الناصريون (باليونانية: Ναζωραῖοι)[1] هم طائفة مسيحية يهودية قديمة، ورد ذكرها للمرة الأولى في سفر أعمال الرسل في العهد الجديد حين اتهم تيرتولوس بولس الطرسوسي أمام الوكيل الروماني أنطونيوس فيلكس في قيسارية ماريتيما بأنه زعيم طائفة الناصريين.[2] وقتئذ، كان الاسم يستخدم للإشارة إلى أتباع يسوع الناصري كما لا يزال يطلق عليهم في العبرية נוֹצְרִי. (nôṣrî),[3] وفي العربية (نَصْرَانِي).[4] وبمرور الزمن، أصبح الاسم يشير إلى طائفة من المسيحييين اليهود الذين ظلّوا يتعبدون بالتوراة مع الأمميين الذين قبلوا العهد لتمييزهم عن الأمميين الذين لم يقبلوا التوراة.[5] وصفهم إبيفانيوس السلاميسي في كتاباته، وكذلك فعل جيروم وأوغسطينوس من بعده.[6][7] إلا أنهم ميّزوا بين الناصريين الذين تواجدوا في زمانهم، وبين أولئك الذين ذكروا في سفر أعمال الرسل.[8]
يأتي اللقب "الناصريون" من الترجمة للكلمتين اليونانيتين الواردتين في العهد الجديد: (Ναζωραῖος, Ναζαραῖος). قد يشير كلمة Ναζωραῖος إلى دلالة دينية بدلًا من النسبة إلى موقع جغرافي، أما كلمة Ναζαρηνός فهي دلالة على الانتماء إلى الموقع الجغرافي Nazareth.[9] ولذا في العهد الجديد، تعد الصيغة Ναζαρηνός (التي تعني "من الناصرة") الأكثر شيوعًا عند الحديث عن يسوع الناصري.[1]
استخدم لقب الناصري مقرونًا باسم "يسوع" 14 مرة في العهد الجديد، واستخدم مرة واحدة في سفر أعمال الرسل للإشارة إلى طائفة المسيحيين الذين كان بولس زعيمًا لهم.[1] كان ترتيليوس أول من أشار إلى المسيحيين بلقب الناصريين،أعمال الرسل 24: 5 على الرغم من أن أغريباس الثاني استخدم مصطلح "المسيحيون" لوصف أتباع يسوع،أعمال الرسل 28: 26 وهو المصطلح الذي استخدم المرة الأولى في أنطاكية لوصفهم.أعمال الرسل 11: 26 ظل اللقب الذي استخدمه ترتيليوس مستخدمًا في المشناه العبرية وفي العبرية الحديثة نوتزريم (נוצרים) كمصطلح عبري لوصف المسيحيين، كما تواجد هذا اللقب في القرآن والعربية الحديثة في صيغة نَصَارَىٰ (مفردها نَصْرَانِيّ).
كتب ترتليان في كتابه «ضد مرقيون» أن اليهود أطلقوا على المسيحيين اسم "الناصريين" نظرًا لكون يسوع رجلًا من الناصرة، رغم أنه استخدمه أيضًا لوصف المُكرّسين لله في مراثي إرميا.[10] كما كتب جيروم أيضًا أن كلمة "الناصريين" استخدمت لوصف المسيحيين.[11] وكتب يوسابيوس القيصري حوالي سنة 311م، أن اسم "الناصريين" كان يستخدم سابقًا للإشارة إلى المسيحيين.[12][13] أما استخدام الكلمة لوصف طائفة معينة من المسيحيين لم يحدث حتى زمن إبيفانيوس السلاميسي الذي عاش في القرن الرابع الميلادي.[14] ويقول أرنولد إيرهارد أنه في الوقت الذي ظهر فيه لقب «مسيحيون» في أنطاكية، كان لقب «ناصريون» هو المستخدم في القدس.[15]
في ترجمة بشيطتا السريانية الآرامية، استخدمت الصفة (ܕܢܨܪܝܐ) "ناصرايا" المشتقة من كلمة (ܢܨܪܬ) "ناصرات" التي تعني "الناصرة" في مصطلحي "طائفة الناصريين" و"يسوع الناصري".[16][17][18]
