Loading AI tools
شاعر تركي مؤلف نشيد تركيا الوطني من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
محمد عاكف آرصوي (بالتركية: Mehmet Âkif Ersoy) (ولد في إسطنبول سنة 1290 هـ الموافق 1873م)، شاعر من أب تركي يسمى محمد طاهر وأم بخارية تدعى أمينة هانم، وتعلم العربية على يد والده الذي كان مدرساً في مدرسة الفاتح، ودرس الابتدائية والمتوسطة، ثم لما مات والده درس في مدرسة البيطرة، وتخرج فيها سنة 1893 ليعمل مفتشاً في وزارة الزراعة، ولم ينس أن يغترف من مصادر الإسلام فحفظ القرآن وهو ما زال بعد في التاسعة من عمره، على يد إمام جامع الفاتح، ودرس الحديث، واللغة العربية، ودرس أيضاً الفارسية والفرنسية.
محمد عاكف آرصوي | |
---|---|
(بالتركية: Mehmet Akif Ersoy) | |
معلومات شخصية | |
الميلاد | 20 ديسمبر 1873 إسطنبول - الدولة العثمانية |
الوفاة | 27 ديسمبر 1936 (63 سنة)
إسطنبول - تركيا |
سبب الوفاة | تشمع الكبد |
مكان الدفن | مقبرة الشهداء في أدرنة قابي |
الجنسية | تركي |
الديانة | مسلم |
الحياة العملية | |
المهنة | شاعر، كاتب، معلم، نائب في البرلمان، بيطار |
الحزب | جمعية الاتحاد والترقي |
اللغة الأم | التركية، وملك أرميني |
اللغات | العثمانية |
أعمال بارزة | نشيد الاستقلال التركي |
الجوائز | |
جائزة رئاسة الجمهورية الكبرى للثقافة والفنون (2018) | |
التوقيع | |
تعديل مصدري - تعديل |
بعد تخرجه في مدرسة البيطرة دار في الأناضول والبلقان وسوريا والجزيرة العربية، واقترب من الناس فعرف أحوالهم، وسير شؤونهم، ثم صار مدرساً في إسطنبول سنة 1906- 1907، وبعد إعلان الحكم الدستوري سنة 1908 شارك في إصدار مجلة الصراط المستقيم ونشر فيها أكثر أعماله الأدبية والفكرية، وفي السنة نفسها عُين مدرساً للأدب في دار الفنون «جامعة اسطنبول»، وأسند إليه تدريس الأدب العربي وأصول الترجمة بين العربية والتركية.
انتسب إلى جمعية الاتحاد والترقي التي خدعته بشعاراتها، فلما وقف على حقيقتها فترت علاقته بها فتوراً بيناً، وعارض أفكار ضياء آلب الذي كان بمثابة الأب الروحي لتلك الجمعية المشبوهة.
في سنة 1915 زار ألمانيا في مهمة من قبل الدولة فبقي في برلين ثلاثة أشهر، ورأى هنالك أسرى للمسلمين تابعين للدولة الروسية والإنجليزية فتفقد شؤونهم، ثم عاد إلى بلاده،
لما هُزمت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ودخل الحلفاء تركيا شارك في تحرير بلاده بقصائد شعرية ملهبة، وانتخب بعد ذلك في مجلس النواب في دورته 1920-1923 ممثلاً عن محافظته، ثم لما انتهت مدته في مجلس النواب عاد إلى إسطنبول من أنقرة، ولم يدعه الحزب الحاكم لخوض الانتخابات مرة أخرى؛ ويبدو أن هذا كان بسبب اتجاهه الإسلامي الظاهر. وفي تلك السنوات كتب نشيد الاستقلال الذي أقره البرلمان التركي ليكون نشيداً رسمياً لتركيا في 12 مارس سنة 1921، وكان هناك سبعمائة متسابق قدموا أناشيدهم قبله فلم يفز أي منهم، ومما جاء في هذا النشيد:
لا تخف، لن تطفأ الرايات في كبد السماء
ولسوف تبقى شعلة حمراء من غير انطفاء
إنها كوكب شعبي، سوف يبقى في العلاء
وهي ملكي، ملك شعبي لا جدال أو مراء
لا تقطب حاجبا، أرجوك، يا أحلى هلال
نحن أبطال تبسم، فلم القسوة؟ ما هذا الجلال؟
ابتسم دعنا نرى أحرام ما بذلنا من دماء أم حلال؟
الحق تعبد أمتي، والحق حق أمتي أن تستقل لا جدال!
قد عشت حرا منذ كان الكون، حرا لا أزال
عجبا، لمعتوه يصدق أن تقيدني سلاسل أو حبال
أنا مثل سيل هادر دفع السدود إلى نهايات الزوال
دوما أفيض، فأملأ الارجاء، أقتحم الجبال
قد سلحوا سور الحديد يحيط بالغرب الجحود
و يفيض بالايمان صدري فهو من خير الحدود
لن يخنقوا الايمان دعهم ليس ترهبنا الرعود
هذي «الحضارة» بعبع متكسر الأسنان صنو للجمود
يا صديقي! لا تجعل الأشرار يقتربون واحذر!
