موسى الهادي

رابع خُلفاء بني العبَّاس (حكم 169 – 170هـ / 785 – 786م) من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

موسى الهادي

أمير المؤمنين وخليفةُ المُسلمين أبو مُحمَّد موسى الهادي بن مُحمَّد المهدي بن عبد الله المنصُور بن مُحمَّد بن علي بن عبد الله بن العبَّاس بن عبد المُطَّلب الهاشميُّ القُرشيُّ (147 – 15 ربيع الأول 170هـ / 761 – 14 سبتمبر 786م)، المشهور اختصارًا بلقبه موسى الهادي، هو رابع خُلفاء بني العبَّاس، والخليفة الثالث والعشرون في ترتيب الخلفاء عن النبي مُحمَّد. بُويع بالخلافة يوم 22 مُحرَّم 169هـ / 4 أغسطس 785م عقب وفاة أبيه الخليفة المهدي، واستمر خليفةً للمسلمين عامٌ واحد وشهرين حتى وفاته.

معلومات سريعة أميرُ المُؤمنين, موسى الهادي ...
أميرُ المُؤمنين
موسى الهادي
موسى بن مُحمَّد بن عبد الله بن مُحمَّد بن علي بن عبد الله بن العبَّاس بن عبد المُطَّلِب
Thumb
تخطيط باسم الخليفة موسى الهادي
معلومات شخصية
الميلاد 147هـ / 764م
الرَّي، الجبال، الخلافة العبَّاسيَّة
الوفاة 15 ربيع الأول 170هـ
(14 سبتمبر 786م)
(بالهجري:23 سنة)
(بالميلادي: 22 سنة)
عيساباذ، بغداد، الخلافة العبَّاسيَّة
مكان الدفن بغداد، العراق
مواطنة الدولة العباسية
الكنية أبو مُحمَّد
اللقب الهادي
العرق عربي
الديانة مُسلمٌ سُنِّي
الزوجة الزوجات:
لبابة بنت جعفر عبيدة بنت غطريف
المحظيات:
غادر أمة العزيز (للمزيد)
الأولاد جعفر العبَّاس أم عيسى (للمزيد)
الأب مُحمَّد المهدي
الأم الخيزُران بنت عطاء
إخوة وأخوات هارون الرَّشيد إبراهيم بن المهدي (للمزيد)
عائلة بنو العباس 
منصب
الخليفة العبَّاسيُّ الرَّابع
الحياة العملية
معلومات عامة
الفترة 22 مُحرَّم 169 - 15 ربيع الأول 170هـ
(4 أغسطس 785 - 14 سبتمبر 786م)
(23 عامًا وشهرين و15 يوم)
مُحمَّد المهدي
هارون الرَّشيد
ولي العهد العبَّاسي
عيسى بن موسى
هارون الرَّشيد
السلالة بنو العبَّاس
المهنة سياسي، وحاكم، وخليفة المسلمين 
اللغات العربية 
الخدمة العسكرية
المعارك والحروب حملة طبرستان (783)
إغلاق

نشأته

الملخص
السياق

نسبه

هو موسى الهادي بن مُحمَّد المهدي بن عبد الله المنصُور بن مُحمَّد بن علي بن عبد الله بن العبَّاس بن عبد المُطَّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كِلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤي بن غالِب بن فهر بن مالك بن النَّضر بن كِنانة بن خُزَيمة بن مُدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

والده هو ثالث خُلفاء بني العبَّاس، مُحمَّد المهدي، حكم الخلافة العبَّاسية من 6 ذي الحجة سنة 158 حتى 22 مُحرَّم 169هـ / 6 أكتوبر 775 – 4 أغسطس 785م.

والدتهُ هي الخيزُران بنت عطاء، أُمُّ ولدٍ يمانيَّة جرشيَّة، اشتراها الخليفة المنصُور في مكَّة من أجل ابنه المهدي بهدف الإنجاب قائلًا: «خذوها إلى ابني المهدي، وقولوا لهُ إنها ستكون ولَّادة».[1][2] وُصفت الخيزُران بأنها هيفاء جميلة، مُثقَّفة وذات طُموحٍ كبير، وأحبَّها المهدي حُبًا كبيرًا حتى عُدت الأقرب من زوجاته وجواريه إليه.[3] عملت على إيجاد أُسس نفوذٍ لها في خلافة المهدي، خصوصًا بعد وفاته، مما زاد من تأثيرها لاحقًا.[4]

ولادته

وُلد موسى بن أبي عبد الله (المهدي مستقبلًا) في موضع يُدعى سيروان، بالقرب من مدينة الرَّي (الجزء الجنوبي من طهران المُعاصرة) في ولاية الجبال سنة 147هـ / 764م.[5][6] وهي السنة نفسها التي عُيِّن أبوهُ المهدي وليًّا أول للعهد، بعد سعي جده المنصُور لتقديمه على عيسى بن موسى العبَّاسي.[7] وقيل بولادته سنة 144هـ / 761م،[8] أو 145هـ / 762م،[9] أو 146هـ / 763م.[10]

صباه

عانى موسى بن المهدي من عادة فتح فمه بشكلٍ لا إرادي في صِغره، بسبب قصر شِفته، فوكَّل المهدي له خادمًا لهذا الخصوص، فكان كلما فتح موسى فمه، ذكره الخادم، قائلًا: «يا موسى أطبق»، فينتبه موسى على نفسه ويضم شفتيه، ليُعرف بموسى أطبق.[11][12] كان المهدي يسميه رَيْحانتي.[13]

أخذ البيعة عن أبيه المهدي

Thumb
درهمٌ عبَّاسِيٌّ في عهد الخليفة مُوسى الهادِي

حين قرر الخليفة أبو جعفر المنصور تأدية مناسك الحج في مكَّة سنة 158هـ / 775م، استخلف ابنه ووليّ عهده الأوّل المهدي على بغداد، وأخذ معه حفيده موسى. بعد وصولهم إلى مكَّة، اشتد المرض على المنصور، حتى توفي في السادس من ذي الحجَّة / 6 أكتوبر 775م، ودُفن في ثنية المعلاة.[14] في صباح اليوم التالي من وفاة المنصور، اجتمع أعيان بني العبَّاس وكبار رجال الدولة في مجلس ضخم. جلس موسى الهادي في صدر المجلس بجوار عمود السرادق، وظهر أنه الممثل عن والده المهدي الغائب.