وفقًا لما كتبه إبيفانيوس السلاميسي في كتابه باناريون، فإن ناصريي القرن الرابع الميلادي هم فالأصل يهود تحوّلوا إلى تلاميذ للمسيح[19] فرّوا من القدس بسبب نبوءة يسوع أنها ستُحاصر (حدث ذلك أثناء الثورة اليهودية الكبرى سنة 70م). فرّ الناصريون إلى بيلا وبيريا (شمال شرق القدس)، ثم انتشروا إلى بيرويا وباسانيتس حيث استقروا هناك.[20] كان الناصريون كالإبيونيين يعتبرون أنفسهم يهودًا يتبّعون شريعة موسى، ولكنهم خالفوا الإبيونيين في إيمانهم بالحبل بلا دنس.[21][22] واعتبروا يسوع نبيًّا.[23]
في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، كان الكاردينال همبرت من مورموتييه لا يزال يشير إلى الطائفة الناصرية بكونهم هيئة مسيحية تحافظ على السبت لا تزال موجودة في زمانه.[24] يعتقد العلماء المعاصرون أن الذين أشار إليهم الكاردينال همبرت هم طائفة الباسايين، كما يُعتقد أن غريغوريوس البيرغامي كتب حوالي سنة 1250 م، عن الناصريين معتبرًا إياهم أنهم هم الباسايين.
الإشارات الآبائية إلى الناصريين
في القرن الرابع الميلادي، أشار جيروم أيضًا إلى الناصريين على أنهم «أولئك الذين قبلوا المسيح بطريقة لا يتوقفون فيها عن الالتزام بالشريعة القديمة». وقال في رسالته الـ 75 إلى أوغسطينوس:
«ماذا أقول عن الإبيونيين الذين يتظاهرون بأنهم مسيحيون؟ إلى اليوم، لا تزال توجد بين اليهود في كل مجامع المشرق هرطقة تسمى هرطقة المينائيين، والتي لا يزال
الفريسيون يدينونها، يُطلق على [أتباعها] عادةً اسم "الناصريون"؛ يؤمنون أن المسيح ابن الله ولد من
مريم العذراء، ويعتبرونه هو الذي تألم على عهد بيلاطس البنطي وصعد إلى السماء، والذي به نؤمن أيضًا. ورغن أنهم يتظاهرون بأنهم يهود ومسيحيون، فإنهم ليسوا كذلك.
[25][26]»
رأى جيروم أن هناك فرقًا بين الناصريين والإبيونيين التي هي طائفة يهودية مختلفة، لكنه لم يُشر إلى ما إذا كان اليهود الناصريون يعتبرون أنفسهم "مسيحيين" أم لا؟. لكن وصف جيروم توافق مع وصف الناصريين الذين ذكرهم فيلاستروس [الإنجليزية].[27]
أدان كاهن كنيسة في القسطنطينية في نفس الفترة عقيدة وممارسات الناصريين، فقال:
«إنني أتخلى عن جميع العادات والطقوس والقوانين والفطير وذبائح حملان العبرانيين وجميع أعياد العبرانيين الأخرى والذبائح والصلوات والتطهيرات والتقديسات والكفارات والأصوام وأهلة الشهور والسبوت والخرافات والتراتيل والأناشيد والطقوس والمجامع والطعام والشراب العبراني؛ بكلمة واحدة، أنا أتخلى عن كل شيء يهودي، كل قانون وطقوس وعادات، وإذا كنت سأرغب بعد ذلك في إنكار
الخرافات اليهودية والعودة إليها، أو وجدتني آكل مع اليهود، أو أتناول الولائم معهم، أو أتحدث سرًا وأدين الدين المسيحي بدلاً من دحضهم علناً وإدانة إيمانهم الباطل، دع ارتعاشة جيحزي
[28] تلتصق بي، وكذلك عقوبات الشريعة التي أعترف أنني معرض لها. ولأكن محرومًا في الدهر الآتي، ولتكن روحي مع الشيطان والشياطين.
[29]»
بعد القرن الرابع الميلادي أيضًا، أشارت بعض الكتابات إلى الناصريين. فقد اقتبس توما الأكويني في تعليقه على إنجيل متى عن أوغسطينوس الهيبي أنه حصل على سفر مُلفّق منسوب إلى إرميا من عبراني من الطائفة الناصرية. لذا يبدو أن هذا المصطلح بقي على الأقل حتى القرن الثالث عشر الميلادي في المناقشات الأوروبية.
