Loading AI tools
نظرية اجتماعية من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
نظرية العصبية العصبية أو العصبة هي الوعي الجماعي والتضامن والولاء القبلي أو الوطني أو الحس المجتمعي.[1] «هي التي تجعل من جماعة (معينة)، جماعة قوية»، [2] أنها لا تعني مطلق الجماعة بحد ذاتها وإنما الأفراد الذين تجمع بينهم رابطة الدم أو رابطة الحلف أو الولاء بالإضافة إلى شرط الملازمة بينهم من أجل أن يتم التفاعل الاجتماعي، وتبقى مستمرة ومتفرعة بوجود هؤلاء الأفراد واستمرار تناسلهم، فينشأ بين أفرادها شعور يؤدي إلى المحاماة والمدافعة وهم يتعصبون لبعضهم حينما يكون هناك داع للتعصب، ويشعر الفرد بأنه جزء لا يتجزأ من أهل عصبته، وفي هذه الحالة يفقد شخصيته الفردية بحيث تذوب في شخصية الجماعة، وهو شعور جماعي مشترك لدى أفراد العصبة فهو ذو صبغة جمعية أساسية بين الفرد والمجموعة، وليس بين فرد وآخر فقط، وفي حال تعرض العصبة إلى عدوان فيظهر في هذه الحالة «الوعي» بالعصبية، وهذا «الوعي العصبي» هو الذي يشد أفراد العصبة إلى بعضهم وهو ما يسميه ابن خلدون «بالعصبية» التي بها تكون الحماية والمدافعة والمطالبة وكل أمر يجتمع عليه. وبهذا تكون العصبية أساس نهوض أو أفول الحضارة: حيت تكون العصبية أقوى مع بداية الحضارة وتضعف مع تقدمها إلى أن تزيحها عصبية أقوى وتأسس حضارة جديدة.
عصبية (نظرية) | |
---|---|
مبيان يبين تطور العصبية مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال حيت تنخفض صلابة الروابط القبلية والأسرية وحماسة الولاء مع أزدياد البيروقراطية وانغماس الحكام والمحيطين بهم في رفه العيش والملذات وفي النهاية تنهار الدولة أو تكون فريسة لدولة أخرى. | |
جزء من | علم الإجتماع |
صاحبها | عبد الرحمن بن خلدون |
تعديل مصدري - تعديل |
يخصص ابن خلدون الفصل الثالث من المقدمة للدول والملك والخلافة ومراتبها وأسباب وكيفية نشوئها وسقوطها، مؤكدا أن الدعامة الأساسية للحكم تكمن في العصبية. والعصبية عنده أصبحت مقولة اجتماعية احتلت مكانة بارزة في مقدمته حتى اعتبرها العديد من المؤرخين مقولة خلدونية بحتة، وهم محقون في ذلك لأن ابن خلدون اهتم بها اهتماما بالغا إلى درجة أنه ربط كل الأحداث الهامة والتغييرات الجذرية التي تطرأ على العمران البدوي أو العمران الحضري بوجود أو فقدان العصبية. كما أنها في رأيه المحور الأساسي في حياة الدول والممالك. ويطنب ابن خلدون في شرح مقولته تلك، مبينا أن العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا، ذلك أنها تتولد من النسب والقرابة وتتوقف درجة قوتها أو ضعفها على درجة قرب النسب أو بعده. ثم يتجاوز نطاق القرابة الضيقة المتمثلة في العائلة ويبين أن درجة النسب قد تكون في الولاء للقبيلة وهي العصبية القبلية . ومن هذا الباب الولاء والحلف إذ نصرة كل أحد من أحد على أهل ولائه وحلفه للألفة التي تلحق النفس في اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب، وذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء. أما إذا أصبح النسب مجهولا غامضا ولم يعد واضحا في أذهان الناس، فإن العصبية تضيع وتختفي هي أيضا. . بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح انتفت النعرة التي تحمل هذه العصبية، فلا منفعة فيه حينئذ. هذا ولا يمكن للنسب أن يختفي ويختلط في العمران البدوي، وذلك أن قساوة الحياة في البادية تجعل القبيلة تعيش حياة عزلة وتوحش، بحيث لا تطمح الأمم في الاختلاط بها ومشاركتها في طريقة عيشها النكداء، وبذلك يحافظ البدو على نقاوة أنسابهم، ومن ثم على عصبيتهم.
