Remove ads
تاريخ ليبيا قبل العصور الوسطى و الحديثة من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
تاريخ ليبيا القديم موغل في القدم يبدأ منذ ما قبل العصور التاريخية المعروفة بألاف السنين ولقد كان لموقع ليبيا الجغرافي أبلغ الأثر في تاريخها، فهي تتوسط شمال قارة أفريقيا وتمتد من شواطئ البحر المتوسط حتى مسافة بعيدة في الداخل مما جعلها على اتصال مع جناحي هذه القارة وأوسطها، لذلك فهي على اتصال وثيق مع أعظم الحضارات القديمة وأعرقها، فالمخلفات الأثرية سواء من عصور ما قبل التاريخ أم من العصور التاريخية تدل على أن ليبيا القديمة لم تكن منعزلة عن البيئات المحيطة بها بل متصلة بهذه البيئات سياسياً واقتصادياً وحضارياً، ولم تكن هذه الصلات بطبيعة الحال على وتيرة واحدة في كل عصر أو مع كل بيئة. ولعل أقدم هذه الصلات وأوثقها ما كان قائماً منها مع المصريين منذ بداية التاريخ المصري القديم إن لم يكن منذ عصور ما قبل التاريخ وخاصة في عصر البرونز، وما لبثت أن قامت علاقات مع الفينيقيين والإغريق والرومان وطبيعي أن تكسب هذه الصلات بين ليبيا وبين أعرق مراكز الحضارة تاريخ ليبيا أهمية كبيرة. وعلى الرغم من إن اسم ليبيا أستخدم كمدلول جغرافي منذ أقدم العصور التاريخية على نطا ٌق واسع لكنه لم يأخذ معناه الحالي إلا في بداية القرن العشرين.[1]
نسبة التسمية | |
---|---|
وصفها المصدر |
مُقدِّمة هذه المقالة طويلة وتحتوي تفاصيل كثيرة يمكن اختصارها. |
تحتوي هذه المقالة حبكة طويلة وشديدة التفصيل. |
قسم الوصلات الخارجية في هذه المقالة بحاجة لتهذيب إذ يضم اقتراحاتٍ كثيرةً بعضها غير مناسبٍ أو مكررٍ أو لا يتوافق مع دليل الأسلوب المُتّبع في ويكيبيديا. |
عرف قدماء المصريين الشعوب التي تقطن إلى الغرب من مصر بالليبيين.[2] كانت القبيلة الليبية التي تعيش في المنطقة المتاخمة لمصر هي قبيلة الليبو (LIBU)>، وقد ورد في النصوص المصرية القديمة أن المصريين كانوا يعرفون في من عرفوا من عناصر عنصر اسمه الليبو، وأصبح في الغالب مصدر اسم ليبيا بأسره.[3] وكان الليبو يقطنون منطقة الجبل الأخضر وقد اشتق من اسمهم اسم ليبيا.[4] عرفوا لاحقا بالبربر. ومع ذلك، لا يعتبر هذا مؤكدًا، ولهذا السبب يفضل العديد من المؤلفين المصطلح القديم «الليبيين»[5] فالبربر كانت منازلهم على أيادي الدهر فلسطين.[6] وقد خرجوا عن طاعة نبي الله داود حوالي سنة 990 ق.م.فحاربهم وهزمهم ثم طردهم من موطنهم الأول بأرض الشام. فعبروا طور سيناء ومصر،[7] ولكنهم مُنعوا من دخولها، فتوجهوا،[8] لبرقة ثم استوطنوا منطقة طرابلس الغرب. فتركت القبائل اللوبيه تلك المنطقة الغربية من اوطانهم. وسكنوا مع القبائل اللوبية الأخرى القاطنة ببلاد فزان.[7][9][10] وقد ورد ذكر هذه القبيلة (الليبو) لأول مرة في النصوص المصرية التي تنسب إلى الملك مرنبتاح (Merneptah) من الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة (القرن الثالث عشر ق.م.). ومن اسمها اشتق اسم ليبيا وليبيين. وقد عرف الإغريق هذا الاسم عن طريق المصريين ولكنهم أطلقوه على كل شمال أفريقيا إلى الغرب من مصر، ولا شك في أن ذلك راجع إلى أن هذا الإقليم (برقة) قد بدا للإغريق على أنه هو ليبيا أي «أفريقيا برمتها» من حيث أنه هو الإقليم الوحيد الذي كان مألوفا لهؤلاء من القارة حقيقة.[11] وقد بلغ بعض القبائل درجة من القوة مكنها من دخول مصر وتكوين أسرة حاكمة هي الأسرة الثانية والعشرون، التي حكمت مصر قرنين (من القرن العاشر إلى القرن الثامن ق. م) وقد استطاع مؤسس تلك الأسرة الملك شيشنق توحيد مصر، واجتياح فلسطين. بدأ اتصال الفينيقيين بسواحل شمال أفريقيا منذ فترة مبكرة حيث سيطروا على البحر المتوسط واحتكروا تجارته وكانوا عبورهم البحر بين شواطئ الشام وإسبانيا ليجلبوا منها الفضة والقصدير. وكانوا يبحرون بمحاذاة الساحل الغربي من خوفا من هباج البحر. فكانت سقنهم ترسو على الشواطئ الليبية للتزود بما تحتاج إليه أثناء رحلاتها البحرية الطويلة. وقد أسس الفينيقيون مراكز ومحطات تجارية كثيرة على طول الطريق من الشام بالشرق إلى إسبانيا في الغرب. وعلى الرغم من كثرة هذه المراكز والمحطات التجارية لكن المدن التي أنشأها وأقاموا بها كانت قليلة لأنهم