الهجرات الواسعة من داخل المنطقة ومن خارجها. ومن خلال الغزو والترحيل، والتغييرات المتعاقبة في الحكم والثقافة، تغيّرت التركيبة العرقية للسكان الفلسطينيين عدة مرات. لا شك أن هوية السكان الأصليين لم تُطمس بالكامل أبدًا، ولكن مع مرور الوقت تم تهويدهم، ثُم إكسابهم الثقافة المسيحية، ثُم أسلمتهم على التوالي. وتحولت لغتهم إلى العبرية، ثم إلى الآرامية، ثم إلى العربية.
شوهد مصطلح «العرب» لأول مرة في المصادر الآشورية التي تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد (إيفال 1984).[34] وبالإضافة إلى وجود العرب في الصحراء السورية والهلال الخصيب، كان جنوب فلسطين يضم عددًا كبيرًا من السكان الأدوميين والعرب بحلول القرن الرابع قبل الميلاد،[35] حيث تظهر الأدلة المنقوشة على مدى ألف عام والتي وجدت في المناطق الطرفية لفلسطين، مثل الجولان والنقب، انتشار الأسماء العربية على الأسماء الآرامية خلال الفترة الفارسية التي امتدت ما بين عامي 550-330 قبل الميلاد وما بعدها.[36][37] انجرف البدو بعد ذلك في موجات هجرة إلى فلسطين بعد الفتح الإسلامي منذ القرن السابع الميلادي على الأقل، وكانت أصول بعض أولئك المهاجرين تعود إلى الحجاز أو نجد في شبه الجزيرة العربية مثل عرب الصخر الذين سكنوا جنوب بحيرة طبريا، في حين يقال أن أصل الغزاوية يعود إلى قبائل مسل الجزل في حوران،[38] كما يتحدثون لهجات عربية مميزة في الجليل والنقب.[39]
كان السكان العرب موجودين في بعض أجزاء فلسطين قبل الفتح الإسلامي، وقد قاتلت بعض هذه القبائل العربية المحلية والبدو كحلفاء للدولة البيزنطية في مواجهة الفتح الإسلامي الذي تشير بعض الأدلة الأثرية إلى أنه كان غزوًا سلميًا، وتم السماح للوافدين الجدد بالاستقرار في المناطق الحضرية القديمة. لم تؤكد السجلات الأثرية حتى الآن نظريات الانخفاض السكاني التي تم تعويضه عن طريق استيراد السكان الأجانب.[22]
بعد الفتح الإسلامي للشام على يد المسلمين العرب الراشدين، تم استبدال اللغتين السائدتين سابقًا في المنطقة، وهما الآرامية واليونانية، تدريجيًا باللغة العربية التي أدخلتها الأقلية الحاكمة الجديدة. كان لا يزال هناك مجتمع مسيحي فلسطيني كبير من بين البقايا الثقافية من عصور ما قبل الإسلام وكان يشكل ما يقرب من 10% من إجمالي السكان في أواخر العصر العثماني و45% من مواطني القدس،[40] إلى جانب مجتمعات يهودية وسامرية أصغر حجمًا، وأقلية آرامية في بعض المناطق المحلية الفلسطينية الناقة باللهجات العربية.[41]
ظل المسيحيون يشكلون أغلبية السكان في معظم أنحاء فلسطين وسوريا تحت الحكم الإسلامي حتى اندلاع الحروب الصليبية. كان الفتح الإسلامي في ثلاثينيات القرن السادس الميلادي قد ضمن الحرية الدينية، مما أدى إلى تحسين حرية اليهود والسامريين باعتبارهم من أهل الذمة.[42][43][44] ومع ذلك كان على الذكور البالغين دفع الجزية أو ضريبة الحماية، فشجع هذا العبء الاقتصادي الواقع على بعض مجتمعات أهل الذمة (وخاصة مجتمع السامريين) في بعض الأحيان على التحولات الجماعية.[45] وعندما وصل الصليبيون إلى فلسطين خلال القرن الحادي عشر، لم يميزوا بين المسيحيين الذين كانوا يعتبرون من منظور الطائفة اللاتينية زنادقة، وبين اليهود والمسلمين، فكانوا يذبحون الجميع دون تمييز.