رودلف فيرخوف
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
رودولوف فيرخوف أو رودولف فيرشو (1821 – 1902) هو طبيب وأخصائي علم أمراض وبيولوجي وسياسي وكاتب ألماني، يُعرف بوالد علم الأمراض الحديث بسبب أعماله وإنجازاته التي ساهمت في دحض الخرافات المحيطة بهذا العلم ووضع منهجيَّة واضحة ومتوازنة له، وهو معروف أيضاً باسم مؤسِّس الطب الاجتماعي والمهني، ولزملائه باسم «بابا الطب».[13][14][15]
ولد فيرشو وترعرع في مدينة شيفيلبين كطفل وحيد لأسرة من الطبقة المتوسطة، ومنذ صغره كان طالباً لامعاً، تخلَّى عن اهتمامه باللاهوت وتحوَّل للطب بسبب ضعف صوته وعدم قدرته على غناء الترانيم الدينيَّة، حصل على شهادة الطب من معهد فريدريك فيلهلمز تحت إشراف يوهانس مولر وعمل في مستشفى شاريتيه تحت إشراف روبرت فروريب.[16]
فشل فيرشو في مكافحة واحتواء وباء التيفوس الذي انتشر في سيليزيا عام 1847، ولكنَّه على الرغم من ذلك وضع تقريراً منهجيَّاً عن الصحة العامة في ألمانيا، وكان له العديد من الأنشطة السياسية والاجتماعية في تلك الفترة، من أقواله الشهيرة «الطب علمٌ اجتماعي، وإنَّ السياسة ما هي إلا الطب على نطاق أوسع»، شارك في ثورة 1848 ممَّا أدى لطرده من مستشفى شاريتيه، وفي عام 1849 أصبح فيرشو أول رئيس لقسم التشريح المرضي في جامعة فورتسبورغ، وبعد خمس سنوات عاد لمستشفى شاريتيه ليتولَّى إدارة معهد علم الأمراض الذي أُقيم حديثاً فيها، وفي نفس الوقت أصبح أيضاً أول رئيس لقسم التشريح والفيزيولوجيا في جامعة برلين، لاحقاً شارك فيرشو في تأسيس أحد الأحزاب السياسية في ألمانيا وانتخب على إثر ذلك عضواً في مجلس النواب البروسي حيث عارض السياسة المالية لأوتو فون بسمارك ولكنَّه أيَّد بشدة حملاته المناهضة للكاثوليكيَّة، ونادى في هذه الفترة بالثورة الاجتماعية كنوع من أنواع الصراع الثقافي.[17]
كان فيرشو كاتباً غزير الإنتاج ويُقال إنَّ كتاباته العلميَّة فقط من مقالات وأبحاث ومنشورات تجاوزت الألفين[18]، يعتبر كتابه «التشريح المرضي الخلوي» Cellular Pathology الذي نشر عام 1858 الأساسَ الذي قام عليه علم الأمراض الحديث، وبفضل هذا الكتاب انتشر مصطلح ومفهوم «الخلية» على الرغم من أنَّه طُرح سابقاً بشكل أو بآخر[19]، بالإضافة لذلك أسَّس العديد من المجلَّات والجرائد العلميَّة والسياسيَّة.[20]
من مآثر فيرشو أيضاً أنَّه أول من وصف بدقة وأعطى أسماءً للعديد من الأمراض الهامة كاللوكيميا وتصلُّب العضلات والصمة والخثار وغيرها ووصف دورة حياة العديد من الطفيليات والديدان وطرق انتقالها، ويعتبر فيرشو أيضاً أول من طوَّر منهجيَّةً لتشريح الجثث البشرية بطريقة جراحية تشمل جميع الأعضاء وتعتمد على الفحص المجهري للعينات المأخوذة[21] ، وتكريماً له تمَّ تسمية العديد من الأمراض والحالات الطبية باسمه كعقدة فيرشو ومسافة فيرشو روبن ومتلازمة فيرشو سيكل وثلاثي فيرشو، وكان أيضاً أول من استخدم تحليل الشعر في التحقيق الجنائي الطبي واعترف بأهميته [22]، وقد جعلته تحليلاته للشعر ولون البشرة ولون العين ينتقد أسطورة العرق الآري التي تدَّعي بأنَّه عرق متميز عن بقية البشر.[23]
رفض فيرشو فكرة التطور ووصف تشارلز داروين «بالجاهل» وتلميذه أرنست هيغل الذي كان من كبار أنصار الداروينية في ألمانيا «بالمجنون»، ووصف إنسان النياندرتال بأنَّه إنسان مشوه لا أكثر وليس سلفاً للبشر[24]، من الناحية الدينية كان فيرشو لا أدري.[25]
انتخب في عام 1861 عضواً أجنبيَّاً في الأكاديمية السويدية للعلوم، وحصل في عام 1892 على وسام كوبلي من الجمعية الملكية البريطانية، وانتخب عضواً في الأكاديمية البروسية للعلوم عام 1873.