كانوا تجارا لا مستعمرين. وكان من أسباب إقامة المدن التي استوطنها الفينيقيون في شمال أفريقيا تزايد السكان وضيق الرقعة الزراعية في الشام (فينيقيا) وطنهم. والصراع ببلادها لغارات الآشوريين والفرس ثم الإغريق. امتد نفوذ الفينيقيين إلى حدود برقة (قورينائية). وأسسوا بعض المدن المهمة كطرابلس ولبدة، وصبراته. وقد ازدهرت تجارة الفينيقيين على الساحل الغربي من ليبيا وذلك لسهولة الوصول إلى أواسط إفريقيا الغنية بمنتجاتها الثمينة كالذهب والأحجار الكريمة والعاج وخشب الأبنوس والرقيق، وكانت أهم طرق القوافل تخرج من مدينة جرمة التي كانت مركزا هاما لمنتجات أواسط إفريقيا التي كانت تنقلها القوافل عبر الصحراء إلى المراكز الساحلية حيث تباع للفينيقيين مقابل المواد التي كانوا يجلبونها معهم. واستمر الجرماتيون مسيطرين على سوق التجارة بليبيا أكثر من ألف سنة. كان الفينيقيون والإغريق في علاقات تجارية معهم. لمن الرومان حاولوا إخضاع الجرماتيين بالقوة للسيطرة على تجارة وسط إفريقيا. لكنهم فشلوا وهادنوا الجرماتيين. واستمر وجود الفينيقيين وازداد نفوذهم في شمال إفريقيا خاصة بعد تأسيس مدينة قرطاجة في عام 814 ق.م.). وأصبحت قرطاجة أكبر قوة سياسية وتجارية في حوض البحر المتوسط الغربي، وسادها الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي فترة طويلة. دخلت بعدها في صراع مرير مع روما لما وصلت إليه تلك المدينة الفينيقية من قوة وثراء. فشن الرومان عليها الحروب المضنية. تكبد فيها الطرفان الكثير من الأرواح والأموال، وهي الحروب التي عرفت في التاريخ بالحروب البونية. بعدها استطاعت روما تحقيق أهدافها بتدمير قرطاجة تدميرا شاملا سنة (146 ق.م.) وأخضع الرومان كل ممتلكات قرطاجة بما فيها المدن الليبية الثلاث طرابلس ولبدة وصبراتة. أما السواحل الشرقية من ليبيا (برقة - قورينائية)، فكانت من نصيب المستعمرين الايغريق.
حيث أنشأ المهاجرون الإغريق علي ساحل برقة مستعمراتهم حيث لا تبعد كثيرا عن بلادهم. وبدأ الاستعمار الإغريقي لإقليم قوريني (برقة) في القرن السابع ق. م عندما أسسوا مدينة قوريني (شحات) سنة (631 ق. م) وكان باتوس الأول هو أول ملك إغريقي للمدينة، وتوارثت أسرته الحكم في قوريني لفترة قرنين. ولم يكن عدد المهاجرين الأوائل الإغريق كبيرا ويقدرون بحوالي مائتي رجل.و في عهد ثالث ملوك الإغريق بقوريني باتوس الثاني نزحت أعداد كبيرة من المهاجرين الإغريق واستقرت في الإقلي. مما جعل الليبيين، يدخلون في حرب مع الإغريق من أجل الدفاع عن وجودهم وأراضيهم التي طردهم المستعمرون منها ومنحوها للمهاجرين الجدد. وعلى الرغم من طول فترة حكم أسرة باتوس الأول إلا أنها لم تشهد الاستقرار بسبب الهجمات التي كانت قبائل البربر الليبية تشنها على المستعمرات الإغريقية في المنطقة الساحلية. في عهد أركيسيلاوس الثاني (رابع ملوك قوريني) ترك بعض الإغريق مدينة قوريني ليؤسسوا مع الليبيين مدينة برقة (المرج). ولما ازداد عدد المهاجرين الذين أتوا إلى مدينة قوريني.أرسلت تلك المدينة بعضا منهم لإنشاء بعض المحلات (المساكن) القريبة من الشاطئ التي كانت من بينها المحلة التي أنشئت مكانها طوخيرة (توكرة). وأسست مستعمرة أخرى هي مدينة يوهسيبريديس (بنغازي). وكما كان لقوريني ميناء أبولونيا (سوسة)، فإن مدينة برقة هي الأخرى أنشأت ميناء لها في موقع بطولميس (طلميثة).وعندما احتل الفرس مصر، بعث ملك قوريني سفارة إلى الملك الفارسي معلنا خضوع إقليم قورينائية. واستمرت تبعية الإقليم لمصر وواليها الفارسي وان كانت في الغالب تبعية اسمية. وفي 440 ق.م. قتل أركيسيلاوس الرابع، آخر ملوك أسرة باتوس، في يوهسيبريديس، وأصبحت قورينائية تضم مدنا مستقلة عن بعضها البعض وعانى الإقليم من الاضطرابات السياسية، وازدياد خطر هجمات القبائل الليبية وكانت تلك المدن تتصارع فيما بينها إلى أن غزا الإسكندر المقدوني مصر (332 ق.م.) واستولى البطالمة الذين خلفوه في حكم مصر على إقليم قورينائية (332 ق.م.). وساد به الهدوء النسبي وأصبحت مدن الإقليم تعرف جميعا باسم بنتابوليس، أي أرض المدن الخمس حبث تكون اتحاد إقليمي يضمها ويتمتع بالاستقلال الداخلي. وبقيت قورينائية تحت الحكم البطلمي حتى تنازل عنها لروما سنة (96 ق.م.)
