معاهدة للا مغنية هي معاهدة وقعها المغرب مع فرنسا بتاريخ 9 ربيع الأول عام 1260 هجرية الموافق 18 مارس 1845م بمدينة مغنية الجزائرية التي أخذ اسمها منها؛ وذلك بعد انهزامه أمامها في معركة إيسلي في 14 أغسطس سنة 1844م.[1]

معلومات سريعة النوع, المصادقة ...
معاهدة للا مغنية
(بالفرنسية: Traité de Lalla Maghnia)‏
معلومات عامة
النوع
المصادقة
18 مارس 1845م (9 ربيع الأول 1261هـ)
الموقعون
أريستيد دي لا روي [الفرنسية]
احميدة بن علي الشجعي
الأطراف
اللغة
الفرنسية
ملاحظات وهوامش
نسخت هذه المعاهدة معاهدة طنجة (10 سبتمبر 1844)، ثم استبدلت لاحقا بمعاهدة إفران (15 يناير 1969)
إغلاق

وقع المعاهدة عن الجانب المغربي عامل وجدة احميدة بن علي الشجعي وعن الجانب الفرنسي الجنرال الكونت دو لا ري (Le général conte de la rue)، وتضمنت المعاهدة 7 بنود من أهمها ترسيم الحدود بين المملكة المغربية ومستعمرة الجزائر الفرنسية. تم الاتفاق على أن تمتد الحدود من قلعة عجرود ـ السعيدية حاليا ـ إلى ثنية الساسي(1)، في حين بقيت المناطق الجنوبية دون تحديد للحدود بدعوى أنها أراضي خالية لا تحتاج إلى رسم وتوضيح للحدود.[2]

وقد تعمدت فرنسا عدم تحديد الحدود الجنوبية ليسهل التوغل داخل الأراضي المغربية. كما فقد المغرب بموجب معاهدة مغنية(2) جزءا من أراضيه(3) التي ألحقت بالجزائر.

تعتبر معاهدة للا مغنية تقييد إلزامي للمملكة المغربية سنة 1845م بعدم دعم المجاهدين الجزائريين. يأتي هذا الإلزام بعد تعنت من السلطان المغربي ضد مطالب فرنسا المتكرر له بالكف عن دعم المجاهدين بالجزائر ضدها.

اضطر المغرب للتوقيع على معاهدة للا مغنية بعد قصف شديد للقوات الفرنسية للمدن الساحلية المغربية أودي بحياة الآلاف، بالإضافة للضعف العسكري للمملكة أمام الترسانة الفرنسية.

سبب التسمية

سُمّيت معاهدة لالة مغنية بهذا الاسم نسبةً إلى المنطقة التي وُقِّعت فيها، وهي منطقة لالة مغنية الواقعة في غرب الجزائر، بالقرب من الحدود مع المغرب.[1] وتعتقد بعض الروايات أن هذه المنطقة سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى ضريح ولية صالحة دُفنت هناك تدعى "مغنية" وهي امرأة قيّمة وشديدة الإيمان، فكانت من شدة ورعها تحجّ سنوياً باستمرار وتذهب مع قوافل الحجّاج، ولما أسرها جمال المنطقة في إحدى الرحلات قررت الاستقرار فيها، فأقامت بها حتى وافتها المنية، وبعدما شيّدوا ضريحاً لها أطلق السكان اسمها على المنطقة تبرّكاً بها وتكريماً لها. وقد حملت هذه المعاهدة التي وُقِّعت في عام 1845م بين فرنسا والمغرب هذا الاسم، كما هدفت إلى ترسم الحدود بين الجزائر، التي كانت تحت السيطرة الفرنسية، وبين المغرب.

الخلفية

جاءت تتمة لـمعاهدة طنجة التي وقعها المغرب في 10 أيلول 1844م[3] أين ظلت المملكة المغربية تتأثر بموقعها الحدودي مع الجزائر(3) طيلة تاريخهما المشترك. وظهر هذا جليا بعد الاستعمار الفرنسي للجزائر، فقد كان على المدن المغربية وساكنتها احتضان المقاومة الجزائرية ودعمهم بالمال والسلاح خاصة على عهد الأمير عبد القادر الجزائري.

وقد اقتنعت فرنسا أن هذا الدعم سبب كاف ليكون الحلقة الأولى لاحتلال المغرب والسيطرة على الشمال الإفريقي والقضاء على القواعد الخلفية للمقاومة الجزائرية. فقامت بالضغط على المدن الحدودية بدعوى ملاحقة العناصر الثائرة ضد فرنسا، مما جعلها تدخل في حرب مع المخزن المغربي في معركة إسلي عام 1845م والتي انتهت بهزيمة كبيرة للمغاربة.

وأجبرت فرنسا المغرب على توقيع معاهدة للا مغنية في نفس السنة، وكان من أهم بنودها رسم الحدود بين الدولة المغربية والجزائر المستعمرة.[2] فتم الاتفاق على أن تمتد الحدود من قلعة عجرود (السعيدية حالياً) إلى ثنية الساسي، وبقيت المناطق الجنوبية دون تحديد للحدود بدعوى أنها أراضي خالية لا تحتاج إلى رسم وتوضيح للحدود. وبعدما قرر السلطان المغربي التخلي عن دعم المقاومين الجزائريين واعتبار الأمير عبد القادر غير مرغوب فيه وخارجاً عن القانون.