[46][47] كان انتزاع الصليبيين للأماكن المقدسة مثل كنيسة القيامة في القدس، وكنيسة المهد في بيت لحم من الكنيسة الأرثوذكسية، واحدًا من عدة عوامل أدت إلى نفور المجتمع المسيحي التقليدي منهم بشدة، فسعت إلى مساندة المسلمين ضدهم. وعندما تمكن صلاح الدين الأيوبي من هزيمة الصليبيين، أعاد هذه المواقع إلى السيطرة المسيحية الأرثوذكسية.[48] ومثلما فعلت سياسات التنفير التي مارسها الصليبيين، كان الغزو المغولي وصعود المماليك بمثابة نقاط تحول في مصير المسيحية في هذه المنطقة، فقد تقلصت أعداد السكان المسيحيين في المنطقة بشكل ملحوظ في عهد المماليك بسبب العديد من المسيحيين الذين وقفوا إلى جانب المغول، وما تلا ذلك من ممارسات أكثر صرامة اتبعها المماليك للسيطرة على المجتمعات المسيحية، فنمت العداوات اللاهوتية، وتعززت عملية التعريب والأسلمة، مع تدفق القبائل البدوية الرحل في القرنين الثالث عشر الميلادي والرابع عشر الميلادي.[49]
استقر العرب في فلسطين مسيحيين ومسلمين، وكان البدو منقسمين تاريخيًا إلى القيسيين واليمانيين.[50] تعود أصول هذه الانقسامات إلى نزاعات قبلية وقعت قبل عصر الإسلام بين عرب الشمال (القيسيين) وعرب الجنوب (اليمانيين). انتشر الصراع بين الجانبين القبليين في جميع أنحاء العالم العربي مع غزواتهم، وأثر الصراع حتى على العائلات غير المتورطة فيه، بحيث كان سكان فلسطين يصنفون إما مع هذا الطرف أو مع ذاك.[50][51] استمرت صراعات الجانبين بعد الحرب الأهلية في فلسطين بدءًا من القرن الثامن الميلادي وحتى أوائل القرن العشرين،[52] وأدت هذه الصراعات إلى وجود اختلافات في العادات والتقاليد واللهجات التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.[50]
سكنت بلدة بيت ساحور لأول مرة في القرن الرابع عشر الميلادي على يد عدد من العشائر المسيحية والمسلمة الوافدة من منطقة وادي موسى في الأردن، إلى جانب طائفة الجرياسة المسيحية والشيبة وجبران المسلمين، الذين جاؤوا للعمل كرعاة لأصحاب الأراضي المسيحيين في بيت لحم، ثُم انضم إليهم لاحقًا مهاجرون أرثوذكس يونانيون آخرون جاءوا من مصر في القرنين السابع عشر الميلادي والثامن عشر الميلادي.[53]
حدثت عدة موجات من الهجرة من مصر إلى فلسطين خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، وفضل أولئك المهاجرين الاستقرار في المناطق القائمة بالفعل. كانت هناك 19 قرية في السهول الساحلية الجنوبية وبالقرب من مدينة الرملة بها عائلات من أصل مصري، وحتى يومنا هذا، لا تزال بعض القرى والبلدات الواقعة في الأجزاء الشمالية من منطقة السامرة، وخاصة وادي عارة، بها عدد كبير من السكان الذين ينحدرون من أصل مصري.[54] بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الفلسطينيين في المناطق الريفية والحضرية ينحدرون من أصول ألبانية أو بوسنية أو شركسية أو غيرها من الأصول غير العربية كنتاج للفترة العثمانية التي جلبت مجتمعات غير عربية إلى المنطقة في القرن التاسع عشر الميلادي.[27][28][54]
تألفت اللهجات العربية الفلسطينية من خليط من اللغات التي استخدمت في المنطقة خلال عصور سابقة، بما في ذلك الكنعانية والعبرية (لغة الكتاب المقدس والميشناية)، والآرامية (خاصة الآرامية الغربية)، والفارسية، واليونانية، واللاتينية، مما يشير إلى تأثير الشعوب والحضارات السابقة على النتاج اللغوي في المنطقة. ونتيجة لبداية العصر الحديث، تأثرت اللهجات الفلسطينية باللغات التركية والأوروبية. كما تأثرت اللهجات الفلسطينية بشكل كبير بالعبرية الحديثة عقب قيام دولة إسرائيل في عام 1948.[55] وبمرور الزمن، حدد علماء اللغة بعض المصطلحات الأساسية المشتقة من الكنعانية والعبرية والآرامية والتي امتد تأثيرها إلى المفردات المعاصرة.[55][56]