حين قرر الخليفة أبو جعفر المنصور تأدية الحج في مكَّة لسنة 158هـ / أواخر سبتمبر 775م، استخلف ابنه ووليُّ عهده الأوَّل المهدي على بغداد، ثم أخذ معه حفيده موسى وعمره إحدى عشر عامًا. بعد وصول المنصُور إلى نواحي مكَّة، اشتد عليه مرضه، ليتوفى في السَّادس من ذي الحجَّة / 6 أكتوبر 775م، ويُدفن في ثنية المعلاة. في صباح اليوم التالي من وفاة المنصور، اجتمع أعيان البيت العبَّاسي وكبار رجال الدولة في المجلس، وأول من دُعي هو عيسى بن علي، ثم أُذن لوليُّ العهد الثاني عيسى بن موسى، رغم أن الأخير كان يتقدم على عمِّه عيسى بحكم منصبه، مما أحدث ريبة بعض الشيء، وقدموا بيعتهم الخاصَّة قبل بيعة العامَّة.[14]

مما يُروى عن موسى بن المهدي، أنه في أثناء اجتماع العامَّة في السَّرادق لانتظار الأخبار عن حالة المنصُور، ساد الصمت والقلق بينهم لسماع صوت بكاء، وكان من بينهم والي المدينة، الحسن بن زيد، وابن عياش المنتوف، ليُفاجأ الحضور بظهور أبي العنبر خادم المنصُور، مشقوق الأقبية من بين يديه وخلفه ناعيًا المنصُور، وعلى رأسه التراب، وصاح قائلًا: «وا أمير المؤمنيناه!»، فما بقي أحد في السرادق إلا قام وهرولوا نحو مضارب المنصُور، فمنعهم الخدم وحصل تدافع، فقام ابن عياش مستنكرًا اندفاعهم، قائلًا: «سبحان الله أما شهدتم موت الخليفة قط! اجلسوا رحمكم الله»، ثم جلس الناس. في هذه الأثناء، كان رد فعل موسى بن المهدي مختلفًا تمامًا، إذ بقي جالسًا بهدوء دون إبداء أي حركة أو انفعال، وحتى عندما شق عمَّهُ القاسم بن المنصور ثيابه ووضع التراب على رأسه تعبيرًا عن الحزن، بقي موسى في مكانه دون تحرك، غير مضطرب ولا مفزوع، مما دل على قوة شخصيته وثبات نفسه. انتهت الحادثة ببيعة الناس الخليفة المهدي، على يد موسى الحاضر عن أبيه الغائب، وتُستتب الأحوال.[15][16]

في خلافة أبيه المهدي

الملخص
السياق

خلع عيسى وتولية موسى بن المهدي ولاية العهد

بعد مضي عدة شهور على تولي والده المهدي الخلافة، بدأت الدسائس والتحركات بين وجهاء بني هاشم والخُراسانيَّة من أنصار المهدي، إذ سعوا لعزل الأمير عيسى بن موسى من ولاية العهد لصالح موسى بن المهدي، والذي كان وليًا ثانيًا للعهد منذ خلافة أبي العبَّاس بعد أبو جعفر المنصور، وأُخِّر في أيام المنصُوربعد ضغوطٍ كبيرة لصالح المهدي بن المنصور، ويستمر عيسى بن موسى وليًا ثانيًا للعهد. ورغم أن تحركات الهاشميين والخُراسانيين بدت وكأنها تتم بمعزل عن الخليفة، إلا أنها تحدث بعلم المهدي، بل ربما شجعها في الخفاء. كان عيسى بن موسى يقيم في الرحبة قرب الكوفة، بعيدًا عن حاضرة الخلافة بغداد. قرر المهدي اتخاذ خطوة حاسمة، فأرسل طلبًا لقدوم عيسى ليكون قريبًا منه، لكن عيسى أدرك بطريقةٍ ما، الخطر المحدق به، ورفض تلبية الدعوة خوفًا على نفسه. لم يتوقف المهدي عند هذا الحد، فأرسل عمه العبَّاس بن مُحمَّد ومعه رسالة رسمية إلى عيسى يأمره فيها بالحضور إلى بغداد، غير أنه رفض. بعد مغادرة العباس للقرية، بدأ رجال المهدي في تنفيذ خطتهم المرسومة، فقام ألف شخص من أنصاره بإحداث فوضى متعمدة، وضربوا الطبول بقوة ليلًا حول دار عيسى، فأصابوه بالهلع وجعلوه يشعر بأن حياته أصبحت في خطر دائم.[17]

لم يجد عيسى بُدًا من التوجه إلى مدينة السلام، حيث وصلها في اليوم السادس من محرم 160هـ / 23 أكتوبر 776م، واستقبله المهدي بحفاوة ظاهرية وأكرمه، وأسكنه في دار على شاطئ دجلة، محاولًا إيهامه بأن كل شيء على ما يرام. ولكن سرعان ما بدأ الضغط الحقيقي حين أتيحت الفرصة لذلك. ففي أحد الأيام، عندما كان عيسى في دار المهدي وجالسًا في مقصورة مخصصة للربيع بن يونس الحاجب، هاجم أنصار المهدي المقصورة وحاصروها بشراسة، محاولين كسر الباب وتطاولوا على عيسى بالسباب والشتائم. كان المشهد بأسره بتخطيط مسبق، ورغم إبداء المهدي استياءً ظاهريًا من سلوك أنصاره، إلا أنه لم يتخذ أي خطوة حقيقية لإيقافهم، مما أظهر بأن الحادث برمته قد جرى تحت معرفته. خلال تلك الفترة، كان الضغط على عيسى يتصاعد باستمرار، وأصبحت رسائل المهدي المتتابعة تتوسل إلى عيسى بخلع نفسه طوعًا، مستخدمًا أساليب الترغيب والترهيب. ورغم ذلك، أصر عيسى على رفضه، متمسكًا بأيمانه التي أقسم بها سابقًا على التمسُّك بولاية العهد.[18]

أمام هذا العناد، قرر المهدي استقدام فقهاء الدولة وقضاتها لتقديم الفتوى التي ستُبرر لعيسى التخلص من أيمانه. من بين هؤلاء الفقهاء كان عبد الله بن علاثة والزنجي بن خالد المكي، وأقروا جميعًا بجواز تحلل عيسى من أيمانه، مما شكّل ضغطًا شرعيًا إضافيًا عليه. بعد مفاوضات مطولة وضغوط متواصلة، رضخ عيسى بن موسى أخيرًا للضغوط، وخلع نفسه رسميًا من ولاية العهد يوم الأربعاء 26 محرم 160هـ / 12 نوفمبر 776م، بعد صلاة العصر. وفي اليوم التالي، خرج المهدي إلى مسجد الجماعة في الرصافة وأعلن خلع عيسى من ولاية العهد وتولية موسى مكانه، مؤكدًا أن هذا القرار جاء بناءً على رغبة أهل البيت العباسي وشيعته وقادته، في خطوة تهدف إلى استقرار الحكم وضمان وحدة الأمة. بعد الخطبة، بايع الناس موسى بن المهدي ذو الثانية عشر من عمره، باعتباره وليُّ العهد الشرعي، ووُثّق خلع عيسى رسميًا وأُشهد عليه في صفر 160هـ / نوفمبر 776م. أوفى المهدي بجميع التعويضات والحقوق التي وعد بها عيسى، محاولًا تهدئته وإرضاءه بعد انتزاع حقه في ولاية العهد منذ خلافة أبي العبَّاس، وعمر عيسى أثناء خلعه، نحو السابعة والخمسين عامًا.[19]

أحواله وأعماله في خلافة أبيه

بعد استقرار ولاية عهد موسى بن المهدي، الذي لقَّبهُ أبوه بالهادي، عزَّز أبيه نفوذه ومنحه صلاحيات أوسع في إدارة شؤون الدولة لتجهيزه للحكم مستقبلًا. ففي سنة 161هـ / 778م، صرف المهدي أبان بن صدقة عن العمل مع هارون بن المهدي، ونقله ليعمل مباشرةً مع موسى الهادي، ثم منحه منصب كاتب ووزير ناصح للهادي، وجعل مكانته تقارب مكانة يحيى البرمكي لدى هارون. وفي هذه السنة أيضًا، أسند المهدي لابنه الهادي مهمة الحج، ليكون مسؤولًا عن قيادة الحجيج وتأمين سلامتهم خلال رحلة الحج إلى مكة، وعامل الحجاز واليمامة هو الأمير جعفر بن سليمان العبَّاسي. يعد تكليف الهادي بقيادة الحج اعترافًا رسميًا بسلطته كولي عهد، ومحاولة من المهدي لتعزيز مكانة ابنه في أعين الناس، ولا سيما كبار القادة والعلماء الذين يرافقون قوافل الحج من مختلف الأقاليم.[20]