صار الإقليم تحت رعاية مجلس الشيوخ (السينت) بروما وكان مع كريت ولاية رومانية واحدة إلى أن فصلهما الإمبراطور دقلديانوس في نهاية القرن الثالث الميلادي. عند اعتراف الإمبراطور قسطنطين الأول بالمسيحية في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي انتشرت المسبحبة في ليبيا لكنها لم تقض على الوثنية. بمدة قرن ونصف حتى بعد أن جعل الإمبراطور ثيودوسيوس الأول المسيحية الدين الرسمي والأوحد في الإمبراطورية في مرسوم أصدره سنة (392 م.) وهذا أمر لا تختلف فيه ليبيا عن بقية أقاليم الدولة الرومانية. وكان أول أسقف لإقليم برقة سجله التاريخ شخصا يدعى آموناس سنة (260 م.) وحضر أساقفة من مدن البنتابوليس أول مؤتمر مسيحي عالمي. وهو المؤتمر الذي دعا إلى عقده الإمبراطور قسطنطين في مدينة نيقيا سنة (325 م) كان الأسقف سينسيوس القوريني أهم شخصيات الفترة المسيحية في برقة. تولى أسقفية طلميثة وذهب إلى البلاط الإمبراطوري في القسطنطينية على عهد الإمبراطور أركاديوس ليعرض المشاكل التي كانت تواجه الإقليم والتي كان من أهمها الضرائب الفاحشة المفروضة على مدنه والمشكلة الرئيسية التي كانت واجهت الإقليم على أيامه هي الدفاع ضد غزوات القبائل الليبية التي اشتدت حدتها بعد عام (332 ف) حيث قام سكان المدن والمناطق الريفية القريبة بتنظيم حرس محلي للدفاع عن أراضيهم. فالصورة التي أعطاها الأسقف سينسيوس عن الأوضاع في الإقليم دفعت كثيرا من الدارسين إلى القول بأن الحياة في البنتابوليس قد خبت نهائيا في القرن الخامس الميلادي.ولم يكن الأمر يختلف بالنسبة لمدن الساحل الغربي. فبعد زوال الأسرة السيفيرية في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي سادت الإمبراطورية حالة من الفوضى والحروب الأهلية لمدة نصف قرن. وبينما استطاعت الأقاليم الأخرى استعادة شيء من الأمن والنظام استمرت الاضطرابات تعصف بالشمال الإفريقي الأمر الذي سهل وقوعه في أيدي الوندال حيث عبرت جموع الوندال إلى شمال أفريقيا حوالي سنة (430 ق.م.) واستولت على مدن إقليم طرابلس الذي عاني الخراب والدمار علي أيديهم خراب ودمار في كل مكان يحلون فيه رغم مقاومة الليبيون لهم لكنهم تكبدوا العديد من الخسائر في الأرواح والأراضي والممتلكات مما دفعهم لإتخاذ الجبال دروعا لهم وكونوا هناك جيوشا للمقاومه. وعلى الرغم من أن الإمبراطورية الرومانية قد استعادت الإقليم في القرن السادس الميلادي على عهد الإمبراطور جستينيان عندما نجح القائد الليبي كاباون طرد الوندال. لكن ليبيا سواء في إقليم برقة أو في إقليم طرابلس ظلت تعاني من جحافل الوندال وفي هذه الأثناء لاحت في الأفق طلائع الفاتحين المسلمين الذين جاءوا مع الفتح الإسلامــي الذي تم في القرن السابع الميلادي. واستطاعوا بعد فترة قصيرة من قدومهم أن يوطدوا أركان حكمهم وأن ينشروا الأمن في ربوع البلاد.
تمتد هذه المجموعة من المصادر منذ مجيء الإغريق إلى إقليم قورينائية وحتى الفتح الإسلامي للمنطقة في القرن السابع الميلادي لقد تناول تاريخ ليبيا في هذه الفترة الكثير من الكتاب والمؤرخين والجغرافيين والفلاسفة. وسوف نعطى بعض المعلومات عن كتابات هؤلاء من خلال اتجاهاتهم العلمية المختلفة. ولذلك اختلفت أهمية هذه المعلومات التي طرحوها حول تاريخ هذا البلد باختلاف تخصصاتهم ومن أشهر هؤلاء:
لقد تحدث (ديودوروس الصقلي)في الفقرة 49 من كتابه الثالث عن ليبيا والقبائل الليبية، وعن الكثير من الظواهر الطبيعية، خاصة الغريبة منها.وقد كان (ديودوروس الصقلي) يميل إلى التحدث عن الشعوب التي جعلها موضوع تاريخه عن الجوانب الطريفة والغريبة المغلفة بالأساطير الغامضة ولذلك تختلط عنده الحقائق بالخيال اختلاطا شديدا ولكن رغم ذلك يعتبر (ديودوروس الصقلي) كاتبا ومؤرخا عظيما.