يتتبع القرويون الفلسطينيون بشكل عام أصول عشائرهم التي تمتد جذورها إلى شبه الجزيرة العربية. وفي التراث الشفهي يعترف الكثيرون بأنهم ينتسبون إلى القبائل العربية البدوية التي هاجرت إلى فلسطين أثناء الفتح الإسلامي أو بعده بوقت قصير.[2] وهي سمة ملحوظة أيضًا بين العائلات الفلسطينية التي تنتمي إلى طبقة الأعيان،[3] بما في ذلك عائلة نسيبة المقدسية،[57] وعائلة التميمي التي تعتبر من نسل النبي صالح، وعائلة البرغوثي التي تعود أصولها إلى قبيلة بني زيد.[58][59] كما تنحدر عشائر الشاويش والحسيني والزيادية[60][61] وفقًا لتراثها الشفهي من نسل محمد من خلال حفيديه الحسين بن علي والحسن بن علي.[62] وقد ربط فلسطينيون آخرون دخول أجدادهم إلى فلسطين على وجه التحديد بمشاركتهم في جيش صلاح الدين. لا يحظى صلاح الدين الأيوبي باحترام بين الفلسطينيين باعتباره بطلاً مسلمًا فحسب، بل باعتباره بطلًا قوميًا أيضًا على الرغم من جذوره الكردية.[2]
يتبع عدد قليل من العائلات الفلسطينية التراث الشفهي الذي تعود جذوره إلى أصول يهودية وسامرية. وينتشر النسب اليهودي بشكل خاص في منطقة تلال الخليل الجنوبية، وهي منطقة ذات وجود يهودي موثق حتى عصر الفتح الإسلامي. ولعل أحد الأمثلة البارزة على هذا النسب عائلة المخامرة في يطا، والتي ترجع أصولها وفقًا لعدة تقارير إلى قبيلة يهودية وفدت من خيبر.[4][63] كما سجل تراث شفهي ذو أصول سامرية في نابلس والقرى والبلدات المجاورة لها، مثل بلدة حجة.[5][8][7][6] وقد ذكرت العديد من العائلات الفلسطينية المسلمة، بما في ذلك عائلات العمد والسامري وبواردة وقاسم، التي دافعت عن السامريين ضد اضطهاد المسلمين في خمسينيات القرن التاسع عشر،[6] ذكرها إسحق بن تسفي على أنها من أصل سامري. وأكد أيضًا أن شيوخ هذه العائلات وكهنتها احتفظوا بسجلات مكتوبة تشهد بنسبهم السامري.[6]
يشير العديد من الفلسطينيين إلى جيرانهم اليهود على أنهم أبناء عمومتهم من جهة الأب.[64] في ظل الحكم العثماني، ميز العرب الفلسطينيون بين مواطنيهم اليهود، الذين أشاروا إليهم باسم أبناء البلد، أو اليهود العرب أو اليهود عربيو المولد، وبين المهاجرين الصهاينة الجدد.[65][66]
كانت الجهود المستمرة لبناء الدولة والجهود الرامية إلى ترسيخ الوعي الوطني الفلسطيني باعتباره الإطار الأساسي للهوية، على عكس الهويات الأخرى السائدة بين الفلسطينيين، بما فيها الهويات العشائرية البدائية والقبلية والمحلية والإسلامية، ذات تأثير كبير على التاريخ الفلسطيني الداخلي. يحاول الخطاب الفلسطيني توظيف أفكار الأصل والحديث عن أصول الفلسطينيين كسلاح في الصراع المستمر مع إسرائيل ووسيلة لتعزيز المطالبات التاريخية الفلسطينية بالأرض ومواجهة الحجج الإسرائيلية الصهيونية. أدى هذا في بعض الأحيان إلى عدم اتباع المعايير الأكاديمية لاستخدام الأدلة التاريخية في الخطاب التاريخي الفلسطيني، وتجاهل الأدلة التي تتعارض مع القضية الوطنية أو رفضها باعتبارها كاذبة أو معادية.[9]
أخذت الادعاءات التي تزعم أن الفلسطينيين ينتسبون مباشرة إلى الكنعانيين القدماء، دون علاقة إسرائيلية وسيطة، في الظهور خلال القرن العشرين بين قطاعات معينة داخل المجتمع الفلسطيني وأتباعهم. غالبًا ما يتم تصوير الكنعانيين على أنهم عرب، مما يسمح للفلسطينيين بالتأكيد على أنهم عاشوا في المنطقة لفترة طويلة جدًا، قبل الاستيطان الإسرائيلي.[68] إن ادعاء وجود صلة قرابة مع بني إسرائيل يسمح كما يدعي برنارد لويس، بتأكيد ادعاء تاريخي يسبق وعد بلفور الكتابي والحيازة التي قدمها اليهود.[33][69]
