مرض يصيب الإنسان من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
اضطرابات نوم الإيقاع اليوماوي (بالإنجليزية: Circadian rhythm sleep disorders) هي عائلة من اضطرابات النوم التي تؤثر على توقيته. تنشأ اضطرابات نوم النظم اليوماوي من النمط المستمر من اضطرابات النوم والاستيقاظ التي يمكن أن تحدث إما بسبب خللٍ وظيفي في نظام الساعة البيولوجية للفرد، أو بسبب عدم التوافق بين مذبذب التنشؤ الداخلي للشخص والإشارات الخارجية المفروضة عليه. نتيجة عدم التطابق هذا، يميل المتأثرون باضطرابات نوم النظم اليوماوي إلى النوم في أوقات غير تقليدية في اليوم. غالباً ما تؤدي هذه الأحداث إلى حالات متكررة من الراحة المضطربة، حيث لا يستطيع الأفراد المصابون بهذا الاضطراب النوم والاستيقاظ في أوقات «طبيعية» للعمل أو المدرسة أو غيرها من الالتزامات الاجتماعية.
اضطراب نوم الإيقاع اليوماوي | |
---|---|
معلومات عامة | |
الاختصاص | طب الجهاز العصبي |
من أنواع | اضطراب النوم |
تعديل مصدري - تعديل |
البشر، مثل معظم الكائنات الحية، لديهم إيقاعات بيولوجية مختلفة. تتحكم هذه الساعات البيولوجية في العمليات التي تتقلب يومياً (مثل درجة حرارة الجسم، واليقظة، وإفراز الهرمونات)، مما يولد الإيقاعات اليومية. من بين هذه الخصائص الفسيولوجية، يمكن اعتبار النزعة الطبيعية للنوم والاستيقاظ لدينا أحد التواترات اليومية التي تنظمها الساعة البيولوجية. يتم تنظيم دورات النوم لدينا بإحكام من خلال سلسلة من العمليات اليومية التي تعمل جنباً إلى جنب، والتي تتيح لنا تجربة فترة من النوم الموحد أثناء الليل وفترة استيقاظ طويلة خلال النهار. على العكس من ذلك، فإن الاضطرابات في هذه العمليات ومسارات التواصل بينهما يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في أنماط النوم، والتي يشار إليها مجتمعة باسم اضطرابات نوم الإيقاع اليوماوي.
يعد الإيقاع اليوماوي نشاطاً بيولوجياً قابلاً للمزامنة وذاتي التنشؤ بفترةٍ تمتد لأربعة وعشرين ساعة تقريباً. تتركز آلية حفظ الوقت الداخلية هذه في النواة فوق التصالبة suprachiasmatic nucleus للبشر وتتيح للآليات الفسيولوجية الداخلية الكامنة وراء النوم واليقظة لتصبح متزامنة مع الإشارات البيئية الخارجية، مثل دورة الضوء والظلام.[1] كما ترسل النواة فوق التصالبة إشارات إلى الساعات المحيطة في الأعضاء الأخرى، مثل الكبد، للتحكم في عمليات معينة مثل استقلاب الجلوكوز.[2] على الرغم من أنّ هذه الإيقاعات ستستمر في ظروف الإضاءة أو الظلام الثابتة، إلا أنّ الميقاتيين Zeitgebers (مقدمو الوقت مثل دورة الضوء والظلام) المختلفين يقدمون سياقاً للساعة البيولوجية وتتيح لها إدخال وتنظيم العمليات الفسيولوجية للتكيف مع البيئة المتغيرة. تشمل الجينات التي تساعد على التحكم بالمزامنة المحفز بالضوء المنظمات الإيجابية BMAL1 وCLOCK والمنظمات السلبية PER1 وCRY.[3] يمكن وصف الدورة اليوماوية الكاملة بأنها يوم يوماوي مدته أربع وعشرين ساعة، حيث يمثل الوقت اليوماوي صفر (CT 0) بداية اليوم الشخصي للكائن الحي، ويمثل الوقت اليوماوي 12 (CT 12) بداية الليل الشخصي.[4]
