Remove ads
نبي ذكر في التوراة والقرآن من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
نوح (بالعبرية: נֹחַ) هو نبي ورسول ورد ذكره في الكتب المقدسة لأتباع الديانات الإبراهيمية بالإضافة إلى ورود ذكر شخصية مشابهة له في ميثولوجيا بلاد الرافدين. دعا قومه 950 سنة. الاعتقاد السائد حسب الديانات السماوية هو أن نوح كان شخصية تاريخية حقيقية وكان الحفيد التاسع أو العاشر لآدم وأنه كان الأب الثاني للبشرية بعد نجاته ومن معه من الطوفان العظيم الذي أباد البشرية جميعا باستثناء المؤمنين الذين نجوا من الطوفان لاستعمالهم سفينة عملاقة اشتهرت باسم سفينة نوح.
استنادًا على الموسوعة الكاثوليكية فإن والد نوح لأمه أطلق عليه هذا الاسم لقناعته بأن نوح سوف يخلص البشرية من العقوبة التي أنزلها الخالق الأعظم على آدم ويوصل الإنسانية إلى حالة من الطمأنينة والاستراحة.[1]
يرى المسلمون أن النبي نوح هو أول الرسل،[2] ومن أولي العزم الخمسة،[3] بعثه الله لما عبدت الأصنام والطواغيت، وحاد الناس عن التوحيد،[4] وقد ذكرت قصته في القرآن، وما كان من قومه، وما أنزل بمن كفر به من العذاب بالطوفان، وكيف أنجاه الله وأصحاب السفينة في أكثر من موضع من القرآن.[2]
هناك أيضًا قصص مشابهة في الأساطير اليونانية القديمة تتحدث عن شخص يدعى ديوكاليون قام بإنقاذ ذريته ومجموعة من الحيوانات من الطوفان بواسطة سفينة وهناك أساطير من أيرلندا عن ملكة أبحرت في سفينة مع مجموعة لمدة 7 سنوات ليتجنبوا الغرق نتيجة الطوفان الذي عم أيرلندا.[5]
استنادا إلى معظم المؤرخين والأكاديميين في مجال اللغات فإن التوراة -التي تعتبر أقدم كتاب ديني ذكر قصة نوح- هي في الحقيقة عبارة عن مجموعة من المخطوطات كتبت من قبل العديد من الكتاب وليس من كاتب واحد أو مصدر واحد، وإنها على الأغلب قد جمعت في القرن الخامس قبل الميلاد.[7] ونتيجة الاختلاف في المصادر فإن التوراة تُظهر شخصيتين متناقضتين لنوح فتارة نرى نوح كرجل زاهد قريبا من «الخالق الأعظم» الذي اختاره ليخلص البشرية من الدمار، وتارة أخرى نرى التوراة تصف نوح كأول فلاح في البشرية وكان أول صانع للنبيذ. ويرى بعض المحللين إن هذا التناقض في وصف الشخصية قد يكون معناه أنه ربما حدث خطأ أثناء نقل الروايات وإن بطل قصة الطوفان قد يكون جد نوح واسمه بالعبرية أينوخ وبالعربية نوح وإن هناك احتمالا أن التشابه في العبرية بين اسمي نوح وآينوخ قد يكون سببا رئيسيا في هذا التناقض.[8][9]
تشير الأبحاث الجيولوجية واستنادا إلى دراسة المتحجرات وطبقات علم الأرض إن هناك دلائل على حدوث فيضان في منطقة الشرق الأوسط في العصور القديمة ولكن الأبحاث لم تؤكد المعتقد الديني السائد أن الطوفان المذكور قد شمل جميع بقاع الأرض.[10] وتشير دراسات من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية أن البحر الأسود كان عبارة عن بحيرة في العصر الجليدي وأن درجة حرارة الأرض بدأت بالارتفاع قبل حوالي 12,000 عاما وبدأت الكتل الجليدية بالانصهار، وأنه قبل ما يقارب 7000 عاما حدث امتداد لمياه البحر المتوسط وحدث طوفان باتجاه تركيا، وكانت قوة الطوفان معادلة لما يقارب 200 مرة قوة شلالات نياجارا.[5]