وبينما صنف الكتاب العرب غير الفلسطينيين بني إسرائيل كأحد الشعوب السامية القديمة، رفض بعض الكتاب الفلسطينيين الآخرين هذه الفكرة، ونفوا وجود أي صلة تاريخية بين العبرانيين القدماء واليهود المعاصرين، زاعمين أن الأخيرين إما أتوا من نسل قبيلة الخزر الذين اعتنقوا اليهودية في القرن الثامن الميلادي، أو أنهم مجموعة من الناس من مجموعات عرقية مختلفة اعتنقوا اليهودية على مدار الألفي عام الماضية. ومن أجل تقويض تاريخ القدس اليهودي والتأكيد على هويتها العربية، ربط تأسيس المدينة باليبوسيين أو العرب.[68][68] في الواقع، فإن الكتاب المقدس العبري هو الوثيقة القديمة الوحيدة الموجودة التي تستخدم اسم اليبوسي لوصف سكان القدس قبل بني إسرائيل، ولا يزال تحديد هوية القدس حين سكنها اليبوسيون محل خلاف.[70]
بعد حرب فلسطين عام 1948، نشر الكاتب الفلسطيني مصطفى الدباغ كتابه الذي حمل عنوان «بلادنا فلسطين» والذي نسب فيه أول حضارة استقرت في فلسطين إلى قبيلة بني كنعان، التي ادعى أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعموريين والفينيقيين، مؤكدًا أن جميعهم هاجروا إلى المنطقة من شبه الجزيرة العربية قرابة عام 2500 قبل الميلاد، كما ادعى في كتابه أن مزيج الكنعانيين والفلسطينيين، الذين هاجروا من الجزر اليونانية قرابة 1500 قبل الميلاد، شكلوا في النهاية نواة السكان العرب الفلسطينيين الحاليين.[68]
وقد انتقد بعض العلماء الفلسطينيين، مثل زكريا محمد، الحجج القائمة على النسب الكنعاني للفلسطينيين، أو ما أسماه زكريا بالعقيدة الكنعانية.[71] ويذكر زكريا محمد أنها بدعة فكرية منفصلة عن هموم الناس العاديين. ومن خلال إسناد سعيها إلى الرغبة في تسبق المطالبات القومية اليهودية، فهو يصف الكنعانية بأنها أيديولوجية خاسرة سواء كانت واقعية أم لا، عندما تستخدم لإدارة صراع الشعب الفلسطيني مع الحركة الصهيونية حيث أن الحضارة الكنعانية اعترفت بداهة بالأهمية المركزية، وبأطروحة الصهيونية، وهي أن العرب منخرطون في صراع دائم مع الصهيونية، وبالتالي مع الوجود اليهودي في فلسطين منذ مملكة سليمان وقبل ذلك، وبالتالي فإن الكنعانية تلغي بضربة واحدة الافتراض بأن الصهيونية حركة أوروبية مدفوعة بالسياسات الأوروبية الحديثة.[71]
وفي تعليقه على مضامين الأيديولوجية الكنعانية، كتب إريك م. مايرز، مؤرخ الدين في جامعة ديوك يقول:[72]
ما هي أهمية كون الفلسطينيين ينحدرون فعلاً من نسل الكنعانيين؟ في عملية إعادة بناء التاريخ المبكرة والأكثر محافظة، يمكن القول إن هذا يؤكد فقط العداء التاريخي بين إسرائيل وأعدائها. ومع ذلك، يعتقد بعض العلماء أن إسرائيل ظهرت بالفعل من داخل المجتمع الكنعاني نفسه (الساميين الشماليين الغربيين) وتحالفت مع العناصر الكنعانية ضد دول المدن والنخب في كنعان. وبمجرد حرمانهم من حقوقهم من قبل دول المدن والنخب، انضم الإسرائيليون وبعض الكنعانيين المحرومين إلى تحدي هيمنة رؤساء دول المدن وشكلوا هوية جديدة في بلد التل على أساس مبادئ المساواة والتهديد المشترك من الخارج. وهذه مفارقة أخرى في السياسة الحديثة: فالفلسطينيون في الحقيقة إخوة بالدم أو أبناء عمومة للإسرائيليين المعاصرين – فهم جميعاً من نسل إبراهيم وإسماعيل، إذا جاز التعبير.
