Loading AI tools
مدينة مصرية في محافظة الدقهلية من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
المطرية، مدينة مصرية، تتبع محافظة الدقهلية إدراياً، والمدينة عاصمة مركز المطرية.[2]
المطرية | |
---|---|
علم | شعار |
خريطة الموقع | |
تقسيم إداري | |
البلد | مصر[1] |
عاصمة لـ | |
المحافظة | محافظة الدقهلية |
المسؤولون | |
خصائص جغرافية | |
إحداثيات | 31°11′00″N 32°02′00″E |
الارتفاع | 10 متر |
معلومات أخرى | |
التوقيت | شرق خط الطول الرئيسي (+2 غرينيتش) |
التوقيت الصيفي | +3 غرينيتش |
الرمز الهاتفي | 050 (2+) |
الرمز الجغرافي | 360716 |
تعديل مصدري - تعديل |
تقع شبه جزيرة المطرية في منتصف جنوب بحيرة المنزلة التي تقع بدورها في شمال شرق دلتا نهر النيل ويحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط ومحافظة بورسعيد وجنوبا محافظتي الشرقية والدقهلية وشرقا قناة السويس وغربا محافظة دمياط التي تبعد عن البر بطريق زراعي طوله حوالي 8 كيلو مترات ويعمل ما يزيد عن 90% من أهالي المطرية في مهنة صيد الأسماك ويقال أنّ المطرية هبة بحيرة المنزلة. وهي عبارة عن جزيرتين صغيرتين تحيطهما مياه بحيرة المنزلة من كل الجهات وهناك مناطق في أطراف حي الغصنة ما زالت أرضها لينة طرية خاصة تلك التي يتم تكوينها بردم أجزاء من البحيرة بمخلفات صناعة السدة الغاب والحطب
كلمة «مطرية» فمن الصعب الجزم بتعريفها تعريفا محددا على النحو الذي تنطق عليه الآن،
ترجع المصادر والمراجع التاريخية التي بين يدي أصل صيادي بحيرة المنزلة وأكثرهم من المطرية إلى الهكسوس الذين احتلوا مصر من سنة 1660 إلى سنة 1580 (ق.م)، بينما ترجع بعض المصادر الأخرى أصلهم إلى العرب الذين استوطنوا هذه المنطقة إبان الفتح العربي الإسلامي لمصر والحقيقة أن هذين الرأيين صحيحان وذلك للاعتبارات الآتية:
الغصنة هو اسم الحي الشرقي لمدينة المطرية والعقبيين اسم الحي الغربي بها والثابت تاريخيا انهما كانا جزيرتين منفصلتين كل واحده منهما تمثل قرية وظلتا هكذا حتى صدر قرار بضمهما إلى بعضهما باسم المطرية كمدينة بدل عن جزر المطرية في عام 1903 ميلادية
جاء في كتاب وصف مصر تأليف علماء الحملة الفرنسية أن جزر المطرية كثيفة السكان وتغطي كل مساحتها الأكواخ التي تؤوي سكانها وهذه مبنية في جزء منها بالطين وتختلط بالمقابر وهي أشبه ما تكون بأكداس من الجحور منها إلى مساكن الآدميين ويبلغ سكان هذه المنطقة غير النساء والأطفال 1100 من العاملين بصيد الأسماك الطيور المائية وعن الملاحة في بحيرة المنزلة والصيد وطباع أهالي المطرية وكذللك أوصافهم يقول علماء الحملة الفرنسية: وتتم الملاحة في البحيرة بواسطة الشراع وبالمجداف وبالعصى الطويلة وتضاعف الريح العكسية من الوقت الازم لرحلة ما وأحيانا تصل به لثلاثة أمثاله ولذللك بحسب قوتها ويرسي الضيادون قواربهم بربطها إلى عصوين طويلتين يغرسون أولهما من الأمام والأخرى من الخلف بسهولة بالغة ولمراكب الصيد في بحيرة المنزلة نفس الشكل على وجه التقريب الذي لمراكب الصيد في النيل وعندما يذهب أهالي المطرية إلى الصيد بعيدا عن جزرهم فإنهم يأخذون معهم المياه العذبة في جرار كبيرة تربط في قاع قواربهم وفي كل قارب واحده من هذه الجرار ويبدوا ان صيادي المطرية يشكلون فئة خاصة وحيث أنهم يحرمون الصيد في بحيرة المنزلة وعلى جيرانهم فاتصالهم بهؤلاء الجران قليل وحيث أنهم على الدوام تقريبا عراة في الماء منهمكون في أعمال شاقة فأنهم أقوياء الجسم ضخام الهيئة نشطون وألو عزم على الرغم من تقاطيعهم الجميلة فإن لهم منظرا وحشيا وبشرة لوحتها الشمس ولحية سوداء خشنه تزيد منظرهم وحشية وعندما يجدون أنفسهم في حضرة أعدائهم يطلقون آلاف الصرخات الهمجية بنغمة مرعبة ويضربون على نوع من الدفوف وعلى سطح قواربهم وفوق كل ما من شأنه ان يحدث ضجة فينفخون في الأبواق وينشرون عن طريق أصداف القواقع هذه إلى بعيد صوت رحهم المشهور يقول جنودنا الذين سمعوا مثل هذه الضجة لو أننا كنا رجال الأمن هنا لأفزعتنا هذه الضجة حتى لنلتقي بأنفسنا إلى المياه ونخلص مما سبق إلى الحقائق الأتية
لعبت المطرية دورا بارزا إبان الحملة الفرنسية على مصر حيث قام أهلها من الصيادين بالانضمام إلى قوات المقاومة المصرية بقيادة زعيم الكفاح ضد الاستعمار في هذه المنطقة شيخ مشايخ أقليم المنزلة حسن طوبار الكبير وقد ذكر عبد الرحمن الرفاعي في تاريخه أن مدينة المنزلة تم احتلالها في 1 أكتوبر سنة 1798م حيث وصلت إليها كتيبة فرنسية بحثا عن حسن طوبار ورجاله إلا أنهم لم يجدوا في المدينة إلا الشيوخ والعجائز من النساء بعد ما أخلاها حسن طوبار ولكنها لم تسلم (المنزلة) من نهب الجنود الفرنسيين وعبثهم مما جعل الجنرال داماس Damas المكلف بالقضاء على طوبار وثورته يصدر أوامره المشدده من منع النهب أما الجنرال أندريوسي Andréossy المكلف من قبل نابليون مباشرة لتحسين مصب النيل والسيطرة على دمياط وإتخاذها موقعا حربيا وكذا دراسة بحيرة المنزلة لاستخدامها إستراتيجيا في عملياته العسكرية وهجومه على كلا من مصر وسوريا....
