دولة تنموية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الدولة التنموية هو مصطلح يستخدمه علماء الاقتصاد السياسي الدولي للإشارة إلى ظاهرة تخطيط الاقتصاد الكلي الذي تقوده الدولة في دول شرق آسيا أواخر القرن العشرين. في هذا النموذج للرأسمالية (يشار إليه أحيانًا باسم رأسمالية تنموية)، تتمتع الدولة بسلطة سياسية مستقلة أو أكثر استقلالية، فضلًا عن قدر أكبر من السيطرة على الاقتصاد. تتميز الدولة التنموية بتدخل قوي وواسع من الحكومة، إضافة إلى التنظيم والتخطيط الشاملين. استُخدم هذا المصطلح في وقت لاحق لوصف بلدان خارج شرق آسيا تتطابق أنظمتها مع معايير الدولة التنموية. بوتسوانا، على سبيل المثال، استحقّت التسمية منذ أوائل السبعينات.[1] تتعارض الدولة التنموية أحيانًا مع الدولة المفترسة أو الدولة الضعيفة.[2]
أول من وضع تصوّرًا جديًا للدولة التنموية هو تشالمرز جونسون.[3] عرّف جونسون الدولة التنموية بأنها دولة تركز على التنمية الاقتصادية وتتخذ التدابير السياسية اللازمة لتحقيق هذا الهدف. وأضاف أن التنمية الاقتصادية في اليابان لها علاقة كبيرة بتدخل البيروقراطيين بعيد النظر، وخاصة أولئك الذين يعملون في وزارة التجارة الدولية والصناعة. كتب تشالمرز جونسون في كتابه وزارة التجارة الدولية والصناعة والمعجزة اليابانية:
«في الدول التي تأخرت بالتحول نحو التصنيع، قادت الدولة نفسها حملة التصنيع، أي أنها اتخذت لنفسها وظائف تنموية. أنتج هذان الاتجاهان المختلفان نحو الأنشطة الاقتصادية الخاصة والتوجه التنظيمي والتوجه التنموي، نوعين مختلفين من العلاقات بين الحكومة وقطاع الأعمال. تعد الولايات المتحدة مثالًا جيدًا على دولة يسود فيها الاتجاه التنظيمي، بينما تعتبر اليابان مثالًا جيدًا على دولة يسود فيها الاتجاه التنموي.
تحكم الدولة التنظيمية الاقتصاد بشكل أساسي من خلال وكالات تنظيمية مخولة تطبيق مجموعة متنوعة من المعايير لحماية شعبها من «إخفاقات السوق»، بما في ذلك التسعير الاحتكاري والافتراس وغيرها، وتوفير المنتجات الجماعية (مثل الأمن أو التعليم العام). في المقابل، تتدخل الدولة التنموية بشكل مباشر في الاقتصاد من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل لتعزيز نمو الصناعات الجديدة والحد من الاضطرابات الناجمة عن التحولات في الاستثمار والأرباح من الصناعات القديمة إلى الصناعات الجديدة. بمعنى آخر، يمكن للدول التنموية اتباع سياسات صناعية، بينما لا تستطيع الدول التنظيمية ذلك.
تستثمر الحكومات في الدول التنموية وتوجه غالبية رأس المال في القطاع الصناعي الواعد الذي سيكون له أقصى تأثير غير مباشر على المجتمع. التعاون بين الدولة والصناعات الرئيسية أمر بالغ الأهمية للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي. بحسب كتاب أليس أمسدين الذي يحمل عنوان التسعير الخاطئ، فإن تدخل الدولة في نظام السوق مثل إعطاء الدعم لتحسين القدرة التنافسية للشركة والسيطرة على سعر الصرف وتحديد مستوى الأجور والتلاعب بالتضخم لخفض تكلفة الإنتاج للصناعات سببت نموًا اقتصاديًا في البلدان الصناعية المتأخرة ولكن ليس في البلدان التي شهدت تقدمًا في وقت مبكر.[4]
كما هو الحال في اليابان، ملكية الحكومة ضئيلة في القطاع الصناعي، لكن القطاع الخاص مُوجّه بشكل صارم ومقيّد بالنخب الحكومية البيروقراطية. هذه النخب الحكومية البيروقراطية غير منتخبة وهي بالتالي أقل عرضة للتأثير من الشركات أو الطبقة العاملة من خلال العملية السياسية.