الزيف بكلِّ صنوفه، المدنيّ والدينيّ والعرقيّ والحزبيّ والشخصيّ الخالص، فساد في نظام قواعد الحياة، وخلل وتخريب لانسجام النفس والعقل والضمير، قائم على المصانعة. حربي ضد الزيف أبديّة. لكنّ حربي الكبرى تقوم ضد الشر، الأب الحنون والشرعيّ للزيف، متجسِّداً في صورة استبداد، حروب، عدوانيّة، سلب حقوق، تمييز جنسيّ وعرقيّ وطبقيّ، لصوصيّة، خضوع وإذلال طوعيّ، أو حتّى في هيأة غباء سياسيّ مؤذٍ.
في المجال السياسيّ يكون الشرّ أكثر تمويها من سواه، لذلك يكون السياسيّ، بحكم مهنته ودربته، أذكى الأشرار في نظر نفسه، لكنّه في حقيقة الأمر أكثرهم غباءً ووقاحة، وأكثرهم افتضاحاً.
قصصي كلّها، من دون استثناء، تؤرّخ للحظات فاصلة في التاريخ العراقيّ بدرجة رئيسة، والتاريخ العربيّ والإنسانيّ.
أنت لا تستطيع أن تحارب الأشرار كلّهم، من دون أن تكون عدوًّا من الطراز الأوّل.
أمورٌ جسيمةٌ حدثت في العراق. لكنّ الأمر الوجوديّ الأخطر هو تحطّم وانفلاق مركزيّة العنف... إنَّ المعضلة الكبرى تكمن في تمزّق الذات الوطنيّة، التي أصابها انحطاط عظيم جرّاء تحطّم مركزيّة العنف. وقد تعطّلت، أو تبدّدت معها، الآليّات الدفاعيّة التي تعلّمها وتدرّب عليها الإنسان العراقيّ طويلاً في مرحلة مركزيّة العنف.
العراق مطوّق بالعنف حتّى من سمائه، التي فقدها ولمّا يزل محروماً من حرّيّة إدارتها والتحكّم بها؛ ومطوّق من قاعه، الذي غدا محنته الكبرى، بدلاً من أن يكون أداة رخائه.