فقد مضى بأسطوله في البحيرة وأقلعت مراكبه من دمياط يوم 3 أكتوبر قبيل الفجر صوب المطرية وقطع الأسطول المسلح بالمدافع هذه المسافة في 8 ساعات ولكنه ذهل من هول ما رأى فقد فوجئ بأسطول بحري مكون من 100 مركب يخرج من خلف الجزر التي تحجبها بالقرب من المطرية وقد أقبل الصيادون من أهالي المطرية ومعهم أعوان حسن طوبار على ظهر هذه المراكب قاصدين أغراق مراكب وسفن الفرنساوية وأطلقت المراكب المصرية النار على العدو فنكص راجعا فرارا من الموت المحقق والهلاك على أيدي المصريين إذا حاول المقاومة وتبادل الإسطولان إطلاق النار حتى أرسل الليل ظلامه فكف الفريقان عن ذلك وبلغ من بأس الصيادين واستبسالهم في القتال أن أرسل أندريوسي ألى نابليون رسالة يقول فيها أن إستبسال العدو في الهجوم على دمياط يثبت أهمية هذا الموقع ويظهر أن الأنباء التي كانت وصلتنا عن قرب هجوم أهل المطرية والمنزلة على دمياط وانتظار حسن طوبار المدد من سوريا لم تكن بعيده عن الحقيقة لاني لا أعتقد أن الهجوم الذي فوجئنا به في البحيرة يستطيع أن يقوم به جماعة من الصيادين فلا يمكن لمثل هؤلاء أن ينظموا مثل هذا الهجوم ويحكموه بمثل الحالة التي شاهدناها.
تحت هذا العنوان كتب الرافعى ما نصه: وبعد أن تم للفرنسيين احتلال المنزلة سقطت المطرية في أيديهم واحتلتها قوة الكولونيل جازلاس gazlas ثم وصلت إليها السفن الفرنسية من طريق بحيرة المنزلة بعد أن أخلاها أهلها وغادروها على ظهر مراكبها قضى احتلال المنزلة والمطرية على قوة المقاومة التي كان يديرها حسن طوبار فلم يجد أمامه سو الهجرة إلى غزة وبذلك انتهت تلك الحركة الواسعة المدى التي أقلقت بال الفرنسيين زمنا وكان ذلك في أواخر أكتوبر سنة 1798 وكان تطوع أهالي المطرية بأسطولهم البحرى المكون من أكثر من مائة مركب صيد ايذانا بمولد حمية وطنية تم توظيفها مع مرور الزمن للدفاع عن أرض مصر بكافة الطرق وشتى الوسائل في أصعب الظروف وأشد المواقف خلال الحروب التي خاضتها مصر لاحقا مع أعدائها فكان أهالي المطرية دائما على اهبه الاستعداد لبذل كل غال ونفيس للذودعن مصر والدفاع عنها والتارخ خير شاهد على ذلك
بدأت عمليات تنفذ مشروع حفر قناة السويس في 25 أبريل 1859 وكانت منطقه بورسعيد هي أول بقعة بدا فيها تنفيذه، ولكن واجهت الشركة الأجنبية المشرفة على أعمال الحفر مشكله خطيره جدا" إذ كان آلاف العمال في بورسعيد قد تعرضوا لخطر الموت عطشا بفعل نفاد كميه الماء، وتأخرت وصول الإمدادات مما كان يهدد بهلاك العمال وفشل المشروع برمته.. فأخذت الشركة تنقل المياه من الإسكندرية في سفينة تسمي "بورسعيد" ومن دمياط علي الجمال إلا انها فشلت أيضا في حل المشكلة فأشار بعض المصرين المسؤلين بالشركة ان يستعينوا بصيادي المطرية في نقل مياه الشرب من المطرية إلى بورسعيد، وبالفعل تجد الرجال المخلصين في المواقف الصعبة يفيضون عطاء وبذلا دون مقابل يذكر، فقد قامت مراكب وقوارب الصيد الخاصة بأهالي المطرية بنقل الماء إلى إخوانهم في بورسعيد خلال عامي 1859,1860 كما قامت الشركة ثلاث مكثفات ببورسعيد لتحليه مياه البحر المالحة إلا ان هذه المكثفات كانت دائمة التعطيل وتتوقف عن العمل من حين لاخر مما أثار مشكله أخرى اشد خطورة فقد تعرض شعب بورسعيد لخر الموت عطشا ولم تعد المشكلة تخص العمال وحدهم، فلجأت الشركة إلى عقد اتفاق مع أحد كبار المصرييين المشتغلين بتجارة صيد الأسماك في بحيرة المنزلة وكان يدعي "مصطفي عنانى بك " والاتفاق كان يقضي بأن يمد مصطفي عنانى الشركة بسته أمتار مكعبه من المياه العذبة يوميا، ولم يدم هذا الاتفاق طويلا...
