أسباب الكساد الكبير
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
ناقش الاقتصاديون أسباب الكساد الكبير في أوائل القرن العشرين على نطاق واسع وما يزالون مستمرين بنقاشهم بشكل نشط حتى يومنا هذا، يعتبر هذا النقاش جزءًا من الجدل القائم حول الأزمات الاقتصادية والكساد.[1] تعَد الأحداث الاقتصادية المحددة التي وقعت خلال فترة الكساد الكبير راسخة وهي محط إجماع. كانت البداية مع انهيار سوق الأسهم الذي أدى إلى الذعر وبيع الأصول. أعقب ذلك انكماش أسعار الأصول والسلع، وانخفاض حاد في الطلب والائتمان، وتعطلت التجارة، ما أدى في نهاية المطاف إلى انتشار البطالة (أكثر من 13 مليون شخص عاطل عن العمل بحلول عام 1932) والفقر. لكن، لم يتوصل الاقتصاديون والمؤرخون إلى توافق في الآراء بشأن العلاقات السببية بين الأحداث المختلفة والسياسات الاقتصادية الحكومية التي تسبب الكساد أو تخفف منه.
يمكن تصنيف النظريات السائدة حاليًا ضمن رأيين رئيسيين. الأول هو النظريات المدفوعة بالطلب، من الاقتصاديين الكينزيين والاقتصاديين المؤسساتيين الذين يجادلون في أن الكساد سببه فقدان واسع النطاق للثقة، أدى إلى انخفاض كبير في الاستثمار واستمرار الاستهلاك. تجادل النظريات القائمة على الطلب بأن الأزمة المالية التي أعقبت انهيار عام 1929 أدت إلى انخفاض مفاجئ مستمر في الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، ما تسبب في الكساد الذي أتى بعده.[2] فور حدوث الذعر والانكماش، اعتقد الكثير من الناس أنه بإمكانهم تجنب المزيد من الخسائر إذا ابتعدوا عن الأسواق، لذا أصبح الاحتفاظ بالمال أو ادخاره أكثر ربحيةً، فانخفضت الأسعار وبات نفس المبلغ من المال قادرًا على شراء سلع أكثر وأكثر، ما فاقم من حدّة انخفاض الطلب.
يعتقد القسم الثاني من الخبراء أن الكساد الكبير بدأ ركودًا عاديًا، لكن أخطاء كبرى في السياسة ارتكبتها السلطات النقدية (خاصة الاحتياطي الفيدرالي) تسببت في تقلص المعروض النقدي، ما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي بشكل كبير، ما أدى بدوره بالركود للانحدار إلى أن أصبحنا أمام الكساد العظيم.[3] يتصل بهذا التفسير أولئك الاقتصاديون الذين يشيرون إلى انكماش الديون، ما جعل الذين يقترضون مدينين أكثر من أي وقت مضى إذا أخذنا القيمة الحقيقية للعملة بالاعتبار.
هناك أيضًا العديد من النظريات غير التقليدية المختلفة التي ترفض تفسيرات الكينزيين والنقديين. جادل بعض خبراء الاقتصاد الكلي الكلاسيكيين الجدد بأن سياسات سوق العمل المختلفة المفروضة في البداية تسببت في طول الكساد الكبير وشدته. تركز مدرسة الاقتصاد النمساوية على الآثار الاقتصادية الكلية للمعروض النقدي وكيف يمكن أن تؤدي قرارات المصرف المركزي إلى سوء الاستثمار. ينظر الاقتصاديون أتباع المدرسة الماركسية إلى الكساد الكبير، إضافة إلى جميع الأزمات الاقتصادية الأخرى، على أنها عارض من أعراض الطبيعة الدورية للرأسمالية وعدم الاستقرار المتأصل في النموذج الرأسمالي.