إنجيل الإبيونيين هو الاسم الشائع الذي أطلقه الباحثون[1] على إنجيل منتحل ذكر في سبع اقتباسات في كتاب «Panarion» لإبيفانيوس السلاميسي،[2] ولكنه أخطأ حين وصفه بالإنجيل العبراني، واعتبره نسخة مبتورة ومحرّفة من إنجيل متى. ذكر إبيفانيوس تلك الاقتباسات ليوضح اختلاف معتقدات وممارسات طائفة مسيحية يهودية تعرف بالإبيونيين عن الأرثوذكسية النيقية.
[4]
معلومات سريعة إنجيل الإبيونيين ...
إغلاق
الأجزاء الباقية من هذا الإنجيل مستخلصة من نسخة توائمية من الأناجيل الإزائية مكتوبة باليونانية الكوينهية مصحوبة بشروحات واختصارات تعكس لاهوتية كاتبها. أهم سمات تلك هذا الإنجيل عدم ذكره للولادة العذرية ولا نسب يسوع، وتبنّي الرب ليسوع لتفانيه بلا خطيئة لتحقيق مشيئة الرب،[5] حيث اختاره ليكون ابن الله عند تعميده، إضافة إلى إلغاء يسوع لطقس القربان اليهودي، وتأكيد نباتية يسوع.[6] ويعتقد أن هذا الإنجيل كُتب في منتصف القرن الثاني الميلادي في أو بالقرب من شرق نهر الأردن.[8] وبالرغم من الاعتقاد بأن هذا الإنجيل استخدم من قبل الإبيونيين خلال عصر المسيحية المبكرة،[9] إلا أن هوية الجماعة أو الجماعات التي استخدمته محل حدس.[10]
يعد إنجيل الإبيونيين أحد الأناجيل اليهودية المسيحية مثل إنجيل العبرانيين وإنجيل الناصريين، التي لم يبق منها جميعها سوى أجزاء في شكل اقتباسات في كتابات آباء الكنيسة الأولى. ونظرًا لحالة التجزئة تلك، فإن الربط بين الأناجيل اليهودية المسيحية والأصل المفترض للإنجيل العبراني غير مؤكد، ويخضع لدراسات بحثية كثيفة.[11] يتميز إنجيل الإبيونيين عن غيره،[12] ويُعرّف على أنه قريب من النسخة المفقودة من إنجيل الإثني عشر.[13] فلا يتبين استقلايته عن إنجيل يوحنا ويتشابه في طبيعته مع الإنجيل المتوائم المعتمد على الأناجيل التي استخدمها يوستينيوس، على الرغم من أن العلاقة بينهم، إن كان هناك علاقة، غير مؤكدة. هناك تشابه بين هذا الإنجيل ووثيقة كانت ضمن الاعترافات الكليمنتية، التي يشار إليها تقليديًا بين الباحثين بصعودات يعقوب البار، حينما يتعلق الأمر بالحديث عن إلغاء طقس القربان اليهودي.[15]
امتلك إبيفانيوس السلاميسي إنجيلاً نسبه إلى الإبيونيين عندما كان أسقفًا لمدينة سلاميس في قبرص. وانفرد من بين آباء الكنيسة بزعمه أن قبرص أحد معاقل الإبيونيين. لا يُعرف من محتوى ذلك الإنجيل سوى سبع اقتباسات أوردها إبيفانيوس في الفصل الثلاثين من كتابه «Panarion»[17] الذي تناول فيه تاريخ الهرطقة في المسيحية حتى تاريخه، بهدف النقد اللاذع لعقائد الإبيونيين. كانت انتقاداته أحيانًا متناقضة، ويعتقد أنه استند في بعضها على الظن.[19][20] فهذه المصادر المتعددة، المتضاربة أحيانًا، جُمعت لتوضيح تناقض معتقدات وممارسات الإبيونيين مع عقيدة مجمع نيقية، حيث يرى الباحث الهولندي كيلغن أن اقتباسات إبيفانيوس من إنجيل الإبيونيين كانت بغرض إظهار سخافات محتوى هذا الإنجيل. لذا، فاختياره للاقتباسات كان تعسفيًا، وربما لا يشير إلى المحتوى الحقيقي للإنجيل،[21] أو ربما بهدف استخدام ذلك بطريقة غير مباشرة لتوجيه النقد اللاذع ضد الآريوسيين في زمانه، وهو رأي الباحث جريجوري فينلي الذي يرى أن البيانات التي أوردها إبيفانيوس حول الإبيونيين متضاربة نسبيًا، كما أنه لم يذكر أي شيء عارض به الإبيونيون الأرثوذكسية النيقية. وبالتالي، اعتقد فينلي أن إبيفانيوس استخدم اسم الإبيونيين وكتاباتهم، وربط بينهم وبين كتابات قد تخصهم أو لا تخصهم لمهاجمة كل أشكال الآراء الهرطوقية.[4]