ولتجعل الاجساد درعا واجعل العدوان يقهر
فستشرق الايام، وعد الله، وعد لا يؤخر
فمن يدري يكون غدا؟ أم يا ترى سيكون أبكر؟
فتمهل حين تمضي وتأمل، هل ظننت الأرض رملا؟
تحتها ألف شهيد وشهيد نائم والأرض حبلى
لا تؤذهم يا ابن الشهيد كفاك منقصة وذلا
لا تمنح الوطن الجميل ولو منحوك هذا الكون سهلا
هذه الاوطان جنة، أليس تفديها الدماء؟
لو لمست الأرض لمسا لاستفاضت شهداء
لا أبالي لو فقدت الروح والاموال لا أخشى الفناء
كل ما أخشى ابتعادى عن بلادي أو فراق أو جفاء
إلى الآن هو النشيد الرسمي للدولة التركية ويردده مئات الملايين من الأتراك منذ قرابة تسعين سنة إلى يومنا هذا.
كتب عاكف كثيراً من المقالات السياسية والأدبية في مجلته «الصراط المستقيم» والتي صار اسمها بعد ذلك «سبيل الرشاد»، ومما كتبه:
«لم يكن أمام مسلمي الأناضول التركي بعد أن رأوا حجم مصيبة الاعتداء على حرمة أراضيهم غير العودة مجدداً لحمل السلاح والعمل على صد حملات أهل الصليب في حضارة القرن العشرين».
وكتب منتقداً القومية التي شاعت في تركيا آنذاك: «يا جماعة المسلمين: أنتم لستم بعرب، ولا ترك، ولا بلقانيين، ولا أكراد، ولا قوقازيين، ولا شركس، أنتم فقط عبارة عن أفراد في أمة واحدة هي الأمة الإسلامية، وكلما حافظتم على الإسلامية لم تفقدوا قومياتكم».
شغف في صدر شبابه بالشاعر الفارسي سعدي الشيرازي وترجم أكثر شعره إلى التركية، وأعجب بالشاعر المصري ابن الفارض.
أما شعره فمجموع في دواوين سبعة ما زالت تروج بين الأتراك،
كتب قصيدة بعنوان «من صحراء نجد إلى المدينة المنورة» تحدث فيها عن زيارته للمدينة المنورة سنة 1914. من شعره الذي ترجمه صديقه الدكتور عبد الوهاب عزام رحمهما الله:
ما كنت لأقف معقود اللسان أقلب الطرف فيما حولي، ولم يكن لي بد أن أنوح لأوقظ الإسلام، إنما أريد أن تفور القلوب المرهفة الحس، الراسخة الإيمان... إني أنوح ولكن لمن؟ أين أهل الدار؟ أقلب طرفي فلا أظفر إلا بأمم نائمة.
ومن شعره لما زار الأقصر فوجد فيه سياحاً أجانب فرنسيين وإنجليزيين وألمانيين يحتسون الخمر، ورأى أمامه آثار الفراعنة فقال:
"رأيت أمامي نحو ثلاثة عشر نفراً من السائحين ما بين فرنسيين وإنجليز وألمان، مجتمعين زرافات ووحداناً وللكؤوس بينهم رنين، فالفرنسيين يضحكون لأن كيسهم المملوء يهز الدنيا المدينة لهم هزاً عنيفاً، وليس في الدنيا ما يحزنهم إلا هزيمة "سيدان"، ومع ذلك فإن الرغد والرفاهية ينسيان الإنسان أنكى الجروح. والإنجليز يضحكون وما أجدرهم بالضحك لأن الدنيا كلها رهن إشارتهم... يؤلبون شعوب الأرض بعضها على بعض وينظرون عن بُعد فرحين. والألمان يضحكون لأن قوة عضدهم كفيلة بأن يصدق العالم جميع ما يقولون، وما دام البشر لا يعطى الحق إلا للقوة، فما الحيلة في الوصول إلى الحق بغير القوة.
أضعيف أنت إذن؟ فالنحيب أولى بك، نعم في هذه الساحة من الصخب: صخب الحبور، وجلبة السرور، أنا وحدي اليأس الذي لا يبتسم، قد أخذت أبكي وما أجدرني بالبكاء، فأنا كالقريب من ديار ديني... هذه السهول لا ترجع حديثي، أيها الشرق العظيم، أيها العالم المترامي الأطراف: ليت شعري في أي بقعة من بقاعك نجد أبناءك السعداء، إن رأسك ترزح تحت الشدائد وعضدك واه، وذراعيك مغلولتان، ولما يهب نسيم الاستقلال على قلبك بعد، قد طفت في أرجائك كلها لأرى أمامي داراً للإسلام فكلّت قدماي.
وكلما تناهت إلي من سبيلي أصوات الأجانب لم تفض روحي الباكية إلا بخيبة الأمل فهل كان نصيبي أن أكون غريباً في قلب الإسلام، إن هذه العاقبة لأقصى انتقام للأيام، والآن وقد تقدمت بي السنون ووهت قدماي فعلى بنيّ أن يجاهدوا ويأخذوا بثأري".
