Loading AI tools
انشقاق القَمر في الديانة الإسلاميّة من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
انْشِقَاقُ الْقَمَرِ هي إحدى معجزات النبي محمد كما ورد في المصادر الإسلامية. حدثت في مكة وقبل الهجرة النبوية عندما طلب المشركون من النبي محمد آية تدل على صدق دعوته، فانشق القمر نصفين (أو فلقتين)، فلقة على جبل أبي قبيس وفلقة على جبل قعيقعان.[1]
جزء من | |
---|---|
جانب من جوانب | |
الاسم الأصل | |
الاسم بالتشكيل | |
الدِّين | |
موجود في عمل |
يؤمن المسلمون بأن هذه الحادثة هي من علامات صدق النبي محمد التي اقترنت باقتراب الساعة، إذ ذكر في القرآن في سورة القمر: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ١ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ٢﴾. وانشقاق القمر دليل على اقتراب القيامة، وقد قال بعض العلماء إن القيامة إذا قامت انشقت السماء بما فيها من القمر وغيره وقيل انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه.[1]
يرى بعض المفسرين والباحثين أن الانشقاق في القرآن يأتي بمعنى ابتعاد وانفصال الأشياء عن بعضها ولا يأتي بمعنى قسم الشيء الواحد إلى قسمين اثنين. ويستشهد هذا التفسير بنظرية أن القمر والأرض قد ظهرا معا في وقت واحد ومن جسم واحد، وعندما انشق القمر عن الأرض، تحول إلى كتلة صلبة.[2][3] أما بعض الباحثين المسلمين في موضوع الإعجاز العلمي فيعتقدون أن هذه الشقوق تؤكد صدق نبي الإسلام محمد، وأنها دليل على أن القرآن نزل من عند الله، لأنه يشير إلى شقوق في القمر قبل اختراع التلسكوب، كما أنهم لجأوا للاستشهاد بالصور التي أطلقتها ناسا عن الأخاديد القمرية.
معظم المؤرخين الغربيين ينكرون وقوع هذه المعجزة محتجين إنكار القران نفسه بحدوث معجزات.[3][4] ولكن في مقالة نشرت عام 2016 للدكتور توماس ووترز من متحف الطيران الوطني التابع لمؤسسة سميثسونيان شرح فيها نظريته في ان القمر ينكمش أو يتقلص؛ هذا الانكماش أدى لظهور بروز على سطح القمر نتج من اصطدام جانبي القشرة القمرية معا نتيجة لتقلص القمر.[4][5]
وقد تداولت الكثير من مواقع الويب مواضيع الإعجاز العلمي وأصبحت تتداول هذه الصور على نطاقٍ واسع، رُغم تأكيد وكالة ناسا على أنَّه لا يُوجد دليلٌ على انشقاق القمر في أيّ يومٍ من الأيام في الماضي، فالأخاديد على سطحهِ هي ظاهرة طبيعيّة ناتجة عن حادث جيولوجي على القمر.[3][4] كما ينكر علماء الفضاء وجود دليل علمي على حدوث انشقاق في القمر.[2][5] ولكن وكالة ناسا أيضًا لم تقدم حتى اليوم تفسيرًا واضحًا لأحد أنواع الشقوق القمرية، ووصفته بأنه «مثير للجدل» و «محل خلاف».[6]
ذكرت هذه الحادثة في سورة القمر (التي سميت باسمها) في الآية الأولى منها، حيث يقول القرآن: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ١﴾ وسورة القمر هي من السور المكية كما أجمع الجمهور (أي عامة المسلمين) وقيل: هي أنها نزلت يوم بدر. وقال مقاتل وهو من قدماء المفسرين: مكية إلا ثلاث آيات. وبحسب المصادر الإسلامية (كتب الحديث النبوي وتفاسير القرآن) فقد حدثت هذه المعجزة في مدينة مكة وقبل الهجرة النبوية بخمس سنوات تقريبًا وإن سبب نزولها هو أن مشركي قريش قالوا للنبي محمد: إن كنت صادقًا فشق لنا القمر فرقتين ووعدوه بالإيمان إن فعل. وكانت تلك الليلة هي الليلة السابقة لغزوة بدر، فطلب النبي محمد من الله أن يؤيده بهذه المعجزة، فانشق القمر حتى أصبح نصفين: نصف على جبل الصفا (أو جبل أبي قبيس) ونصفه على جبل قعيقعان.