عقائد الناصريين
وصف العديد من آباء الكنيسة وعلماء الهرطقات معتقدات الطائفة أو الطوائف الناصرية.
- حول اعتقادهم في يسوع كمسيح:
«الناصريون... يقبلون المسيح بطريقة لا يتوقفون فيها عن حفظ الشريعة القديمة.»
–
جيروم
«وهم يعتقدون أن المسيح ولد من مريم العذراء.» – جيروم
- الالتزام بالختان وشريعة موسى:
«إنهم يختلفون مع اليهود لأنهم آمنوا بالمسيح؛ ولكن بما أنهم ما زالوا مقيدين بالناموس – الختان، والسبت، والباقي – فإنهم لا يتفقون مع المسيحيين.»
–
إبيفانيوس السلاميسي
- استخدام العهد القديم والعهد الجديد:
«إنهم لا يستخدمون العهد الجديد فقط، بل العهد القديم أيضًا، كما يفعل اليهود.» – إبيفانيوس السلاميسي
- استخدام النصوص العبرية والآرامية في العهد الجديد:
«لديهم الإنجيل بحسب متى كاملاً باللغة العبرية. فمن الواضح أنهم ما زالوا يحتفظون به بالأبجدية العبرية، كما كُتب في الأصل.» – إبيفانوس السلاميسي
«وينقل هيجيسيبوس الناصري بعض مقاطع من
إنجيل العبرانيين ومن السريانية [الآرامية]، وبعض التفاصيل من اللسان العبري التي تبين أنه نقلها عن العبرانية، وذكر أمورًا أخرى مأخوذة من الروايات الشفهية لليهود.»
–
يوسابيوس القيصري
يُطلق على القلة العارفة بأسرار الديانة المندائية اسم "ناصوراي" ويعني "الأوصياء" أو "أصحاب الطقوس والمعرفة السرية".[30] وبحسب ما جاء في حران غويطة، فقد فرّ الناصريون المندائيون من القدس قبل سقوطها سنة 70م بسبب اضطهادهم على يد فصيل من اليهود.[31] اشتقت كلمة "ناصوراي" المندائية من الجذر اللغوي ن-ص-ر- الذي يعني "يحفظ"، لأنه على الرغم من رفضهم الشريعة الموسوية، إلا أنهم يعتبرون أنفسهم حفظة للمعرفة الصوفية. وفقًا لجوزيف لايتفوت، فقد ميّز إبيفانيوس السلاميسي بين الأوسينيين والناصريين[32] الذين قال أنهما تمثلان المجموعتين الرئيسيتين ضمن الإسينيين:
«الناصريون - وهم يهود حسب الجنسية - أصلهم من جلعاد وبشانيتس وشرق الأردن ... اعترفوا
بموسى واعتقدوا أنه تلقى شرائع - ولكن ليس هذه الشريعة، بل بعض القوانين الأخرى. وهكذا، كانوا يهودًا حافظوا على جميع الشعائر اليهودية، لكنهم لم يقدموا ذبيحة أو يأكلوا لحمًا. وكانوا يحرمون أكل اللحوم أو ذبحها. ويزعمون أن
هذه الأسفار ملفقة، وأن الآباء لم يضعوا شيئًا من هذه العادات. وهذا هو الفرق بين الناصريين وغيرهم.»
–
إبيفانوس السلاميسي
قد يكون الناصريون هم مندائيو اليوم. يقول إبيفانوس) أنهم كانوا موجودين قبل المسيح. وهذا ما يشكك فيه البعض، وعلى صعيد آخر، يقبل آخرون سبق هذه الجماعة للمسيحية.[34]
في كتابهم كنزا ربا، يُستخدم مصطلح "ناصريون" للإشارة إلى المندائيين الصالحين، أي الكهنة المندائيين.[35][36][37] وبصفتهم ناصريون، يعتقد المندائيون أنهم يشكلون الجماعة الحقيقية لـ "بني نهورا" التي تعني "أبناء النور".[38]:50
Acts 24:5 "For we have found this man a pestilent fellow, and a mover of sedition among all the Jews throughout the world, and a ringleader of the sect of the Nazarenes."