يُستخدم مصطلح "الفلسطينيين" بشكل أساسي كصيغة مختصرة وصف اللشعب الفلسطيني، الذي يُعرف بأنه يعادل العرب الفلسطينيين، وهو أي شعب ناطق باللغة العربية ينحدر من الشعب الذي عاش في فلسطين على مر القرون. قد يكون المقصود من هذا الاستخدام الإشارة إلى أن المقيمين الآخرين في فلسطين (سواء كانوا تاريخيين أو غير ذلك)، وخاصة اليهود الفلسطينيين، باعتبارهم ليسوا فلسطينيين.
إن ظهور الهوية الفلسطينية حديث نسبيًا، حيث جاء في العقود الأولى من القرن العشرين، وفقًا لما ذكره المؤرخ القانوني عساف ليخوفسكي،[73] على الرغم من أن العديد من العلماء قد تتبعوها في وقت مبكر من منتصف القرن الثامن عشر.[74] لقد تأثر الخطاب التاريخي المتعلق بأصول الفلسطينيين بشكل كبير بمحاولة القومية الفلسطينية ترسيخ نفسها كإطار مهيمن للهوية بين الفلسطينيين، واستخدام أفكار الأصل لمواجهة الحجج الصهيونية.[9]
اعتقد عدد من رواد الحركة الصهيونية في فترة ما قبل الانتداب البريطاني في فلسطين مثل أحاد هعام وبير بوروخوف وديفيد بن غوريون وإسحق بن تسفي، أن السكان الفلاحين الفلسطينيين ينحدرون من العبرانيين القدماء الذين ورد ذكرهم في الكتاب المقدس، إلا أن بعضهم تبرأ من هذا الاعتقاد في وقت لاحق عندما أصبحت مضامينه الأيديولوجية تمثل إشكالية للشعب الصهيوني،[71] ورأى أحاد هعام أن المسلمين الموجودين في فلسطين هم السكان القدماء للأرض، والذين أصبحوا مسيحيين بعد ظهور الديانة المسيحية ثُم أصبحوا مسلمين بعد وصول الإسلام إلى المنطقة.[71] كما أكد إسرائيل بلكيند، مؤسس حركة بيلو، أن العرب الفلسطينيين هم إخوة اليهود بالدم،[75] وادعى بير بورخوف، أحد المؤسسين الأيديولوجيين الرئيسيين للحركة الصهيونية الماركسية، في وقت مبكر من عام 1905 أن الفلاحين الموجودين في أرض إسرائيل هم من نسل بقايا المجتمع الزراعي العبري، معتقدًا أنهم من نسل العبرانيين القدامى الذين سكنوا المنطقة مع خليط صغير من العرب.[71][76] كذلك اعتقد بورخوف بأن الفلاحين الفلسطينيين سوف يعتنقون الأفكار الصهيونية وأن الافتقار إلى وعي وطني متبلور بين العرب الفلسطينيين سيساعد على احتمالية استيعابهم في القومية العبرية الجديدة، وأن العرب واليهود سوف يوحدهم في النهاية الصراع الطبقي.[71][77]
أما ديفيد بن غوريون وإسحق بن تسفي اللذان أصبحا فيما بعد أول رئيس وزراء لإسرائيل، والرئيس الثاني لها على التوالي، فقد ذكرا في كتاب صدر عام 1918 باللغة اليديشية أن الفلاحين الموجودين في فلسطين ينحدرون من نسل المزارعين اليهود والسامريين القدامى، أو من عرفوا باسم شعب هآرتس، أو شعب الأرض، الذين استمروا في زراعة الأرض بعد الحروب اليهودية الرومانية على الرغم من الاضطهاد الديني الذي تعرضوا له بعد ذلك بسبب عقيدتهم. وفي حين غادر اليهود الأكثر ثراءً وتعليماً وتديناً وانضموا إلى مراكز الحرية الدينية في الشتات، فإن العديد من أولئك الذين بقوا حولوا دياناتهم، أولاً إلى المسيحية، ثم إلى الإسلام.[78] زعم الكتاب أيضًا أن هؤلاء الفلاحين وأسلوب حياتهم كانوا بمثابة شهادات تاريخية حية عن الممارسات الإسرائيلية القديمة الموصوفة في الكتاب المقدس العبري والتلمود.[79] ذكر بن تسفي في كتابته اللاحقة أنه من الواضح عدم صحة الادعاء بأن جميع الفلاحين ينحدرون من نسل اليهود القدماء، في حين أن الغالبية العظمى من الفلاحين ليسوا كذلك، بل ينحدرون من نسل الفاتحين العرب ومن نسل الفلاحين اليهود الذين كانوا يشكلون الأغلبية في المنطقة قبل الفتح الإسلامي.