تشير دراسة المتحجرات إلى حدوث سلسلة من الفيضانات بين عامي 4000 إلى 2000 قبل الميلاد في ما كانت تسمى سابقا بلاد ما بين النهرين والتي كانت تشمل الأرض الواقعة بين نهري دجلة والفرات بما فيها أراضي تقع الآن في سوريا وتركيا والعراق، وأنه من المحتمل جدا أن يكون قصة الطوفان قد نشأت من إحدى هذه الفيضانات وتركت أثارا واضحة في كتابات وأساطير ومعتقدات هذه المنطقة في الشرق الأوسط.[11]
يعتبر ملحمة جلجامش السومرية التي تم اكتشاف ألواحها الطينية عام 1853 من قبل البعض أول نص من الناحية التأريخية يذكر فيها قصة الطوفان في حين أن كثيرا من العلماء يعتقدون أن القصة تمت اضافتها إلى اللوح الحادي عشر من شخص استخدم قصة الطوفان الموجودة في أترا هاسس.[12] في الأسطورة يحاول الملك جلجامش الوصول إلى سر الخلود عن طريق الإنسان الوحيد الذي وصل إلى تحقيق الخلود وكان اسمه أوتنابيشتيم أو أتراحاسيس والذي يعتبره البعض مشابها جدا أن لم يكن مطابقا لشخصية نوح في الأديان اليهودية والمسيحية والإسلام. وعندما يجد جلجامش أوتنابشتم يبدأ الأخير بسرد قصة الطوفان العظيم الذي حدث بأمر الآلهة، وقصة الطوفان هنا شبيهة جدا بقصة طوفان نوح، وقد نجى من الطوفان أوتنابشتم وزوجته فقط وقررت الآلهة منحهم الخلود.[13]
استنادا على التوراة وسفر التكوين في العهد القديم من الكتاب المقدس فإن نوح كان ابن لامخ وكان يعتبر الجيل العاشر بعد آدم وكان عمره 600 عاما عندما أوكل الخالق له مهمة بناء السفينة وعاش 350 سنة بعد الطوفان وكان عمره عند الوفاة 950 عاما.
يصور العهد الجديد من الكتاب المقدس نوح كشخصية قريبة ومطيعة للخالق الأعظم ويضعه إنجيل مرقس في نفس منزلة إبراهيم ويعقوب.[14]
في الكتابات المسيحية التي كتبت في القرن الثالث بعد الميلاد من قبل أوريليس أوغسطين (354 - 430) تم إعطاء أهمية دينية كبيرة لسفينة نوح حيث تم اعتباره رمزا للخلاص من خلال تشبيه السفينة بالكنيسة.[15] في القرون الوسطى بدأ المسيحيون في كتاباتهم بالاقتناع بالتوزيع العرقي للأجناس البشرية الذي ورد ذكره في سفر التكوين وأضافوا إليه توزيعا طبقيا جديدا فكان الاعتقاد السائد أن رجال الدين والقديسيين ينحدرون من سلالة سام والفرسان ينحدرون من سلالة يافث والفقراء ينحدرون من سلالة حام؛ وتذكر التوراة أن سام وحام ويافث هم أبناء نوح.
يرى المحللون أن في هذا تكرارا لفكرة لعنة حام والتي يعتبرها البعض أول تقسيم عنصري مستند على الدين والتي من المحتمل أنها لعبت دورا في النظرة التي نشأت وما زالت قائمة إلى حد ما على الأفريقيين وأصحاب البشرة السوداء ووصل الأمر في عام 1964 إلى السيناتور الأمريكي روبرت بيرد (بالإنجليزية:Robert Byrd) من فرجينيا الغربية أن يستخدم قصة نوح كمبرر لإبقاء سياسة التمييز العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية.[16][17][18] وقد كان بيرد أكبر المعمرين في مجلس الشيوخ وقد كان سيناتور منذ 1959 ورفض بيرد في عام 1991 ترشيح قاضيتين من أصول أفريقية أمريكية للمحكمة العليا في الولايات المتحدة ورفض بيرد في عام 2004 ترشيح كوندوليزا رايس لمنصب وزيرة الخارجية وقد توفي عام 2010.[19]
جاء ذكر نوح في العديد من الآيات القرآنية في سورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وسورة هود وسورة العنكبوت وكذلك سورة نوح المسماة باسمه وغيرها. وحسب الدين الإسلامي، فان الله أرسل نوحا إلى قوم يعبدون الأوثان ليدعوهم إلى عبادته وحده وترك عبادة غيره، لكن نوحا لم يلق آذانا صاغية واستمر الأكثرية على عبادة الأوثان، ونصبوا له العداوة ولمن آمن به وتوعدوهم بالرجم.