أوشك أهل مكة على الإيمان بالنبي محمد وقالوا: آية سماوية لا يُعمل فيها السحر (أي أن ما رآيناه ليس سحرًا بل حقيقة)، فقال أبو جهل (وكان من سادات أهل مكة وأشرافهم): اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي (أي يؤكد لنا هذا الخبر أهل البادية) فإن أخبروا بانشقاقه فهو صحيح، وإلا فقد سَحَر محمد أعيننا.
قِدم بعض أهل البادية إلى مكة لاحقًا فأخبروا الناس برؤيتهم لانشقاق القمر، فأعرض أبو جهل عنهم وأنكر عليهم كلامهم ووصف المعجزة بأنها سحر للأعين، فأنزل الله الآية الثانية من السورة: ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ٢﴾ [القمر:2].[7]
وقد أورد المفسرون إثبات هذه المعجزة في كتبهم وأنها حصلت في زمن النبي محمد، وأنه ليس أمرًا سيحدث في المستقبل، وهذا القول للمفسرين تدعمه الأحاديث النبوية وأقوال الصحابة ومن تبعهم، يروي ابن جرير الطبري (وهو من كبار مفسري القرآن) عن مجاهد في قوله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ١﴾ قال: رأوه منشقًّا، ويقول الزمخشري: «وقد انشق القمر، أي: اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق، كما تقول: أقبل الأمير وقد جاء المبشر بقدومه». وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال: «ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق على عهد نبيكم».[8]
وهذا القول هو الذي عليه جمهور المفسرين، وعلماء أمة الإسلام، يقول حافظ الدين النسفي: «وقيل: معناه ينشقّ يوم القيامة والجمهور على الأول»، أي على الرأي الأول القائل بأن الإنشقاق وقع في زمن النبي محمد. ويقول القرطبي: «وعلى هذا الجمهور من العلماء، ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره من حديث ابن مسعود وابن عمر وأنس وجبير بن مطعم وابن عباس رضي الله عنهم».[8]
أما قول أن الانشقاق سيكون مستقبلًا، فهذا القول ضعيف ومخالفٌ لقول جمهور العلماء، والنصوص الصحيحة من الأحاديث النبوية، ورؤية الصحابة الثابتة المنقولة بالتواتر، فممن قال من الصحابة «رأيتُه» (أي رأيت انشقاق القمر): عبد الله بن مسعود وجبير بن مطعم، وأخبر به عبد الله بن عمر وأنس وابن عباس وحذيفة بن اليمان. ويقول الثعلبي منكرًا وقوع هذا الحدث في المستقبل: «روى عثمان بن عطاء عن أبيه أن معناه: وسينشقّ القمر، والعلماء على خلافه، والأخبار الصحاح ناطقة بأن هذه الآية قد مضت».[8]
أما ابن تيمية فقال «أخبر -في سورة القمر- باقتراب الساعة وانشقاق القمر، وانشقاق القمر قد عاينوه وشاهدوه وتواترت به الأخبار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في المجامع الكبار مثل الجمع والأعياد؛ ليسمع الناس ما فيها من آيات النبوة ودلائلها والاعتبار، وكل الناس يقر ذلك ولا ينكره، فعلم أن انشقاق القمر كان معلوما عند الناس عامة "».[9]
ذكرت هذه الحادثة أيضا في كتاب صحيح البخاري وكتاب صحيح مسلم وهي من كتب الحديث النبوي التي لها مكانة خاصة عند المسلمين، حيث يجمع المسلمون في العالم تقريبًا على صحة ما ورد فيها من أحاديث باعتبار أنها نقلت عن النبي محمد مباشرة وأن الأحاديث المذكورة في هذين الكتابين قد رواها عدد من الصحابة المشهود لهم بالصدق والأمانة.