ثبت أنّ البشر ذوي الوظيفة اليوماوية المنتظمة يحافظون على مواعيد نوم منتظمة أيضاً، وينظمون الإيقاعات اليوماوية في إفراز الهرمونات، ويحافظون على التذبذبات في درجة حرارة الجسم الأساسية.[5] حتى في غياب الميقاتيين، سيستمر البشر في الحفاظ على إيقاعٍ لمدة 24 ساعة تقريباً في هذه الأنشطة البيولوجية. فيما يتعلق بالنوم، تسمح الوظيفة اليوماوية الطبيعية للناس بالحفاظ على التوازن في الراحة والاستيقاظ مما يسمح لهم بالعمل والحفاظ على اليقظة أثناء أنشطة اليوم، والراحة في الليل.[6]
نتيجة بعض المفاهيم الخاطئة بشأن الإيقاعات اليوماوية والنوم، عادة ما يُساء تشخيص عدم انتظام النوم على أنه اضطراب نوم الإيقاع اليوماوي. من أجل تشخيص إصابتك باضطراب نوم الإيقاع اليوماوي، يجب أن يكون هناك إما اختلال بين توقيت المذبذب اليوماوية والبيئة المحيطة، أو فشل في مسار مزامنة الساعة البيولوجية.[7] من بين الأشخاص ذوي وظائف الساعة اليوماوية المثالية، هناك تباين في أنماط الوقت chronotypes، أو أوقات النوم والاستيقاظ المفضلة لدى الأفراد. على الرغم من أنّ نمط الوقت يختلف من فرد لآخر، كما هو محدد بواسطة التعبير الإيقاعي لجينات الساعة البيولوجية، فإنّ الأشخاص الذين لديهم وظيفة نموذجية للساعة اليوماوية سيكونون قادرين على الانجراف نحو الإشارات البيئية. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يرغب في تغيير بداية نشاطٍ بيولوجي، مثل وقت الاستيقاظ، فإن التعرض للضوء أثناء الليل المتأخر الشخصي أو في الصباح الباكر الشخصي يمكن أن يساعد في تقديم دورة الشخص اليوماوية نحو وقتٍ أبكر من اليوم، مما سيؤدي إلى الاستيقاظ في وقتٍ أبكر.[8]
يصنف التصنيف الدولي لاضطرابات النوم اضطراب نوم الإيقاع اليوماوي كنوع من عسر النوم dyssomnia. على الرغم من أنّ الدراسات تشير إلى أنّ 3 ٪ من السكان البالغين يعانون من اضطراب نوم الإيقاع اليوماوي، غالباً ما يُساء تشخص كثير من الناس بإصابتهم بالأرق بدلاً من اضطراب نوم الإيقاع اليوماوي. من بين البالغين الذين تم تشخيصهم باضطرابات النوم، يقدر أنّ 10 ٪ منهم مصابون باضطراب نوم الإيقاع اليوماوي ومن بين المراهقين الذين يعانون من اضطرابات النوم، يقدر أنّ 16 ٪ منهم قد يكونوا مصابين باضطراب نوم الإيقاع اليوماوي.[9] عادةً ما يظهر على المرضى الذين يتم تشخيصهم باضطراب نوم الإيقاع اليوماوي نمط من النوم المضطرب، سواء كان ذلك النوم المفرط الذي يتداخل مع جداول العمل والوظائف اليومية، أو الأرق في أوقات النوم المرغوبة. من الجدير بالذكر أنّ وجود تفضيل لأوقات الاستيقاظ المبكرة أو المتأخرة عند الشخص لا يرتبط بتشخيص اضطراب نوم الإيقاع اليوماوي. يجب أن يكون هناك ضعف واضح في الإيقاعات البيولوجية التي تؤثر على عمل الشخص وسلوكه اليومي. لتشخيص اضطراب نوم الإيقاع اليوماوي، يجمع مختصُ بالنوم تاريخ عادات النوم والاستيقاظ للمريض، وأنماط درجة حرارة الجسم، وافراز هرموز الميلاتونين الخافت (DLMO).[9] توفر هذه البيانات المجموعة نظرة ثاقبة للجدول الحالي للمريض وكذلك علامات المرحلة الفسيولوجية للساعة البيولوجية له.