يقول الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي في كتابه الموسم ب«السخرية في حفر قناة السويس» ولكن لم يستمر هذا الاتفاق أمدا طويلا واعتمدت الشركة على وسائلها الخاصة في جلب ماء الشرب عبر بحيرة المنزلة م فشلت إلى الأخذ بنظام السابق فعقدت في يونيو 1861 اتفاقا مع «محمد الجيار»_وهو أحد كبار أصحاب السفن في بحيرة المنزلة ومن ذوي الموارد الضخمة _ لنقل مياه الشرب في براميل تعهدت الشركة بتقديمها إليه ولكنها عجزت عن تقديم العدد الكافي منها إلى ان استطاعت استيراد عدد منها في سبتمبر 1861.
وكانت كل سفينة تحمل برملين من الصاج. وكانت سعه كل برميل مترا مكعبا من الماء. وكان ثمن المتر المكعب عشرة فرنكات وقد استمر ذالك الاتفاق نافذا مع محمد الجيار حتى فرغت الشركة من مد خط أنابيب الماء من الاسماعليه إلى بورسعيد في أبريل 1864 وعلي الرغم من هذه التدابير فقد كان الماء في بورسعيد عزيزا صعب المنال وظل العمال هناك يعانون الكثير من ضروب الحرمان ويتعرضون للموت عطشا بسبب نفاذ الماء في المدينة وتأخر وصول مقادير منه إليها.
ويتضح ذلك الحرمان وتلك المخاطر من وصف كتبه أحد الفرنسيين عاش في تلك الأخطار: بورسعيد 18 ديسمبر 1861 : لقد خرجنا من ازمه خطيره مروعه.فقد كسر أحد المكثفات، ولم تكف مقادير الماء التي ينتجها المكثفان الاخران لمواجهة استهلاك المدينة اليومي فقد زاد عدد السكان زيادة كبيرة ولم نستطع الاعتماد على الماء العذب الذي تجلبه من المطرية سفن الريس محمد الجيار الذي عقد معه اتفاق لنقل الحاجيات عب بحيرة المنزلة، وخاصة لنقل ماء الشرب إلي بورسعيد وراس العش...
"ومما زاد الموقف حرجا هبوب عاصفة شديدة دامت ستين ساعة متوالية.ولم يصل إلينا أي قارب أو سفينة طول المدة التي استمرت حلالها العاصفة. ولم يكن هناك بد من ان نطبق نظام توزيع الماء علي السكان بالبطاقات.
وكان نصيب الفرد لا يزيد عن لترين من الماء لكافه استعمالته.... ولما حل اليوم الثالث ولم يظهر أي قارب أو سفينة في طريقها إلينا تجمهر العمال ووقفوا عند مرسي السفن المنتظر وصولها من المطرية.ولم تكن هذه القوارب تقف تجاه مراسيها حتى اندفع العمال المتجمهرون، وكان عددهم يتراوح ما بين ماتين وثلاثماه عامل ودفعوا جانبا وبكل عنف رجال هذه القوارب وفتحوا براميل المياه اغتصبوا شحنه المياه.. ولم تبق جرعه من الماء في هذه القوارب وقد غادر العمال المكان ان الموقف خطير.." وقد ثبت ان عدد كبير من أهالي مدينة المطرية (دقهليه) اشتركوا في حفر قناة السويس، كما حدني الشيخ حمودة الخضيري أكبر معمري المطرية والدقهلية (135) سنه ي، قال: ان بورسعيد لم تكن موجودة وإنما كانت عبارة عن عشوش، وكان الجنود التابعون للشركه القائمة على حفر القناة يهجمون على الصيادين في بحيرة المنزلة فجأة، ويأخذونهم بالقوة لينضموا إلى العمال الذين يحفرون قناة السويس بدءا من بور سعيد.
كانت بحيرة المنزلة وما زالت – تمد كافة أقاليم مصر بخيراتها ومنذ ما يزيد على قرن من الزمان اتجهت أنظار الدولة إليها فكان الاهتمام الدؤوب بها موضع اعتبار، ولهذا أنشأت لها مصلحة مستقلة وتتبع وزارة المالية وتم تسميتها ب مصلحة المطرية لاستفاده من إيراد بحيرة المنزلة الذي تقوم المصلحة بتحصيله إلا ان الصياد كان يتجرع المرارة كل يوم فمحصلة المطرية كانت تشترط على الصياد ان يقوم بتوريد ما يصطاده هو وأبنائه من الأسماك إلى حلقة غيط النصارى التابعة للمصلحة بدمياط ولا يتقاضى من ثمن صيده إلا 25% حيث تتقاضى الحكومة 65% وضريبة جبانات والدخوليه تتقاضى أيضا 10% من الثمن فما بالك بصياد يكد ويكدح ويتعب ويقاسى مرارة العيش ثم لا يحصل من كده وتعبه إلا على الربع؟
وما كان يزيد الطين بله انه لم يكن يسمح له أن يقتطع من الأسماك التي اصطادها لطعام أسرته يقول اللواء عبد المنصف محمود ولم يكن يسمح للصياد بالاستيلاء على جزء من الأسماك لطعامه أو طعام اسرته فكان عليه أن يشتري ما يلزمه من الأسماك التي تباع بالحلقة بالسعر الذي يرسو به المزاد شأنه في ذلك شأن أي شخص آخر فكان الصيادون يلجأون إلى مختلف الطرق لتهريب بعض الأسماك من الرقابة وبعضهم كان يناول السمك طعاما قبل دخول المركب إلى الموردة وكان يطهون الأسماك في قدرة أثناء وجودهم في البحيرة لياخذوها مطبوخة لعائلتهم وكان من جراء ذلك أن موظفى مصلحة المطرية كانوا يدققون في التفتيش ويشددون فيه حتى بلغ من أمرهم ما يروى من أنهم كانوا يستعملون أسياخا من الحديد يغمسونها في الأوساخ ثم يدخلونها في القدور التي تحتوى على السمك المطبوخ
وكانت تعسكر في أنحاء المطرية نقطة ثابتة تعرف بمراكب الخفر وبها كميات من الملح لتمليح اسماكهم وكان على الصياد ان يورد اسماكه لحلقه المصلحة كما اسلفنا وضمانا لعدم تلاعبه كان يقضى النظام بأنه كل صياد يتاخر ثلاثة أيام عن توريد السمك للحلقة تصادر مراكبه فكان هذا الشرط الشديد يدفع الصيادين إلى أن يقترضوا السماك من بعضهم البعض ليقدموه إلى الحلقة حتى لا تصادر مراكبهم.