ولد (بروكوبيوس)في قيصرية بفلسطين في نهاية القرن الخامس الميلادي وتوفى في عام 562 م وقد تحدث في كتابه العمائر عن أهم المنشآت المعمارية التي شيدت في عهد الإمبراطور (جستنيان)(527-565 م.) وقد أشار في هذا الكتاب إلى بعض المنشآت التي شيدت في المدن الثلاث (لبدة أويا (طرابلس) صبراتة). وقد تحدث في كتابه الحروب عن الحملات الحربية التي شنت في عهد الإمبراطور (جستنيان)في فارس وأوروبا وشمال إفريقيا (545-554م.)وقد أشار أيضاً في هذا الكتاب إلى بعض الثورات التي شنها سكان المناطق الغربية من ليبيا ضد الوندال.
وهو مؤرخ أكثر منه كاتب ملاحم ينسب إلى (كوريبوس) ملحمتين شعريتين: الأولى حول الحرب الليبية الرومانية والتي دارت أحداثها في الفترة ما بين 546 -548 م. والثانية في مدح الإمبراطور (جوستين الثاني) خلال عامي 566 و567 م. ينتسب الشاعر (كوريبوس) إلى منطقة المغرب القديم من حيث الأصل والمولد ويفهم ذلك من خلال لقبه الإفريقي ويعتبر عمله الأول الحرب الليبية الرومانية أهم مصدر تاريخي عن منطقة المغرب القديم خلال القرن السادس الميلادي وذلك لسرده وقائع تاريخية ثابتة حول الحملة البيزنطية ضد الوندال حين قرر الإمبراطور (جستنيان)(527-565 م.) إعادة استعمار منطقة المغرب القديم من جديد، ورغم أن هذه الملحمة ليست كلهـا حقائق تاريخية بل تحتوى على الكثير من الخرافات والمبالغات إلا أنها تعتبر أهم مصدر بعد (هيرودوت) و (بروكوبيوس) حول القبائل الليبية الأمازيغية حيت أشار (كوريبوس) من خلالها إلى خصائص هذه القبائل وعاداتها وأماكن تواجدها ووسائل حروبها وتقاليدها المعيشية والاجتماعية.
إن هذه المصادر الكتابية التي دونت من قبل كتاب إغريق ورومان وبيزنطيين، كـانت هي الأخرى من جانب واحد إلا أن هذه المصادر دعمت أراء هؤلاء المؤرخين عن طريق المكتشفات الأثرية التي عثر عليها حديثاً، كالنقوش الكتابية، وبعض بقايا الإنسان خاصة البقايا الفنية كالعمارة والنحت والفخار.
أمدتنا المصادر الإغريقية والرومانية والبيزنطية بالكثير من المعلومات حول الليبيون القدماء الذين عاشوا في المنطقة المعروفة قديما باسم ليبيا بمعناها الواسع وقــد استقينا معلوماتنا هــذه مــن خلال ما تركه هؤلاء الكتاب مــن أخبار معظمها كانت خليطاً بين الحقائق والأساطير وكان على رأس هؤلاء الكتاب (هيرودوت) القرن الخامس قبل الميلاد و (سكيلاكس) القرن الرابع قبل الميلاد و (سالوست) القرن الأول قبل الميلاد و (سترابون) و (ديودورس الصقلي) و (بليني الأكبر) القرن الأول الميلادي و (بطلميوس الجغرافي)القرن الثاني الميلادي و (بروكوبيوس القيصري) و (كوريبوس) القرن السادس الميلادي
وسوف نتتبع أسماء أهم قبائل البربر الليبية عند هؤلاء الكُتّاب منذ أيام (هيرودوت) إلى ما قبل الفتح الإسلامي بقليل وهي:
أول إشارة وصلتنا عن هذه القبيلة كانت عن طريق (هيرودوت) حيث ذكر بأنها تقيم قريبا جدا من مصر وسكان هذه القبيلة أثروا في المصريين وتأثروا بهم حيت نجد أغلب عادات الطرفين موجوده عندهما باستثناء ملابسهم التي كانت لا تختلف عن بقية الليبيين ولم يأت (سكيلاكس) الذي جــاء بعد (هيرودوت)بجديد عن سكان هذه القبيلة حيث أكــد ذلك. وفي القرن الأول الميلادي والثاني الميلادي أشار إلى هذه القبيلة كل من (استرايون)و (بليني الأكبر) و (بطلميوس) ولكن هؤلاء جميعاً أشاروا إلى هذه القبيلة باختصار شديد ولا تزال القبائل الليبية التي يقترب عددها من 30 مليون موجودة في مصر.
يقول هيرودوت بأن أراضي هذه القبيلة تلي قبيلة الإدروماخيداى مباشرة وتمتد نحو الشرق حتى جزيرة إفروديسياس (جزيرة كرسة) إلى الغرب من مدينة درنة الحالية. ويشير (هيرودوت) بأن أرض السيلفيوم تبدأ من أرض هذه القبيلة وحتى مدخل خليج سرت. لقد اختفى اسم هذه القبيلة عند كل الكّتاب اللاحقين ويبدوا أنها لم تكن من القبائل الكبرى ولذلك غفل عن ذكرها هؤلاء الكّتاب.
لقد أشار (هيرودوت) إلى هذه القبيلة حيث ذكر بأن أراضيهم تقع إلى الغرب من قبيلة الجليجاماى إلى الداخل من مدينة قورينا لأن المناطق الساحلية يسيطر عليها القورنائيين. وقد أشار بأن الاسبوستاى يشتهرون بالعربات التي تجر بواسطة أربعة من الخيل لقد ورد اسم هذه القبيلة أيضاً لدى (استرابون) وبطليموس في حين لم ترد لدى بقية الكُتّاب وذلك لإنقسامات تلك القبائل واتخاذها لأسماء أخرى.
