نظرية الردع
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
نظرية الردع هي إحدى نظريات إدارة الصراع التي تستند أساساً على الأدوات العسكرية، لذلك كثيراً ما يقرن البعض مصطلح الاستراتيجية بمصطلح الردع، لذا بات مصطلح «إستراتيجية الردع» من المصطلحات شائعة الاستخدام سواء في مجال التخطيط العسكري أو العلاقات الدولية.[1][2]
وتستند نظرية الردع على افتراض مفاده أن القوة هي أفضل علاج للقوة، فقوة الدولة هي العامل الأساسي لكبح جماح الآخرين، فعندما يتحقق لدولة ما تفوق في القوة فإنها تستطيع فرض إرادتها على الدول الأخرى، ولا يكبح جماحها إلا قوة أخرى مضادة لها أو متفوقة عليها، وهو ما تبنى عليه سياسة الردع أو ردع القوة. وبرغم أن سياسة الردع التي تتبعها الدول قد تشكل عاملاً من عوامل الصراع بقدر كونها وسيلة لتجنب الصراع، إلا أنه في حالة وجود صراع وحدثت مواجهة بين أطرافه - فمن المؤكد أن هذا التهديد سوف يتضاعف إذا ما واجهت القوة ضعفاً، فتقصير الدولة في تعزيز قوتها هو حكم عليها بالهلاك لأنها تشجع غيرها بالعدوان عليها.[3][4]
تقوم نظرية الردع على فكرة أن القوة الأضعف -بحكم القوة التدميرية لأسلحة القوة- يمكنها ردع خصم أقوى شريطة أن تكون هذه القوة محمية ضد التدمير بهجوم مفاجئ. اكتسبت هذه النظرية أهمية متزايدة باعتبارها صفة إستراتيجية عسكرية، وارتبطت باستخدام الأسلحة النووية خلال الحرب الباردة برغم اختلافها عن مفهوم التدمير المؤكد المتبادل الذي يصور الطبيعة الوقائية للهجوم النووي الشامل الذي من شأنه أن يدمر كلا الطرفين في الحرب النووية. يُعد الردع إستراتيجية تهدف إلى ثني الخصم عن اتخاذ إجراء لم يقُم به بعد عن طريق التهديد بالانتقام، أو لمنعه من فعل شيء ترغب فيه دولة أخرى. تعتمد الاستراتيجية على المفهوم النفسي الذي يحمل نفس الاسم. كتب برنارد برودي في عام 1959 عن وجود رادع نووي موثوق يكون متأهبًا دائمًا، لكنه لم يُستخدم قط.[5]
قُدمت فكرة في كتاب توماس شيلينج الكلاسيكي (1966) حول الردع، ونصت على أن الإستراتيجية العسكرية لم تعُد تُعرّف مثل علم النصر العسكري. بدلًا من ذلك، يُقال إن الاستراتيجية العسكرية أصبحت الآن تعمل على قدم المساواة -إن لم يكن أكثر- ضمن فن الإكراه والترهيب والردع. يقول شيلينج إن القدرة على إلحاق الضرر بدولة أخرى تستخدم الآن عاملًا مهددًا للدول الأخرى من أجل تفاديها والتأثير على تصرفات دولة أخرى. كي تردع دولة أخرى، يجب توقع العنف وتجنبه عن طريق التوفيق. لذا يمكن تلخيص أن استخدام القوة من أجل الإيذاء بصفته قوة مساومة هو أساس نظرية الردع، وهو الأكثر نجاحًا عندما يُحتفظ بها احتياطيًا.[6]
صرح فرانك س. زاجاري في عام 2004 بأن نظرية الردع غير متسقة منطقيًا، وغير دقيقة تجريبيًا، وأنها ناقصة نظريًا. بدلًا من الردع الكلاسيكي، طالب علماء الاختيار العقلاني بالردع الكامل، الذي يفترض أن الدول قد تختلف في خصائصها الداخلية وخاصة في مصداقية تهديداتها بالانتقام. في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في يناير 2007، عكس صناع سياسة الحرب الباردة المخضرمون مثل هنري كيسنجر وبيل بيري وجورج شولتز وسام نون موقفهم السابق من النظرية وأكدوا أنها بعيدة عن جعل العالم مكانًا أكثر أمانًا، أصبحت الأسلحة النووية مصدرًا شديدًا للخطر. لم يكن منطقهم واستنتاجهم مبنيان على العالم القديم مع عدد قليل من اللاعبين النوويين، ولكن على عدم الاستقرار في العديد من الدول التي تمتلك التقنيات وعدم وجود ما يكفي من أجل صيانة الأسلحة الموجودة وتحديثها في العديد من الدول:[7]
قالوا إن خطر الحوادث أو سوء التقدير أو الإطلاقات غير المصرح بها يزداد حدة في عالم التنافس بين الدول النووية الجديدة نسبيًا والتي تفتقر إلى الضمانات الأمنية التي طورتها أمريكا والاتحاد السوفيتي على مدار سنوات عدة. زاد ظهورُ دول منبوذة -مثل كوريا الشمالية (ربما ستنضم إليها إيران قريبًا)- مسلحةً بالأسلحة النووية من المخاوف مثلما كان طموح الإرهابيين المعلن لسرقة جهاز نووي أو شرائه أو بنائه. ذا إيكونوميست، 16 يونيو 2011.
وفقًا لـ«ذا إيكونومست»، دعا «كبار رجال الدول الأوروبية» في عام 2010 إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات من أجل معالجة مشاكل انتشار الأسلحة النووية. قالوا: «الردع النووي هو استجابة إستراتيجية أقل إقناعًا لعالم من السباقات الإقليمية المحتملة للأسلحة النووية والإرهاب النووي أكثر مما كان عليه الحال في الحرب الباردة».[8]