ذو نواس
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
يوسف أسار يثأر الحميري (تـ 530م): آخر ملوك الدولة الحميرية الشرعيين، وصل إلى الحكم في سنة 522م. ولم يُعثر حتى الآن على أي دليل أثري للملك يوسف الحميري في اليمن، يدعم أصوله أو إنجازاته، سوى ثلاثة نقوش في آبار حمى وجبل الكوكب بمنطقة نجران جميعها مؤرخة في شهر ذو القيظ وذو مذراء سنة 633 حـ بالتقويم الحميري الموافق يونيو ويوليو 523م (النقوش: Ry 507 وRy 508 وJa 1028)،[1][2]وقد أشير فيها إلى حروب وقعت بين الأحباش وبين الملك يوسف الحميري، ولم يلقب "يوسف" باللقب الطويل المألوف بل نعتاه بـ "الملك يوسف أسار يثأر" فقط.[3]ويستنتج من عدم تلقيب "يوسف" باللقب الملكي الطويل المألوف، أن ملكه لم يكن متسعًا وأن سلطانه لم يكن عاما شاملا كل اليمن، بل كان قاصرًا على مواضع منها، فقد كان الأحباش يحتلون جزءًا منها بما في ذلك عاصمة حمير مدينة ظفار يريم وكان الأقيال ينازعونه السلطة وقد كونوا لهم إقطاعيات مستقلة، نازعت الملك على الحكم والسلطان. وكانت الفتن مستعرة وهذا مكن الحبش من انتهاز الفرص؛ فأخذوا يتوسعون بالتدرج حتى قضوا على استقلال البلاد واستولوا عليها، وتلقب حكام الحبش باللقب الملكي اليماني الطويل المألوف دلالةً على سيطرتهم على اليمن (النقشان: DAI GDN 2002-20 وCIH 541)،[4][5]
يوسف الحميري | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
أسار يثأر | |||||||
فترة الحكم | (522م - 530م) | ||||||
|
|||||||
معلومات شخصية | |||||||
تاريخ الوفاة | فبراير 530م | ||||||
مواطنة | مملكة حمير | ||||||
الحياة العملية | |||||||
المهنة | حاكم [لغات أخرى] | ||||||
تعديل مصدري - تعديل |
وقد ذكر "شمعون الأرشامي" أنه كان قد رافق "إبراهيم" والد "نونوسوس" الشهير في رسالة خاصة أمر بها القيصر جستين الأول إلى ملك الحيرة المنذر الثالث. وكان ذلك في العشرين من كانون الثاني من سنة 835 من التاريخ السلوقي الموافق فبراير 523 للميلاد. فلما بلغا قصر الملك، سمعا بأخبار استشهاد نصارى نجران. وعلم به "شمعون" من كتاب وجهه ملك حمير إلى ملك الحيرة، يطلب منه أن يفعل بنصارى مملكته ما فعله هو بنصارى نجران. وقد قرئ الكتاب أمامه، فوقف على ما جاء فيه، وعلم به أيضًا من رسول أرسله في الحال إلى نجران ليأتيه بالخبر اليقين عن هذه الأعمال المحزنة التي حلت بالمؤمنين. وقد وجه شمعون في نهاية الرسالة نداء إلى الأساقفة خاصة أساقفة الروم ليعلمهم بهذه الفاجعة التي نزلت بإخوانهم في الدين، وإلى بطريق الإسكندرية ليتوسط لدى نجاشي الحبشة في مساعدة نصارى اليمن.[6][7]وفي عام 523م، بناء على طلب الإمبراطور جستين الأول، قامت الحبشة بحملة على الدولة الحميرية، فاحتلت ساحل تهامة، وظفار، ولاحقاً حررت مدينة نجران أيضًا. وفي المرويات اليونانية لما قام الملك ذو نواس (dunaas) ملك حمير، بتعذيب نصارى نجران، ولما بلغ ملك الحبشة إل إصبحة (Elesbas) الخبر، وجه إليه حملة عسكرية. فلما دخلت جيوشه أرض حمير، فر ذا نواس إلى الجبال فتحصن فيها، حتى إذا سنحت له الفرصة خرج فقتل من بقي من جيش النجاشي في اليمن، واحتل ذا نواس مدينة نجران، فقام عندئذ النجاشي بحملة ثانية فانتصر بها على على ذا نواس، وعين أبرهة في مكانه.[8][9]