تبدأ عملية تشخيص اضطراب نوم الإيقاع اليوماوي بالقيام بتقييمٍ شامل للنوم. يتم استخدام استبيان قياسي لتسجيل عادات النوم للمريض، بما في ذلك وقت النوم المعتاد، ومدة النوم، ووقت الدخول في النوم sleep latency، وحالات الاستيقاظ. سوف يستفسر المتخصص عن العوامل الخارجية الأخرى التي قد تؤثر على النوم. ترتبط الأدوية الموصوفة التي تعالج اضطرابات المزاج مثل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات ومثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية ومضادات الاكتئاب الأخرى بسلوكيات النوم غير الطبيعية. يتم أيضاً تسجيل العادات اليومية الأخرى مثل جدول العمل وتوقيت التمارين لأنها قد تؤثر على أنماط النوم والاستيقاظ لدى الفرد. لقياس متغيرات النوم بصراحة، يلبس المرضى ساعات أكتيغراف actigraph التي تسجل بداية النوم ووقت الاستيقاظ والعديد من المتغيرات الفسيولوجية الأخرى. وبالمثل، يُطلب من المرضى الإبلاغ عن عادات نومهم من خلال مذكرات نوم أسبوعية لتوثيق موعد ذهابهم للسرير، وموعد استيقاذهم، وما إلى ذلك لاستكمال بيانات الأكتيغراف. يتيح جمع هذه البيانات للمختصين في النوم توثيق وقياس عادات نوم المريض وتأكيد الأنماط الموضحة في سجل نومه.
هناك طرق أخرى إضافية لتصنيف طبيعة نوم المريض وساعته البيولوجية وهي استبيان الصباح والمساء واستبيان ميونخ لأنماط النوم، وكلاهما يرتبطان ارتباطاً قوياً إلى حد ما مع الكشف بدقة عن فترات النوم المتقدمة أو المتأخرة. تساعد الاستبيانات مثل مؤشر بيتسبيرغ لجودة النوم (PSQI) ومؤشر شدة الأرق (ISI) في قياس شدة اضطرابات النوم. على وجه التحديد، يمكن أن تساعد هذه الاستبيانات الأخصائيين على تقييم مشاكل المريض مع وقت الدخول في للنوم، واليقظة غير المرغوبة في الصباح الباكر، ومشاكل الغطّ بالنوم أو البقاء فيه.[9]
حالياً، يضع التصنيف الدولي لاضطرابات النوم (ICSD-3) ست اضطرابات تحت فئة اضطرابات نوم الإيقاع اليوماوي.
يمكن تصنيف اضطرابات نوم الإيقاع اليوماوي إلى مجموعتين استناداً على آلياتها الأساسية: تتكون الفئة الأولى من اضطرابات تم فيها تغيير مذبذب التنشؤ الداخلي، وتُعرف باسم اضطرابات النوع الداخلي. سيشار إلى هذه الفئة باسم نوع الاضطراب الداخلي. أما الفئة الثانية فتتألف من اضطرابات تكون فيها البيئة الخارجية وساعة التنشؤ الداخلي اليوماوية غير متجانسة، وتسمى اضطرابات نوم الإيقاع اليوماوي الخارجية.[10]
ارتبطت اضطرابات نوم الإيقاع اليوماوي في كثير من الأحيان بالنعس المفرط أثناء النهار والأرق الليلي في المرضى الذين تم تشخيصهم بمرض الزهايمر Alzheimer's disease، وهو ما يمثل ميزةً شائعةً بين مرضى الزهايمر وكذلك عامل خطر من الاختلالات الوظيفية التقدمية.[13][14][15] من ناحية، يعاني الأشخاص المصابون بمرض الزهايمر من تغيير في إفراز هرمون الميلاتونين وعدم انتظامٍ عالٍ في إيقاعهم اليوماوي الذي يؤدي إلى دورة استيقاظ ونوم مزعجة، على الأرجح بسبب حدوث ضررٍ بمناطق النواة فوق التصالبة في تحت المهاد hypothalamic الذي يتم ملاحظته عادةً في المصابين بمرض الزهايمر.[15] من ناحية أخرى، ترتبط حالات النوم واليقظة المضطربة بتدهور القدرات الإدراكية، والحالة العاطفية، ونوعية الحياة للمريض المصاب بالزهايمر.[15][14] علاوة على ذلك، فإن الأعراض السلوكية غير الطبيعية للمرض تسهم سلباً على أقارب المريض ومقدمي الرعاية الخاصين به.
ومع ذلك، لا يزال تأثير اضطرابات النوم والاستيقاظ على التجربة الشخصية للمصاب بمرض الزهايمر غير واضحٍ كثيراً. لذلك، تم التوصية بشدة بإجراء مزيدٍ من الدراسات التي تستكشف هذا المجال، مع الأخذ في الاعتبار زيادة العمر المتوقع وأهمية الأمراض العصبية في الممارسات السريرية.[14]
تشمل العلاجات الممكنة لاضطرابات نوم الإيقاع اليوماوي ما يلي:
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.