إنجلترا في العصور الوسطى المتأخرة
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
إنجلترا في العصور الوسطى المتأخرة هي فترة من تاريخ انجلترا في فترة العصور الوسطى المتأخرة، والممتدة منذ القرن الثالث عشر حينما انتهى عصر ملوك إنجلترا الأنجويين وتبوأ هنري الثالث العرش –والذي يعتبره الكثيرون بداية سلالة بلانتاجينت التي حكمت إنجلترا– وحتى تولي سلالة تودور عرش البلاد عام 1485، وهو الحدث الذي غالبًا ما يُعتبر بداية نهاية العصور الوسطى ومجيء النهضة الإنجليزية وبداية التاريخ المبكر لبريطانيا الحديثة.
عند تولي هنري الثالث العرش، بقي جزء ضئيل من الممتلكات الإنجليزية في غشكونية (غاسكونية)، ما اضطر ملوك إنجلترا إلى تقديم الولاء لفرنسا، وأدى إلى تمرد البارونات. استُعيدت السلطة الملكية على يد ابن هنري الذي ورث العرش عام 1272 وأصبح يُعرف بإدوارد الأول. أعاد إدوارد تنظيم ممتلكاته، واستطاع السيطرة على ويلز ومعظم أجزاء اسكتلندا. هُزم ابنه إدوارد الثاني في معركة بانوكبورن عام 1314 وخسر بالتالي السيطرة على اسكتنلدا. خُلع إدوارد الثاني عن العرش في نهاية المطاف إثر انقلاب، وتولى ابنه إدوارد الثالث إدارة المملكة منذ عام 1330. دفعت الخلافات حول وضع غاشكونية بإدوارد الثالث إلى المطالبة بعرش فرنسا، ما أدى إلى نشوب حرب المائة عام، والتي تمتع فيها الإنجليز بالانتصارات في البداية، لكن صحوة فرنسية برزت خلال عهد ريتشارد الثاني، حفيد إدوارد الثالث.
شهد القرن الرابع عشر المجاعة الكبرى والموت الأسود، بالإضافة إلى أحداث كارثية أدت إلى مقتل نحو نصف سكان إنجلترا، ما دفع بالاقتصاد نحو الفوضى وأضعف النظام السياسي القديم الذي كان قائمًا. تزامنًا مع نقص اليد العاملة في المزارع، تحولت معظم الأراضي الزراعية في إنجلترا إلى مراعٍ، تحديدًا مراعي الخراف. ثم جاء الاضطراب الاجتماعي متمثلًا بثورة الفلاحين عام 1381.
تخلّص هنري بولينغبروك من ريتشارد عام 1339، وأصبح لاحقًا هنري الرابع مؤسس أسرة لانكستر، وأعاد إشعال الحرب مع فرنسا. حقق ابنه هنري الخامس نصرًا حاسمًا في معركة أجينكور عام 1415، واستعاد نورماندي، وضمن أن يرث ابنه الرضيع هنري السادس عرشي إنجلترا وفرنسا بعد موته بشكل مفاجئ عام 1421. نهض الفرنسيون مرة أخرى، وبحلول عام 1453، خسر الإنجليز معظم ممتلكاتهم في فرنسا تقريبًا. تبيّن أن هنري السادس ملك ضعيف، وخُلع عن العرش إبان حرب الوردتين، فاستولى إدوارد الرابع على العرش وكان أول حاكم من أسرة يورك. بعد وفاته وتولي شقيقه ريتشارد الثالث عرش إنجلترا، غزا هنري تودور البلاد وحقق انتصارًا في معركة بوسوورث عام 1485 معلنًا عن نهاية حكم سلالة بلانتاجينت.
مرّت الحكومة الإنجليزية بفترات من الإصلاح والانحدار، فبرز البرلمان بصفته جزءًا مهمًا في الإدارة. كان للمرأة دور اقتصادي مهم، ومارست النبيلات سلطتهن على عقاراتهن وممتلكاتهن عند غياب أزواجهن. بدأ الإنجليز يعتبرون أنفسهم متفوقين على جيرانهم في الجزر البريطانية، واستمر صعود الهويات المناطقية. وصلت الأنظمة الرهبانية الجديدة والمُصلَحة وفرق التبشير إلى إنجلترا منذ القرن الثاني عشر، وأصبح الحج رائجًا بشدة، وبرزت جماعة اللولار (المدندنون) كجماعة مهرطقة كبرى منذ أواخر القرن الرابع عشر. كان للعصر الجليدي الصغير تأثير بارز على الزراعة وظروف العيش. بدأ النمو الاقتصادي بالتعثر في نهاية القرن الثالث عشر جراء مزيج من العوامل، كالاكتظاظ السكاني ونقص الأراضي واستنزاف التربة. تطورت التكنولوجيا والعلوم جزئيًا من الأفكار الإغريقية والإسلامية التي وصلت إنجلترا منذ القرن الثاني عشر. في المجال الحربي، جرى توظيف المرتزقة بشكل متزايد، وأصبحت الموارد الكافية من المال النقدي جزءًا أساسيًا من أي حملة عسكرية ناجحة. بحلول عهد إدوارد الثالث، كانت الجيوش أصغر، بينما كان تنظيم الجنود ومعداتهم أفضل. خلقت إنجلترا في العصور الوسطى فنونها على هيئة لوحات ومنحوتات وكتب وأقمشة، والكثير من الأدوات العملية التي تمتاز بالجمال. كُتب الأدب باللاتينية والفرنسية، ومنذ عهد ريتشارد الثاني، تزايد استخدام الإنجليزية الوسطى في الشعر. كانت الموسيقا والغناء أمورًا مهمة، واستُخدما في المراسم الدينية والمناسبات الاحتفالية في بلاط الملك، وصاحبا أيضًا الأعمال المسرحية. خلال القرن الثاني عشر، أصبح أسلوب العماُرة الأنجلو–نورماندي أكثر زخرفة، فبرزت الأقواس المدببة المأخوذة من فرنسا، والتي أُطلق عليها اسم العمارة القوطية الإنجليزية المبكرة.