بنية فائقة الدقة
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
بنية فائقة الدقة (hyperfine structure) في فيزياء الذرة هو انقسام طفيف جدا في المدار الإلكتروني الأول حول نواة الذرة ناتج عن ترابط بين العزم المغزلي للإلكترون مع العزم المغزلي للنواة. يمكن للعزم المغزلي للإلكترون أن يكون متوازيا مع العزم المغزلي للنواة، أو أن يكونا معكوسان. كل حالة منهما تكون مقترنة بمستوى للطاقة معين. وعندما ينتقل الإلكترون من الحالة ذات الطاقة العالية إلى الحالة ذات طاقة منخفضة فهو يبعث فرق الطاقتين في هيئة شعاع ضوئي يسمى فوتون.
مقدار انفصال خطوط الطيف الناشئة عن البنية فائقة الدقة هي أصغر نحو 2000 مرة من الانفصال الناشيء عن البنية الدقيقة. الفرق بين الانفصالين هو ان انفصال البنية الدقيقة سببه ثلاثة مؤثرات، وهي: تأثير يأخد في الحسبان السرعة العالية للإلكترون في مداره وهي سرعة مقاربة ل سرعة الضوء (تعديل النسبية)، وتأثير ناتج عن ترابط مغزلي مداري للإلكترون، وتعديل في طاقة الوضع للإلكترون في المجال الكهربي للنواة (انظر هيكل دقيق). أما البنية فائقة الدقة فهي تأخذ في الحسبان علاوة على ذلك تآثر العزم المغزلي المغناطيسي للإلكترون مع العزم المغزلي المغناطيسي لنواة الذرة. كما أن لأنوية النظائر المختلفة (عدد البروتونات والنيوترونات) تأثير بهذا القدر الصغير.
الشكل المبين يوضح مستويي الطاقة الأولين لذرة الهيدروجين (إلى اليسار)، حيث n = 1 و n=2 طبقا لنموذج بور. وفي الوسط يبدو انفصال مستويي الطاقة ل n = 1 و n=2 بسبب تأثير البنية الدقيقة، وإلى اليمين يوضح الشكل انقسامات مستويات الطاقة المتعلقة بالبنية فائقة الدقة. تتوافق تلك التوزيعات في طاقة الإلكترون في ذرة الهيدروجين مع ما نقيسه من توزيع لخطوط طيف الهيدروجين. وكانت ذرة الهيدروجين هي محط اهتمام الفيزيائيين خلال النصف الأول من القرن العشرين حيث أنها أبسط الذرات. ونجحوا في تفسيرها بواسطة ميكانيكا الكم تفسيرا كاملا، الشيء الذي فشل في حله الميكانيكا الكلاسيكية، واستطاعوا حساب كل تلك المستويات للطاقة، وحساب الانتقالات بينها وما ليس مسموحا منها للانتقال الإلكترون بين مستويات الطاقة المختلفة لذرة الهيدروجين.