استخلافه في بغداد وبروز نجم الرَّشيد

جهز الخليفة المهدي لحملةٍ ضخمة على الرُّوم، إذ أمر بتجهيز الجنود من خراسان وسائر الولايات الإسلاميَّة ضمن سيطرته، استعدادًا لغزو الثُّغور مع الرُّوم. تعددت أهداف حملة المهدي، فإضافةً إلى رغبة الخلافة العبَّاسية في توسيع رقعتها والسيطرة على معاقل الروم، أراد المهدي اختبار قدرات ابنه هارون في الميدان العسكري ليؤكد جدارته مستقبلاً. في سنة 163هـ / 780م، استخلف المهدي ابنه ووليُّ عهده الوحيد موسى الهادي على بغداد وعهد إليه بإدارة شؤون الخلافة نيابةً عنه، بينما خرج بنفسه مع هارون على رأس الجيوش نحو الثغور. وفي أثناء مسيره قرب حلب، انتدب نفسه لقتل الزنادقة الذين ظهروا في نواحيها، قبل الهجوم على حصون الرُّوم. بعد القضاء على الزنادقة وإحراق كتبهم في نواح حلب، قرر المهدي إرسال هارون ليتولى القيادة العسكرية بنفسه، وذلك على رأس جيش ضخم بلغ نحو 95 ألف مقاتل. خرج الجيش العبَّاسي من جيحان، وتوجّه نحو أرض الرُّوم، تحت إمرة هارون، وبصحبة قادة كبار مثل عبد الملك بن صالح العبَّاسي ويحيى بن خالد البرمكي والربيع الحاجب، وفتح حصن سمالوا بعد حصارٍ دام 38 يومًا، ثم فتح عددًا من الحُصون. عاد هارون بالجيش مع غنائم كبيرة، واستقبلهم أهالي بغداد فرحين، ثم كافأه المهدي بتوليته الولايات الغربيَّة وأذربيجان وأرمينية.[21][22]

هارون الرَّشيد وليًا ثانيًا للعهد

بعد فشل حملة عبد الكبير بن عبد الحميد الخطَّابي نحو الرُّوم في سنة 164هـ / 781م، غضب المهدي من تصرُّفه في الفرار آنذاك حتى أراد قتله لولا أن شُفِّع فيه. أمر المهدي بحشد أعدادًا كبيرة من المُقاتلين والمُتطوعين، بهدف إعادة الاعتبار، وقرر تولية هارون ابنه قيادتها من جديد، ليشن حملةً جديدة كبيرة في سنة 165هـ / 782م، وتوغل الجيش العبَّاسي في أراضي الرُّوم وتعمَّق فيه حتى وصل إلى خليج القسطنطينية، مما أثار رعب البيزنطيين، مُجبرًا الإمبراطورة إيرين الأثينية على طلب الصُّلح ودفع الجزية لثلاث سنوات. عاد هارون إلى بغداد منتصرًا سنة 165هـ / 782م، وسط احتفاء واسع من الأهالي والخليفة المهدي نفسه، الذي استبشر بانتصاراته المُتكررة، مما شجَّعه بأخذ البيعة له بولاية العهد بعد أخيه موسى الهادي، وذلك في 17 محرم 166هـ / 30 أغسطس 782م، مُطلقًا عليه لقب الرَّشيد. دلت هذه الأحداث لوجود مؤشرًا واضحًا على تقاسم للنُّفوذ بين موسى الهادي، الذي كان يمارس الحكم في بغداد نيابةً عن أبيه، وبين أخيه هارون الذي ازدادت شعبيته بفعل انتصاراته العسكرية وإنجازاته على الرُّوم.[23][24][25]

حملة الهادي نحو طبرستان

وجَّه الخليفة المهدي ابنهُ ووليَّ عهده موسى الهادي على رأس حملةٍ عسكريَّة كبيرة إلى جُرْجان في سنة 167هـ / 783م، لمُحاربة ونداد هُرمُز وشروين، صاحبي طبرستان، وجهَّزهُ المهدي بجيشٍ كثيف وعتادٍ ضخم وُصف بأنه لم يُجهَّز أحدٌ بمثله من قبل. عيَّن المهدي للهادي طاقمًا مُساعدًا، فجعل أبان بن صدقة مسؤولًا عن الرسائل، ومُحمَّد بن جميل قائدًا للجُند، ونُفيعًا (مولى المنصور) للحِجابة، وعلي بن عيسى بن ماهان على الحرس. سيَّر الهادي الجُنود لمُحاربة صاحبي طبرستان، وأمَّر عليهم يزيد بن مزيد الشَّيباني، الذي نجح في مُحاصرتهما، واستمرت التعزيزات بالقدوم بعد مجيء سعيد الحرشي في أربعين ألف مُقاتل سنة 168هـ / 784م، لاستتباب الأمن في طبرستان ذات الغالبيَّة المجوسيَّة.[26][27]

خضع ونداد هُرمُز لهذا الضغط العسكري وطلب الأمان من موسى الهادي، الذي كان لا يزال في جُرجان مُرابطًا، فأمَّنهُ الهادي بعدما أقسم له بالوفاء. قدم ونداد على الهادي، ثُمَّ رافقه في طريق عودته نحو بغداد. خلال مسيرهم، وصلهم خبر وفاة المهدي، فعجَّل الهادي بالتوجه إلى بغداد لتولِّي حكم الخلافة العبَّاسية خلفًا لأبيه. بعد فترة من تولي الهادي الخلافة، أقدم وندا سفان، الأخ الأصغر لونداد هُرمُز، على قتل بهرام، عامل الخليفة على جُرجان. عندما بلغ الخبرُ الخليفة الهادي، أمر بإحضار ونداد هُرمُز لقتله قصاصًا بدم عامله، واستتابت ولاية طبرستان وشؤون قهستان في خلافته.[27]

خلافه مع أبيه المهدي ووفاة الأخير

في الوقت الذي كان فيه موسى الهادي، وليُّ العهد المُعيَّن، مُنهمكًا في إدارة الحملة العسكرية التي وجَّهه إليها والده في جرجان وطبرستان حوالي سنة 168هـ / 784م، بدأت تصله مؤشرات مقلقة عن تغيُّر موقف والده الخليفة المهدي تجاه ولاية العهد، إذ بدا واضحًا أن المهدي يميل بشكل متزايد نحو أخيه الأصغر هارون الرشيد، بل ويفكر جديًا في تقديمه على الهادي في ترتيب الخلافة، على الرغم من كون الهادي هو وليُّ العهد الرسمي.[28][29]

تجسدت نوايا المهدي في استدعائه لابنه الهادي، الذي لا يزال مرابطًا بجيشه بعيدًا لمحاربة ونداد هُرْمُز، طالبًا منه العودة فورًا إلى بغداد. ارتاب الهادي من هذا الاستدعاء المفاجئ، واعتقد على الأرجح أنها خطوة تمهيدية لعزله عن ولاية العهد التي يراها حقًا له، مستذكرًا ما جرى مع سلفه عيسى بن موسى حين خُلع لصالحه قبل ثمانية سنوات. ومما زاد من شكه وعزز موقفه، علمه بأن والدته الخيزران بنت عطاء نفسها كانت تدعم مساعي تقديم الرشيد عليه، وبناء على ذلك، رفض الهادي الامتثال لأمر والده بالعودة.[30][31]