أول إشارة عن هذه القبيلة كانت عند (سكيلاكس) الذي أشار بان أراضي الماماريداى تقع إلى الغرب من قبيلة الادروماخيداى وهي تضم كل الأراضي الداخلية لمدينة برقة(المرج) وتمتد نحو الغرب حتى تقترب من خليج سرت. ويبدو أن أراضي هذه القبيلة ازدادت اتساعاً في العصر الروماني حيث امتدت نحو الشرق حتى وصلت مرسى مطروح ونجد إشارة صريحة لهذا التوسع من خلال ما ذكره (بليني الأكبر) من أن المجموعات السكانية التي تقيم في المنطقة الممتدة من بارايتوم (مرسى مطروح)وحتى سرت الكبير هم المارماريداى. ورغم أن اسم المارماريداى ظهر لأول مرة عند (سكيلاكس) إلا أنه ظل حيا حتى قبيل الفتح الإسلامي للمنطقة فقد ذكرت هذه القبيلة لدى معظم الكتاب الكلاسيكيين مثـل: (استرابون)و (ديودوروس الصقلي) و (بليني الأكبر) و (بطليموس) وربما بسبب شهرة هذه القبيلة سميت المنطقة فيما بعد باسم مارماريكا.
يشير هيرودوت بان أراضي قبيلة الاوسخيساى تقع عند المناطق الداخلية من مدينة برقة(المرج) وتمتد نحو الغرب حتى تتصل بالشاطئ عند مدينة يوسبيريدس (بنغازي). ويشير هيرودوت بأن عند منتصف أراضي هذه القبيلة تقع أراضي قبيلة البكاليس الصغيرة التي تتصل أراضيها بالبحر عند مدينة توخيرا (توكرة). ويبدو أن قبيلة الاوسخيساى لم تكن ذات أهمية كبيرة بالمقارنة مع القبائل السابقة ولذلك لم يرد ذكرها لدى معظم الكتاب الكلاسيكيين ما عدا (ديودوروس الصقلي)الذي أشار إليها إشارة عابرة.
لقد أشار (هيرودوت) بأن موطن النسامونيس يقع إلى الغرب من موطن الاوسخيساى دون أن يحدد إلى أي مدى يمتد موطنهم نحو الغرب. ونجد في المقابل يوضح (سكيلاكس) بأن موطن هذه القبيلة يمتد نحو الغرب حتى يصل مذبح الأخوين (فيلاينى) ويذكر (هيرودوت)بأن النسامونيس متعودون ترك قطعانهم في الصيف بجوار البحر ويصعدون نحو موقع يقــال له أوجيله ليجنوا التمر مــن النخيل الذي ينمو هناك بكثرة ويتكلمون اللغة البربرية. لقد كانت قبيلة النسامونيس موجودة بموطنها حول خليج سرت طوال العصور القديمة حيث ورد ذكرها لدى (هيرودوت)و (سكيلاكس)و (استرابون) و (ديودوروس الصقلي) و (بليني الأكبر) و (بطليموس) وغيرهم غير أنها عرفت لاحقا بأسماء أخرى كصنهاجه ولواته. وكان الرومان يحسبون ألف حساب لقبيلة النسامونيس القوية التي تتمركز حول خليج سرت وقد كان النسامونيس يضايقون الرومان بالتعرض لطرق التجارة بالدواخل ومهاجمة السفن وإغراقها عند السواحل. وبالتالي أصبحت المنطقة تمثل أكبر خوف للمصالح التجارية الرومانية وهذا الأمر أدى بالرومان إلى توجيه حملة خلال حكم الإمبراطور (دومتيان) استهدفت القضاء على سيطرة النسامونيس من جهة ومن جهة أخرى استهدفت إلزام النسامونيس بعدم ترك مواطنهم الدائمة وذلك تسهيلا لمهمة جباة الضرائب من الرومان بالإضافة إلى تسهيل مراقبتهم في مكان ثابت ومعروف.
تقع أرض المكاي إلى الغرب من قبيلة النسامونيس وتنتهي عند نهر (كينيبس)(وادي كعام). ويشير (هيرودوت) بأن نهر (كينيبس) يجرى عبر أراضيهم نحو البحر في الشمال وأن هذا النهر يأتي من تل يدعى تل الحسان، وهو عبارة عن غابة كثيفة وهي على عكس بقية ليبيا التي تحدث عنها والخالية من الأشجار وتبعد هذه المنطقة عن ساحل البحر بمائتي فرسخ. والجدير بالذكر أن هذه المنطقة كانت قد أغرت أحد المغامرين الإغريق في تأسيس مستوطنة عليها وقد كان ذلك على يد (دوريوس) بن ملك إسبارطة، عندما نزل في حملة بحرية في عام 520 قبل الميلاد عند مصب نهر كينيبس (وادي كعام) لتأسيس تلك المستعمرة التي عرفت باسم النهر السالف الذكر. وقد ذكر (هيرودوت)في كتابه الخامس أن القرطاجيين بعد ثلاث سنوات من تأسيس هذه المستعمرة استطاعوا بمساعدة قبيلة المكاي من طرد المغامر الإغريقي، حيث رحل عائداً إلى شبه جزيرة البيلوبونيز ببلاد اليونان.
