جذور الحرب الأهلية الإسبانية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
تعود جذور الحرب الأهلية الإسبانية إلى نهاية القرن التاسع عشر، عندما كان أصحاب العقارات الكبيرة ممن أطلق عليهم (بالإسبانية: latifundios) يحتفظون بمعظم القوة الأوليغارشية في تملك الأراضي. إلا أن القطاعين الصناعي والتجاري تمكنا من إضعاف قوة ملاك الأراضي. ففي سنة 1868 أدت الانتفاضة الشعبية إلى الإطاحة بالملكة إيزابيل الثانية البوربونية. وفي 1870 استلم الحكم الملك أماديو الأول من آل سافوي، ولكنه تنازل سنة 1873 بسبب الضغوط السياسية، حيث أعلنت جمهورية إسبانيا الأولى قصيرة العمر. ثم استعاد البوربون الحكم في ديسمبر 1874. فأظهر الكارليون والفوضويون معارضتهم للملكية. ساعد أليخاندرو ليروكس على إبراز مبدأ الجمهورياتية في كاتالونيا، حيث كان الفقر مستشريا فيها. توج الاستياء المتزايد من التجنيد والعسكرية بالأسبوع المأساوي في برشلونة سنة 1909. وبعد الحرب العالمية الأولى اتحدت الطبقة العاملة والصناعية مع الجيش على أمل إزالة الحكومة المركزية الفاسدة، لكنها لم تنجح. فازدادت المخاوف من الشيوعية، مما أدى بالجنرال ميغيل بريمو دي ريفيرا أن يقود انقلابا عسكريا أوصله إلى السلطة في 1923، فحكم أسبانيا بدكتاتورية عسكرية. ولكن بدأ نظامه بالضعف تدريجياً، مما حدا به بالاستقالة في يناير 1930. فأضعف ذلك الملكية في المدن الكبرى، حيث تنازل الملك ألفونسو الثالث عشر عن الحكم وشكلت الجمهورية الإسبانية الثانية، التي استمرت حتى انتهاء الحرب الأهلية الإسبانية. فيما واصل الملكيون معارضتهم لتلك الجمهورية.
المنطقة |
---|
فرع من |
---|
أصبحت اللجنة الثورية التي كان نيكيتو الكالا زامورا يرأسها هي الحكومة المؤقتة وأضحى زامورا رئيسا للدولة[1]، ونالت الجمهورية على دعم واسع من جميع شرائح المجتمع. وأعادت انتخابات يونيو 1931 غالبية الجمهوريين والاشتراكيين إلى البرلمان. ومع بداية انتشار الكساد العظيم حاولت الحكومة مساعدة المناطق الريفية في إسبانيا بتطبيق ثمان ساعات في اليوم عمل، ومنح الأراضي الزراعية للمزارعين. وظلت قضايا الإصلاح الزراعي وظروف العمل أهم القضايا في حياة الجمهورية. ولكن استمر تهديد الفاشية متفاعلا، وقد ساعدتها إصلاحات الجيش المثيرة للجدل. وأُشهِرَ في ديسمبر عن دستور جديد إصلاحي وليبرالي وديمقراطي. فأعلن الدستور عن علمانية الحكومة والدولة. أصيب الكاثوليك الملتزمين بخيبة أمل من حكومتهم الائتلافية بسبب بطئها في الاستجابة لموجة عنف ضد رجال الدين.[2] وفي أكتوبر 1931 أصبح مانويل أثانيا رئيس وزراء حكومة الأقلية. ولكن تمكن اليمين من الفوز في انتخابات 1933 بعد انتفاضة فاشلة قام بها الجنرال خوسي سانخورخو في أغسطس 1932، وهو الذي قاد لاحقا انقلابا آخر أشعل به الحرب الأهلية.
أطلقت على الفترة التي تلت نوفمبر 1933 اسم السنتان السوداوان، حيث ازدادت فيها احتمالات الحرب الأهلية. حيث قام أليخاندرو ليروكس من الحزب الجمهوري الراديكالي بتشكيل حكومة بدعم من CEDA مما تسبب بارتداد كل التغييرات الرئيسية التي جرت في ظل الإدارة السابقة، كما منح العفو للجنرال خوسي سانخورخو الذي قام بانقلابه الفاشل سنة 1932. وانتقل بعض الملكيين إلى حركة الفلانخي الإسبانية الفاشية للمساعدة بتحقيق أهدافهم. وردا على ذلك أصبح الحزب الاشتراكي (PSOE) أكثر تطرفًا، حيث أنشأ لجنة ثورية وتدريب الشباب الاشتراكي سراً.[3] ووقعت أعمال عنف مفتوحة في شوارع المدن الإسبانية فازداد التقاتل حتى وصلت ذروته مع بداية الحرب الأهلية، مما عكس حركة نحو ثورة متطرفة بدلاً من وسائل ديمقراطية سلمية لحل مشاكل إسبانيا. وفي سنة 1934 انهارت حكومتان كان بها وزراء من الاتحاد الإسباني لليمين المستقل (CEDA)، حيث كان أكثر يمينية. فتم تخفيض أجور عمال المزارع إلى النصف، وتم تطهير الجيش من الأعضاء الجمهوريين، وكذلك تم تنظيم تحالف الجبهة الشعبية الذي فاز في انتخابات 1936. قاد أثانيا حكومة أقلية ضعيفة، لكنه سرعان ماحل محل زامورا رئيسا للجمهورية في أبريل. فشل رئيس الوزراء كاساريس في الالتفات لتحذيرات بمؤامرة عسكرية ضمت العديد من الجنرالات، الذين قرروا أن الحكومة يجب استبدالها إذا أريد منع تفكك إسبانيا. قاموا بتنظيم انقلاب عسكري في يوليو، والذي اشعل الحرب الأهلية الإسبانية.