استمر المهدي في الضغط، وأرسل رسولًا آخر إلى الهادي، إلا أن الأخير، والمُدرك لما يُحاك ضده، قابل الرسول بالصد وأهانه، مؤكدًا رفضه القاطع للقدوم. أثار تصرُّف الهادي غضب المهدي، فقرر الخليفة حسم الأمر بنفسه والتوجه بجيشه نحو ابنه لإجباره على الطاعة أو الخلع، فخرج من بغداد في 11 مُحرَّم 169هـ / 23 يوليو 785م، مُستصحبًا معه هارون الرَّشيد. حال القدر دون وصول المهدي إلى وجهته أو تحقيق مراده، إذ توفي بشكل مفاجئ أثناء رحلته في قرية تُدعى الرُّذ بمنطقة ماسبذان (التابعة لولاية الجبال) في يوم 22 مُحرَّم 169هـ / 4 أغسطس 785م. تولَّى ابنه ووليُّ عهده الثاني، هارون الرشيد الصلاة عليه.[32]

توليه عرش الخلافة

الملخص
السياق

بعد وفاة أبيه المهدي في ماسبذان يوم 22 مُحرَّم 169هـ / 4 أغسطس 785م، بُويع موسى الهادي خليفةً في نفس اليوم وهو مُقيم في جُرجان يحارب المُتمرِّدون في طبرستان.[33] بادر هارُون الرَّشيد المُرافق للمهدي في ماسبذان، بإعلان خلافة أخيه الأكبر موسى الهادي وبايعه على الطاعة، مُثبتًا بذلك انتقال السلطة إليه. وجريًا على عادة الاعتراف بالخلافة، بعث الرَّشيد إلى الهادي بالشِّعارات الرَّسميَّة، وهي البُردة النبويَّة، والقضيب، وخاتم الخلافة، مُرفِقًا إياها برسالة تحمل تعازيه بوفاة والدهما وتهنئته بتولِّيه منصب الخلافة، بإيعاز ونصيحة من يحيى البرمكي.[34] انطلق موسى الهادي بأقصى سرعة مُتجهًا إلى بغداد في عشرون يومًا فقط، ليصل بغداد في 20 صفر 169هـ / 1 سبتمبر 785م، إذ خشى من شغب الجند وتنفُّذ بعض المسؤولين ممن لا يُميلون إليه.[35][36] وقيل أن الهادي أدرك خبر وفاة المهدي خلال مجيئه إلى العراق وبرفقته ونداد هُرمُز، من حكام طبرستان.[27]

باشر الهادي تثبيت أركان حكمه فعليًا، فأخذ البيعة العامة لنفسه من كبار رجال الدولة وقادة الجند وعامة الناس في حاضرة الخلافة. ثم التفت إلى ترتيب البيت الداخلي للسلطة، وأبرز تحدٍ له تجلَّى بموقف الربيع بن يونس، الحاجب صاحب النفوذ الواسع، والذي تغيَّب أو تردد في البداية، لكن الهادي في خطوة سياسية ذكية، عفا عنه وثبته في منصبه كحاجب، بل وزاده نفوذًا بإسناد الوزارة وبعض الولايات الأخرى إليه، ضامنًا بذلك ولاؤه. سار الهادي في بداية عهده على نهج أبيه في الإنفاق والبذل لكسب الولاء وتأليف القلوب. أقام الهادي في قصر الخُلد شهرًا بعد مجيئه إليها، ثم تحول إلى بستان أبي جعفر، ثم استقر في عيساباذ.[35]

ثورة الحسين الفخِّي

خلفية الأحداث

لم تمضي شهور قليلة على تولي الهادي الخلافة، حتى واجه تحديًا داخليًا خطيرًا في الحجاز سنة 169هـ / 786م، تمثَّل في ثورة قادها الحُسين بن علي بن الحسن المُثلَّث، من أحفاد الحسن بن علي بن أبي طالب. اندلعت شرارة الأحداث في المدينة المنورة بسبب التشدد الذي أبداه واليها الجديد المُعيَّن من قبل الهادي، وهو عمر بن عبد العزيز العمري (من نسل عمر بن الخطاب). قام العمري بإجراءات الحد بحق بعض الشخصيات، منهم الحسن بن محمد بن عبد الله (المعروف بأبي الزفت)، وآخرين، وأمر بضربهم والتشهير بهم لكونهم شربوا النبيذ الذي أحلَّهُ أهل العراق وحرَّمه أهل المدينة، مما أثار حفيظة الحسين بن علي واحتج بذلك، فاستجاب الوالي جزئيًا وأمر بسجنهم بدل التشهير بهم.[37][38]

تفاقم الوضع حين تخلف الحسن بن محمد عن الحضور المفروض على بعض الطالبيين، رغم أن الحسين بن علي، ويحيى بن عبد الله قد كفلاه سابقًا. استدعى الوالي الكفيلين وهددهما، فما كان من يحيى إلا أن أقسم قسمًا مغلظًا بإحضار الحسن أو مواجهة الوالي بنفسه، وهو ما اعتبره الحسين قسمًا متسرعًا. قرر الحسين ويحيى ومن معهما التعجيل بثورتهم المُخطط إعلانها لها في مكة خلال موسم الحج، غير أنهم قرروا الظهور في المدينة المنورة. وفي خلال الفجر، اقتحم الحسين وأنصاره المسجد النبوي، وطلبوا من الناس بيعته على مبدأ الرِّضا من آل مُحمَّد. سرعان ما وقعت مواجهة مع قوات الوالي، وتمكن يحيى وإدريس (أخوا النفس الزَّكيَّة) من قتل قائد الجند العبَّاسي خالد البريدي، مما أدى لهزيمة قوات الوالي وانسحابهم، ثم نهب الثوار بيت المال في المدينة. سيطر الحسين وأتباعه على المدينة المنورة لمدة أحد عشر يومًا، بهدف التجهيز والاستعداد للمغادة إلى مكَّة.[37]

واقعة فخ

ترك الحسين بن علي الفخِّي وأصحابه استياءً كبيرًا لدى أهل المدينة بما فعل، إذ مُنع الناس من الصلاة في المسجد، واتخذوا منه إقامةً لهم، فضلًا عن قيام أصحابه بتدنيس المسجد بقاذوراتهم. وقبل رحيل الحسين من المدينة، قال لهم: «يا أهل المدينة! لا خلف الله عليكم بخير»، فردوا عليه قائلين: «بل أنت لا خلف الله عليك ولا ردّك علينا!». قام أهالي المدينة بتنظيف المسجد بعد رحيلهم، وعادت المدينة بيد العبَّاسيين.[37][39][40] عند وصوله إلى مكة، استقطب الحسين مزيدًا من الأنصار بدعوته العبيد للانضمام إليه مقابل حريتهم. في المقابل، وصلت أنباء الثورة إلى الخليفة الهادي، فأصدر أوامره بالتصدي لها، مُكلفًا محمد بن سليمان العبَّاسي بقيادة القوات العبَّاسية، مستفيدًا من وجود عدد من كبار أمراء البيت العبَّاسي في مكة لأداء الحج، مثل سليمان بن المنصور، والعبَّاس المُذهَّب، وموسى بن عيسى، وغيرهم. احتشدت القوات العبَّاسية في ذي طوى، والتقى الطرفان في وادي فخٍّ، القريب من مكة، وجرت معركة دامية بينهما في يوم التروية (8 ذي الحجة 169هـ / 19 يونيو 786م)، انتهت بهزيمة الحسين الفخِّي، ومقتله مع عدد كبير من أصحابه وأقاربه من الثَّائرين، وأُمِّنت أخت الحُسين التي كانت حاضرة من خلال تركها بأمانة الأميرة زينب بنت سليمان العبَّاسية.[41]