تقع أراضي آكلة اللوتس إلى الغرب من قبيلة الجيندانيس، التي تلي قبيلة المكاي وتبرز أراضي آكلة اللوتس في البحر على شكل رأس يمتد في عرض البحر ولقد حصلنا على أول ذكر لهذه القبيلة لدى (هوميروس) ثم وردت فيم بعد لدى (هيرودوت) و (سكيلاكس) و (بليني الأكبر) و (بطليموس). يقول (هيرودوت) يصف ثمار اللوتس الذيذة بان مذاقها يذكر بمذاق الرطب، وأن آكلي اللوتس يصنعون أيضاً من ثمار اللوتس الخمر وربما لهذه اللذة التي تمتاز بها ثمار اللوتس يشير (هوميروس) في ملحمته الأوديسة بأن من يأكل اللوتس يصرفه عن الاهتمام برؤية وطنه وزوجته وأولاده.
لقـد وضح لنا هيرودوت بأن مــوطن الجرامنت يقع على مسيرة عشرة أيام إلى الغرب من أوجلة وعلى مسيرة ثلاثين يوما إلى الجنوب من موطن آكلة اللوتس. يعتبر المؤرخ الإغريقي (هيرودوت) أول من أشار إلى الجرامنت ولذلك يعتبر مصدرنا الأساسي حول هذا الموضوع. وقد أشار إلى أن الجرامنت كثيروا العدد يملكون العربات التي تجر بواسطــة أربعــة من الخيل والتي كانوا يطاردون بها سكان الكهــوف الإثيوبيين وكانوا يضعون التراب على الملح ثم يزرعونه وكانت لهم ثيران وهي ترعى القهقرى، وسبب ذلك انحناء قرونها إلى الأمام. لم تقتصر معرفتنا للجرامنت عن طريق (هيرودوت) فقط بل إن (استرابون) و (بليني الأكبر) تحدثا عن الجرامنت أيضاً. وفي هذا السياق يشير (بليني الأكبر) في كتابه التاريخ الطبيعي بأن أراضي الجرامنت تقع على بعد اثني عشرة يوما من أوجلة، ويشير في نفس الكتاب السابق إلى الصراع الذي كان يدور بين الرومان والجرامنت وكيف استطاع الرومان بقيادة (كورنيليوس بالبوس) إخضاع عاصمة الجرامنت جرمة بالإضافة إلى إخضاعهم العديد من المدن الأخرى، التي كانت على الأرجح ضمن ممتلكات الجرامنت.
الجيتول إحدى المجموعات الليبية القديمة التي ذكرها المؤرخون الكلاسيكيون. وهي مجموعة من القبائل كانت منتشرة جنوب الممتلكات القرطاجية، ومملكة نوميديا وهي تمتد جنوبا حتى تحاذى أطراف الصحراء من الشمال. وإذا تتبعنا اسم هذه المجموعة السكانية فإننا نجد أول ذكر لها كان عن طريق المؤرخ اللاتيني (سالوست) (القرن الأول قبل الميلاد). وقد توالى ذكر هذه المجموعة السكانية فيما بعد لدى معظم الكتاب الكلاسيكيون مثل (استرابون) و (بليني الأكبر)و (بروكوبيوس القيصري). ويبدو أن اسم الجيتول دخل عليه بعض التحريف، عندما بدأ العرب المحدثون نقل هذا الاسم من اللغتين اليونانية واللاتينية إلى اللغة العربية حيث كتب مرة بصورة جيتــول وكتــب مرة أخرى بصورة عربية صــرفة وهي جدالة وأولد جدلة من الأمازيغ الذين يعيشون في مدينة قفصة التونسية ويبدو أن هؤلاء الأخيرين كانوا محقين لأن الاسم جدالة قريبا جداً من الاسم القديم جيتول.
تقع أراضي المور ما بين المحيط الأطلسي في الغرب، ووادي مولوكا (ملوية) في الشرق ويبدو أن اسم مــوريتانيا أو مــوروسيا اشتــق مــن اسـم هذه القبيلة الواسعة الانتشار. لقد توالى ذكر المور في الكثير من المناسبات منذ نهاية القرن الخامس قبل الميلاد وحتى نهاية العصور القديمة حيث تم الإشارة إليهم في الحملة المبكرة التي قام بها القرطاجيون ضد الإغريق في صقلية عام 406 قبل الميلاد وكذلك تم الإشارة إليهم أثناء محاولة الغزو الروماني لشمال إفريقيا عام 256 قبل الميلاد وأيضاً أثناء الحرب البونية الثانية حيث ذكروا ضمن جيش هانيبال في معركة زاما. وقد أشار إليهم المؤرخ اللاتيني (سالوست) عند حديثه عن السكان الأوائل لإفريقيا. ولقد ظل اسم المور حيا حتى العهد البيزنطي حيث تمت الإشارة إليهم عن طريق المؤرخ البيزنطي (بروكوبيوس) في كتابه العمائر عند حديثه عن تغلب المور على الوندال واستيلائهم على مدينة لبدة الكبرى. والجدير بالــذكر هنا أن (بروكوبيوس) كــان يسمى هذه المجموعة السكانية أحياناً باسم المور وأحياناً أخرى باسم لواتة. وقد عاد (بروكوبيوس) إلى الإشارة إلى المور من جديد في نفس الكتاب السابق حيث ذكر بأن الإمبراطور (جستنيان) احتل طرابلس وبقية ليبيا داحراً الوندال والمور.وقد أشار (بروكوبيوس) إلى المور أيضا في كتابه الحروب الوندالية عندما تحدث عن القائد الليبي البربري كابا وان الذي انتصر على الوندال. وقد وصفه (بروكوبيوس) بأنه كان يحكم مور طرابلس التي كانت تعنى في ذلك الوقت إقليم المدن الثلاث (لبدة وأويا وصبراتة).
