سمنية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
السمنية السَمَنيّة أو الشُّمَنية لفظ مشتق من اللغة البالية سَمَنَه، والتي بدورها مشتقة من السنسكريتية श्रमण وتلفظ شرَمَنَه، والتي تعني الباحث أو المتصوف. الكلمة مشتقة من (ش ر م) بمعنى اجتهد في التنسك. هي حركات تصوفية ظهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد في الهند وقامت على مبادئها البوذية والجاينية وبعض الفرق التصوفية الهندوسية، مبنية على عقائد مشتركة كالتناسخ والكارما ولكنها سلكت منهجاً حراً في التعبد والتنسك لا يلتزم بطقوس ولا نصوص.[1]
ذكر أبو الريحان البيروني السمنية بلفظ الشُّمَنية في كتابه: «تحقيق ما للهند من مقولة»، قائلاً بأنهم «أصحاب البُدّ» أي البوذيون وبأن خراسان وفارس والعراق والموصل إلى حدود الشام كانت قديماً على دين هؤلاء حتى ظهور زرادشت الذي دعا إلى المجوسية، فلما انتشرت المجوسية على أيدي الملوك بعده في فارس والعراق انجلت السمنية إلى مشارق بلخ وبقي المجوس بأرض الهند [2] إلى أن غزى المسلمون آسيا الوسطى في القرن الأول الهجري/ الثامن الميلادي على يد قتيبة بن مسلم الباهلي، وهي الحقبة التي عاش فيها الجهم بن صفوان ولقي فيها السمنية وناظرهم. إذ ذكر أحمد بن حنبل في كتابه: «الرد على الزنادقة والجهمية»: عن الجهم بن صفوان «أن الجهم لقي أُناساً من المشركين يقال لهم» السمنية«، فعرفوا الجهم، فقالوا له: نكلمك فإن ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك. فكان مما كلموا به الجهم أن قالوا له: ألست تزعم أن لك إلهاً؟ قال الجهم: نعم. فقالوا له: فهل رأيت إلهك؟ قال: لا. قالوا: فهل سمعت كلامه؟ قال: لا. قالوا: فشممت له رائحة؟ قال: لا. قالوا: فوجدت له حساً؟ قال: لا. قالوا: فوجدت له مجساً؟ قال: لا. قالوا: فما يدريك أنه إله؟ قال: فتحير الجهم فلم يدرِ من يعبد أربعين يوماً، ثم انتهى إلى أن الله لا يُرى له وجه، ولا يُسمع له صوت، ولا تُشم له رائحة، وهو غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان» [3]
يقول ابن النديم في (الفهرست): «قرأت بخط رجل من أهل خراسان قد ألف أخبار خراسان في القديم وما آلت إليه في الحديث، وكان هذا الجزء يشبه الدستور، قال: نبي السمنية بوداسف. وعلى هذا المذهب كان أكثر أهل ما وراء النهر قبل الإسلام وفي القديم».[4] وبوداسف ليس عَلَماً على رجل بعينه، وإنما هو تعريب لـ بوديساتوا (Bodhisattva)، أي الكائن المستنير عند البوذيين، ويلقبون به من حصَّل درجة عليا من الرقي الروحي لكنه آثر ألا يبلغ منزلة النروانه أو الفناء ليظل ملازماً للناس حتى يحررهم من المعاناة.
كذلك يشير اليهم كتاب المسالك والممالك على أن السمنية فرقتان: فرقة تزعم أن البُدَّ كان نبياً مرسلاً، وفرقة تزعم أن البُدّ هو البارئ.[5]
وكلمة الـ (بُدّ) إنما هي تعريب للقب الـ«بوذا» الذي تنسب إليه البوذية.