وكان من اثر هذة الشروط القاسيه وتشديد مصلحه المطرية مع الصيادين ان ثار الأهالي وهاجموا مصلحه المطرية وحصل شغب اضطرت الحكومة إلى إخماده إلى استخدام القوات العسكرية وحوكم زعماء الثائرين كان من بينهم اعيان البلد ووجهائها وفي طليعتهم حسن بك عزام الذي كان عضوا في مجلس الشيوخ ومحمود بك الريس واخرون وقد حكم على اكثرهم بمدة ثلاثة أشهر عدلت في الاستئناف إلى شهر واحد وعلى اثر هذا الحادث وكان في آخر سنه سنه 1891 انيط بمصلحه حفر السواحل المحافظة على ايرادات الصيد للبحيرة ومع بقاء مباشره لتحصيل الإيرادات لمصلحه المطرية
وفي عهد رياسه اسمياعلوا بك لمصلحه المطرية ظلت الشروط مفروضه على المطرية على الصيادين قاسيه وفي الوقت نفسه انصرف اسميعلوا بك إلى اللهو والمجون بالاشتراك مع مستشار المالية والداخليه برميل وغورست وغيرهم فكانوا يستعملون الاستراحات الفخمه (المقامة بغيظ النصارى لإقامة المأمور) مباءة للفجور فتاذى الأهالي من هذه الحالة وبلغ تذمر الصيادين اشده فحدثت ثورة وهياج وهاجمو اسميعلوا بك وكان في مركب بالبحيرة وتعدوا عليه ودارت بينهم وبين رجال الحكومة معركه اسفرت عن قتل أحد الصيادين بعيار نارى.
وصل أمر هذه الثورة وحوادثها إلى الجهات المسئولة، فتقرر الاستغناء عن خدمات إسماعيلو بك مع منحه مكافأة وصدر الأمر العالي المؤرخ في 23/12/1897 يعدل طريقة استغلال البحيرة من أول يناير 1898 تعديلا من شأنه ترك الصيادين أحراراً في التصرف في محصولات صيدهم على أن تصرف للمراكب رخص تحصل بموجبها رسوم سنوية تدفع على أقساط شهرية، وقسمت المراكب إلى ثلاث فئات: مراكب النقل (مكارى) ورسومها36 جنيه، ومراكب الصيد بالشركة (مقايا أو معامل) 30 جنيهاً، ومراكب الصيد الوحادة (لا يزيد أفرادها على ثلاثة) رسومها 15 جنيه. و ألغيت مصلحة المطرية من أول يناير سنة 1898، وألحقت أعمال تحصيل الرسوم الجديدة وصرف الرخص إلى إدارة الأموال غير المقررة فأنيط بمصلحة خفر السواحل أيضاً تحصيل رسوم الصيد، وأقساط الالتزام في الجهات التي كانت معطاة بالالتزام.. وقد انتهى التزام مناطق الصيد ببحيرة المنزلة حتى سنة 1903 ما عدا أشتوم الجميل فقد انتهى التزامه في سنة 1905، وبعد ذلك عممت طريقة الصيد بالضريبة السنوية في جميع المناطق.
بتاريخ 28 مارس سنة 1904 نالت شركة بحيرة المنزلة للملاحة (و هي شركة فرنسية) حق امتياز بتسيير لنشات بحرية بين بورسعيد والمطرية ودمياط. وقامت لذلك بحفر قناة في قاع البحيرة لهذا الغرض فكانت رفاصاتها تسير في هذا الطريق المائي وتقوم بنقل البضائع والمراكب بين بورسعيد والمطرية وغيط النصارى.. كما أن هناك مراكب نقل للأهالي في غيط النصارى يدفع أصحابها ضريبتها لمصلحة المصائد نظير نقل بضائعهم من غيط النصارى إلى بورسعيد والمطرية وبالعكس. و امتياز شركة بحيرة المنزلة يخولها استخدام مراكب مع لنشات في نقل البضائع. فكانت الشركة تستخدم بضع مراكب لحسابها مع اللنشات التابعة لها في النقل. وبديهي كانت لهذا السبب تختص بأكثر البضائع ولا تترك لمراكب الأهالي إلا القليل.. نشأ عن ذلك تنافس بين الشركة وبين أصحاب المراكب مما أدى إلى تخفيض نولون الشحن الذي يحصلونه من أصحاب البضائع وهم غالباَ فئة تجار. وظل يتناقص هذا النولون، وكان أصحاب البضائع هم المستفيدون من هذا التنافس.. ضج أصحاب المراكب بالشكوى وتدخلت مصلحة خفر السواحل في الموضوع، فعقدت بينهم وبين الشركة اتفاقا كان من شأنه توحيد العمل بانضمام مراكب الأهالي إلى مراكب الشركة بنظام الدور على أن تأخذ مراكب النقل 30% من النولون. وحينئذ بدأت الشركة ترفع نولون الشحن شيئاَ فشيئاَ وانعدمت المنافسة فتحسنت حالة أصحاب المراكب وحالة الشركة معاَ. وكان لهذه الشركة 12 خطاَ ملاحياَ ببحيرة المنزلة ومنها:
وكانت الشركة المذكورة تملك 7 لنشات وصندلين وتسير خطا َمنتظماَ للملاحة يقوم من بورسعيد إلى المطرية فدمياط يومياَ ولنشين آخرين يقومان يومياَ للمطرية وبالعكس. أما فيما يختص بالأجور فقد حددت بمعرفة الشركة كالاتى: الخط درجة أولى درجة ثانية من بورسعيد إلى دمياط 240 ملليماَ 140 ملليماَ من بورسعيد إلى المطرية 140 ملليماَ 80 ملليماَ
كما تحدد حد أدنى قدره 800 مليم لكل مركب من موردة بورسعيد إلى غيط النصارى أو بالعكس، ومبلغ 500 مليم من بورسعيد إلى المطرية أو من المطرية إلى غيط النصارى أو بالعكس.. وتنفيذاَ للقرار الوزاري رقم (6/1932) وضعت مصلحة خفر السواحل قوة من قبلها في موارد بورسعيد والمطرية وغيط النصارى لتنظيم قيام المراكب المخصصة لنقل الركاب والبضائع بالدور في المواعيد وتنظيم الرسو. وما زالت حتى الآن اللنشات الحكومية ولنشات الأهالي تعمل بنظام الدور، وإن كانت قد افتقدت هذه الوسائل إلى ما يجذب الركاب والتجار مؤخراَ نظراَ لاعتمادهم على وسائل النقل البرية كالباصات والأتوبيسات وعربات النقل بعد تعبيد وإتمام إنشاء الطريق البرى من العصافرة إلى بورسعيد، وبالتالي فقدت وسائل النقل البحري في بحيرة المنزلة المخصصة لنقل البضائع والركاب من وإلى بورسعيد والمطرية بعض الأهمية. إلا أنها ستظل دائماَ وسيلة إمتاع ونزهة بلا منافس في هذه المنطقة.