[80] أشار المؤرخ سليم تماري إلى أن الدلالات الأيديولوجية لهذا الادعاء أصبحت تمثل إشكالية غاية في التعقيد وسرعان ما تراجع عنها مروجيها.[71] وأشار سليم تماري أيضًا إلى المفارقات التي نتجت عن البحث عن جذور وطنية بين هذه الشخصيات الصهيونية،[71] ولا سيما أتباع يوناتان راتوش الكنعانيين، الذين سعوا إلى استبدال الهوية اليهودية القديمة في الشتات بقومية احتضنت السكان الحاليين في فلسطين.[81]
طرح الفيلسوف الصهيوني إسرائيل بلكيند في كتابه عن الفلسطينيين العرب في أرض إسرائيل، فكرة أن شتات اليهود من أرض إسرائيل بعد تدمير الهيكل الثاني على يد الإمبراطور الروماني تيطس كان بمثابة خطأ تاريخي يجب تصحيحه، فبينما قامت الإمبراطورية الرومانية بتفريق جزء كبير من الجالية اليهودية في الأرض حول العالم، بقي عمال الأرض الذين ظلوا مرتبطين بأرضهم في الخلف وتحولوا في النهاية إلى المسيحية ثم الإسلام.[75] ولذلك اقترح تصحيح هذا الخطأ التاريخي من خلال احتضان الفلسطينيين باعتبارهم أبناءهم واقترح فتح المدارس العبرية للمسلمين العرب الفلسطينيين لتعليمهم الثقافة العربية والعبرية والعالمية.[75]
كما أكد تسفي ميسيناي، وهو باحث ورجل أعمال إسرائيلي مؤيد لحل بديل مثير للجدل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أن ما يقرب من 90٪ من جميع الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل والأراضي المحتلة الآن (بما في ذلك المواطنين العرب في إسرائيل وبدو النقب)[82] ينحدرون من نسل الفلاحون اليهود الإسرائيليين الذين بقوا على الأرض، بعد نفي وهاجر الآخرين، ومعظمهم من سكان المدن.[83] وكان لعالم اللاهوت الأيرلندي مايكل بريور وجهة نظر مماثلة بشأن أصول الفلسطينيين.[84]
ويرى للمؤرخ الإسرائيلي موشيه جيل إنه من أجل قبول نظرية الأصل اليهودي للفلسطينيين، يجب افتراض أنه كان هناك تحول جماعي لليهود إلى الإسلام في وقت ما، ولكن لا توجد مصادر تاريخية تؤكد ذلك حتى الآن. ليس هناك أي مصادر يهودية أو مسيحية أو مسلمة تُشير إلى حدوث تحول جماعي لليهود إلى الإسلام في أي مكان وفي أي وقت، ما لم يكن الأمر في حالة تحول قسري، وعلى أي حال لا توجد مثل هذه المعلومات عن أرض إسرائيل. وبالتالي لا يوجد سبب للاعتقاد بأن عرب أرض إسرائيل كانوا من نسل اليهود.[79]
توصلّت إحدى الدراسات الجينية التي اعتمدت على فحص دنا المتقدرات إلى أن الفلسطينيين مثلهم في ذلك مثل السوريين والعراقيين والأتراك والأكراد، لديهم ما يبدو أنه مجموعات هابلوغروب DNA الأمومية تُشير إلى أن أسلافهم قد أتوا من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. كان نحو 15% من الأفراد الفلسطينيين البالغ عددهم 117 فردًا والذين خضعوا للاختبار في تلك الدراسة يحملون مجموعات هابلوغية لأمهات نشأن في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. تتوافق هذه النتائج مع هجرة الإناث من منطقة شرق إفريقيا إلى مجتمعات الشرق الأدنى خلال آلاف السنين القليلة الماضية، فقد كانت هناك العديد من الفرص لحدوث مثل هذه الهجرات خلال هذه الفترة. ومع ذلك، فإن التفسير الأرجح لوجود سلالات نسائية من أصل أفريقي في هذه المناطق هو أنها قد تعود إلى النساء اللاتي جُلبن من أفريقيا كجزء من تجارة الرقيق العربية، واللائي سكنن في المناطق الخاضعة للحكم العربي.[85]