أبعاد الثورة

أحدثت المعركة فجوةً متزايدة بين العبَّاسيين والعلويين، فعلى الرغم من إعطاء الأمان لأبي الزفت الحسن بن محمد، إلا أن موسى بن عيسى قتله وصادر ماله، مما أثار غضب الخليفة الهادي، الذي عاقب موسى ابن عمِّه بمصادرة أمواله لتستمر المصادرة حتى وفاة موسى. ونال مُبارك التركي بسبب موقفه المتذبذب في المدينة، فصادر الهادي أمواله وأهانه بتعيينه سائسًا للدواب. أما الهادي نفسه، فقد استقبل رأس الحسين بحزن وانزعاج، ولام القادة العباسيين على ما حدث، قائلًا: «كأنكم والله جئتم برأس طاغوت من الطواغيت! إن أقل ما أجزيكم به أن أحرمكم جوائزكم»، وحرمهم من مكافآتهم لتلك السنة.[41] ومن أهم نتائج معركة فخ، تمكُّن إدريس بن عبد الله من النجاة بنفسه من المقتلة، والفرار إلى مصر. وهناك، لقي مساعدة من واضح، مسؤول البريد العبَّاسي، وكان رافضيًا، سهّل لإدريس الهروب إلى المغرب الأقصى. وصل إدريس إلى مدينة وليلي، حيث بايعه البربر، مُؤسسًا بذلك نواة الدولة الإدريسية التي استقلت عن الخلافة العباسيَّة لاحقًا. لم يلبث الهادي أن اكتشف دور واضح في تهريب إدريس، فأمر بإعدامه وصلبه.[42][43]

مُحاربة الزَّنادقة

الملخص
السياق
Thumb
رسمٌ تخيُّلي لماني، مُؤسس الديانة المانويَّة، إحدى الديانات التي تبنَّاها الزنادقة في العصر العبَّاسي.[44]

ورث الهادي قضية فكريَّة وسياسيَّة كبيرة عُرفت بالزَّندقة، ومثلت أحد أبرز الملفات في عهد أبيه المهدي وأكثرها حساسية. فالزندقة، بمفهومها الواسع آنذاك، شمل تعويمًا للأفكار المثنويَّة المانويَّة، ومحاولات للعودة للمعتقدات المجوسيَّة القديمة وإحياء النُّفوذ الفارسيُّ السَّاساني القديم، بالإضافة إلى ظهور الشُّعوبيَّة، فضلًا عن التشكيك في الإسلام والعرب عمومًا.[45][46][47] اعتقد المهدي بوجود خطر ديني وسياسي كبير يهدد تماسك الخلافة العبَّاسية وعقيدة المُسلمين، فتصدَّى لهذا التيار بقوة، فوصلت حملة الملاحقة والتتبع أوجُّها في عهده، إذ أنشأ ديوانًا خاصًا للتحقيق مع المتهمين بالزندقة حوالي سنة 167هـ / 783 أو 784م، وعُرف رئيسه بلقب صاحب الزنادقة. أُعدم في عهده شخصيات بارزة اتُهمت بالزندقة ونشر أفكارها، من أشهرهم الشاعر بشار بن برد الذي قُتل جلدًا بالسياط،، والشَّاعر صالح بن عبد القدوس، وعبد الكريم بن أبي العوجاء، أحد ممن وضعوا الأحاديث عن النَّبي مُحمَّد. ورغم أن المهدي كان يمنح فرصة للتوبة، إلا أن سياسته العامة كانت تتسم بالصرامة تجاه هذا التيار.[48][49]

Thumb
رسم تخيُّلي للشاعر بشار بن برد، الذي قضى ضربًا بالسياط حتى الموت لزندقته سنة 168هـ / 784م.

قبل وفاته بفترة، أوصى المهدي ابنه الهادي في الاستمرار بمُحاربة الزَّنادقة، قائلًا: «يا بني، إن صار لك هذا الأمر، فتجرد لهذه العصابة (أي الزنادقة)، فإنها فرقة تدعو الناس إلى ظاهر حسن، كاجتناب الفواحش والزهد في الدنيا والعمل للآخرة، ثم تخرجها إلى تحريم اللحم ومس الماء الطهور وترك قتل الهوام تحرجًا وتحوبًا، ثم تخرجها من هذه إلى عبادة اثنين، أحدهما النور والآخر الظلمة، ثم تبيح بعد هذا نكاح الأخوات والبنات، والاغتسال بالبول، وسرقة الأطفال من الطرق لتنقذهم من ضلالة الظلمة إلى هداية النور، فارفع فيها الخشب، وجرد فيها السيف، وتقرب بأمرها إلى الله لا شريك له».[50]

Thumb
رسمٌ يُظهر إعدام ماني، مؤسس الديانة المانويَّة. أحد الديانات التي راجت بين الشُّعوب الفارسيَّة جنبًا إلى جنب مع المجوسيَّة. واجهها العبَّاسيُّون بقُوَّة منذ خلافة المنصُور ((حكم 136 – 158هـ / 754 – 775م).[51]

استمر الهادي في سياسة أبيه نحو الزنادقة عند توليه الخلافة سنة 169هـ / 785م، بل زاد من وتيرة ملاحقتهم وقتلهم في أوائل أشهر خلافته. ومن بينهم: يزدان بن باذان، كاتب ليقطين بن موسى (أحد رجال الخلافة). وعلي بن يقطين، ابن يقطين المذكور، إذ نُقل عنه إظهاره استخفافًا بشعائر الحج، وقال تشبيهًا للحُجَّاج: «ما أشبههم إلا ببقر تدوس في البيدر». أمر الهادي بقتل علي بن يقطين وصلبه. ويُذكر أن خشبته سقطت على رجل من الحُجَّاج فقتلته وقتلت حماره. شمل الاتهام أيضًا ابنًا لداود بن علي العبَّاسي، لكنه توفي في حبس المهدي قبل وفاته. وممن اتُّهم بالزَّندقة: يعقوب بن الفضل الحارثي، من ذرية الحارث بن عبد المطلب، وجاء مقتله تنفيذًا مباشرًا لوصية المهدي، لامتناع الأخير عن قتله بنفسه ليمين حلفه بألا يقتل هاشميًا في خلافته. وحين أُحضرت أسرته، وُجدت ابنته فاطمة حبلى من أبيها وأقرت بذلك، وأقرت مع أمها بالزَّندقة، لتُرسلا إلى ريطة بنت أبي العباس (عمة الهادي)، وبعد تعنيف ريطة بالكلام لهما، ضُرب على رأسيهما شيئًا يُقال له الرعبوب، فماتتا فزعًا. أما ابنة يعقوب الأخرى، أروى، فقد بقيت وتزوجت لاحقًا من ابن عمها الفضل بن إسماعيل وهو رجل لا بأس به في دينه.[52][53][54]

