منطقة هيدروجين II
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
مناطق الهيدروجين II أو مناطق الهيدروجين الثنائي (بالإنجليزية: H II region) هي سحب فضائية عملاقة مكونة من غاز ساخن قليل الكثافة وبلازما يبلغ حجمها أحياناً عدة مئات من السنين الضوئية، وفيها تنشأ النجوم.[1][2][3] تصدر النجوم الناشئة في هذه المناطق (وهي في العادة نجوم زرقاء ساخنة طبقاً لتصنيف هرتزشبرونج-راسل) كميَّاتٍ كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية، وتعمل تلك الأشعة على تأيين الغاز حولها وتسخينه. عادةً ما تتواجد مناطق الهيدروجين الثنائي ضمن سحب جزيئيَّة عظيمة يكثر فيها تكون النجوم. كانت أول منطقة هيدروجين ثنائي اكتشفت في التاريخ هي سديم الجبار، الذي اكتشفه الفلكي الفرنسي نيكولاس كلاودي فابري دي بيرسك عام 1610.
حازت «مناطق الهيدروجين الثنائي» تسميتها هذه لاحتوائها كميَّات كبيرة من ذرات الهيدروجين المتأيِّنة، والتي تسمى «الهيدروجين الثنائي» (من جهةٍ أخرى، تسمى السحب الكونية التي تحتوي ذرات هيدروجين متعادلة الشحنة مناطق الهيدروجين الأحادي). تتنوَّع أشكال المناطق الهيدروجينيَّة كثيراً، حيث أنَّ توزيع النجوم داخلها - والذي يلعب دوراً كبيراً بصنع مظهرها الخارجي - عشوائي تماماً. ولكون هذه السحب غير منتظمة الشكل فإنَّ الصورة التي يمكننا رؤيتها بها تختلف كثيراً حسب زاوية النظر، لكن بعضها تبدو متركّزة على شكل كتل ضخمة، أو منفصلة إلى شعيرات صغيرة كثيرة، وأحياناً تكون أشكالها غريبة جداً مثل حال سديم رأس الحصان. يمكن لسحابة هيدروجين ثنائي وحيدة أن تحتضن آلاف النجوم الناشئة، إلا أنَّ نشأة ونمو هذه النجوم قد يأخذ ملايين السنين. بعد أن يتحول معظم السحابة إلى نجوم جديدة، سيظهر مكانها عنقود نجمي يمثّل تجمُّعاً لكافة النجوم التي نشأت منها، وستعمل القوى الطاردة للرياح النجمية والمستعرات العظيمة على إزالة معظم الغبار المتبقي من السحابة، فلا يبقى مكانها سوى النجوم، وعندها ستتحول إلى شيء شبيه بعنقود الثريا أو الشقيقات السَّبع.
يمكن رؤية مناطق الهيدروجين الثنائي من على مسافاتٍ شاسعة في الفضاء، بحيث أنَّ دراسة سحب الهيدروجين في المجرات الأخرى أمرٌ ممكن، ويساعد هذا الأمر كثيراً بتحديد خصائص تلك المجرات، مثل بعدها عن الأرض وتركيبها الكيميائي. تحتوي المجرات الحلزونية وغير المنتظمة على أعدادٍ كبيرة من سحب الهيدروجين الثنائي، إلا أنَّ المجرات الإهليجيَّة - من جهة أخرى - تخلو من هذه السحب تقريباً. في حالة المجرات الحلزونية (ومنها درب التبانة)، يتركَّز وجود سحب الهيدروجين في الأذرع الحلزونية، أما بالمجرات غير المنتظمة فإنها تتوزَّع عشوائياً. تحتوي بعض المجرات سحب هيدروجين ضخمة، يمكن أن تضم الواحدة منها عشرات آلاف النجوم الناشئة، ومن أمثلة ذلك منطقة سديم العنكبوت في سحابة ماجلان الكبرى وإن جي سي 604 في مجرة المثلَّث.