بحث نوعي
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
البحث النوعي (بالإنجليزية: Qualitative research) هو منهج علمي للملاحظة من أجل الحصول على بيانات غير رقمية. ويشير هذا النوع من البحث إلى المعاني والمفاهيم والتعريفات والخصائص والاستعارات والرموز ووصف الأشياء، وليس إلى إحصائها أو قياسها. ويجيب هذا البحث عن الكيفية والأسباب الممكنة لحدوث ظاهرة معينة، بدلًا من الإجابة عن عدد مرات حدوثها. توظف مداخل البحث النوعي عبر العديد من التخصصات الأكاديمية، إذ تركز تحديدًا على العناصر البشرية للعلوم الطبيعية والاجتماعية. تشمل مجالات التطبيق البعيدة عن السياقات الأكاديمية، على أبحاث السوق النوعية، والأعمال التجارية، والخدمات التوضيحية التي تقدمها المنظمات غير الربحية، والصحافة.[1][2][3][4]
وتشمل المداخل النوعية بوصفها مجالًا للدراسة، على مفاهيم ومناهج البحث الآتية من العديد من المجالات الأكاديمية المعترف بها. قد يختلف هدف مشروع البحث النوعي باختلاف الخلفية التخصصية، مثل سعي عالم النفس نحو الفهم العميق للسلوك البشري والأسباب التي تحكم مثل هذا السلوك على سبيل المثال. وتعتبر المناهج النوعية هي الأفضل في بحث العديد من مسائل التجربة البشرية في جوانبها التفسيرية والوصفية، في اتخاذ قرار على سبيل المثال (ليس فقط ما أو أين أو متى أو من)؛ ولديه أساس قوي في مجال علم الاجتماع بهدف فهم البرامج الاجتماعية والحكومية. يُستخدم البحث النوعي على نطاق واسع لدى الباحثون في مجالات العلوم السياسية والعمل الاجتماعي والتربية.[5][6]
تقدم المناهج النوعية في التصور التقليدي لدى علماء الإحصاء، تفسيرات فقط لحالات معينة مدروسة (على سبيل المثال، كجانب من إثنوغرافيا برنامج حكومي مطبق حديثًا). وتعتبر أي استنتاجات عامة مجاوزة لسياق الدراسة، بمثابة قضايا مؤقتة (تأكيدات معروفة)، نظرًا لعدم الحصول على القضايا العامة غالبًا، على أساس النظرية الإحصائية. وبالتالي تحتاج المناهج النوعية إلى توفير دليل وتبرير رياضي لمثل تلك الفرضيات من أجل مزيد من البحث. وقد يُحاجج الباحث النوعي في المقابل، بأن فهم الظاهرة أو الموقف أو الحدث، يأتي من استكشاف مجمل الموقف (على سبيل المثال، المداخل الفينومينولوجية، والتفاعلية الرمزية)، مع الوصول غالبًا على كميات كبيرة من البيانات الصارمة لنموذج غير رقمي. وقد تبدأ كمدخل للنظرية متأصل، مع عدم وجود فهم سابق للظاهرة لدى الباحث؛ أو قد تبدأ الدراسة من خلال قضايا أو مقترحات ثم التحرك بطريقة علمية وتجريبية خلال عملية البحث (على سبيل المثال، بوجدان وتايلور 1990). يمكننا التمييز بين هؤلاء الذين يتبعون منطق المناهج الكمية في قواعدهم ومعايرهم، ثم إجراء تعميمات بالمعنى الرقمي (أي من حالات عديدة إلى حالات أكثر عددًا)، وبين هؤلاء الذين يتبعون بوضوح مناهج نوعية، إذ أنها لا تعتمد في تفسيراتها وتعميماتها على تكرار حدوث ظاهرة اجتماعية معينة، ولكن على منطق التعميم من حالة فردية، سواء كانت تلك الحالة عبارة عن سيرة شخصية أو منظمة أو وسط معين أو وضع اجتماعي؛ فيشمل ذلك على عمل توصيفات مجهرية ومكبرة للظاهرة التي نهتم بها، وكذلك بهدف التعميم من حالة فردية. -جابرييل روزنتال (2018: 13): البحث الاجتماعي التفسيري؛ مقدمة.[7]
تعتبر دراسة الحالة هي المنهج الشائع في البحث النوعي (ستاك 1995، ين 1989)، والتي تفحص بعمق عينات هادفة من أجل فهم أفضل للظاهرة (دعم الأسر على سبيل المثال؛ راسينو 1999)؛ ويعبر منهج دراسة الحالة عن تفضيل الباحثين النوعيين للعمق والتفاصيل والسياق، وغالبًا ما يعملون مع عينات أصغر وأكثر تركيزًا، مقارنة مع العينات الأكبر التي تعتبر مصدر الاهتمام الأول بالنسبة للباحثين الإحصائيين، إذ يسعون وراء القوانين العامة. وتُعد المناهج النوعية عنصرًا مكملًا لزوايا التحليل الخمسة التي تتبناها منهجية ترشيح البيانات. ويمكن لتلك المناهج أن تُستخدم جنبًا إلى جنب مع المناهج الكمية، والمراجعات الدراسية أو العلمانية للمادة العلمية، والمقابلات مع الخبراء، والمحاكاة الحاسوبية، بوصفها جزءًا من التوجه متعدد المنهجية من أجل جمع وتحليل البيانات (تسمى المخطط الإجمالي أو التثليث). يمكن للمرء أن يفكر أكثر في المنهج النوعي من ناحية مفاهيم (الوسائل) و (التوجه)، من أجل المساعدة على استكشاف المشهد غير المتجانس للبحث النوعي. فيمكن للمرء على وجه الخصوص ان يُحاجج بأن الباحثون النوعيون غالبًا ما يرفضون نماذج الصدق الخاصة بالعلوم الطبيعية، ويفضلون الاستقراء وعمليات وإجراءات البحث المولد للفرضيات (من خلال نماذج اختبار الفرضية)، ويتوجهون نحو استقصاء المعاني عوضًا عن السلوك، ويفضلون الحصول على البيانات في شكل كلمات وصور، التي تُستمد بشكل طبيعي ونموذجي (الملاحظة العميقة في مقابل التجريب على سبيل المثال).[8][9][10][11][12][13]