جيء للهادي برجل شتم قريش وتجاوز ذلك مُتعرِّضًا النبي مُحمَّد، فعقد الهادي مجلسًا رسميًا لهذا الأمر بهدف التثبُّت، أحضر فيه فقهاء العصر ومن كان بحضرته من رجال الدولة، ثم استدعى الرجل المتهم والشهود. بعد إدلاء الشهود بشهادتهم بما سمعوه، تغيّر وجه الهادي ثم نكس رأسه، ثم رفع وقال، مستشهدًا بحديث سمعه عن آبائه يرفعه إلى عبد الله بن عبَّاس: «من أراد هوان قريش أهانه الله». ثم وجه كلامه مباشرة إلى المتهم قائلًا: «وأنت يا عدو الله لم ترض بأن أردت ذلك من قريش حتى تخطيت إلى ذكر رسول الله »، ثم أمر بضرب عُنُقه، ونُفذ الحكم بالرجل في المجلس نفسه. رغم قصر مدة خلافة الهادي، فإن حرب على الزَّنادقة شكل محورًا أساسيًا في سيرته، استكمالًا لما بدأه المهدي وتنفيذًا لوصيته الصارمة.[55]

خلافه مع والدته الخيزران

حاولت الخيزران بنت عطاء في بداية خلافة ابنها موسى الهادي، الاستمرار في فرض نفوذها والتدخل في شؤون الدولة، متبعةً الأسلوب الذي سُمح لها في خلافة زوجها المهدي. لم يرضَ الهادي بهذا التدخل، ورأى فيه تجاوزًا لسلطته، فضلًا عن وقوفها وراء تقديم أخوه الرَّشيد عليه. وجَّه الهادي من البداية، برسالة إليها ينصحها بالابتعاد عن شؤون الحكم، قائلًا: «فإنه ليس من قدر النساء الاعتراض في أمر الملك، وعليك بصلاتك وتسبيحك وتبتلك». ورغم التباينات بينها وبين الهادي، استمرت الخيزران في التوسط وتقديم الطلبات إليه ليُمضي في حوائج الناس خلال الأشهر الأربعة الأولى من خلافته، وكان الهادي يستجيب لها غالبًا. أدى هذا إلى توافد الناس والمواكب على بابها، طمعًا في نفوذها ووساطتها، وهو ما زاد من استياء الخليفة.[56][57]

بلغت الأمور ذروتها حين توسطت الخيزران في حاجة تخص عبد الله بن مالك الخزاعي، وهو أمرٌ لم يرغب الهادي في قضائه أو لم يجد إليه سبيلًا، فاعتذر. أصرت الخيزران على تلبية طلبها بشكل كبير، غير أن انفجر الهادي غضبًا، وسب ابن مالك، ثم أقسم لوالدته بأنه لن يقضيها، فردت عليه الخيزران بتحدٍ قائلة: «إذا والله لا أسائلك حاجة أبدا»، ثم لإنهاء الجدال، استوقفها الهادي بلهجة شديدة، وأطلق تهديده الصارم والنهائي، مُقسمًا بأغلظ الأيمان، قائلًا: «مكانك تستوعي كلامي والله، وإلا فأنا نفي من قرابتي من رسول الله لئن بلغني أنه وقف ببابك أحد من قوادي أو أحد من خاصتي أو خدمي لأضربن عنقه، ولا قبضن ماله، فمن شاء فليلزم ذلك». ثم وبّخها على استقبالها للناس وتصدرها للمشهد العام قائلًا: «ما هذه المواكب التي تغدو وتروح إلى بابك في كل يوم أما لك مغزل يشغلك، أو مصحف يذكرك، أو بيت يصونك إياك ثم إياك، ما فتحت بابك لملي أو لذمي». بعد هذا الموقف الحاسم، انصرفت الخيزران عنه، مُدركة مدى جدية ابنها في منعها من التدخل، ولم تعد تتحدث معه في شؤون الدولة أو تستقبل الوفود طوال خلافته. وتُتهم الخيزران حسب بعض المصادر، بوقوفها خلف وفاته.[56][58]

خلافه مع أخيه الرَّشيد

عُدَّت مسألة ولاية العهد من أبرز القضايا الشائكة في خلافة الهادي القصيرة، إذ ورث نظامًا ثنائيًا من خلافة أبيه المهدي يقضي بتوليه ثم يتولى الرَّشيد الخلافة من بعده، ولا يمكن للخليفة خلعه إلا إذا خلع وليُّ العهد نفسه. وبعد نجاحه في تحجيم نفوذ والدته الخيزران بنت عطاء، عزم الهادي بجد على المضي قدمًا في خطته لخلع أخيه ووليُّ عهده هارون الرشيد من الولاية، بهدف تنصيب ابنه الصغير جعفر مكانه. عرض الهادي الأمر على كبار قواده، فوافقه عدد منهم مثل يزيد بن مزيد الشيباني، وعبد الله بن مالك الخزاعي، وعلي بن عيسى بن ماهان، وقاموا بخلع الرَّشيد ومبايعة جعفر شكليًا، ثم بدأ أنصار الهادي والمؤيدون لجعفر يتحدثون علنًا في هذا الأمر، وانتقصوا من الرَّشيد في المجالس العامة معلنين عدم رضاهم به وليًا للعهد، حتى إن الهادي أمر بمنع السير بالحربة الرسمية أمام موكب الرَّشيد، مما أدى لابتعاد الناس عنه وتجنبهم السلام عليه.[59][60]

كان يحيى بن خالد البرمكي، مربي الرَّشيد والمسؤول عن شؤونه بأمر من المهدي ثم الهادي نفسه، محور شكوك الهادي ومصدر تهديد لحكمه، إذ قيل للخليفة إن الرَّشيد لا يعارضه، ولكن يحيى هو من يفسد العلاقة بين الأخوين. استدعى الهادي يحيى وهدده، بل واتهمه بالكفر، ثم استدعاه ليلًا في إحدى المرات، حتى خاف يحيى على حياته وأوصى قبل الذهاب إليه. نفى يحيى في حضرة الخليفة تهمة إفساد العلاقة، مؤكدًا أنه ينفذ أوامر الخليفة في رعاية الرشيد، فهدأ غضب الهادي مؤقتًا. وأمام هذه المحاولات، أبدى الرَّشيد استعدادًا لخلع نفسه في البداية، إلا أن يحيى هو من منعه وثبَّته. ثم نصح يحيى الهادي بعدم خلع الرشيد، محذرًا من أن نقض البيعة المتكرر سيُفقد الأيمان هيبتها (مُشيرًا إلى سابقة عيسى بن موسى)، وأن الأفضل تثبيت الرشيد ثم جعل جعفر وليًا للعهد من بعده، وهو ما سيجعل البيعة لجعفر أكثر قبولًا ورسوخًا. اقتنع الهادي بهذا الرأي مؤقتًا وسكت عن الأمر.[59]