تعرضت مدينة المطرية لحريق مدمر في ربيع 1907 أتى على الأخضر واليابس ولم يذر فيها إلا أكواما من الرماد والحيوانات النافقة كما أن النيران أهلكت عدداَ كبيراَ من أهالي المدينة، وقد نشرت جريدة الأهرام في عددها الصادر بتاريخ 26 يونيو 1997 للدكتور يونان لبيب رزق دراسة تفصيلية عن احتراق المدينة في أبريل 1907 وهي دراسة مستفيضة تجعلك تشعر وكأنك ترى الحريق بعيني رأسك وتشعر أيضا بمدى الدمار الذي لحق بالمدينة حتى أنها (المطرية) لم يكن أحد في القطر المصري يعلم شيئاَ عنها فكان هول هذه الكارثة بمثابة جرس قرع بأصواته المزعجة آذان الشعب المصري كله لمؤازرة إخوانهم الصيادين في المطرية، وتقديم العون والمساعدة من اجل الظروف التي مروا بها على مدى تاريخ المدينة وهم حينئذ أكثر من 20 ألف لقد وجدت أن انقل نص هذه الدراسة في هذا الكتاب لكونها نادرة في إثبات الأحداث، ووصفها تفصيلياَ، ولمكانة معدها د. يونان رزق فهو أحد كتاب ومؤرخي مصر الثقات، ولصعوبة تمكني من الحصول على مراجع أو مصادر تتناول هذا الحادث المروع.
و تحت عنوان: (احتراق مدينة الصيادين) نشرت جريدة الأهرام ما نصه: (و من تلك الأحوال ما جرى خلال ربيع عام 1907 من احتراق مدينة المطرية المطلة على بحيرة المنزلة، فقد شخصت أنظارهم إلى تلك المدينة التي يعيش فيها وقتئذ أكثر من 20 ألف كان أغلبهم من الصيادين..
و تحت العنوان: (الرزء العظيم في احتراق المطرية) ساقت الأهرام في عددها الصادر يوم 17 أبريل عام 1907 أخبار ما أصاب مدينة الصيادين التي طيرها إليه وكلاؤه ومكاتبوه الموجودون بالمنطقة تلغراف وكيل الأهرام في المنصورة جاء فيه: (دمرت حريقه المطرية جميع البلدة ودواوين الحكومة فيها ودفاترها ويقول رجال الإدارة هناك أن النيران أهلكت كثيرين من أهلها، وقد أرسلت المديرية 3 آلاف أقة من الخبز وأرسلت المياه والخيم لمؤاوات المنكوبين وطلبت المديرية من الداخلية 3 آلاف أقة من البقسماط) ! مكاتب المطرية أرسل تلغراف آخر يستكمل به هذه الصورة المأساوية لمدينة الصيادين كان مما جاء فيه:«عرفتكم تلغرافياَ عن حدوث الحريق الهائل الذي أصاب مدينة المطرية وقلت لكم إن الباقي من البلد نحو الربع ولكن لغاية هذه الساعة 16 الجاري الساعة 10 صباحاَ لم يبق غير العشر ولازالت النار مشتدا لهيبها ويخشى على الباقي لان النار أحاطت بالبلد من الأربع جهات وكأنه موكل بذلك ملائكة شداد غلاظ لم تستطع قوة الحكومة وآلات المطافئ إطفاء النار أو ردع الحريق.. وبالجملة قد عم المصاب جميع اهالى هذه المدينة من جميع الطبقات».. أما تلغراف مكاتب المنزلة فقد جاء فيه أن النار «أحاطت بمدينة المطرية من كل جانب واشتد لهيبها حتى عجز كل إنسان عن مكافحتها. ووصل وكيل المديرية أولا مع معاون بوليس المركز في قطار مخصوص ومعهما وابورات المطافئ فلم يتمكن من إخماد النار ثم جاء مدير الدقهلية على قطار آخر فلم يفلح في مكافحتها وقد احترقت المدينة والمصاب جلل والخطب عظيم والسبب مجهول» !
اكتملت الصورة بتلغراف وكيل الأهرام في المنصورة الذي أرسله يوم 18 يونيو والذي جاء فيه: «لم أجد المطرية بل وجدت كدساَ من الرمال والتراب أما الاهالى فإنهم نازلون في فضاء الأرض والفقراء منهم قد نشروا ملأت نسائهم خياماَ تغطيهم وتغطى عيالهم.. وكان النار لم تكتف بأكل المدينة حتى امتدت إلى المراكب الواقفة في المراسي فأكلت خمسة منها وأكلت عربات السكة الحديد والبضائع الموجودة فيها».