واستنادا إلى القرآن فإن نوحا لبث في قومه يدعوهم إلى عبادة الله ألف سنة إلا خمسين عامًا ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ١٤ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ١٥﴾،[20] وأن الله أمره ببناء سفينة، والتي لم تعرف البشرية مثلها، فقيل في طولها انها بلغت ثمانين ذراعا، وقيل ألفا، وقيل الفي ذراع، وقيل غير ذلك. وكان خشبها من شجر الساج أو الصنوبر على اختلاف بين المصادر،[21] وكان نوح يغرس الشجر وينتظر نموه مئة سنة وينشره مئة أخرى أو أربعين سنة، وقد أمر أن يطلى باطنها وظاهرها بالقار، وجعل منها ثلاثة طوابق، جعل الأرض منها للحيوانات والوحوش، وثانيها لبني الإنسان وأعلاها للطيور، واكن لها سقف مطبق عليها.
وأوحي لنوح بأن علامة بدءِالطوفان هو مجئ أمر الله بفوران التنور، وقيل بالتنور بأنه حدوث بركان في المنطقة، وفي تفسير آخر فوران تنور نوح وهو التنور الذي ورثه من حواء، أو فوران الماء على سطح الأرض، وقيل طلوع نور الفجر وقيل غير ذلك... ولما تحققت العلامة أمر نوح بأن يحمل في متن السفينة من كل دواب الأرض زوجين وأهله ومن آمن معه وكان عددهم قليلا. لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي عصيانه ويبدي الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكذلك كانت أغلبية من لم يؤمنوا به فلم يركبوا معه. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس: «آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا».
فبدأ بتحميل حوالي ثمانين رجلا معهم نساؤهم في السفينة، وانفجرت الأرض عيونا وهطلت السماء وارتفع الماء حاملا السفينة وهي تجري بهم في موج كالجبال مئة وخمسين يوما. وهلك الباقون ولم يبق الله على الأرض من الكافرين ديارا. فأرسل نوح الحمامة فمرغت رجليها في الطين وحملت إليه غصن زيتون، فلما رأى ذلك علم أن الماء قد انحسر، وهذا ما ذكره ابن عباس.
يعتبر نوح أحد أنبياء ديانة الصابئة المندائيين ويدعى نو بالمندائية الآرامية وترد نصوص كثيرة حول هذا النبي بكتاب الكنز العظيم، كتاب الديانة الصابئية المقدس وتذكر هناك نصوص كثيرة أيضًا حول ابنه النبي سام وقصة الطوفان وإلى اليوم يحيي الصابئة مناسبة أبو الهريس ترحمًا على أرواح البشر الذين قضوا في الطوفان.
في الإيمان البهائي يذكر أن السفينة والطوفان رمزيان،[22] وفي المعتقد البهائي فقط أتباع نوح كانوا على قيد الحياة روحيا لأنهم حفظوا في سفينة تعاليمه في حين أن آخرين ماتوا روحيا.[23][24] وفي كتاب الايقان البهائي يوافق المعتقد الإسلامي بان نوح كان لديه عدد كبير من الصحبة سواء 40 أو 72 بالإضافة إلى عائلته على السفينة وأنه قام خاطب الناس 950 عاما (رمزيًا) قبل الطوفان.[25]
حسب التوراة فإن من أبناء نوح الثلاثة انبثقت البشرية بعد الطوفان وكان أبناء نوح:
وحسب التوراة فإن الخالق قرر أن يمسح بني البشر من الوجود باستثناء الصالحين بسبب كثرة المعاصي والذنوب التي كانت ترتكب فنزلت الأمطار لمدة 40 يوما وليلة وغطت المياه الأرض لمدة 150 يوما واستقرت السفينة على الجودي.
