Loading AI tools
أزمة تراجع الصحف الورقية في العالم من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
تراجع الصحافة المطبوعة ، هي أزمة اقتصادية أثّرت على المؤسسات الصحافية ؛ بسبب التراجع الحاد في عوائدها الإعلانية وانخفاض قاعدة توزيع مطبوعاتها ، سواءً عبر الاشتراكات أو منافذ البيع والتي تشكل شرياناً اقتصادياً أساسياً لها [1] وارتفاع تكلفة اصدار المطبوعات وتوزيعها [2] ، من جهة أخرى ، في ظل تقلص دائرة القراء وانصراف عدد كبير منهم إلى شبكات مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت ، الذي يشهد نمواً هائلاً في عدد مستخدميه في العالم ، حيث قضى سكان العالم 12.5 تريليون ساعة على الإنترنت عام 2021 .[3]
زاد انتشار أعداد المستخدمين للإنترنت حول العالم من تنوع خيارات متابعة الأخبار ، وشكل الانترنت في بداية التسعينيات خطراً في تآكل نسبة الدخل الإعلاني الهائل التي كانت تستحوذ عليها المنصات التقليدية لوسائل الإعلام ، ووصلت أزمة الصحف الورقية في ذروتها ، حتى أنها تجاوزت الأزمة التي صاحبت ظهور التلفاز على الخط كوسيلة جديدة لتوزيع المحتوى الإعلامي .
كما شكل عامل السرعة التي صنعها الانترنت في نقل المعلومة ، وتكلفة نقلها ، سبباً في تراجع الوسائل التقليدية ، بالإضافة إلى تكلفة الصناعة الصحافية الباهضة في منصاتها التقليدية ، وظهور البديل الإعلاني منخفض التكلفة مقارنة بإعلانات الصحف ، حيث تشير دراسة ، نشرت عام 2015 ، إلى أن 655 من عوائد الإعلان الرقمي (بلغت 60 مليار دولار) ، ذهبت إلى خزينة خمسة من عمالقة الانترنت (غوغل وفيسبوك وياهو ومايكروسوفت وتويتر) .[4]
وحذرت منظمة اليونسكو من ما أسمته "خطر وسائل التواصل الاجتماعي والتهديد الوجودي الذي تفرضه على وسائل الإعلام المهنية" ، وأشارت ، في تقرير لها عن الاتجاهات العالميّة في حرية التعبير وتنمية وسائل الإعلام في الفترة 2016-2021 ، إلى استئثار غوغل وميتا (المعروفة سابقا بفيسبوك) على ما يقرب من نصف إجمالي الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقميّة .[5]
ورغم زيادة أعداد مستهلكي المنتجات الإخبارية في العالم ، إلا أن غالبية متصفحي الأخبار يقرأونها عبر الانترنت ، والتي لا تزال في كثير من المؤسسات الصحافية تقدم بشكل مجاني ، مع محاولة العديد منها الاستفادة من تحويل مواقعها إلى واجهات إعلانية لكن مدخولاتها من الإعلانات الرقمية لا تقارن فيما سبق من مداخيل .
وتطل أيضاً أزمة على المؤسسات الصحافية التي استطاعت أن تتجاوز معضلة "تقليدية منصاتها" ، حيث تشهد الإعلانات الرقمية انخفاضاً لعدة عوامل من ضمنها صعوبة منافسة عمالقة شركات التكنولوجيا ، ووصف مركز بيو للأبحاث في واشنطن أن عان 2015 كان الاسوأ على الصحف منذ الكساد العظيم" في آواخر العشرينات وتداعياته المباشرة .[6]
ومنذ عام 2005، وحتى عام 2021 ، أغلقت 2200 صحيفة مطبوعة في الولايات المتحدة أبوابها[7] ، وانخفض أعداد الصحفيين العاملين في الصحف المطبوعة الأمريكية إلى النصف تقريباً ، كما تبحث العديد من المؤسسات الصحافية التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة عن مشترين . وأظهر تقرير نشر عام 2015 ، من معهد بروكينغز ، حجم الأزمة التي تعانيها الصحافة المطبوعة ، حيث أشار التقرير إلى أن عدد الصحف لكل مائة مليون نسمة قد انخفض من 1200 (في عام 1945) إلى 400 في عام 2014 .[8]