وبحسب لدراسة أجراها كُل من راناجيت داس وبول ويكسلر ومهدي بيروزنيا وعيران الحايك، ونشرت في يونيو عام 2017 في مجلة الحدود في علم الوراثة فإنّ تحليل المكونات الرئيسية للحمض النووي للفلسطينيين والبدو المعاصرين تشترك مع مكونات الحمض النووي للمشرقيين القدماء الذين عاشوا في العصر النطوفي والعصر الحجري الحديث.[86] وفي دراسة أخرى نشرها مارك هابر وآخرون في المجلة الأمريكية لعلم الوراثة البشرية في أغسطس عام 2017 توصّل الباحثون إلى أن التداخل بين المشرقيين القدماء الذين عاشوا في العصر البرونزي والمشرقيين الحاليين يشير إلى درجة من الاستمرارية الجينية في المنطقة.[87]
في دراسة وراثية أجريت عام 2003، أظهر البدو أعلى المعدلات من المجموعة الفردانية هابلوغروب جي1 - J1 (واي-دي إن إيه) بنسبة بلغت قرابة 62.5% من بين جميع السكان الذين خضعوا للاختبار، يليهم العرب الفلسطينيون بنسبة بلغت 38.4%، ثُم العراقيون بنسبة بلغت 28.2%، ثُم اليهود الأشكناز بنسبة بلغت 14.6%، ثُم اليهود السفارديم بنسبة بلغت 11.9%.[88] تمتلك المجموعات السكانية الناطقة باللغات السامية عادةً فائضًا من الكروموسومات جي-1-واي مقارنةً بالمجموعات السكانية الأخرى التي تؤوي المجموعة الفردانية واي-هابلوغروب-جي.[88][89][90][91] تنشأت المجموعة الفردانية هابلوغروب جي 1، والتي تُعتبر سلف الفئة الفرعية M267 في جنوب بلاد الشام وانتنشرت لأول مرة في العصر الحجري الحديث حين انتقلت من هناك إلى إثيوبيا وأوروبا، وتُعد هذه المجموعة هي الأكثر شيوعا في فلسطين، وكذلك في سوريا والعراق والجزائر وشبه الجزيرة العربية، وينخفض تواجدها بشكل حاد عند حدود المناطق غير السامية مثل تركيا وإيران. حدث الانتشار الثاني لهذة المجموعة خلال القرن السابع الميلادي عندما جلبها العرب من شبه الجزيرة العربية إلى شمال إفريقيا.[88]
وجدت دراسة أجراها هابر وآخرون في عام 2013 أن الحمض النووي للسكان الذين ينتمون للأغلبية المسلمة من السوريين والفلسطينيين والأردنيين يشترك في بعض المجموعات الفرعية مع سكان مسلمين آخرين بعيدين مثل سكان المغرب واليمن. وأوضح مؤلفو هذه الدراسة أن الانتماء الديني كان له تأثير قوي على جينومات سكان بلاد الشام، ويبدو أن تحول سكان المنطقة إلى الإسلام على وجه الخصوص قد أعاد بشكل كبير ترتيب العلاقات السكانية من خلال الاختلاط مع السكان المتشابهين ثقافيا ولكن البعيدين جغرافيا مما أدى إلى إحداث تغيّرات وراثية أوجدت بعض أوجه التشابه الملحوظة في السمات الوراثية بين سكان المناطق البعيدة عن بعضها البعض. كما وجدت الدراسة أن المسيحيين والدروز أصبحوا معزولين وراثيا بعد وصول الإسلام. وعندما أعاد مؤلفو الدراسة بناء البنية الجينية لشعوب بلاد الشام قبل الإسلام وجدوا أنها كانت مشابهة وراثيا للأوروبيين أكثر منها للشرق أوسطيين.[92]
وفي دراسة وراثية لمجموعات هابلوغروب الصبغي Y البشري أجريت على مجموعتين سكانيتين من إسرائيل والمنطقة الواقعة تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية، أظهر الفلسطينيون المسيحيون والمسلمون اختلافات وراثية فيما بينهم، فكان غالبية المسيحيين الفلسطينيين يحملون للفئة الفرعية E1b1b بنسبة بلغت31.82%، تليها الفئة الفرعية G2a بنسبة بلغت 11.36، ثُم الفئة الفرعية J1 بنسبة بلغت 9.09%، بينما كان غالبية المسلمين الفلسطينيين يحملون المجموعة الفردانية J1 بنسبة بلغت 37.82% تليها المجموعة الفردانية E1b1b بنسبة بلغت 19.33%، ثُم المجموعة الفردانية T بنسبة بلغت 5.88%. كانت عينة الدراسة تتألف من 44 مسيحياً فلسطينياً و119 مسلماً فلسطينياً.[93]