هناك كتابات يهودية لا تعتبر جزءً من الكتاب المقدس وإنما كروايات تم حذفها وفي هذه الكتابات تصوير إلى أن نوح كان شديد البياض عند الولادة بحيث امتلأت الغرفة بالضياء عند ولادته وأنه بعد ولادته بلحظات بدأ بالصلاة والدعاء للخالق الأعظم وإن بناء السفينة استغرق 120 سنة.[32][33]
أجمع المسلمون أن الطوفان عم جميع البلاد، قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية: «أجمع أهل الأديان الناقلون عن رسل الرحمن، مع ما تواتر عند الناس في سائر الأزمان، على وقوع الطوفان، وأنه عم جميع البلاد، ولم يبق الله أحدا من كفرة العباد، استجابة لدعوة نبيه المؤيد المعصوم، وتنفيذا لما سبق في القدر المحتوم.»[34]
وإن الروايات في الإسلام على قولين:
هناك تيار يؤمن بالتفسير الحرفي وليس الرمزي لكل ما ورد في الكتب المقدسة وهذا التيار على قناعة إنه بالفعل كانت هناك سفينة ذات صفات مطابقة لما ورد في الكتب السماوية. حسب العهد القديم فإن نوح بنى السفينة من شجر الجوفر (بالإنجليزية: Gopher wood) ولا يعرف لحد هذا اليوم ما هو بالضبط هذا النوع من الأشجار إذ ورد ذكرها فقط في سفر التكوين وهناك الكثير من الفرضيات حول ماهية خشب الجوفر. ويرجح البعض انها شجر الأرز وبالنسبة لمقاييس السفينة حسب العهد القديم فإنها كانت 300 ذراعا وهذا القياس يجعل السفينة مقاربا إلى 450 قدما وهي أكبر من أكبر سفينة موثقة تاريخيا في العصور القديمة وكان حجمها 400 قدما وبنيت في الصين في القرن 15 بأمر من القائد العسكري Zheng He زنغ هيي.[40] استنادا إلى نفس التيار المؤمن بالتفسير الحرفي لسفينة نوح فإن حجم السفينة كان 40,000 متر مكعب أي مقاربا إلى حجم سفينة تيتانيك المشهورة [41]، ويتسائل التيار المقتنع برمزية القصة عما إذا كان بإمكان هذه السفينة ان تتسع لجنسين من كل أنواع الحيوانات وعما إذا كان بمقدور الأشخاص الثمانية على السفينة العناية بهذا العدد الهائل من الحيوانات لمدة أكثر من 220 يوما.[42] ومن ناحية الجغرافيين المسلمين فقد ذكر الرحالة والجغرافي العربي ياقوت الحموي في كتابه المعروف (معجم البلدان) بأن مسجدا قد بني على مكان استواء السفينة وشاركه في الرأي ابن بطوطة.[43][44][45]
كان التيار المقتنع بحرفية ما ورد في الكتب السماوية عن سفينة نوح مولعا من القدم بالبحث عن السفينة وهذا الولع كان واضحا لدى بعض البروتستانت المسيحيين منذ أواخر القرن التاسع عشر الذين كانوا أكثر شغفا في إثبات حرفية القصة المذكورة في التوراة. فزعم بعضهم العثور عليها في تركيا (جبل أرارات (بالتركية:Ağrı Dağı، بالأرمنية:Արարատ) هو أعلى قمة جبلية (5165 م) بتركيا) أو أرمينيا. كما ادعى باحثون إسلاميون تحديد موقعها في اليمن أو العراق (جبل الجودي ناحية الموصل). في القرن الواحد والعشرين استمر الولع القديم بموقع سفينة نوح وخاصة بعد انتشار صور تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية لنتوء في قمة جبل آرارات حيث بدأ الولع القديم يأخذ منعطفا جديدا بعد تعهد رجل أعمال ثري اسمه دانيال مك كيفرن Daniel McGivern عن منحة مقدارها 900,000 دولار لأي فريق علمي على استعداد للبحث عن السفينة [46]، ولكن مجلة National Geographic استبعد أن تكون الصورة الجديدة صورة حقيقية. وفي الثمانينيات قام رائد الفضاء السابق James Irwin جيمس أيرون بحملة جديدة لكنه لم يعثر على شيء.[47] وفي 17 يونيو 2004 زعمت إحدى البعثات إنهم اكتشفوا السفينة وقدمت المجموعة صورا ومخططات عن بعثتهم إلا أن نتائج هذه البعثة لا تزال مرفوضة من قبل المجتمع العلمي.[48]
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.