Loading AI tools
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
تشيرالعدالة الانتقالية إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتتضمّن هذه التدابير الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة، وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوّعة من إصلاح المؤسسات. وليست العدالة الانتقالية نوعًا «خاصًّا» من العدالة، إنّما مقاربة لتحقيق العدالة في فترات الانتقال من النزاع و/أو قمع الدولة. ومن خلال محاولة تحقيق المحاسبة والتعويض عن الضحايا، تقدّم العدالة الانتقالية اعترافاً بحقوق الضحايا وتشجّع الثقة المدنية، وتقوّي سيادة القانون والديمقراطية.[1]
على أثر انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، يحقّ للضحايا أن يروا معاقبة المرتكبين ومعرفة الحقيقة والحصول على تعويضات.
ولأنّ الانتهاكات المنتظمة لحقوق الإنسان لا تؤثّر على الضحايا المباشرين وحسب، بل على المجتمع ككلّ، فمن واجب الدول أن تضمن، بالإضافة إلى الإيفاء بهذه الموجبات، عدم تكرار تلك الانتهاكات، وبذلك واجب خاص يقضي بإصلاح المؤسّسات التي إما كان لها يد في هذه الانتهاكات أو كانت عاجزة عن تفاديها.
وعلى الأرجح أنّ تاريخاً حافلاً بالانتهاكات الجسيمة التي لم تُعالج سيؤدي إلى انقسامات اجتماعية وسيولّد غياب الثقة بين المجموعات وفي مؤسّسات الدولة، فضلاً عن عرقلة الأمن والأهداف الإنمائية أو إبطاء تحقيقهما. كما أنّه سيطرح تساؤلات بشأن الالتزام بسيادة القانون وقد يؤول في نهاية المطاف إلى حلقة مفرغة من العنف في أشكال شتّى.
وكما يبدو جليًّا في معظم الدول حيث تُرتكَب انتهاكات لحقوق الإنسان، تأبى مطالب العدالة أن «تتلاشى».
تهدف العدالة الانتقالية بشكل أساسي، إلى تحقيق المصالحة الوطنيّة، فبعد الإرث الكبير من انتهاكات حقوق الإنسان، تنحو المجتمعات إلى فقدان الثقة بحكم القانون، وبآليات العدالة التقليديّة، ويظهر ذلك جليّاً في الدول التي تعاني من الحروب والنزاعات الأهلية، حيث يتشكّل لديها الدافع القوي للرغبة بالانتقام، وهو ما يدخل المجتمع في دوّامة لا نهائيّة من العنف والعنف المتبادل. كما تهدف العدالة الانتقالية إلى إصلاح مؤسسات الدولة، وعلى رأسها مؤسسة الجيش والأمن، وكافة المؤسسات المتورطة في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، أو التي لم تمنع ارتكابها. وبهذا تكون قد منعت، وإلى حد كبير، تكرار هذه الانتهاكات في المستقبل.
تشير التطبيقات الفعلية للمفهوم إلى أن أي برنامج لتحقيق العدالة الانتقالية عادة ما يهدف لتحقيق مجموعة من الأهداف تشمل: وقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، التحقيق في الجرائم الماضية؛ تحديد المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومعاقبتهم، تعويض الضحايا؛ منع وقوع انتهاكات مستقبلية، الحفاظ على السلام الدائم، الترويج للمصالحة الفردية والوطنية.
ويمكن أن تتم هذه الآليات على المستوى الوطني بشكل كامل، أو على المستوى الدولي أو على نحو مختلط أو هجين مثل الترتيبات الخاصة في سيراليون وتيمور الشرقية وكوسوفا، إذ يعد إنشاء الاستراتيجيات المختلطة أو الهجينة للعدالة الانتقالية استجابة منطقية للمشكلات التي تواجه الاستراتيجيات ذات الطابع الدولي مثل البعد الجغرافي والانفصال القيمي عن المجتمعات المعنية، ومن ثم فالاستراتيجيات الهجينة من المتوقع أن تكون أكثر قدرة على تحقيق المصالحة الوطنية والسلام الاجتماعي، لاسيما في حال اعتمادها على مجموعة من القيم الاجتماعية والثقافية قادرة على استيعاب الاختلافات في روايات الأطراف المختلفة للأعمال العدائية التي تكون هذه المجتمعات قد شهدتها.
من ناحية أخرى، لا تعمل آليات ومناهج العدالة الانتقالية بصورة منفصلة عن بعضها البعض إنما تعمل وفق رؤية تكاملية فيما بينها وقد تكون مكملة لبعضها البعض؛ فمثلا قد يعتبر البعض إن قول الحقيقة دون تعويضات خطوة بلا معنى، كما إن منح تعويضات مادية دون عمليات مكملة لقول الحقيقة والمكاشفة سيكون بنظر الضحايا محاولة لشراء صمتهم. كما إن تكامل عملية التعويض مع المحاكمات يمكن أن توفر جبرا للأضرار أكثر شمولا مما توفره كل على انفراد. وقد تحتاج التعويضات من جانب آخر إلي دعمها بواسطة الإصلاحات المؤسسية لإعلان الالتزام الرسمي بمراجعة الهياكل التي ساندت أو ارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان.مع الأخذ في الحسبان إن النصب التذكارية غالباً ما تهدف إلي التعويض الرمزي والجبر المعنوي للأضرار.
ليست مختلف العناصر المكوَّنة لسياسة العدالة الانتقالية عبارةً عن أجزاء في لائحة عشوائية، إنّما هي تتصل الواحدة بالأخرى عمليًّا ونظريًّا. وأبرز هذه العناصر الأساسية هي:
وهذه ليست بلائحة مغلقة. فقد أضافت دول مختلفة تدابير أخرى. فتخليد الذكرى، مثلاً، والجهود العديدة للحفاظ على ذكرى الضحايا من خلال إنشاء متاحف، وإقامة نصب تذكارية وغيرها من المبادرات الرمزية مثل إعادة تسمية الأماكن العامة، وغيرها، قد باتت جزءاً مهماً من العدالة الانتقالية في معظم أنحاء العالم. ومع أنّ تدابير العدالة الانتقالية ترتكز على موجبات قانونية وأخلاقية متينة، إلّا أنّ هامش الاستيفاء بهذه الموجبات كبير، وبذلك ما من معادلة تناسب السياقات كافة.
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.