وقد ذكرت التواريخ هذا الملك على أنه كان حاكماً دموياً وقاسياً. حتى أنه يقال أن التعذيب الذي مارسه ضد شعبه قد فاق الحد لدرجة أدهشت المؤرخين، ووفق النقوش التي تم العثور عليها، ففي النص (Ry 508) المؤرخ في يونيو 523م، قام بحملة على ظفار حيث الأحباش، ودمر كنيستها، ثم توجه إلى الأشاعر، ومنها غزا المخأ ودمر المدينة وكنيستها، ورابط بها في «حصن المندب»، ثم توجه نحو نجران، وخلال حملته هذه أَفْنَى 13 ألف واحتجز 9500،[3]وفي النص (Ry 507) المؤرخ في يوليو 523م، دون ما حققه من إنجازات، وذكر أنه أَهلك 14 ألف وأعتقل 11 ألف،[1]وفي النص (Ja 1028) المؤرخ أيضاً في يوليو 523م، قتل 12500 وأسر 11 ألف من مناطق: ظفار والركب والأشعر وفرسان والمخأ ونجران؛ أي أنه قتل في شهرين ما يقارب من أربعين ألفا من أعدائه الأحباش المحتلين وكذلك من شعبه، هذا فقط في النقوش التي تم العثور عليها.[2]
وفقاً للمصادر السريانية فإن يوسف ذا نواس، كانت أمه يهودية من أهل نصيبين وقعت في الأسر، فتزوجها ملك حمير، فأولد منها يوسف. ومعنى هذا أنه ابن ملك حميري سابق.[10]وفي مزاعم ابن الكلبي أن يوسف ذا نواس هو حفيد أبي كرب أسعد، قال:«فولد حسان ذو معاهر بن تبع أسعد أبي كرب: تبع زرعة ذا نواس بن حسان ذي معاهر، فلما تهود سمي يوسف، وهو الذي خد الأخدود بنجران وقتل النصارى».[11]بينما ذكر ابن عباس أن اسمه يوسف بن شرحبيل، وقد يكون ابن الملك شرحبيل يكف.[12]وزعم عبيد بن شرية أن ذا نواس يوسف بن تبع الأصغر بن حسان ذي معاهر بن تبع أسعد هو الذي قتل لخيعة ينوف وهو ذو شناتر الذي كان ينكح ولدان حمير لكي لا يملكوا لأنهم لم يكونوا يملكون من نُكح.[13]ولا يمكن الركون إلى هذه القصة حيث يختفي الملك لحيعة ينوف قبل صعود يوسف أسار للحكم بثلاثين عاما تقريباً، إلا أن هناك رجلاً في زمن مرثد ألن كان يدعى أيضاً لحيعة ينوف وهو أمير قبيلة ذي أصبح في سنة 504م (النقش: Fa 74)، ولكن لم يعثر على نقش يثبت صعود لحيعة ينوف الأصبحي إلى العرش.[14]
وفقاً للمصادر العربية، فكان الملك يوسف يدين باليهودية، فبلغه أن أهل نجران مقبلون على النصرانية، فسار إليهم وحفر أخاديد (حفرا مستطيلة) في موضع الهجر القديمة،[15]وملأها جمرا وجمع المتنصرين منهم، فعرضهم على النار، فمن رجع إلى اليهودية نجا، ومن أبى هوى. ويشير وهب بن منبه أن قتلاء نجران اثنا عشر ألفاً، بينما قدرهم ابن إسحاق بعشرين ألفا. وعلى إثر وقعة نجران، اتفق الرومان والحبشة على قتاله، فزحف جيش النجاشي (ملك الحبشة) وكان على النصرانية، بجيش كبير، فقاتله ذو نواس على ساحل البحر الأحمر عند عدن، فكان الظفر للأحباش، وخاف ذو نواس الأسر فأطلق جواده نحو البحر، فألقى نفسه راكبا فمات غريقا. أما الروايات الحبشية والإغريقية، فإنها ترى أن ذو نواس سقط حيًّا في أيدي الأحباش فقتلوه. وذكر بروكوبيوس القيسراني أن الحبشة عينت رجلًا نصرانيًّا من حمير اسمه سميفع أشوع ملكًا على حمير، وذلك بعد قتل الملك الحميري الذي عذب النصارى في بلاده، ويقصد به ذو نواس.[16]
أما المصادر الآثارية، فيشر نقش حصن غراب (CIH 621) المؤرخ في شهر ذو الحلة سنة 640 حـ في التقويم الحميري الموافق فبراير 530م أن الأحباش فتحوا أرض حمير، وقتلوا ملكها وأقياله الحميريين والأرحبيين، يشير إلى الملك "ذي نواس"، وإن لم يرد بالنص على اسمه. ويرى العالم هوغو وينكلر مستندًا إلى نص "حصن غراب" أن "ذا نواس" كان هو البادئ بالحرب، وأن السميفع أشوع وأولاده أصحاب النص كانوا في معية الملك ذي نواس في حملته على الحبشة، غير أنه لم يكتب له التوفيق، وأصيب بهزيمة إذ سقط فهزم جمعه. وعندئذ غزا الحبش أرض اليمن واستولوا عليها. فأسرع السميفع أشوع وأولاده في الذهاب إلى حصن "ماوية" للتحصن فيه ولتقوية وسائل دفاعه، ولم تكن قلوب هؤلاء مع ذي نواس، وإنما أكرهوا على الذهاب معه. وبقوا في حصنهم هذا إلى أن دخل الحبش أرض اليمن، فتفاهم السميفع معهم، وفاوضهم.[17]