صحيح البخاري - باب انشقاق القمر
صحيح مسلم - باب انشقاق القمر
يحتوي سطح القمر على ثلاثة أنواع من الشقوق (الأخاديد القمرية) تختلف حسب شكلها وطريقة تكوينها وهي:
في يونيو عام 2010 طرح أحد الأشخاص سؤالاً عن انشقاق القمر على الموقع الإلكتروني لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) يقول فيه: لقد أجبتم عن هذا السؤال سابقا في أغسطس 2009 ولكني أود الخوض في مزيد من التفاصيل. حيث ذكر على أحد المواقع الإلكترونية أن الله شق القمر إلى قسمين بناءً على طلب النبي محمد وأن هناك شقوق على القمر وثقت من قبل العلماء الأمريكيين وهو دليل على المعجزة. هل هناك أي حقيقة في أي من هذه الادعاءات؟ [17]
أجابت وكالة ناسا على لسان براد بيلي (نائب مدير معهد ناسا للبيولوجيا الفلكية)[18] الذي قال: توصيتي هي ألا تصدق كل ما تقرأه على الإنترنت. الأوراق التي تمت مراجعتها من قبل الزملاء هي المصادر الوحيدة الصالحة علميًا للمعلومات المتوفرة. لا يوجد دليل علمي حالي يشير إلى انقسام القمر إلى جزأين (أو أكثر) ثم أعيد تجميعه في أي وقت في الماضي.[17]
يذكر أن أرشيف وكالة ناسا كان قد نشر صورة لها ترميز (AS17-3128) التقطتها مهمة أبولو 11 عام 1969 يَظهر فيها أحد الشقوق القمرية أو (الأخاديد القمرية). علقت وكالة ناسا على هذه الصورة وذكرت أن هذا الأخدود هو جزء من شق يبلغ طوله 300 كم، بينما لم تقدم الوكالة تفسيرًا علميًا واضحًا لظهور هذا الشق الذي وصفته بأنه مثير للجدل، تقول الوكالة على موقعها الرسمي:[6]
سجلت حضارة المايا إنشقاق القمر لديهم في 9 فبراير/شباط 623م، فقد ورد في مخطوطة مدريد حول كوبان إحدى أشهر مدن حضارة المايا في العصر الحديث من (300 إلى 900م) رسمة قمر منقسم بحروف رسومية صغيرة في السجل العلوي للصفحات 91-92. وقد كان المايا يصورون الهة القمر علي شكل إمراة والمناطق الداكنة علي القمر علي شكل أرنب لأنها تشبه الأرنب،[19][20][21][22][23] وسجلوا إنشقاق رأس الأرنب نصفين مع علامات إستفهام حول أذنيه وحدوث زلازل اثناء ولادة الهة القمر قمر جديد ثم تدخلت الهة القمر لإعادته لوضعه الطبيعي.[24] وقد تمكن الإنسان في القرن السابع من تسجيل تغيير كاسح وواسع للتقويم في كوبان والصين وبابل،[25] وقد تغير تقويم بلاد فارس كذلك في 623م حيث أصبح أول سنة في التقويم الفارسي تبدأ من هذا العام الميلادي.[26] وهناك مخطوطة فارسية تتضمن صورة بها رجل يشير إلى وجه قمر منقسم في السماء، ونفس الحدث مسجل في مخطوطة مدريد صفحات 91-92 و93.[26] كما تذكر الوثائق التاريخية أن ملكا من مالابارا جنوب الهند يُلقب بـ "شيرمان بيورمال" رأى إنشقاق القمر في الأفق، و كأنه في حلم والمفسرون و المنجمون لم يعطوة تفسيرا مقنعا،[27] حتى اتوا تجارا عرب كانوا متمسكين دينيا رَوَوْا له قصة إنشقاق القمر فقال الملك فعلا انا شاهدت القمر، وأقنعوه بالذهاب لمكة وأعتنق الإسلام، وهذا الملك ذهب إلى مكة وتوفي في طريق العودة وتلك القصة تم توثيقها في عدة كتب موجودة في مكتب الهند بلندن،[28] كما ذكرت المصادر الإسلامية نفس القصة.[29] أتباع الملك بنوا له مسجد بإسمه "شيرمان" بعد وفاته وهو في طريق العودة، وهذا المسجد للآن موجود في كودونغالور بولاية كيرلا الهندية. ويرجع تاريخ بنائه إلي 629م أي بعد إنشقاق القمر بخمس سنوات. كما هناك دليل في التقليد الصيني وهو عيد إنشقاق القمر والدراسات تقول ان هذا التقليد يعود إلى سلالة تانغ (618 – 907) وقد مهرجانًا وطنيًا معترفًا به رسميًا.[30][31][32][33] والتاريخ قريب جدا من حادثة إنشقاق القمر.
