تخليق نووي
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
التخليق النووي هو العملية التي تتكوّن من خلالها نواة ذرية جديدة من النكلونات الموجودة من قبل، في المقام الأول البروتونات والنيوترونات. تشكلت النوى الأولى بعد ثلاث دقائق من الانفجار العظيم من خلال عملية تسمى «الاصطناع النووي في الانفجار العظيم». وبعد مرور 17 دقيقة برد الكون لدرجة توقفت عندها تلك العمليات، لذلك لم تحدث سوى أبسط وأسرع ردود الفعل، تاركة الكون يحتوي على حوالي 75٪ هيدروجين و 24٪ هيليوم وآثار لعناصر أخرى مثل الليثيوم ونظير الهيدروجين (الديوتيريوم). ولا تزال المادة في الكون المرصود تتألّف من نفس التكوين تقريباً حتّى يومنا هذا.
تشكّلت فيما بعد نوى لعناصر أثقل، من خلال العديد من العمليات ذات المراحل المتعدّدة. فقد تشكلت النجوم، وبدأت في دمج العناصر الخفيفة مع العناصر الأثقل منها في قلبها ونتيجة لهذه العمليّة المعروفة باسم (الاصطناع النووي النجميّ) تمّ نشر الطاقة. تكوّن عمليات الانصهار العديد من العناصر الأخف وزنًا بما في ذلك الحديد والنيكل، ويتم إخراج هذه العناصر إلى الفضاء (الوسط البينجمي) أو ما يعرف باللغة الإنكليزيّة بـ (Interstellar medium)عندما تُسقِط النجوم الأصغر حجماً مغلّفاتها الخارجية وتصبح أصغر النجوم المعروفة باسم (الأقزام البيضاء). وتشكل بقايا كتلتها المقذوفة السدم الكوكبيّة والتي يمكن ملاحظتها في جميع أنحاء مجرّتنا.
الاصطناع النووي في السوبرنوفا ضمن النجوم المتفجّرة يحدث عن طريق دمج الكربون والأكسجين وهو المسؤول عن وفرة العناصر الموجودة بين المغنيسيوم (العدد الذري 12) والنيكل (العدد الذري 28) في الجدول الدوري.[1] ويعتقد أيضا أن الاصطناع النووي في المستعر الأعظم (السوبرنوفا) مسؤول أيضاً عن تشكيل عناصر أندر وأثقل من الحديد والنيكل، في الثواني القليلة الأخيرة من تشكل المستعر الأعظم (السوبرنوفا) من النوع الثاني. ويمتص عملية تشكيل هذه العناصر الثقيلة الطاقة من الطاقة الناتجة عن انفجار المستعر الأعظم (السوبرنوفا) (عملية ماصّة للحرارة). ويتكوّن بعضٌ هذه العناصر نتيجةً لامتصاص نيوترونات متعددة من خلال ما يعرف بـ (عملية R) في فترة بضع ثوان أثناء الانفجار. وتشمل العناصر المكوّنة في المستعرات العظمى أثقل العناصر المعروفة، مثل العناصر الطويلة العمر (اليورانيوم والثوريوم).
إن اندماجات النجم النيوتروني والاصطدامات مسؤولة أيضًا عن خلق العديد من العناصر الثقيلة، عبر (العملية r) حيث الحرف r هو اختصار لكلمة rapid أي «سريع». النجوم النيوترونية هي بقايا كثيفة للغاية من المستعرات الأعظمية (السوبرنوفا)، وكما يوحي اسمها، فإنها تتكون من حالة معقدة من المادة تتكون في الغالب من نيوترونات مجموعة ومتعرّضة لضغوط جبّارة. عندما يصطدم اثنان من النجوم الكثيفة هذه، يمكن إخراج كمية كبيرة من المادة الغنية بالنيوترون عند درجات حرارة عالية للغاية وتحت ظروف غريبة، وقد تتشكل عناصر ثقيلة عندما تبدأ المواد المقذوفة بالبرودة. في عام 2017، أدّى الاندماج (GW170817) إلى تشكّل كمّيّات مهولة من الذهب والبلاتين وغيرها من العناصر الثقيلة على مدى فترة طويلة.
تشظية الأشعّة الكونيّة، الذي يحدث عندما تؤثر الأشعة الكونية على الوسط البينجمي (Interstellar medium) وتتشظّى أنواع ذرية أكبر، هو مصدر هام للنويات الأخف، خاصة (3He) و (9Be) و (10,11B)، التي لا تنشأ بالاصطناع النووي النجمي.
بالإضافة إلى عمليّات الاندماج المسؤولة عن تزايد عدد العناصر الموجودة في الكون، تستمر بعض العمليات الطبيعية البسيطة في إنتاج أعداد صغيرة جدًا من النيوكليدات الجديدة على الأرض. هذه النيوكليدات لا تشارك إلا بنسبة ضئيلة جدّاً من كمياتها الكلية، ولكنها قد تكون مسؤولة عن وجود نويات جديدة محددة. يتم إنتاج هذه النيوكليدات عن طريق (تراجع) توليد الإشعاع من النيوكليدات المشعّة وطويلة العمر والثقيلة والبدائية مثل اليورانيوم والثوريوم. كما يسهم قصف الأشعّة الكونيّة للعناصر على الأرض في وجود أنواع ذرية نادرة قصيرة العمر تسمى النيوكليدات كونية المنشأ.