بنود المعاهدة

- البند الأول: نصّ البند (1) على إبقاء الحدود بين المغرب والجزائر كما كانت سابقاً بين ملوك الترك وملوك المغرب السابقين بحيث لا يتعدّى أحدهم حدود الآخر، وأن لا يحدث بناء في الحدود في المستقبل ولا أي تمييز بالحجارة، فتبقى الحدود على عهدها كما كانت قبل استيلاء الفرنسيين على الجزائر.[4]

– البند الثاني: أشار البند (2) إلى تعيين حدود الأماكن التي تقع في ممر الحدادة، وتوضيحها من خلال الخط المرسوم بين المغرب والجزائر، فالخط يمثل الحدود بين المغرب والجزائر، وما يقع خلف هذا الخط غرباً هو تابع لمملكة المغرب، أما ما يقع خلفه شرقاً فهو تابع للجزائر.[4]

– البند الثالث: تطرّق البند (3) إلى تحديد المبدأ الذي يبتدأ منه خط الحدود من البحر إلى الصحراء، مع تسمية المناطق والأماكن التي تمر عليها هذه الحدود، وتعيين المناطق الغربية منها (التابعة لمملكة المغرب) والشرقية منها (التابعة لإيالة الجزائر) بأسمائها. مع ذكر القبائل التي تجاور خط الحدود بأسمائها وتعيين السلطة التابعة لها من السلطتين.[4]

– البند الرابع: تحدّث البند (4) عن الأراضي الصحراوية، والتي ظلّت مفتوحةً بدون تعيينٍ حدودي، باعتبارها قاحلة لا تُحرث، فاعتُبرت مرعىً تنتفع منه رعاة كلا المملكتين، واكتفى هذا البند بتعيين القبائل التابعة لكل مملكة من المملكتين، فلمهاية وبني وكيل وأولاد الشيخ الغرابة وعمور الصحراء وحميان الجنبة هي قبائل تابعة للمغرب، أما أولاد سيدي الشيخ الشراقة وباقي الحميان هي قبائل تابعة للجزائر. كما أشار إلى أن لكل مملكة السلطة المطلقة على القبائل التابعة لها فقط دون غيرها.[4]

– البند الخامس: يتعلق البند (5) بتعيين القصور (القرى الصحراوية) للإمبراطوريتين.[4][5] سيتبع العاهلين، في هذا الموضوع، العرف القديم الذي نشأ بمرور الوقت، وسيمنحان، مع مراعاة بعضهما البعض، الاعتبار والإحسان إلى سكان هذه القصور.

– البند السادس: ينص البند (6) من المعاهدة على أن الأرض الواقعة إلى الجنوب من قصور الحكومتين حيث لا يوجد ماء هي غير صالحة للسكن وأن هذه هي الصحراء نفسها، فإن رسم الحدود لا لزوم له.[4][5]

أبرز الآثار المترتبة عن معاهد للا مغنية

كانت لمعاهدة لالة مغنية الموقّعة في 18 مارس 1845م بين فرنسا والمغرب، العديد من النتائج البارزة بعيدة المدى على المنطقة بشكلٍ كبيرٍ، حتى أن بعضها لا يزال محسوسًا لحدود اليوم.[6] وتتجلى أبرز هذه الآثار المترتبة عنها، في ما يلي:

• ترسيم الحدود بين الجزائر والمغرب:

قامت المعاهدة برسم الحدود بين الجزائر (التي كانت تحت السيطرة الفرنسية) والمغرب. لكنّها لم تكن واضحةً ودقيقةً تماماً في بعض المناطق، خصوصاً في المناطق الصحراوية. وبذلك أدّى هذا الغموض في ترسيم الحدود إلى توترات مستمرة بين البلدين.

• التوترات الحدودية:

تسبّب ذلك الغموض في رسم الحدود إلى خلافات مستمرة بين المغرب وفرنسا، ثم ما لبث أن تحول إلى مشاحنات حدودية بين المغرب والجزائر، بعد استقلال هذه الأخيرة سنة 1962م. حتّى بلغت الخلافات ذروتها في حرب الرمال عام 1963م بين البلدين.

• تأثيرات على العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر:

رغم أن المعاهدة كانت تهدف إلى تقليل النزاعات في ظاهرها، إلا أنها في باطنها قد وُضعت من أجل تمهيد الأساس لعلاقات متوترة بين المغرب والجزائر، والتي استمرت لعدة عقود، وأثرت على العلاقات المغربية الجزائرية حتى حدود اليوم، حتى أن العلاقات بين الجزائر والمغرب ظلّت مشوبة بالحذر والتوتّر نتيجة للنتائج بعيدة الأمد لهذه المعاهدة.

• توسيع التحكّم الفرنسي في المناطق الحدودية:

منحت المعاهدة فرنسا نفوذاً إضافياً على المناطق الحدودية بين الجزائر والمغرب، وهو ما عزّز من سيطرة الاستعمار الفرنسي على المنطقة، وزاد من تعقيد الوضع الجيوسياسي بها.

• التمهيد للتدخل الفرنسي في المغرب:

لقد ساعدت معاهدة للا مغنية على توفير الظروف التي سهّلت عملية الاحتلال الفرنسي للمغرب، من خلال توسيع النفوذ الفرنسي بـشمال إفريقيا وإضعاف موقف المغرب. ولذلك اعتُبرت المعاهدة جزءاً من سلسلة من الأحداث والتطوّرات التي أدّت في النهاية إلى توقيع المغرب على معاهدات أخرى مع الدول الأوروبية، وخاصّة معاهدة الحماية الفرنسية عام 1912م، التي بموجبها أصبح المغرب فعليّاً تحت الاستعمار الفرنسي.

انظر أيضًا

الهوامش

  • 1: طولها يبلغ حوالي 140 كلم من الساحل إلى ثنية الساسي.
  • 2: كما يشير إلى ذلك البند 5
  • 3: الصحراء الشرقية[7]
  • 4: وحتى وقت إيالة الجزائر

المراجع

Wikiwand in your browser!

Seamless Wikipedia browsing. On steroids.

Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.

Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.