David C. Sim The Gospel of Matthew and Christian Judaism 1998 p182 "The Nazarenes are first mentioned by Epiphanius who records that they upheld the Torah, including the practice of circumcision and sabbath observance (Panarion 29:5.4; 7:2, 5; 8:1–7), read the Hebrew scriptures in the original Hebrew"
Petri Luomanen "Nazarenes" in A companion to second-century Christian "heretics" pp279
Memoirs of Dr. Joseph Priestley - Page 670 The term Ebionites occurs in Irenaeus, Tertullian, Origen, and Eusebius but none makes any mention of Nazarenes. They must have been even more considerable in the time of these writers,
Edward Hare The principal doctrines of Christianity defended 1837 p318 "The Nazarenes of ecclesiastical history adhered to the law of their fathers ; whereas when Tertullus accused Paul as "a ringleader of the sect of the Nazarenes," he accused him as one who despised the law, and " had gone about to the temple," Acts xxiv, 5, 6. "
Frank Ely Gaebelein, James Dixon Douglas The Expositor's Bible commentary: with the New International Version 1984 "Matthew certainly used Nazōraios as an adjectival form of apo Nazaret ("from Nazareth" or "Nazarene"), even though the more acceptable adjective is Nazarēnos (cf. Bonnard, Brown, Albright and Mann, Soares Prabhu)."
Teppler، Yaakov Y؛ Weingarten، Susan (2007)، Birkat haMinim: Jews and Christians in conflict in the ancient world، ص. 52، This presumption is strengthened by the statement of Tertullian: The Christ of the Creator had to be called a Nazarene... Unde et ipso nomine nos Iudaei Nazarenos appellant per eum. Nam et sumus iie auibus scriptum est: Nazaraei...
.
Schnelle، Udo (1987)، Antidoketische Christologie im Johannesevangelium، ص. 41، usquehodiein synagogis suis sub nomine Nazarenorum blasphemant populum christianum... 191; In Esaiam: ...in blasphemiis et ter per singulos dies in omnibus synagogis sub nomine Nazarenorum anathematizent uocabulum Christianum...
Bulletin، School of Oriental Studies، 2002.
Priestley، Dr Joseph، Memoirs، The term Ebionites occurs in Irenaeus, Tertullian, Origen, and Eusebius but none of them make any mention of Nazarenes
Ehrhardt، Arnold، The Acts of the Apostles، ص. 114، (John 1 :46) is an apt commentary upon this development, for there seems to be no evidence to support the thesis of a... We only mention it because it has given rise to all sorts of speculations amongst the more imaginative students of Christian origins
Metzger، Bruce Manning (1977)، The early versions of the New Testament، ص. 86، Peshitta Matt, and Luke... nasraya, 'of Nazareth'
Jennings، William (1926)، Lexicon to the Syriac New Testament، ص. 143
Smith، Robert Payne (1903)، Compendious Syriac Dictionary، ص. 349.
Krauss، Samuel. "Nazarenes". Jewish Encyclopedia. مؤرشف من الأصل في 2023-10-14. اطلع عليه بتاريخ 2007-08-23.
Strong (1874)، Cyclopedia، New York، ج. 1، ص. 660{{استشهاد}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
Filaster (ca. 397 CE) was a bishop who wrote the "Book of Diverse Heresies" (lived about the time of Epiphanius). Pritz، Ray، Nazarene Jewish Christianity: from the end of the New Testament period until its disappearance in the fourth century، p. 73 ft.12، The sect of Filaster (Nazorei/Nazarei) derives somehow from the Nazirites and accepts the Law and prophets
.
Parks، James (1974)، The Conflict of The Church and The Synagogue، New York: Atheneum، ص. 397–98.
Buckley, Jorunn Jacobsen(2010). Turning the Tables on Jesus: The Mandaean View. In Horsley، Richard (مارس 2010). Christian Origins. Fortress Press. ISBN:9781451416640. مؤرشف من الأصل في 2023-11-18.(pp94-11). Minneapolis: Fortress Press
Buckley، Jorunn Jacobsen (2010). The great stem of souls: reconstructing Mandaean history. Piscataway, N.J: Gorgias Press. ISBN:978-1-59333-621-9.