يعد مصطلح «إنجيل الإبيونيين» مصطلحًا حديثًا مُتعارف عليه، حيث لا توجد أي وثيقة باقية من عصر المسيحية الأولى تذكر إنجيلاً بهذا الاسم. حتى أن إبيفانيوس وصف هذا الإنجيل بأنه «الإنجيل الذي استخدموه، ونسبوه إلى متّى» و«سمّوه الإنجيل العبراني».[23] وفي نحو سنة 1689 م، سمّاه الراهب الفرنسي ريتشارد سيمون «إنجيل الإبيونيين»، وهو الاسم الذي أصبح شائعًا بين الباحثين لتمييز النص الإنجيلي الذي استخدمه الإبيونيون وبين اعتقاد إبيفانيوس الخاطيء أنه كان النسخة العبرانية من إنجيل متى. [26] منشأ هذا الإنجيل الإصلي غير معروف، أحد التكهنات تفترض أنه كُتب في شرق وادي الأردن في الموضع الذي يعتقد أن الإبيونيين أقاموا فيه، وفقًا لما ورد في كتابات آباء الكنيسة.[8] ويعتقد أنه كُتب في منتصف القرن الثاني الميلادي، بالتزامن مع الأناجيل الأخرى التي كتبت في تلك الفترة.
Paget 2010، صفحات 325–80 أورد باجيت النظرة الأكاديمية المعاصرة حول كتابات الإبيونيين.
Finley 2009، صفحات 291–3; في ص 292 – "كان تركيز إبيفانيوس الرئيس في الفصل المتعلق بالإبيونيين كريستولوجيًا، ونظرًا لجهده في دعم كريستولوجية نيقية، سنعتبر تصريحاته حول كريستولوجية الإبيونيين محل شك خاص" وفي ص 293 - "من الواضح لي أن إبيفانيوس لم يهاجم المسيحية اليهودية في الفصل الثلاثين من كتابه «Panarion»، وإنما هاجم المعتقدات الكريستولوجية والتأويلات الكتابية."
Kloppenborg 1994، صفحات 435–9; في ص 435 - "معتقد «التبنّي» يعني أن يسوع لم يكن إلهًا بطبيعته أو عند مولده، ولكن الرب اختاره ليكون ابنه، بمعنى أنه تبنّاه"
Vielhauer & Strecker 1991، صفحات 166–71; في ص 168 – "كانت مهمة يسوع إلغاء التضحيات. ففي هذا توثيق لمعاداة الإبيونيين لطقوس الهيكل."
Skarsaune 2007، صفحات 457–61; في ص 461 – "في الختام، إن تصوّر إبيفانيوس عن الإبيونيين في كتابه مبنيّ على قراءاته من مصادر مكتوبة،... ولا يوجد دليل واضح أن معلومات إبيفانيوس مبنية على اتصال مباشر بينه وبين أولئك الذين سمّوا أنفسهم بالإبيونيين."
Luomanen 2007، صفحات 101–2,115; في ص101–102 - "وبالتالي، قد نتّكل على احتمالية أنه ربما كان هناك فرقتين من الإبيونيين: (1) إبيونيون متحدثين بالعبرية أو الآرامية (إبيونيو إرينيئوس؟) الذين شاركوا يعقوب البار نظرته الإيجابية تجاه الهيكل، واستخدموا إنجيل متى فقط، وآمنوا بكل الأنبياء، (2) إبيونيون هلنستيون-سامريون (إبيونيو إبيفانيوس) الذين رفضوا تمامًا عبادة الهيكل، واستخدموا فقط الأسفار الخمسة، حاملين ذكرى إعدام ستيفن، معتبرين بولس أحد أعدائهم الأساسيين."، وفي ص 115 - "اقتضت المسيحية اليهودية لإبيونيي إيرينيئوس إطاعتهم للشرائع اليهودية (بما فيها الختان)، معاداة المسيحية البولصية، رفض الولادة العذرية ليسوع، تقديس أورشليم (استقبالها أثناء الصلاة)، استخدام إنجيل متى، التطهر بالماء المقدس، وربما فكرة دخول الروح القدس في جسد يسوع عند معموديته ... وبالرغم من ذلك، فإن رفضهم الصريح للهيكل وعباداته وفكرتهم حول النبوة الصحيحة والقبول الانتقائي للأسفار الخمسة فقط، تجعل من إبيونيي إبيفانيوس ليسوا خلفاء لإبيونيي إيرينيئوس. ولأنه ليس من السهل رصد تطوّر تدريجي من إبيونيي إيرينيئوس إلى إبيونيي إبيفانيوس، ولأنه يبدو أن السامريين ربطوا بين إبيونيي إبيفانيوس مع الهلنستيين في مجتمع أورشليم الأول، فأنا أميل إلى الافتراض بأن إبيونيي إبيفانيوس كانوا خلفاء حقيقة للهلنستيين الفقراء في مجتمع أورشليم الأول، وأن إبيونيي إيرينيئوس كانوا خلفاء عبرانيي (راجع أعمال الرسل 6-8) نفس المجتمع."