تعرضت هذه الحادثة (أو المعجزة كما يسميها المسلمون) لانتقادات عديدة من جهة والتشكيك في صحتها من جهة أخرى. وقد أثيرت العديد من التساؤلات حولها وعن مدى صحتها ومصداقيتها في ميزان العلم الحديث. وقد رد علماء المسلمين على الشبهات التي أثيرت حول هذه الحادثة وأجابوا عن التساؤلات التي طرحت حولها. ولكن الجدل لا زال مستمرا حتى اليوم بين من يعتبرون العلم الحديث هو المصدر الوحيد والموثوق للتأكيد على وقوع مثل هذه الأحداث، وبين المسلمين الذين يرفضون التشكيك بهذه الحادثة معتبرين أنها ذكرت في أقدس الكتب عندهم.[34]
يعتمد نقّاد هذا الاعتقاد على أمور منها:
أجاب علماء المسلمين عن الشبهات التي اثيرت حول هذه الحادثة ومنهم الشيخ محمد صالح المنجد وهو علامة وفقيه حيث قال: أن جميع المفسرين متفقين على وقوع الحادثة في زمن النبي محمد، إلا أن قوما شذوا عن هذا القول فقالوا: سينشق يوم القيامة. وهذا القول الشاذ لا يقاوم الإجماع؛ فأن القرآن يقول: (وَانْشَقَّ) وهو لفظ ماض وفي القرآن أيضا فإن آية: (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا) دليل على أنه قد حدث قد وقع وانتهى. وقد روى هذا الحديث جماعة كثيرة من الصحابة منهم: عبد الله بن مسعود، وأنس، وابن عباس، وابن عمر، وحذيفة، وعلي، وجبير بن مطعم، وغيرهم. وروى ذلك عن الصحابة أمثالهم من التابعين، ونقله عدد كبير من الناس عن بعضهم.[34]
ويقول الشيخ محمد أيضا : «وقد سعى بعض الناس من القديم في التشكيك في هذه الحادثة، واستبعاد حصولها؛ بحجة أن القمر يشترك جميع البشر في رؤيته، فلو انشق في الحقيقة لرآه جميع سكان الأرض ولتناقلوا هذا الحدث العظيم، ولسطروه في كتبهم، لكن هذا كله لا نعلم له وجود، فهذه الحادثة لا تعرف إلا من جهة المسلمين فقط»
وقد رد الشيخ محمد صالح المنجد على هذه الشبهة بقوله :
«أن هذه القضية يجب أن تفهم على ضوء طبيعة حياة الناس في ذلك الزمن، حيث كان الليل محلا للسكن والقرار، ولم يكن كزمننا هذا شبيها بالنهار، حيث وقعت هذه الحادثة بطلب من كفار قريش؛ فهم المقصودون بهذه المعجزة وليس كل البشر في ذلك الوقت، والدليل هو قول أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: (أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ)»[34]
ويضيف الشيخ محمد قائلا : «وإذا كان هذا هو الحاصل؛ فمن الطبيعي أن تغيب هذه الحادثة عن أغلب سكان الأرض في ذلك الزمن؛ لأن بداية الليل في مكة يقابلها منتصف الليل أو ما يقاربه في معظم بلاد الشرق أي أنهم يكونون في نوم عميق، ومن كان ساهرا فلا شك أنه يكون قارا داخل سكنه، وأما البلاد الواقعة في غرب مكة فيكون أغلبها في ذلك الوقت مازال في النهار لم يدخل عليه الليل بعد ، والظاهر المتبادر إلى الذهن من هذه الحادثة أنها كانت للحظات ولم تبق زمنا طويلا أو الليل كله، فلهذا لا إشكال أن ينتبه إلى هذه الحادثة سكان مكة، لأنهم كانوا منتظرين لها، ويغفل عنها باقي الناس لما سبق بيانه»[34]
أما أبو سليمان الخطابي وهو أحد كبار أئمة الشافعية فيقول:[34]
«هذا شيء طلبه قوم خاصٌّ من أهل مكة على ما رواه أنس بن مالك، فأراهم النبي ذلك ليلاً لأن القمر آية الليل، ولا سلطان له بالنهار، وأكثر الناس في الليل تنام ومُستكنُّون بأبنية وحجب، والأيقاظ البارزون منهم في البوادي والصَّحارى قد يتفق أن يكونوا في ذلك الوقت مشاغيل بما يُلهيهم من سمر وحديث ، وبما يهمّهم من شغل ومهنة ، ولا يجوز أن يكونوا لا يزالون مقنعي رؤوسهم ، رافعين لها إلى السماء مترصِّدين مركز القمر من الفلك ، لا يغفلون عنه ، حتى إذا حدث بجرم القمر حدثٌ من الانشقاق: أبصروه في وقت انشقاقه، قبل التئامه واتِّساقه . وكثيراً ما يقع للقمر الكسوف ، فلا يشعر به الناس ، حتى يخبرهم الآحاد منهم والأفراد من جماعتهم .»