أظهرت الدراسات الجينية التي أجريت خلال السنوات الأخيرة أن الانقسامات العرقية بين اليهود والفلسطينيين، على الأقل من الناحية الأبوية، مرتبطة ببعضها البعض.[94] كما أظهرت الدراسات الجينية التي أجريت على اليهود أن اليهود والفلسطينيين أقرب وراثيًّا إلى بعضهم البعض من قرابة اليهود إلى البلدان المضيفة لهم،[95][96] فعلى مستوى المجموعة الفردانية، والذي تحددت من خلال تعدد الأشكال الثنائية فقط، كان توزيع الصبغي Y لدى العرب واليهود متشابهًا ولكنه غير متطابق.[97]
ووفقا لدراسة أجراها بيهار وآخرون في عام 2010 تحت عنوان "بنية الجينوم الواسعة للشعب اليهودي"، وجد أن الفلسطينيين متقاربين وراثيًا مع البدو والأردنيين والسعوديين، وهو ما يتوافق مع وجود أصل مشترك لهذه الشعوب في شبه الجزيرة العربية.[98] وفي نفس العام، توصّلت دراسة أخرى أجراها أتزمون وهاري أوسترر إلى أن الفلسطينيين كانوا، إلى جانب البدو والدروز ومجموعات جنوب أوروبا، أقرب جيران وراثيين لمعظم السكان اليهود.[99]
كذلك وجدت إحدى دراسات الحمض النووي تداخلًا جينيًا كبيرًا بين العرب سواء من الإسرائيليين أو الفلسطينيين وبين اليهود.[100] واقترح مؤلفو الدراسة أن بعض أو ربما أغلبية الفلسطينيين المسلمين ينحدرون من نسل سكان محليين، معظمهم من المسيحيين واليهود، الذين تحولوا إلى الإسلام بعد الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي.[94]
تشير دراسة أجريت عام 2020 على بقايا السكان الكنعانيين الذين عاشوا في جنوب بلاد الشام خلال العصر البرونزي إلى وجود درجة كبيرة من الاستمرارية الجينية بينهم وبين سكان المشرق الناطقين بالعربية مثل الفلسطينيين والدروز واللبنانيين والأردنيين والبدو والسوريين، وكذلك في العديد من اليهود في مجموعات مثل اليهود الأشكناز واليهود الإيرانيين واليهود المغاربة، مما يشير إلى أن المجموعات المذكورة أعلاه تستمد أكثر من نصف أصلها الكامل من الحمض النووي من السكان الكنعانيين الذين عاشوا في بلاد الشام خلال العصر البرونزي، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة وعن طريق الاختلاط مع مضيفين مختلفين أو مجموعات غازية متنوعة اعتمادًا على كل مجموعة.[101] كما أظهرت النتائج أيضًا أنه تمت إضافة أحد مكونات الحامض النووي الأوروبي إلى جينات سكان المنطقة بمعدل كبير منذ العصر البرونزي (في المتوسط ~8.7%)، باستثناء السكان الأشكناز الذين تحوي أحماضهم النووية مكونًا مرتبطًا بأوروبا ~41%. كان هذا المكون الأوروبي هو الأعلى بين اليهود المغاربة والأشكناز، وكلاهما لهما تاريخ في أوروبا.[102] وقد خلصت هذه الدراسة في النهاية إلى أن هذا لا يعني بالضرورة أن أيًا من هذه المجموعات الحالية تحمل أصولًا مباشرة من أشخاص عاشوا في العصر البرونزي الأوسط إلى المتأخر في بلاد الشام أو في زاغروس في العصر النحاسي؛ بل إنه يشير إلى أن لديهم أسلافًا من السكان الذين يمكن أن يكون سلفهم القديم مرتبطًا بالشرق الأوسط. تُظهر هذه المجموعات الحالية أيضًا أسلافًا لا يمكن نمذجتها من خلال بيانات الحمض النووي القديمة المتاحة، مما يسلط الضوء على أهمية التأثيرات الجينية الرئيسية الإضافية على سكان المنطقة منذ العصر البرونزي.[102]
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.