Petersen 1992، صفحة 262 – "وفي موقف معارض، وعلى الرغم من أن بواسمارد اكتشف اقتباسين لإبيفانيوس من الإنجيل الذي استخدمه الإبيونيين. أحدهما تطوّر لاحقًا، والذي من المحتمل كان من أصل مكتوب باليونانية، والآخر أكثر بدائية، وله تأثر قوي بلغة سامية. هذا الأخير هو الذي وصفه بواسمارد بالنسخة العبرية (أي ما قبل اليونانية) لإنجيل متى - وهي الوثيقة التي وصفها إبيفانيوس" ولمزيد من التفاصيل، طالع Boismard 1966، صفحة 351.
Klijn 1992، صفحات 27–30، في ص 27 – "يجب ان نعتقد في وجود نسختين من الأناجيل، لأنه هناك صيغتين حول معمودية يسوع، أحدهما التي أشار إليها إبيفانيوس في كتابه «Panarion»، والأخرى التي أشار إليها هرينيميوس. الآن، نعتقد أن إبيفانيوس اعتمد على نسخة من الإنجيل لم تكن معروفة لأحد غيره"
Puech & Blatz 1991، صفحة 374 – "معظم الانتقادات اليوم تميل إلى تعريفه (إنجيل الإثني عشر) بإنجيل الإبيونيين"
Luomanen 2007، صفحة 95 – "هناك اتفاق أساسي بين المصادر الكليمنتية الزائفة (خاصة الاعترافات)، وإنجيل الإبيونيين ووصف إبيفانيوس للإبيونيين أن هناك رابط بينهم. وأن فكرة قدوم يسوع من أجل إلغاء طقس القربان اليهودي، وأن الهيكل دُمّر لأن الشعب تردد في إيقاف القرابين هي فكرة فريدة بهم، مما يجعل التطابق بين الاعترافات وإنجيل الإبيونيين واضحًا." (Bauckham 2003، صفحة 168)
Williams 1987، صفحة xvi – "بدأ في كتابته سنة 374 م أو سنة 375 م، وأنهاه على عجل في أقل من ثلاث سنوات."
Koch 1976، صفحات 366–7; في ص 366 – "يبدو أن إبيفانيوس ألّف الفصل الثلاثين من Panarion بالخلط بين عدد من المصادر التي كانت بين يديه. ففي العديد من النقاط ناقض نفسه، نتيجة طريقته في التأليف - بالخلط بين مصادر مختلفة". وفي ص 367 – "يمكن للمرء أن يختار الاعتقاد بأن الإبيونية في زمن إبيفانيوس أصبحت توفيقية تمامًا،... ومع ذلك، ينبغي التشديد على أن هذه الصورة لم يقدّمها سوى أبيفانيوس، ويمكن اعتبار أسلوبه الأدبي خلطًا للمصادر، ومن الصعب تقبّل تطور الإبيونيين كحقيقة تاريخية".
Williams 1987، صفحة xix – "كان عمل إبيفانيوس في Panarion قائم على المراقبة والتوثيق والشهادة الشفوية. وفي بعض الحالات ينبغي أن نضيف أسسًا رابعًا، وهو التخمين التاريخي لإبيفانيوس... أو بعبارة أخرى، لم يحقّق إبيفانيوس في الكثير من المعلومات التاريخية عن نشأة الطوائف التي تناولها."
Vielhauer & Strecker 1991، صفحة 140 – "لذا فالاثنين غير متطابقين على العكس مما اعتقد إبيفانيوس، حيث وصف إنجيل الإبيونيين قائلاً: «الإنجيل الذي استخدموه»،.."
Jones 2000، صفحة 364 – "ربط إبيفانيوس بين الإبيونيين والكتابات الكليمنتية وصعودات يعقوب البار المناهضة للبولصية، وبين إنجيل تعارف الباحثون حديثًا على تسميته إنجيل الإبيونيين."