نظرية المنظومات العالمية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
نظرية المنظومات العالمية (بالإنجليزية: World–systems theory) (المعروفة أيضًا باسم تحليل المنظومات العالمية أو منظور المنظومات العالمية) هي نهج متعدد التخصصات واسع النطاق لتاريخ العالم والتغير الاجتماعي يركز على المنظومة العالمية (وليس الدول القومية) باعتبارها الوحدة الأولية (ولكن ليست الحصرية) للتحليل الاجتماعي. تدرس النظرية تطور منظومات الاجتماعات ويعتبر مؤيدو تلك النظرية أن الدراسة لتطور مجتمع واحد غير كافية للفهم الحقيقي لذلك التطور. ومن مؤسسي هذه النظرية سمير أمين وأندريه غوندر فرانك وإمانوئيل واليرستاين.
وحسب رأي أندرية غوندير فرانك ظهرت المنظومة العالمية (the World System) في الشرق الأوسط في حوالي سنة 3000 قبل الميلاد. ويعتقد بعض الباحثين الآخرين أنها نشأت قبل ذلك بعدة آلاف سنة. وبعد ذلك اتسعت عبر عدة مراحل وفي القرن التاسع عشر ضمت العالم كله.[1][2]
فهناك معطيات كثيرة تدلّ إلی الانتشار المتواصل للاختراعات التكنولوجية الكبری (النباتات الزراعية مثل القمح والشعير، والحيوانات الداجنة مثل البقر والخروف والماعز والحصان، والمعدات المهمة مثل المحراث أو العجلة، والمعادن مثل النحاس والبرونز والحديد، الخ) أثناء عدة آلاف سنة قبل الميلاد في كل الحزام الهائل من المجتمعات الممتدّ من المحيط الأطلسي إلی المحيط الهادئ. ونتيجةً لعمليات الانتشار هذه من المستحيل أن نقول إنّ تطوّر كل مجتمع في هذا الجزء من العالم كان تطوّراً مستقلا بالفعل. وفي نهاية الألفيّة الأولی قبل الميلاد نستطيع أن نشاهد حزاماً من الحضارات ممتدّاً من المحيط الأطلسي إلی المحيط الهادئ محتوياً علی أفريقيا الشمالية وأوروبا الجنوبية وأوروبا الغربية وآسيا الغربية وآسيا الوسطی وآسيا الجنوبية وآسيا الشرقية، ولكل حضارات تلك الحزام الهائل مستوی متشابه جدّاً من التعقيد الثقافي (cultural complexity) فكلها تتّصف بالزراعة المكثّفة للحبوب، وتربية الأبقار والخراف والماعز، واستخدام المحراث وميتالورجيا الحديد ووسائل نقل ذات عجلات، وجيوش مُدرّبة منظّمة، مسلَّحة بأسلحة متشابهة جدّاً، وأهمّيّة الفرسان والدواوينية والفلسفات المتطوّرة الدارسة المسائل المتشابهة الخ (ومن الممكن مواصلة هذه القائمة علی صفحات عديدة). وقبل ذلك بعدّة آلاف سنة وُجد حزام آخر متكوّن من مجتمعات ذات مستوی متشابه جدّاً وامتدّ ذلك الحزام من البلقان إلی حدود نهر السند. والجدير بالذكر أنّه في الحالتين كلتيهما احتوی الحزامان علی الجزء الأكبر من سكّان العالم فلذلك يمكن وصف ايهما كالمنظومة العالمية.
يشير مصطلح «المنظومة العالمية» إلى التقسيم الإقليمي والعابر للحدود الوطنية للعمل، والذي يقسم بدوره العالم إلى دول متقدمة ودول شبه هامشية ودول هامشية.[2] تركز الدول المتقدمة على عمليات الإنتاج التي تتطلب مهارات عالية ورؤوس أموال ضخمة، بينما تركز بقية دول العالم على عمليات إنتاج تتطلب مهارات منخفضة وعمالة ضخمة واستخراج المواد الخام، ما يعزز باستمرار هيمنة الدول المتقدمة. تتمتع المنظومة رغم ذلك بخصائص ديناميكية نتيجةً لثورات تكنولوجيا النقل بصورة جزئية، ويمكن لفرادى الدول بمرور الوقت أن تكتسب أو تفقد حالتها التقدمية (أو شبه الهامشية أو الهامشية). إن هيكل المنظومة هذه موحد عبر تقسيم العمل، وهي نظام اقتصاد عالمي متأصل في الاقتصاد الرأسمالي.[3] هيمنت بعض الدول على العالم لفترة وجيزة؛ خلال القرون القليلة الماضية ومع توسع المنظومة العالمية جغرافيًا واقتصاديًا بشكل مكثف، تنّقل هذا الوضع من هولندا إلى المملكة المتحدة ثم إلى الولايات المتحدة (في الآونة الأخيرة).[4]
اختُبرت نظرية المنظومات العالمية من قبل العديد من المنظّرين السياسيين وعلماء الاجتماع لتفسير أسباب نهضة وسقوط الأمم وعدم المساواة في الدخل والاضطرابات الاجتماعية والإمبريالية.