عاد أنصار الهادي للضغط على الخليفة لمعاودة طلبه بخلع الرشيد، فحبس الهادي يحيى البرمكي. لم ييأس يحيى، فكتب من محبسه إلى الهادي مقدمًا النصح مجددًا، ومُحذرًا إياه من خطورة تولية جعفر الصغير، قائلًا: «يا أمير المؤمنين أرأيت إن كان الأمر الذي لا تبلغه، ونسأل الله أن يقدمنا قبله، (يعني موت الهادي)، أتظن الناس يسلمون الخلافة لجعفر، وهو لم يبلغ الحِنْث، أو يرضون به لصلاتهم، وحجهم، وغزوهم؟»، ثم أشار إلى خطر استغلال كبار البيت العبَّاسي أو غيرهم هذا الفراغ ويطمعوا بالخلافة فتخرج من نسل المهدي. تأثر الهادي بهذا الكلام وقال: «نبهتني على أمر لم أتنبه له»، وأطلق سراح يحيى. لكن الهادي أعاد التضييق على أخيه. نصح يحيى الرَّشيد باستئذان الهادي للخروج في رحلة صيد للابتعاد عن أجواء صراعاته مع الهادي، ففعل الرَّشيد ذلك وأذن له الهادي. مضى الرَّشيد إلى قصر بني مقاتل وأقام به أربعين يومًا، فأثار غيابه الطويل شكوك الهادي وقلقه، فكتب إلى الرَّشيد يأمره بالعودة، لكن الرشيد اعتذر وتعلل. عندها، أظهر الهادي غضبه علنًا، وشتم الرَّشيد، وسمح لمواليه وقواده بانتقاصه والتحدث فيه. وأخيرًا، عاد الرشيد إلى حضرة أخيه.[59][60]

يُروى أنه في أول خلافة الهادي، دخل الرشيد على الهادي، فنظر إليه الخليفة مليًا وقال له بنبرة اختبار: «يا هارون كاني بك وأنت تحدث نفسك بالخلافة»، فرد الرشيد بحكمة: «يا موسى إنك إن تجبرت وضعت، وإن تواضعت رفعت، وإن ظلمت قتلت، وإن أنصفت سلمت، وإني لأرجو أن يفضي الأمر إلي، فأنصف من ظلمت، وأصل من قطعت، وأجعل أولادك أعلى من أولادي، وأزوجهم بناتي، وأبلغ ما يجب من حق الإمام المهدي». سُرَّ الهادي بهذا الجواب، وقرّبه وأجلسه بجانبه في صدر المجلس وأمر له بعطايا ضخمة، مما أوحى بصفاء الأمور بينهما مؤقتًا واطمئنان الهادي لجانب أخيه. ومما يُذكر في سياق العلاقة بين الأخوين، رؤيا المهدي التي قصها الرشيد، وفيها رأى المهدي أنه أعطى كلًا من موسى وهارون قضيبًا، فأورق قضيب موسى من أعلاه فقط، بينما أورق قضيب هارون كله، وفُسِّرت: «فأما موسى فتقل أيامه، وأما هارون فيبلغ آخر ما عاش خليفة، وتكون أيامه أحسن أيام، ودهره أحسن دهر».[59]

وفاته

الملخص
السياق

لم تدم خلافة موسى الهادي طويلًا، إذ خرج إلى حديثة الموصل، فمرض بها، واشتدَّت عِلَّتُه، فقرر الرُّجوع إلى عيساباذ قرب بغداد، فلما شعر بدُنو أجله، أرسل إلى عُمَّاله وأنصاره شرقًا وغربًا بالقدوم عليه، فلمَّا ثُقل مرضه، أجمع القادة الذين بايعوا ابنه جعفرًا، على قتل يحيى البرمكي ظنًا بأن الأمر إن آل إلى الرَّشيد سيأمر بقتلهم نتيجة وقوفهم مع الهادي، وعزموا على ذلك، غير أنهم خشوا من إفاقة الهادي من مرضه ويتسبب لهم بالمصائب، فأمسكوا وتركوا ذلك. وفي فترة احتضار الهادي، أرسلت والدته الخيزران إلى يحيى البرمكي تأمره بالاستعداد، وكتب يحيى كتابًا باسم هارُون الرَّشيد الخليفة الجديد إلى سائر الوُلاة في أنحاء الخلافة العبَّاسية، وأنه أبقاهم على ولاياتهم، وأبقى يحيى بالكُتُب مخفيَّة حتى علم يقينًا بوفاة الهادي، ليظهرها ويرسلها، ويتولَّى الرَّشيد للخلافة.[59]

اختلفت الروايات التاريخية حول سبب وفاة الهادي، فبينما تذكر بعض المصادر أن وفاته كانت طبيعية نتيجة لقرحة في جوفه ألمَّ به، وأنه مرض في حديثة الموصل أثناء زيارته لها، ثم عاد إلى بغداد وعكًا، ثم توفى متأثرًا بمرضه.[61] تشير روايات أخرى إلى أن وفاته لم تكن طبيعية، بل يُقال إنها كانت بتدبير من والدته الخيزران بنت عطاء. يرجع السبب المباشر في ذلك، إلى أن الهادي أصبح جادًا في الأيام الأخيرة في خطته لخلع أخيه هارون الرَّشيد من ولاية العهد وتولية ابنه الصغير جعفر، مما أثار مخاوف الخيزران على ابنها الرَّشيد الذي كانت تميل إليه. تقول هذه الرواية إن الخيزران استغلت فترة مرض الهادي، وأمرت بعض جواريها، فقمن بقتله عن طريق كتم أنفاسه حتى فارق الحياة. توفي الهادي في محلة عيساباذ شرقي بغداد في 15 ربيع الأول سنة 170هـ / 14 سبتمبر 786م، وعمره نحو 23 عامًا هجريَّة / 25 عامًا ميلاديَّة، بعد أن حكم عامٌ واحد، وشهرًا، وثلاثة وعشرون يومًا.[62]

ما بعد وفاته

انقلبت موازين القوى التي سعى الهادي لترسيخها بوفاته، إذ آلت الخلافة إلى أخيه هارون الرَّشيد الذي سعى الهادي للتخلص منه أو تحجيمه، بموجب ولاية العهد بالتي فشل الهادي في تغييرها. تضاربت الروايات حول كيفية علم الرشيد بالوفاة، لكن الثابت أنه بُويع بالخلافة في عيساباذ بعد صلاته على الهادي ودفنه، وتزامن ذلك مع استبشاره بولادة ابنه عبد الله المأمون، في ليلة تاريخيَّة سُميت ليلة الخُلفاء، ففيها مات خليفة، وبُويع خليفة، ووُلد خليفة. من أولى أفعال الرَّشيد هو قتل أبي عصمة، أحد رجال الهادي، انتقامًا لموقف سابق اعتبره الرشيد إهانة له حين قدم عليه جعفر بن الهادي. ثم توجه الرشيد إلى بغداد، وعند وصوله الجسر، أمر الغواصين باستخراج خاتم الجبل الثمين بعدما ألقاه في النهر سابقًا ليخفيه عن الهادي حين طالبه به، وكانت هِبة من أبيهما المهدي يُقدر بمائة ألف دينار. أما جعفر بن الهادي، الابن الذي أراد الهادي توريثه الخلافة، فقد حُيِّد بشكل قاسٍ في ليلة وفاة الهادي نفسها، إذ قام القائد خزيمة بن خازم التَّميمي بإجباره على خلع نفسه من أي حق في ولاية العهد تحت تهديد القتل: «لتخلعنها أو لأضربن عنقك». وفي اليوم التالي، أُعلن هذا الخلع على الملأ لقطع الطريق أمام أي طموح مستقبلي باسمه. وبهذه الإجراءات السريعة، استتبَّ الأمر للخليفة الجديد هارون الرشيد وبدأ خلافته دون وجود ولي عهد للمرة الأولى منذ تأسيس الخلافة العبَّاسية، وسار في درب جده المنصُور، داعمًا كبيرًا لما يُعرف بالعصرُ الذَّهبيُّ للإسلام لاحقًا.[1]