. الصريح من النسب انما يوجد للمتوحشين في القفر. وذلك لما اختصوا به من نكد العيش وشظف الأحوال وسوء الموطن، حملتهم عليها الضرورة التي عينت لهم تلك القسمة. فصار لهم ألفا وعادة، وربيت فيهم أجيالهم. فلا ينزع إليهم أحدا من الأمم أن يساهم في حالهم، ولا يأنس بهم أحد من الأجيال. فيؤمن عليهم لأجل ذلك منت اختلاط انسابهم وفسادها. أما إذا تطورت حياتهم وأصبحوا في رغد العيش بانضمامهم إلى الأرياف والمدن، فإن نسبهم يضيع حتما بسبب كثرة الاختلاط ويفقدون بذلك عصبيتهم. . ثم يقع الاختلاط في الحواضر مع العجم وغيرهم وفسدت الانساب بالجملة ثمرتها من العصبية فاطرحت ثم تلاشت القبائل ودثرت فدثرت العصبية مدثورها وبقي ذلك في البدو كما كان. وهكذا نخلص للقول في هذا الصدد بأن العصبية تكون في العمران البدوي وتفقد في العمران الحضري.
العصبية والسلطة في مرحلة العمران البدوي
بعد أن تعرض ابن خلدون لمفهوم العصبية وأسباب وجودها أو فقدانها، انتقل إلى موضوع حساس وهام، مبينا دور العصبية فيه، ألا وهو موضوع «الرئاسة» الذي سيتطور في (العمران الحضري) إلى مفهوم الدولة. فأثناء مرحلة «العمران البدوي» يوجد صراع بين مختلف العصبيات على الرئاسة ضمن القبيلة الواحدة، أي ضمن العصبية العامة حيث:
. ومن هنا ينجم التنافس بين مختلف العصبيات الخاصة على الرئاسة، تفوز فيه بطبيعة الحال العصبة الخاصة الأقوى التي تحافظ على الرئاسة إلى أن تغلبها عصبة خاصة أخرى وهكذا.
يحدد ابن خلدون مدة وراثة الرئاسة ضمن العصبية القوية بأربعة أجيال على العموم، أي بحوالي 120 سنة في تقديره.
وبذلك ينهي ابن خلدون نظريته المتعلقة باسلطة أثناء مرحلة (العمران البدوي) ويخلص إلى نتيجة أن السلطة في تلكُمُ المرحلة مبنية أساسا على العصبية بحيث لا يمكن أن تكون لها قائمة بدونها.
العصبية والسلطة في العمران الحضري
انطلاقا من نظريته السابقة المتعلقة بدور العصبية في الوصول إلى الرئاسة في المجتمع البدوي، واصل ابن خلدون تحليله على نفس النسق فيما يتعلق بالسلطة في المجتمع الحضري مبينا أن العصبية الخاصة بعد استيلائها على الرئاسة تطمح إلى ما هو أكثر، أي إلى فرض سيادتها على قبائل أخرى بالقوة، وعن طريق الحروب والتغلب للوصول إلى مرحلة الملك (. وهذا التغلب هو الملك، وهو أمر زائد على الرئاسة. فهو التغلب والحكم بالقهر، وصاحبالعصبية إذا بلغ رتبة طلب ما فوقها). معتمدا في تحقيق ذلك أساسا وبالدرجة الأولى على العصبية حيث أن (الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك). فهذه اذن المرحلة الأولى في تأسيس الملك أو الدولة، وهي مرحلة لا تتم إلا من خلال العصبية.
بالوصول إلى تلك المرحلة يبدأ (العمران الحضري) شيئا فشيئا وتصبح السلطة الجديدة تفكر في تدعيم وضعها آخذة بعين الاعتبار جميع العصبيات التابعة لها، وبذلك فانها لم تعد تعتمد على عامل النسب بل على عوامل اجتماعية وأخلاقية جديدة، يسميها ابن خلدون (الخلال). هنا تدخل الدولة في صراع مع عصبيتها، لأن وجودها أصبح يتنافي عمليا مع وجود تلك العصبية التي كانت في بداية الأمر سببا في قيامها، (يتراءى لنا مبدأ نفي النفي في المادية الجدلية<إضافة رابط المادية الجدلية ان وجد>). ومع نشوء يتخطى الملك عصبيته الخاصة، ويعتمد على مختلف العصبيات. وبذلك تتوسع قاعدة الملك ويصبح الحاكم أغنى وأقوى من ذي قبل، بفضل توسع قاعدة الضرائب من ناحية، والأموال التي التي تدرها الصناعات الحرفية التي التي تنتعش وتزدهر في مرحلة (العمران الحضري) من ناحية أخرى.
لتدعيم ملكه يلجأ إلى تعويض القوة العسكرية التي كانت تقدمها له العصبية الخاصة أو العامة (القبيلة) بإنشاء جيش من خارج عصبيته، وحتى من عناصر أجنبية عن قومه، وإلى اغراق رؤساء قبائل البادية بالأموال، وبمنح الإقطاعات كتعويض عن الامتيازات السياسية التي فقدوها. وهكذا تبلغ الدولة الجديدة قمة مجدها في تلك المرحلة، ثم تأخذ في الانحدار حيث أن المال يبدأ في النفاذ شيئا فشيئا بسبب كثرة الإنفاق على ملذات الحياة والترف والدعة. وعلى الجيوش ومختلف الموظفين الذين يعتمد عليهم الحكم. فيزيد في فرض الضرائب بشكل مجحف، الشئ الذي يؤدي إلى إضعاف المنتجين، فتتراجع الزراعة وتنقص حركة التجارة، وتقل الصناعات، وتزداد النقمة وبذلك يكون الحكم قد دخل مرحلة بداية النهاية، أي مرحلة الهرم التي ستنتهي حتما بزواله وقيام ملك جديد يمر بنفس الأطوار السابقة اغلتي يجملها ابن خلدون في خمسة أطوار. (. وحالات الدولة وأطوارها لا تعدو في الغالب خمسة أطوار.