وفي كلامه تشاؤم لكن أنى لمثله أن يتفاءل وهو يرى الأكثرية الساحقة من ديار الإسلام آنذاك محتلة ومسحوقة، وهو يرى أكثر المسلمين آنذاك في صدٍّ عن الإسلام وهجران لشريعته وشعائره.
ومن أعماله ترجمة معاني القرآن إلى التركية، صنع ذلك في مصر أيام منفاه فيها، لكنه – على حذره في الترجمة واهتمامه بها - لم يرض عن عمله هذا فطواه ولم ينشره حتى ذهب أدراج الرياح.
لما ألغى مصطفى كمال السلطنة فالخلافة، ونكّل بالشعب التركي كل التنكيل صُدم عاكف صدمة بالغة، وذلك لأنه كان يدعو إلى الوحدة الإسلامية في أشعاره وكتاباته، فرأى ذلك قد ذهب أدراج الرياح، ورأى أن التركي المسكين كان يُعدَم من أجل إصراره على الطربوش ورفضه القبعة، ورأى الإسلام يحارب حرباً شعواء، فلما وقف على ذلك كله آثر الخروج من تركيا فيمّم وجهه شطر مصر، التي زارها من قبل مرتين مدعواً من قبل صديقه الأمير عباس حليم باشا، سنتي 1914، 1924، ووصلها في المرة الثالثة سنة 1925.
توطدت صلته فيها بالأديب المصري عبد الوهاب عزام الذي مهد له الطريق إلى تدريس اللغة التركية في جامعة فؤاد: «القاهرة»، وهيأ له الصلة بمثقفي مصر، لكنه عانى في مصر من زوجه التي أصبحت حادة المزاج، وعانى من الفقر والوحدة، وعانى كثيراً من غربته، وفي سنة 1935 - بعد عشر سنوات من إقامته بمصر - غادرها إلى لبنان للاستجمام، ومن ثم إلى إسطنبول ليموت بها في 27 ديسمبر سنة 1936.
كان محرر مجلة «يدي كون» التركية الأستاذ قندمير قد اجتمع بالأستاذ في المستشفى، وإليكم أهم ما دار بينهما من الحديث الذي ترجمه إلى العربية الأستاذ محمد يلماز مدرس اللغة العربية بكلية الإلهيات بجامعة أولوداغ التركية:
كان قد تأثر كثيراً بالأستاذ جمال الدين الأفغاني ودعوته لنبذ الاستبداد ونيل الحريات ولو بالقوة، وكان يردد آراءه وآراء تلميذه الأستاذ محمد عبده، وترجم كثيراً من تلك الآراء إلى اللغة التركية، وأفراد لمقالات الأستاذ محمد فريد وجدي حيزاً كبيراً من جريدته، وترجم كتاب الأستاذ فريد «المرأة المسلمة».
تأثر بالشاعر الكبير محمد إقبال وصيحاته الثائرة، وقد أخبر عنه صديقه الأديب الدكتور عبد الوهاب عزام:
"كم تحدثناً وقرأنا في سيرنا وجلوسنا في الأداب الثلاثة: العربية والفارسية والتركية، وكنت أحب أن أقرأ عليه شعره، وكان يسره أن يستمع إليه، وكانت كل أحاديثنا وقراءاتنا متعة نجتمع فيها على الفكر والذوق والأمل والألم، وكان أطيب المجالس مجلساً نفرغ فيه إلى شعر محمد إقبال، فقد عرفني بإقبال يوم أعارني ديوانه "بيام مشرق" فإذا صفا الوقت عمدت إلى أحد كتب إقبال فقرأت، واستمع مقبلاً مستغرقاً، يقطع إنشادي في الحين بعد الحين بالاستعادة أو الاستحسان أو التعجب أو التأوه، وأذكر أننا بدأنا كتاب إقبال "أسرار خودي" فوالينا الجلسات حتى أنهيناه إنشاداً ثم أتبعنا به أخاه "رموز بي خودي" فختمناه على شوق إلى الإعادة.
قال عنه: الأستاذ الألماني ريتشارد هرتمان:
«هو مع إحاطته –على العموم- بالحياة الثقافية والسياسية يتعمق من الوجهة الإصلاحية في الدين، وما يعنيه من الرجوع إلى الإسلام يعني به الرجوع إلى الإسلام القديم لا بإبعاد الأمور التي غيرت منه أثناء تطوره التاريخي فحسب، بل أيضاً وقبل كل شيء يريد الوقوف ضد هؤلاء العصريين المندفعيين في تيار الغرب، وضد دعاة المذهب القومي، فهي حركة دينية تريد أن يكون الدين قوة تخضع لها كل الحياة المدنية في غير إضرار بحركة الفرد».
ولم يكن له كبير ذكر في بلاده إلى أن قرر مجلس الأمة التركي في 4 مايو 2007 قراراً باعتبار يوم 12 مارس من كل عام يوماً وطنياً للاحتفال رسمياً بذكرى قبول النشيد الوطني التركي والاحتفاء بشاعره، ولعل في هذا شيئاً من التكريم له والوفاء.
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.