تقدم جريدتنا وصفاَ للمطرية بهذه المناسبة الحزينة فتقول: إنها مدينة واقعة على بحيرة المنزلة يزيد عدد سكانها على 20ألفاَ وفيها متاجر الأسماك التي تصاد من البحيرة، وهي شبه جزيرة عليها ولكنها وصلت ببر الدقهلية بردم البحيرة ومد إليها الخط الحديدي من المنصورة.
تأكيداَ على العلاقة الحميمة بين المطرية والبحر تقول الأهرام أنّ جانباَ من يابسها قد تكون من الصدف، وأنّه بعد أن ضاقت المدينة بأهلها أخذوا يردمون ما يحيط بها من البحر من الصدف الذي كانوا ينقلونه من جزر بحيرة المنزلة، ولعلّ ذلك يذكرنا بأهل البحر الهولنديين الذين نجحوا في انتزاع أغلب أراضي بلدهم من البحر حتى شاعت المقولة بأنّه «بينما خلق الله العالم فقد صنع الهولنديون هولندا» ولم يختلف أهل المطرية كثيراَ عن الهولنديين وإن لم يكتسبوا نفس شهرتهم.
و تستطرد الأهرام في وصف المدينة فتقول أنّ أغلب مساكنها مقامة من الخشب «وهي متلاصقة وفيها نيف و20 ألف مركب وزورق كلها تشتغل بصيد الأسماك في بحيرة المنزلة ولا تجارة لها ولا زراعة ولا صناعة ولا يرتزق سكانها من غير الأسماك. وبعضهم قد أثرى من هذه التجارة ثراءَ كبيراَ».
و ثمة ملاحظات على هذا الجانب من وصف صحيفتنا للمطرية: أولاهما: أنّ الأهرام في محاولاتها للتأكيد على هوية المدينة باعتبارها مدينة الصيادين قد بالغت في تقدير عدد المراكب والزوارق التي يمتلكها الأهالي إذ يصعب تصور أنّ سكانها العشرين ألفاَ يملكون عدداَ مماثلاَ من هذه القوارب والزوارق.. بمعنى أنّ لكل شخص مركب (!).
و ثانيها: أنّها قد ميزت بين صيادي السمك وتجارة أصحاب الثروة الكبيرة، ومن المتصور أنّ الآخرين قد اقتنوا هذه الثروة من استغلال الأولين.و من الجانب الآخر من هذا الوصف كشف عن تلك المشكلة التي منها أغلب هذه المجتمعات البحرية الخالصة..نقصان المياه العذبة، وتقول الأهرام كانت تنقل إليها من بورسعيد بالمراكب إما عن اتصالها بأقرب الحواضر والذي كان ضرورياَ لتوفير السوق للصيد البحري فتقول صحيفتنا أن شركة المنزلة حفرت قناة في البحيرة لسير بواخرها بين المطرية وبورسعيد «وهي تقطع هذه المسافة الآن في ثلاث ساعات» هذا فضلا عن السكك الحديدية التي تربطها بالمنصورة والتي توفر لها سوقاَ آخر. كل هذا ما عرفه المصريون في مناسبة الحريق الكبير الذي جاء على أغلب مدينة الصيادين، وكانت المبادرات التي قاموا بها لمد يد العون إلى أهالي المطرية بمثابة اكتشاف لهذه المدينة، فقد اشتركت في حملة الإعانة قطاعات متنوعة من أبناء الشعب المصري، الأمر الذي يستحق وقفة.
في يوم 30 أبريل عام 1907 ناشدت الأهرام المصريين إنقاذ 15 إلف نفس وجدوا أنفسهم بلا مأكل أو ملبس أو مشرب مما جاء في قولها «نستثير عواطف أهل البر والإحسان لإغاثتهم وإعانتهم وننتظر من كبراء الأمة بل من الأمة جميعها مد يد المساعدة إليهم وإنا نفتح منذ اليوم أعمدة الأهرام والبيراميدل نشر أسماء المتبرعين» التي استهلتها صحيفتنا بالتبرع ب500 قرش بالتمام والكمال !
بدأت بعد ذلك الصحيفة في نشر قوائم المتبرعين التي شملت قطاعات عريضة من المصريين نظن انهم كانوا يسمعون لأول مرة عن مدينة الصيادين بالمطرية.
زيارة الخديوي عباس الثاني: أن من لم يسمع من المصريين بخبر حريق المطرية قد سمع بزيارة ولى النعم لها، فقد صدر بلاغ رسمي يوم 27 أبريل جاء فيه: إن الجناب العالي يسافر إلى الإسكندرية وبطريق يخلف كل قواعد الجغرافيا إذ تقرر أن يسافر بطريق النيل بالإبحار في فرع دمياط إلى أن يصل إلى المنصورة ومنها إلى المطرية فبورسعيد من حيث يستقل اليخت المحروسة قاصداَ الإسكندرية، وقد فهم الجميع أن سبب الخروج عن قواعد الجغرافيا بالسفر غرباَ عن طريق الشرق وراؤه رغبة خديوية إن يزور مدينة الصيادين. حدث هذا بالفعل عندما وصل عباس الثاني إلى المطرية في صباح يوم 8 مايو حيث نزل من القطار الخاص «وسار مشياَ على قدميه بين الأنقاض فطاف كل الأحياء التي دمرها الحريق وعند مروره وقف أمام أحد المساجد المدمرة فاستبشر الاهالى خيراَ بهذا الوقوف، وأيقنوا إن سموه مصدر أمره قريباَ ببناء المساجد.. وتكرم سموه بمبلغ 500 جنيه لإعانة الفقراء والمساكين فنطقت ألسنتهم بالشكر وزادوا بالدعاء» الطريف في هذه الزاوية _ والكلام للدكتور يونان _ أن الأهالي بالمطرية قدموا للخديوي عريضتين قالوا في الأولى: «أن مصيبتنا بانت في جانب تفضلاتكم كأنها لم تكن فنحن الآن نستقبل خديوينا المعظم بصدور ملؤها السرور والانشراح» و تصورنا أن آخرين كتبوا لهؤلاء هذه العريضة، وقد يكون مأمور المركز، فليس معقولا أن تمتلئ صدورهم بالسرور والانشراح لمجرد زيارة الخديوي بينما الدمار يحيط بهم من كل جانب !
