عنصرية ثقافية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
العنصرية الثقافية، وتسمى أحيانًا العنصرية الحديثة، أو العنصرية الجديدة، أو عنصرية ما بعد الحداثة، أو العنصرية التفاضلية، هي مفهوم يطلَق على التحيّز والتمييز على أساس الاختلافات الثقافية بين المجموعات الإثنية أو العرقية. وهذا يشمل فكرة أن بعض الثقافات تتفوّق على غيرها، وأن الثقافات المتنوعة غير متوافقة بشكل أساسي ويجب ألا تتعايش في نفس المجتمع أو الدولة. تختلف العنصرية الثقافية عن العنصرية البيولوجية أو العلمية التي تعني التحيّز والتمييز المبني على الاختلافات البيولوجية الملحوظة بين المجموعات الإثنية أو العرقية.
طوّر باحثون من أوروبا الغربية، مثل: مارتن باركر وإتيان باليبار وبيير أندريه تاغييف، مفهوم العنصرية الثقافية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين. ناقش هؤلاء المنظّرون بأن معاداة المهاجرين الواضحة آنذاك في البلدان الغربية يجب أن يطلَق عليها مسمّى عنصرية، وهو مصطلح استُخدم لوصف التمييز على أساس العِرق البيولوجي الملحوظ منذ أوائل القرن العشرين. وناقشوا أن العنصرية البيولوجية أصبحت أقل انتشارًا تدريجيًا في المجتمعات الغربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ومع ذلك حلّت محلها عنصرية ثقافية جديدة بُنيت على الاعتقاد بوجود اختلافات ثقافية جوهرية لا يمكن تجاهلها. وأشاروا إلى أن الحركات اليمينية المتطرفة مثل نوفيل دروات الفرنسية روّجت لهذا التغيير.
طُرحت ثلاث حجج رئيسية تبيّن لمَ يجب اعتبار الاعتقاد بوجود اختلافات ثقافية جوهرية لا يمكن تجاهلها تصرّفًا عنصريًّا. الحجة الأولى: العداء على أساس ثقافي يمكن أن يؤدي إلى نفس الممارسات التمييزية والمسيئة التي تنتج عن الاعتقاد بوجود اختلافات بيولوجية جوهرية، مثل الاستغلال أو الاضطهاد أو الإبادة. والحجة الثانية: الاعتقاد بوجود اختلاف بيولوجي وثقافي غالبًا ما يكون مترابطًا وأن العنصريين البيولوجيين يستخدمون ادعاءات الاختلاف الثقافي للترويج لأفكارهم في السياقات التي تكون فيها العنصرية البيولوجية غير مقبولة اجتماعيًا. أما الحجة الثالثة: تعترف فكرة العنصرية الثقافية بأنه في العديد من المجتمعات، تعرّضت مجموعات كالمهاجرين والمسلمين للتصنيف العرقي، إذ بات يُنظر إليها على أنها مجموعات اجتماعية متباينة ومنفصلة عن الأغلبية على أساس سماتها الثقافية. جادل أولئك المتأثرون بالتعليم النقدي الذين يدعون إلى القضاء على العنصرية الثقافية في البلدان الغربية أنه يجب القيام بذلك من خلال تعزيز التعليم متعدد الثقافات ومناهضة العنصرية في المدارس والجامعات.
أُثير جدلٌ حول جدوى هذا المفهوم. جادل بعض الباحثين أن التحيّز والعداء القائم على الثقافة يختلف اختلافًا كبيرًا عن العنصرية البيولوجية ومن غير المناسب استخدام مصطلح «العنصرية» لكليهما. ووفقًا لهذا الرأي، إن إدراج التحيّز الثقافي ضمن مفهوم العنصرية يؤدي إلى اتساع المفهوم وإضعاف جدواه. أُثير بين الباحثين الذين استخدموا مفهوم العنصرية الثقافية جدلٌ حول مجالها. جادل بعض الباحثين أنه يجب اعتبار رهاب الإسلام شكلًا من أشكال العنصرية الثقافية. اختلف آخرون معهم بحجة أن العنصرية الثقافية تتعلق برموز الاختلاف المرئية مثل الملابس والمطبخ واللغة، بينما يتعلق رهاب الإسلام في المقام الأول بالعداء على أساس المعتقدات الدينية لشخص ما.