أي أن ما يقصده الخطابي بكلامه هو أن هذه الحادثة وقعت ليلا وشاهدها عدد محدود من الناس بينما كان باقي الناس نياماً. أما النصف الآخر من الكرة الأرضية فقد كان نهارا وهذه الحادثة لا ترى في النهار وهو ما يفسر عدم رؤية جميع سكان الأرض لهذا الحدث وعدم توثيقهم لها في كتبهم.[34]
يذكر المفسرون أيضا سبب عدم توثيق هذه الحادثة عند الأمم الأخرى هو أن ظهور القمر ورؤيته لا يتساوى فيه كل الناس، فقد يُرى في بلد ولا يرى في الأخرى بسبب الغيوم أو الضباب وأختلاف زوايا الرؤية الناتجة عن الاختلاف في خطوط الطول وغيره،[37] مستشهدين بذلك على حوادث فلكية مماثلة مثل كسوف الشمس (الكسوف الحلقي) الذي وقع في 10 يونيو 2021، حيث أتيحت مشاهدة هذا الحدث لعدد قليل من سكان أعلى خطوط العرض في منطقة توازي حوالى 2 بالمئة من مساحة الأرض وهي شمال غرب كندا وأقصى شمال روسيا وشمال غرب غرينلاند، أما سكان المناطق الأخرى فقد رآه آخرون بشكل جزئي، بينما لم يره البعض أطلاقا (خصوصا العالم العربي)، فعدم رؤية سكان الوطن العربي للحدث لا ينفي عدم وقوعه.[38]
«وقد استبعد هذا كثير من الملحدة، وبعض أهل الملة ، من حيث إنه لو كان كذلك ، للزم مشاركة جميع أهل الأرض في إدراك ذلك ؟ والجواب: أن هذا إنما كان يلزم، لو استوى أهل الأرض في إدراك مطالعه في وقت واحد، وليس الأمر كذلك، فإنه يطلع على قوم ، قبل طلوعه على آخرين. وأيضا: فإنما كان يلزم ذلك ، لو طال زمان الانشقاق، وتوفرت الدواعي على الاعتناء بالنظر إليه، ولم يكن شيء من ذلك، وإنما كان ذلك في زمن قصير ، شاهده من نُبِّه له ... ثم إنها كانت آية ليلية، وعادة الناس في الليل كونهم في بيوتهم نائمين، ومعرضين عن الالتفات إلى السماء إلا الآحاد منهم، وقد يكون منهم من شاهد ذلك، فظنه سحابا حائلأ، أو خيالا حائلا. وعلى الجملة : فالموانع من ذلك لا تنحصر، ولا تنضبط . والذى يحسم مادة الخلاف بين أهل ملتنا أن نقول: لا بعد في أن يكون الله تعالى خرق العادة في ذلك الوقت، فصرف جميع أهل الأرض عن الالتفات إلى القمر في تلك الساعة ، لتختص مشاهدة تلك الآية بأهل مكة ، كما اختصوا بمشاهدة آياته؛ كحنين الجذع، وتسبيح الحصى، وكلام الشجر، إلى غير ذلك من الخوارق التي شاهدوها، ونقلوها إلى غيرهم»
أيضا فأنه لا يعرف عمن عاصر ذلك الزمن أو قاربه من المؤرخين من نفى وقوع هذه الحادثة وهذا دليل على حدوثها حيث يقول الحافظ ابن حجر: «وأما من سأل عن السبب في كون أهل التنجيم لم يذكروه، فجوابه: أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه نفاه، وهذا كاف»[34]
كما لا يستبعد أن يكون رآه بعض الناس في أماكن شتى خارج بلاد العرب، ودوّن في كتبهم، لكن لعدم كثرة المشاهدين له، لم يأخذه من جاء بعدهم على محمل اليقين، وجعله من جملة الأساطير، فتنوسي الخبر، ولم يتناقله الكتاب بعدهم، فضاعت المصادر الأولى أو بقيت لكن مغمورة لا ينتبه إليها.[34]
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.