وحاولت مؤسسات ومطبوعات صحافية عريقة الالتفاف على الأزمة كالاندبندنت البريطانية التي أعلنت[9] عن توقف الطبعة الورقية عام 2016 ، رغم تخفيضها عدد موظفيها في 2008 ، وتوقفت صحيفة "ذي لندن بيبير" المسائية المجانية عن الصدور بعد ثلاث سنوات في عام 2009[10] ، وألغت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور منذ أكتوبر عام 2008 طبعتها الورقية بعد قرن كامل من الصدور .[10]
وتحولت مجلة "نيوزويك" الأميركية مجلة إلكترونية بعد أن ودعت آخر نسخة مطبوعة في ديسمبر من عام 2012 .[10]
وتخلت صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" و "ميامي هيرالد" و "بالتيمور صن" الأمريكية عن مكاتبها ومثلها فعلت نحو عشر صحف أخرى .[11] وأخذت مؤسسات صحفية طريقاً أخرى تمثلت بالاندماج ، مع بروز صناديق استثمارية في القطاع الإعلامي تنتهج أساليب متشددة ، كـ "ألدن غلوبال كابيتال" الذي يملك نحو 100 صحيفة ، وكذلك صندوق "تشاتهام آست مانجمنت" الذي استحوذ أخيراً على "ماكلاتشي" بعدما أشهرت إفلاسها .[11]
وتوقفت صحيفة "لونيتا" الإيطالية عن الصدور ، بعد أن فشل ممولوها من الاتفاق على مستقبلها في ظل الأزمة الاقتصادية .
سارعت عدة بلدان إلى تقديم دعم مباشر وغير مباشر إلى مؤسساتها الصحافية ، حيث أعلنت كندا في عام 2018 تقديم حزمة مساعدات إلى وسائل الإعلام الكندية تقدر بـ 595 مليون دولار على خمس سنوات ، على شكل خفض في الضرائب[12] ، وأتاحت الحكومة الكندية للصحف أن تتحول الى منظمات غير ربحية وتصدر إيصالات ضريبية للتبرعات الخيرية .[13] وقدمت فرنسا إعفاءات ضريبية لصحفها .[14]
وعمق فايروس كورونا (كوفيد 19) ، وموجة الإغلاقات المصاحبة للاحترازات الوقائية حول العالم ، من جراح المؤسسات الصحافية والإعلامية حول العالم ، وأصبحت صحف كثيرة حول العالم تكافح من أجل البقاء .[15]
وسارعت بلدان عدة إلى دعم مؤسساتها الصحافية باعتبارها "خدمة أساسية" لحمايتها من الانهيار المالي ، وصادق الكونغرس الأمريكي على قانون دعم الصحف ووسائل الإعلام ، ضمن حزم التحفيز التي أقرها للشركات المتضررة من جائحة فايروس كورونا .[16]
وطالبت دراسة بريطانية ، بنيت بناءً على طلب حكومي لمعرفة وضع المؤسسات الإعلامية البريطانية ، بضرورة نظر الحكومة في في الدعم المباشر لمصادر الأخبار المحلية ، وتقديم إعفاءات ضريبية للإعلام .[17]
وفي سويسرا ، تقدم الحكومة دعماً مباشراً وغير مباشر عبر تخفيض معدل ضريبة القيمة المضافة ، وتخفيف الرسوم البريدية لتوزيع الصحف ، والذي يكلف الحكومة 50 مليون فرنك سنوياً .[18]
أشارت اللجنة الفدرالية لوسائل الإعلام السويسرية ، في دراسة لها نشرت عام 2018 ، إلى أنه في غضون 10 أو 15 عاماً قد تختفي الخدمات الصحافية من البلاد ، ووضعت ثلاث سيناريوهات للمشهد الإعلامي في سويسرا.
ورأت أن السيناريو المتفاءل ، يكمن في استفادة الصحافة من الرقمنة ، فيما ذهبت طرح سيناريو آخر ا سمته بـ "الاستبدال الواقعي" ، حيث يتم استبدال الخدمات الصحافية جزئياً بعروض بديلة ، كمنصات على الانترنت ومدونات إلكترونية ، وأنواع من صحافة المواطن وأخبار شبه مبرمجة .
