زراعة الكفاف
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الزراعة المعاشية[1] أو زراعة الكفاف هي زراعة تعتمد على الاكتفاء الذاتي، ويركز فيها المزارعون على زراعة الأطعمة التي تكفيهم لإطعام أنفسهم وعائلاتهم. وتشتمل مزرعة الكفاف العادية على مجموعة من المحاصيل والحيوانات التي تحتاجها الأسرة لإطعام وكساء نفسها خلال العام. ويتم اتخاذ قرارات الزراعة مع الأخذ في الاعتبار ما ستحتاجه الأسرة خلال العام القادم في المقام الأول، ثم أسعار السوق في المقام الثاني. وكتب توني ووترز (Tony Waters)[2] قائلاً: «فلاحو الكفاف هم أشخاص يزرعون ما يأكلونه ويبنون منازلهم ويعيشون دون الشراء بشكل منتظم من الأسواق.» إلا أنه على الرغم من الأولوية التي يشكلها الاكتفاء الذاتي في زراعة الكفاف، يشارك معظم مزارعي الكفاف الآن في التجارة إلى حدٍ ما، ولكن في العادة يكون ذلك لبضائع غير ضرورية للبقاء، وقد تشمل السكر وألواح الأسقف الحديدية والدراجات والملابس المستعملة وما إلى ذلك. ويعيش معظم مزارعي الكفاف الآن في الدول النامية. وعلى الرغم من أن حجم تجارتهم إذا قيست بالقيمة النقدية أقل من حجم تجارة المستهلكين في الدول التي بها أسواق حديثة معقدة، إلا أن الكثير منهم لديه اتصالات تجارية مهمة وسلع تجارية يمكنهم إنتاجها بفضل مهاراتهم الخاصة أو وصولهم بشكل خاص إلى موارد ذات قيمة في السوق.[3]
ظهرت زراعة الكفاف المعتمدة على زراعة الحبوب (القمح والشعير في المقام الأول) أثناء الثورة النيوليثية عندما بدأ البشر في الاستقرار في وديان نهر النيل ونهر الفرات ونهر السند. كما ظهرت زراعة الكفاف أيضًا بشكل مستقل في المكسيك حيث اعتمدت على زراعة الذرة، وجبال الأنديز حيث اعتمدت على رعاية البطاطس منزليًا. ولقد كانت زراعة الكفاف هي نمط الإنتاج المسيطر على العالم حتى وقت قريب عندما أصبحت الرأسمالية المعتمدة على السوق واسعة الانتشار. أما بستنة الكفاف فربما تكون قد تطورت بشكل مستقل في جنوب شرق آسيا وبابوا غينيا الجديدة.
وتستمر زراعة الكفاف الآن في أجزاء كبيرة من المناطق الريفية الإفريقية،[4] وأجزاء من آسيا وأمريكا اللاتينية. واختفت زراعة الكفاف على نحو كبير في أوروبا مع بداية الحرب العالمية الأولى وفي أمريكا الشمالية مع انتقال المزارعين الشركاء والمزارعين المستأجرين من جنوب ووسط غرب أمريكا خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين.[2] وحتى وقت قريب يصل إلى الخمسينيات من القرن العشرين، كان لا يزال من المعتاد في المزارع الأسرية في أمريكا الشمالية وأوروبا أن تتم زراعة معظم طعام الأسرة وصناعة معظم ملابسها، على الرغم من أن مبيعات بعض إنتاج المزرعة كان يجلب لهم الأموال الكافية لشراء بعض السلع الرئيسية والتي تشمل عادةً السكر والقهوة والشاي ونواتج تقطير البترول (البنزين والكيروسين وزيت الوقود) ومنتجات المنسوجات مثل أثواب القماش والإبر والخيوط والأدوية ومنتجات الخردوات مثل المسامير والبراغي والأسلاك وبعض السلع الاختيارية مثل الحلوى أو الكتب. وفي أغلب الأحيان كان يتم شراء العديد من السلع سالفة الذكر فضلاً عن الخدمات العرضية التي يقدمها الأطباء والبيطريون والحدادون وغيرهم بـنظام المقايضة بدلاً من النقود. وقد عاودت زراعة الكفاف وزراعة شبه الكفاف الظهور في وسط أوروبا وأوروبا الشرقية ضمن الاقتصاد الانتقالي منذ عام 1990 تقريبًا.[5]