العريضة الثانية متصلة بما يترتب على الحريق من تدمير مساجد المطرية الثمانية «وبتنا الآن ولا قدرة لنا على تعميرها فنلتمس من خديوينا المعظم إصدار الأمر العالى لديوان الأوقاف ببناء مساجد ولو في جهة العقبيين والعزبة الجديدة والغصن وإنا نبسط أكف الضراعة إلى الله أن يديم سموكم مع الأنجال الفخام» أما من لم يلفت نظره حملة الاكتتاب الواسعة التي شملت أغلب مصر ولا شد اهتمامه زيارة الجناب العالي للمدينة المنكوبة فلا بد ان يكون قد تابع بشغف احتجاجات الصيادين على سياسة الحكومة حيال مدينتهم بعد احتراقها والتي وصلت إلى حد الاغتصاب، مما يشكل الفصل الأخير من قصة احتراق المطرية. • تشكلت لجنة العمومية في أوائل مايو لإسعاف منكوبى الحريق برئاسة مدير الدقهلية انبثق عنها لجنة تنفيذية قصدت المطرية، والتي اوصت: اولا: بنجدة البائسين من منكوبى الحريق، وكانوا 401 ارملة.. جنيهان لكل، و161 من ارباب العائلات «التي أصبحت لا زاد عندها ولا ملجا» بمبلغ 5 جنيهات لكل، كما تم توزيع كميات كبيرة من الاقمشة «لستر اجساد المعوزين» !.. وضعت اللجنة التنفيذية أيضاَ المبادئ العامة لاعانة المنكوبين وكانت ثمانية:
اولا: ترك رسوم الصيد لمدة 8 شهور.
ثانياَ: تسلف الحكومة للتجار واصحاب الاملاك 100 الف جنيه مقسطة على عشر سنوات بلا فائدة.
ثالثاَ: تسلف شركة بواخر المنزلة للصيادين 6 آلاف جنيه تاخذها من اثمان الاسماك التي تباع بواسطة هذه الشركة بخصم 5 % من تلك الاثمان.
رابعاَ: الاعانات التي تجمع من الأهالي تعطى للمحتاجين من الأهالي والتجار دون الصيادين الذين يجدون ارزاقهم امامهم.
خامساَ: الإسراع باجراء التنظيم وما يؤخذ من املاك الأهالي للشوارع العمومية بدفع ثمنه فوراَ، ويعطى لهم مساحات في البحيرة ليردموها، ويحسب ثمن المتر عليهم مليماَ يعطى للحكومة.
سادساَ: يؤجل ردم المساحة المبيعة للأهالي في البحيرة لعجزهم عن ردمها الآن.
سابعاَ: تتجاوز مصلحة الآثار المصرية عن الرسوم التي تاخذها من الاتربة والحجارة التي يحفرها الأهالي من تلول البحيرة لبناء منازل المطرية.
ثامناَ: الطلب من ديوان الأوقاف بان يعيد المساجد التي احرقت. و تقدم تلك المبادئ صورة لطبيعة الحياة في مدينة الصيادين.. الرسوم التي تاخذها الحكومة منهم، اعتمادهم على شركة بواخر المنزلة في تصريف منتجاتهم أو جانب منها، ردم البحيرة مقابل رسوم تحصل عليها مصلحة الآثار.
و على ضوء تلك المبادئ بدات عملية الإسعاف، والتي تمت على نحو لم يرض الصيادين، فقد قدم أكثر من 8500 جنيهاَ على 704 عائلة من غير الصيادين، وقد تم تقسيمها إلى خمسة مراتب بين 27 عائلة من الاسر الكريمة في المرتبة الأولى، 352 عائلة في المرتبة الأخيرة، بينما حصل منكوبو الدرجة الأولى على 50 جنيهاَ، وكان نصيب منكوبى الدرجة الثانية 35 جنيهاَ، والثالثة 25 جنيهاَ، والرابعة 15 جنيهاَ، والأخيرة 9 جنيهات فحسب.. وبالمقابل خصص للصيادين 5 آلاف جنيه كانت قد قدمتها الحكومة وقد قسموا بدورهم إلى 5 مراتب وان حصلوا على مبالغ اقل، فقد تراوحت إسعافاتهم بين 30 جنيهاَ لاصحاب المرتبة الأولى و5 جنيهات لمن وضعوا في المرتبة الأخيرة وهو ما دعا الاهرام للتعليق.. قالت «وضع درجات للصيادين بالاقل عن الاهالى هو بالنظر لكون الاهالى قد تعطلت اعمالهم وتجارتهم من وقت حصول الحريق لعدم وجود نقود معهم تمكنهم من إدارة اشغالهم ولانهم اجدر بالعناية من الصيادين لان الصيادين لم تقف حركة اعمالهم مثل الاهالى والتجار بل انهم بعد الحريق بايام قليلة جداَ باشروا اعمالهم كما كانت، هذا فضلاََ عن ان خسائرهم اقل بكثير من الاهالى» ولم يكن هذا راى الصيادين. فقد جاءت الأخبار باغتصاب بعض من هؤلاء وتعرضوا لزملائهم ليمنعوهم من الصيد، وهددوهم بقلب مراكبهم إذا هم أقدموا على الصيد بها «فشكا هؤلاء للبوليس في المطرية ولخفر السواحل في القنبوطى، وابلغ الخبر لمديرية الدقهلية فجاء حضرة وكيل المديرية مع مامور مركز دكرنس وضابطين و25 عسكرياَ من البوليس وباش كاتب خفر السواحل ومعه قوة أخرى فاحضر وكيل المديرية المتعصبين والقى فيهم خطاب حثهم فيه على العودة إلى العمل وعدم التعرض لسواهم وحذر كل من اعتدى على اخر من عاقبة اعتدائه».