لقد وصلتنا أخبار هذه القبيلة أثناء عهد الإمبراطورية الرومانية المتأخرة وذلك عند الإشارة إلى الهجمات التي كانت تقوم بها هذه القبيلة ضد المدن التي يسيطر عليها الرومان سواء على المدن الثلاث (لبدة وأويا وصبراتة)، أو على المدن الخمس (قورينا وبرقة وبطوليمايس وتوخيرا ويوسبيريدس) أو من خلال التحالفات التي كانت تقيمها هذه القبيلة مع القبائل الليبية الأخرى ضد القوات البيزنطية المتمركزة في قرطاجة والمدن التي تقع إلى الشرق والغرب من هذه المدينة. وليست لدينا الكثير من المعلومات عن أصل هذه القبيلة ومصادرنا محدودة تحصلنا بعضها عن طريق (اميانوس ماركيلينوس) (عاش في حدود الفترة ما بين 330 - 400 ميلادية) وتحصلنا على البعض الآخر عن طريق (فلافيوس كريسكونيو كوريبوس) (القرن السادس الميلادي) من خلال ملحمته الشعرية الحرب الليبية الرومانية. ويرى البعض بأن هذه القبيلة قدمت من الواحات الشرقية والجبال جنوب طرابلس، ثم استقرت وعرفت بقبائل نفوسه وصنهاجه لاحقا، خلال العهد الروماني المتأخر بمنطقة خليج سرت وتذكر المصادر الرومانية المتأخرة أن قبيلة الاوستريانى هاجمت مدينة لبدة ثلاث مرات متتالية، وهو الأمر الذي أدى إلى تدمير معظم منشآت المدينة ولاشك أن الذي اكسب غارات الاوستريانى هذا العنف وهذه القوة استعمال هذه القبيلة للجمل في غاراتها، والجدير بالذكر أن الرومان رفضوا مد العون إلى مدينة لبدة الكبرى وحتى عندما وافقوا على نجدة المدينة كان من أهم شروطهم تزويدهم بكميات ضخمة من المؤن وأربعة آلاف جمل. ويحدثنا (فلافيوس كوريبوس) عن قبيلة الاستوريين، بأنها كانت كثيرة العدد والعدة وتتخذ من الجبال موطنا لها وهي معروفة بشجاعتها وتخطيطها للحروب المتقنة للنيل من الأعداء. وفي هذا السياق يشير (كوريبوس)، بأن الاستوريين يقومون بتجميع للإبل في صفوف متماسكة على شكل حواجز ويحفرون الخنادق، ثم يضعون مختلف قطعان الماشية وسط حلقة وذلك لكي يوقعوا بالأعداء في شراك هذه الحواجز وبالتالي يمكن سحقهم في غمرة من الاضطراب والفوضى التي تنتاب الصفوف في مثل هذه الأحوال.
لقد وصلتنا أول إشارة عن قبيلة لواتة عن طريق المؤرخ البيزنطي (بروكوبيبوس القيصري)، من خلال كتابيه العمائر والحروب الوندالية ونلاحظ أن (بروكوبيوس) كان يرى بأن المور ولواتة اسمين لمجموعة سكانية واحدة كانت منتشرة في كل المنطقة الممتدة من طرابلس وحتى تبسة بالجزائر. وقد ذكرت المور على أنها لواتة في العديد من كتابات (بروكوبيوس) فنجده يشير إلى المور الذين دعــاهم في نفس الــوقت لــواتة عند حديثه عــن تغلب هؤلاء على الونـدال واحـتلالهم لمدينة لبدة ونجده يشير إليهم عند حديثه عن المذبحة التي نفذها البيزنطيون في مدينة لبدة ضد ثمانون شيخا من أعيان لواتة، ونجده يشير إلى المور على أنهم لواتة عند حديثه عن الحروب التي شنها الليبيون ضد حاكم إفريقيا البيزنطي سليمان فنجده يتحدث عن المور ولواتة في طرابلس، والمور ولواتة في بيزاكيوم (سوسة بتونس) والمور ولواتة في تيبستا (تبسة) بالجزائر مما قد يدل على أن المور كانت تسمية القبائل في شمال إفريقيا الذين سموا على مر العصور بعدة تسميات كالليبيون والمشواش والمور والنوميديون والبربر والأمازيغ.
والجدير بالذكر أن قبائل لواتة لم تنته مع نهاية الحكم البيزنطي للمنطقة بل ظلت تتردد في الكثير من المصادر العربية الإسلامية حيث تم الإشارة إليها عــن طريق ابن عبد الحكم في كتابه فتوح مصر وإفريقيا، واليعقوبي في تاريخه وابن خرداذبة في كتابه المسالك والممالك، والهمذانى في كتابه الإكليل، ونشوان بن سعيد الحميري في قصيدته ملوك حمير وأقيال اليمن وأبى الحسن على بن سعيد في كتابه المغرب في حلى المغرب. وابن خلدون في كتابه العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر.