وإذن فإن تحليل ابن خلدون بولادة ونمو وهرم الدولة هو ذو أهمية بالغة، لأنه ينطلق من دراسة الحركة الداخلية للدولة المتمثلة في العصبية، تلك المقولة الاجتماعية والسياسية التي تعتبر محور كل المقولات والمفاهيم الخلدونية. فقد اعتمد عليها اعتمادا أساسيا في دراسته الجدلية لتطور المجتمعات الإنسانية (العمران البشري) وكأنه يبشر منذ القرن الرابع عشر بما اصطلح على تسميته في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بالمادية الجدلية. وفي غمرة انطلاقت العلمية الرائعة الرائدة وضع إصبعة على العصب الحساس والرئيسي، وان لم يكن الوحيد في تطور (العمران البشري) ألآ وهو الاقتصاد.
عمومًا مجتمع الملايو المسلم في ماليزيا هو مجتمع ذو طيبة وطبيعة حداثية، [3] لكنه يعيش عدة تحديات على المستوى الأقتصادي والديني والتعليمي وسيرورة الإندماج، [3] طبقًا لنظرية يمكن مواجهة هذه التحديات أو تجاوزها عن طريق الرفع من حس التجانس الاجتماعي داخل المجتمع وأحد أهم الخطوات لبناء هذا الحس هي تعلم تقبل الأخر وأحترام رأيه بغض النظر عن لونه أو أصله أو ولائه السياسي أو فهمه الديني تحث مظلة القانون وبتوافق مع الشريعة الإسلامية، وبالإضافة إلى الاهتمام الحالي للملايو بالسياسة يجب دفعهم نحو اهتمامات أخرى ومجالات من شأنها أن تقوي المجتمع كالتعليم والفقه والاقتصاد.[3]
الثورة التونسية أسقطت نطام بن على وأزالت عصبتيه المتهالكة.[4] لكن فيما يخص الحالة التونسية لم تستبدل عصبية بأخرى لأن الثورة لم تكن ثورة حزب أو طائفة، بل كانت ثورة شعبية عارمة بدون عصبية وبهذا تكون دورة التاريخ حسب ابن خلدون قد بدأت من جديد والعصبية السائدة في تونس هي في حالة ظهور لكنها لم تتشكل بعد، حتى حدود الساعة وكتابة هذه الأسطر.[4]
كثيرا ما يتم فهم نظرية العصبية بشكل خاطئ حين يتم ربطها بشكل رئيسي بالغلبة القبلية. فيما هي خليط من عدة عوامل قد تكون القبلية خارجها، ليبيا السنوسية خير مثال على ذلك، [5] تأسست ليبيا السنوسية سنة 1837 على يد محمد بن على السنوسي الذي تعود أصوله إلى مستغانم بالجزائر وأنه لمن الغريب أن يولي الليبيون عليهم شخصًا من أصول غير ليبية. [5] لكن الحركة السنوسية التي اتخذت من إقليم برقة مقراً لها كانت لها عدة أراء سياسية كرفض الوجود الأجنبي ومحاربة الفساد إضافة إلى أنها كانت مدرسة دينية مستقلة عن المدارس الأخرى (الوهابية، الأزهر، الزيتونة...). كل هذا سمح لسنوسية بجمع القبائل وتكوين عصبية مبنية على الوطنية الليبية مستغلة الوضع الناتج عن عدم وجود سلطة سياسية أو دينية في ذاك الوقت. [5]
خير تمثل للفكر الخلدوني هو انقلاب 1969، فمع بداية 1960 بدأ النظام السنوسي يعيش أزمة. حيث أن هذا النظام مرهون للقوى الأجنبية غير قادر على الإصلاح، كما برز بدوره السلبي خلال حرب الستة أيام. [5] وطبقًا لنظرية العصبية استعادة القوى القبلية بهذا الإنقلاب دورها وأعيدت دورة التاريخ من جديد في ليبيا حيث أنه من بين الضباط 112 الذين قادوا الانقلاب 95% ينتمون للقبائل الليبية و 75% من خلفية بدوية، من جهة أخرى العصبية التي كانت تربط القبائل بالنظام زالت والسنوسية خيبت ظن القبائل التي لم تبدي ردة فعل عكسية إزاء الانقلاب.[5]
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.