سياسته الداخلية

الوزارة

بعد تولى الهادي للخلافة، أقرّ في البداية الربيع بن يونس، حاجب أبيه ووزيره، على جميع مسؤوليته ومناصبه، بل وزاده عليها تأكيدًا لسلطته أو شراءً لولائه، غير أن الربيع لم يلبث أن تُوفي في نفس العام. بعد وفاة الربيع، استوزر الهادي رجلًا مقربًا منه منذ شبابه يُدعى إبراهيم بن ذكوان الحرَّاني. تعود علاقة الهادي بإبراهيم إلى أيام صباه، إذ كان إبراهيم يدخل عليه مع أحد معلميه، فنشأت بينهما ألفة وصداقة قوية. لم ترق هذه العلاقة للخليفة المهدي، الذي رأى في إبراهيم صاحب تأثير غير مرغوب فيه على ابنه، فنهاه عن مصاحبته مرارًا وهدده بالقتل، لكن الهادي استمر في علاقته به سرًا أو علنًا. لم تطل وزارة إبراهيم، بل لم تطل خلافة الهادي نفسه، فقد توفي بعد نحو عام وشهرين من توليه الحكم. وبسبب قصر مدة حكم الهادي، فإن المعلومات التفصيلية حول سياسات الوزارة في عهده تظل شحيحة في المصادر التاريخية.[63]

سياسته الخارجية

نظرًا لقصر مدة خلافة الهادي، التي لم تتجاوز العام وشهرين، فإن الأحداث المسجلة في علاقات الخلافة العبَّاسية الخارجيَّة خلال عهده كانت محدودة، ومع ذلك، فقد حكم الهادي دولة كبيرة مترامية الأطراف. تُشير المصادر إلى علاقة سلمية واحدة تمثلت باستسلام ونداد هُرمُز، صاحب طبرستان، وقدومه على الخليفة الهادي طالبًا الأمان في سنة 169هـ / 786م. استجاب الهادي لطلبه، وأحسن معاملته، ثم أعاده إلى طبرستان.[64]

وأما على مستوى العلاقات مع مملكة الرُّوم، فقد سُجلت غزوة واحدة قادها معيوف بن يحيى انطلاقًا من درب الراهب. جاءت هذه الغزوة كرد فعل على تقدم رومي سابق؛ إذ كان الرُّوم بقيادة أحد بطارقتهم قد تقدموا نحو حصن الحَدَث، مما أدى إلى فرار الوالي العبَّاسي وجنده وأهل الأسواق، فدخل البيزنطيون الحصن. ردًا على ذلك، توغل القائد العبَّاسي معيوف بن يحيى في أراضي الرُّوم حتى بلغ بلدة تُعرف باسم أشنة، ونجح في الحصول على غنائم وأسرى وسبي.[65]

أسرته

الملخص
السياق

إخوته

موسى الهادي هو أكبر أبناء مُحمَّد المهدي، وله 12 من الإخوة، وهم:[66][67]

زوجاته

تزوَّج الخليفة الهادي مرتين، الأولى هي ابنة عمِّه، لبابة ابنة جعفر الأكبر، حفيدة أبو جعفر المنصور. والزوجة الثانية هي عبيدة ابنة غطريف، شقيق الخيزران بنت عطاء، ويُعتقد أنه قبل سنة 165هـ / 761م.[68]

جواريه

غادر الجارية

غادر، جارية حسناء ظريفة وتجيد الغناء، وهي من أكثر الجواري اللواتي تعلَّق بها الهادي. قبيل وفاته بفترة قصيرة، تملّكه هاجسٌ بأن أخاه هارون الرشيد قد يتزوجها بعد وفاته إذا آلت إليه الخلافة. ومن أجل ذلك، استدعى الهادي أخاه الرشيد، وأخذ عليه أيمانًا مُغلَّظة بأن لا يتزوجها أبدًا بعد موته، وأنه إن فعل، سيحج ماشيًا، وستُطلق زوجاته، ويُعتق مماليكه، ويتصدَّق بجميع ماله. ثم أخذ على الجارية نفسها أيمانًا مماثلة بألا تتزوج الرشيد. ما إن توفي الهادي بعد نحو شهر من هذه الحادثة، وتولى الرشيد الخلافة سنة 170هـ / 786م، حتى أرسل يخطب غادر لنفسه. وعندما ذكرته بالأيمان التي أقسمها، أجابها بأنه سيكفّر عنها جميعًا، وبالفعل تزوجها وأظهر شغفًا كبيرًا بها. بعد نحو ثلاث سنوات، استيقظت غادر فزعة من نومها، وأخبرت الرَّشيد بأنها رأت الهادي في منامها يتوعدها بأبيات شعرية يتهمها فيها بنقض العهد والخيانة. أثرت هذه الرؤيا عليها بشدة، فأصابها اضطرابٌ ورعدةٌ لم تفارقها، حتى تُوفيت بعد وقت قصير من رؤياها.[69]

جواري أخريات

كان للهادي عددًا من الجواري، ومنهن: أمة العزيز، جارية ذات أصول فارسيَّة، كانت في البداية مملوكة لوزير الهادي الربيع بن يونس، الذي أهداها للخليفة. عُرفت بجمالها وشبابها، فأصبحت من محظياته المُقربات ونالت إعجابه، وأنجبت له. وجارية فارسيَّة تدعى رحم أو رحيم، وأنجبت للخليفة، جعفر بن الهادي.[70]

ذريته

خلَّف الهادي سبعة أبناء، وابنتان. جميعهم من أمهات أولاد، وهم:[5]

  • جعفر (المُرشَّح للخلافة من بعده)، وأمه رحم الفارسيَّة
  • العبَّاس
  • عبد الله
  • إسحاق
  • إسماعيل
  • سليمان
  • موسى الأعمى (ولد بعد موت أبيه)
  • أم عيسى، زوجة الخليفة السَّابع عبد الله المأمون
  • أم العبَّاس، المُلقَّبة نوتة

صفاته

صفته الخلقيَّة

كان الهادي طويلًا جسيمًا وسيمًا، أبيض البشرة مُشرَّب بالحمرة، وفي شفته العليا تقلُّص.[5][9]

ميراثه

الأقوال عنه

  • المُؤرِّخ المُوصلِّي ابن الطقطقي: «كان الهادي مستيقظاً غيوراً كريما شهما ايداً شديد البطش جريء القلب مجتمع الحس ذا إقدام وعزم وحزم».[71]
  • الديار بكري: «كان يتناول المسكر، ويحب اللهو والطرب، وكان ذا ظلم وجبروت».[72]
  • الجاحظ: «كان الهادي شكس الأخلاق، صعب المرام، قليل الإغضاء، سيئ الظن».[73]
  • الذهبي فيه: «وكان شجاعا، فصيحا، لسانا، أديبا، مهيبا، عظيم السطوة».[74]

انظر أيضًا

مراجع

Loading related searches...

Wikiwand - on

Seamless Wikipedia browsing. On steroids.