بدأت العلاقات السياسية القرطاجية مع مدن إقليم طرابلس عقب حادثه إنشاء مستعمرة أفريقية بالقرب من مدينة لبدة القديمة يقص علينا هيرودت قصة هذه الحادثة فيذكر أن دوريوس الابن الثاني لملك اسبارطة والذي كان يعتقد باحقيته في العرش قد غضب عندما انتقل العرش إلى أخيه كليومينس المختل عقليا فجمع دوريوس فريقا من الشباب الاسبارطى ورحل بهم نحو سواحل ليبيا الغربية ونزل في مكان بالقرب من مدينة لبدة مستعينا بإرشاد بعض مستعمرى شيرا وكان ذلك حوالي 514 قبل الميلاد واستقر في أرض تخص الليبيين على نهر الكتبس وادى كعام حاليا وهي اخصب بقاع ليبيا وكان الإدلاء الإغريق يعرفونها ولكن المستعمرة الاسبارطية لم تدم أكثر من ثلاث سنوات قامت بعد ذلك قبيلة المكاي الليبية بمساعدة القرطاجيين بطردهم منها
أن قرطاجة كان لها نوع من النفوذ جعلها قادرة على الإيعاز لقبيلة المكاى بطرد الاسبارطيين
أن قرطاجة في بادى الأمر لم تعر للأمر أي اهتمام ولكن احست بعد ذلك أن ذلك سيؤثر على الحدود السياسية بعد ذلك في برقة لذلك اسندت الأمر لهذه القبيلة لطردهم وهذا ماكده مريغى في كتاباته لذلك قررت قرطاجة طردهم وان هؤلاء الإغريق انشؤا مدينة كبس ولعل الإغريق في بادى الأمر تلقوا معاملة حسنه ولكن بعد ذلك طردتهم القبيلة الليبية وكانت مدينة لبدة يسميها الإغريق تثابوليس
بدا الصراع بين قرطاجة وأغريق برقة في الحقيقة اثر الغزو الاشورى لبلاد فينيقيا انقطعت الصلات التي ربطت قرطاجة بوطنها الأصلي وبالتالي انقطع النشاط التجاري لبلاد فينيقيا في البحر المتوسط وأصبحت قرطاجة وهي أكبر مدن الفينيقية في شمال أفريقيا المسيطرة على تجارة عالم البحر الأبيض المتوسط ولكن ظهور الإغريق كمنافسين لقرطاجة في عالم التجارة البحرية أدى إلى وقوع التصادم بين الطرفين خاصة عندما بدأت قرطاجة تتطلع للسيطرة التامة على تجارة حوض البحر الأبيض المتوسط ولاثرضى باى منافسة
وعندما اندفعت قرطاجة للتوسع في صقلية وقع الصدام بين الطرفين 480 قبل الميلاد كان في مصلحة القرطاجيين حيث تم بموجبه الاستيلاء قرطاجه على صقلية الغربية واستمرت الحرب سجالا بين الطرفين تتخللها فترات من السلام ثم تعود الحرب لتشتعل مرة أخرى ولم تتوقف ألا خلال فترة ظهور الاسكندر المقدونى على مسرح الأحداث ولكن الأسكندر توفى فتنفست قرطاجة السعادة خاصة وان الاسكندر يريد التوسع في شمال أفريقيا
ثم بدأت فترة سلام امتدت 70 سنه قامت قرطاجة بمحاولة التوسع في أفريقيا لأنها لم تتوسع خارج مدينتها بسبب العداء مع السكان الاصليين وخاصة انتصار الإغريق على الفرس والاتروسكين وكانت هناك مصالح مشتركة بين الاتروسكين وبين قرطاجة ولقد امتد النفوذ القرطاجى في إقليم طرابلس في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد وبداية القرن الرابع قبل الميلاد بدا الصراع بين قرطاجة وأغريق برقة بسبب منطقة خليج سرت الكبرى والصغرى ويقول سالوست أن هذه المنطقة هي إقليم سهلى رملي عديم الحياة ولايصلح للاقتصاد ولكنه ذا أهمية تجارية حيث يربط بين مدن إقليم طرابلس الفينيقية وبين دواخل القارة الأفريقية الجرامنت وبين مصر العليا وإثيوبيا
ويقول الرومان أن كافة المدن الأغريقية في إقليم قورينايئة دخلت الحرب وعندما بدات الحرب بين القرطاجيين والقوريين لجؤا إلى نوع من التحكيم الظريف حيث اتفقوا أن يخرج كل طرف فريق من العدائين ويكون اللقاء بينهما هو الحدود فخرج من قرطاجة الاخوين فيلينى اللذان وصلا إلى سرت مع الفريق الآخر من قورينا ولكن القوريين اتهموا قرطاجة بالغش فاختار الأخوين أن يدفنا حيين وقد أقيم قبرين لهما في سرت والحقيقة أن القصة فيها الشى الايجابى والسلبى والدينى فالايجابى هو أن القدماء لما تقع الحروب بينهما يلجاؤن إلى الأفراد لحقن الدماء وهذا الأمر متبع عند القدماء والشى السلبى هو أن القصة من تاليف الإغريق لان الكلمة تعنى المحبة وهي فيلى وان سالوست ذكر هذا الأمر الذي كان شائعا ولعله لم يكن له اسم آخر ويقول جود اتشاليد في كتابه قورينا وابوللونيا دليل تاريخي أن القصة من تأليف الإغريق ليظهروا التوسع القرطاجى في سرت وساعدهم على هذا أن الملاحين لجاؤا إلى الساحل يهتدون بمرتفعين يقومان الجبل العالي إلى الشرق من قوس الاخوان فيلينى ويعتقد مريغى أن المكان الذي حدثت فيه الواقعة في أقصى سرت الكبرى هو منطقة مقاطع الكبريت الحالية معتمدا على كتابات بريبلوا وبطليموس ويذهب مرغى أن الحادثة وقعت في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد معتمدا على كتابات بريبلوا الذي ذكر نصب الفيلينى في كتاباته
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.