فيما لا تستبعد الدراسة السيناريو الأسوأ ، والذي أسمته سيناريو "الإفقار" ، حيث تفقد الصحافة جزءا كبيراً من أهميتها الإجتماعية والسياسية . ويتم استبدالها بعروض خالية من الطموح الصحفي ، وقالت اللجنة الفدرالية إن السيناريو الأسوأ ليس مستبعداً.[18]
مع وصول عدد مستخدمي الانترنت إلى 91 مليون مستخدم في الدول العربية في عام 2011[19] ، بحسب الاتحاد الدولي للاتصالات ، وحتى عام 2013 ، استمرت مؤسسات صحافية في العالم العربي في تحقيق الأرباح .
أعلنت شركة الأهرام للطباعة والتغليف ، التي صدر عنها يومية الأهرام المصرية ، أن صافي أرباحها قفزت إلى 4.490 مليون جنيه مصري حتى الربع الثالث من 2011 ، فيما سجلت في العام الذي سبقه 3.7 مليون جنيه .[20]
وفي منطقة الخليج، أعلنت مؤسسة "عكاظ" للصحافة والنشر ، التي تصدر صحيفتي "عكاظ" و"سعودي غازيت" ، أن صافي أرباحها بلغ 134 مليون ريال سعودي (35.7 مليون دولار) في عام 2013[21] ، وقفز أيضاً صافي أرباح شركة مجموعة «الرأي» الكويتية ، التي تصدر عنها صحيفة الرأي ، إلى 2.44 مليون دينار خلال النصف الأول من 2013 ، بنسبة نمو بلغت 21% .[22]
وفي عام 2014، سجلت مؤسسات صحافية عربية تراجعاً حاداً في عوائد الإعلانات ، حتى وصلت نسبة التراجع في السعودية ، أحد أكبر السوق الإعلانية في الشرق الأوسط والتي كانت تسجل مؤسساتها الصحافية أرباحاً كبيرة مقارنة بنظيراتها، إلى 58%.[23]
ويعزو خبراء تفاقم الأزمة إلى مشكلة إدارية من جهة استثمار وتنمية العوائد المالية الكبيرة التي حصلت في المؤسسات الصحافية[24] ، وإلى عدم التكيف مع الوسائل الجديدة لمنتجات الصحافية .
وأخذت الأزمة تعصف بمؤسسات صحافية كبيرة في الشرق الأوسط ، حيث توقفت صحيفة الحياة اللندنية ، التي تأسست عام 1948م ، بشكل نهائي عن الصدور عام 2020[25] ، إلا أن رئيس مجلس إداراتها أعلن في عام 2023 ، عودتها في العام الذي يليه ووتحويلها إلى شبكة تواصل اجتماعية.[26]
وأعلنت صحيفة السفير اللبنانية توقفها عن الإصدار نهائياً ، بعد 42 عاماً من الطباعة[27] ، كما توقفت جريدة "البيرق" اللبنانية ، بعد مضي قرابة القرن على انطلاقها .
وفي 2017 ، أغلقت 50% من الصحف المصرية المحافظة على الصدور خلال 5 سنوات[28] ، مع تراجع توزيع الصحف من 2.5 مليون نسخة يومياً ، إلى 400 ألف نسخة .[28] وأعلنت مجلة "الكواكب" ، أحد أشهر وأقدم مجلة فنية محلية ، توقف نسختها المطبوعة بعد 90 عاماً من صدور نسختها الأولى .[29]
وتوقفت صحف مصرية كالأحرار ، وأحدثت مؤسسات أخرى تغييرات جذرية في هيكلتها ، كصحيفة "المصريون" التي أصبحت أسبوعية بدلاً من يومية[30] ، وتحولت صحيفة الميدان إلى نسخة إلكترونية ، فيما أصبخت جريدة شباب مصر شهرية بدلاً من أسبوعية في 2014 .[30]
وفي المغرب ، توقفت صحيفة "أخبار اليوم" عن الصدور بعد رحلة دامت 14 عاماً[31] ، كما استسلمت صحيفة التجديد المغربية للأزمات الاقتصادية واحتجبت عن الصدور[32] ، الأمر يتكرر عند صحيفة صحيفة "ليبرتي" اليومية الجزائرية الناطقة بالفرنسية ، حيث توقفت عن الصدور بعد 30 عاماً[33] لتلحق بصحيفة صحيفة "المجاهد الأسبوعي" و "صوت الغرب" و "المصير" الجزائرية [34] ، إضافة إلى صحيفة الأنوار في تونس .[35]
وفي السودان أعلنت صحيفة "الأحداث" إفلاسها وتوقفت عن الصدور .[36] كما توقفت صحيفة "أخبار نواكشط" الأسبوعية في مورتانيا .
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.