و تقر الاهرام بان بعض الصحف اخذت تناصر المتعصبين وعضدتهم وهو ما لم يعجب صحيفتنا التي انحازت للتجار واصحاب الاملاك على حساب الصيادين، فهي من ناحية ارتات ان خسائر هؤلاء بلغت نحو نصف مليون جنيه بينما لم تزد خسائر الصيادين عن 50 الفاَ، ومع ذلك أخذ الصيادون ثلث الإعانة، وهي من ناحية أخرى رات ان فرصة الصيادين في تعويض خسائرهم أكبر كثيراَ من فرصة غيرهم فيما عبرت عنه بقولها.. «زد على هذا ان الصياد يجد رزقه في ماء البحيرة فقد أكلت النار ماله ولم تبق له ما يسدد ديونه أو يعيل نفسه وعياله وليس له من رزق آخر غير تلك التجارة أو تلك الأملاك التي تلفت فأما المصابون حقيقة هم التجار وأصحاب الأملاك والصناع لا الصيادون الذين لم تحرق النار بحرهم ولم تأكل سمكهم فهم وجدوا رزقهم في يوم المصيبة» تتطور الامور إلى مطالب فئوية حين احتج المغتصبون على منع الحكومة للصيادين عن الصيد بالشباك الضيقة وذهبوا في ذلك إلى حد إرسال وفد منهم إلى الإسكندرية.
جاءت خطوة السلطات التالية من جانب مدير إدارة الاقسام الشرقية من خفر السواحل وكان إنجليزيا اسمه «سنو» فقد وزع الرجل منشورا أو ما كان يسمى بلغة العصر اعلانا في كل انحاء المطرية وقد امتلا بالتهديد والوعيد جاء ف هذا الإنذار أن هجر الصيادين لمهنتهم سوف يترتب عليه أن يوصى الحكومة بردم البحيرة لتجعلها ارض زراعية وتكتب الاهرام ما يفهم منه أن الاعتصاب لم يكن عاما بين صيادى المطرية فقد صنفتهم إلى ثلاث مجموعات «السنارتيه» و«الرفاعة» ولم يشاركوا فيه وقد اقتصر على الصيادين الشباكة وعدم استجابة الخديوى لمطالبهم أيضا ولقد تقدم هؤلاء بشكوى إلى مدير المديرية بشأن مياه الشرب فقد كانت المراكب تحمل لهم المياه من بورسعيد فيبتاعون الصحف اليومية بثمن بخسو لشدة فقرهم بعد الحريق كانوا لا يستطيعون دفع ثمن الصحيفة وبعد ذلك أعلن الصيادون اقلاعهم عن الاعتصام وانصرفوا إلى البحر يبحثون عن الرزق وإلى البر حيث يعيدون بنناء أكواخهم التي أتت عليها النيران
ظلت المطرية تابعة لمركز دكرنس حتى عام 1929 م ثم تبعت مركز المنزلة حتى استقلت بذاتها كمدينة وتوابعها : قرية العصافرة والظهير وأولاد صبور والقبلية.. وخلال هذه الفترة تغيرت معالمها المعمارية والحضارية بشكل كبير ففى الثلاثينيات من سنة 1930 إلى بداية الاربعينيات كانت المطرية اصغر مساحة مما هي عليه في الوقت الحاضر فالمنطقة التي تم تجفيفها والمعروفة في المطرية بين الأهالي ب «الجسر الواقى» كانت بحيرة أو جزء من بحيرة المنزلة يمارس فيها الصيادون الصيد، وكان فيها أفضل أنواع الأسماك من: بورى وحنشان وقاروس وبياض وبلطى.. الخ، وكان الصيادون يطلقون عليها اسم «بحر الملاحة» وتمتد من المطرية حتى مجرى القناة التي كانت تجرى فيها اللنشات والمراكب البدائية إلى دمياط..اما منازل المطرية ومساكنها كانت مكونة من دور ارضى واحد، ونادراَ تلك التي كانت تتكون من دورين وكان اكثرها مبنى من الخشب المقام على أعمدة سميكة قوية حتى انها كانت تبدو وكانها معلقة على تلك الأعمدة الخشبية للزينة أو لتربية بعض الطيور اسفلها كالبط والإوز والدجاج وبعض الحيوانات الاليفة، إلا أن الأهالي كانوا يقيمونها على هذه الهيئة اتقاء لماء البحيرة عندما يزيد منسوبها وتغمر أراضي المطرية في ذلك الوقت كما اخبرنى بذلك بعض المعمرين من أهالي هذه المدينة الطيبة، وكذلك حفاظاَ على صحة ساكنيها من ارتفاع نسبة الرطوبة بها..
اما شوارع المطرية فكانت مثار اعجاب ودهشة لزائريها حيث تم تصميمها وتنظيمها شطرنجياَ وتكاد تكون فريدة من نوعها على مستوى العالم اجمع فانت إذا وقفت في أول الشارع سترى اخره بلا عائق، أي يمكنك رؤية أول المدينة واخرها من أي مكان على الأرض بوضوح، ومن العجيب انها ما زالت على هيئتها إلى الآن وكان أغلبها مشجرة باشجار الصفصاف والنخيل • وكان بمدينة لمطرية نقطة شرطة فقط، وقوتها العسكرية مكونة من ضابط ملازم ومعه من 5 إلى 10 جنود وبقية القوة خفر.. وكان بالمطرية عمدتان أحدهما عمدة الغصنة وهو «محمد زين الدين عزام» والاخر عمدة العقبين واسمه «كامل داوود الريس» بن الحاج داوود الريس الذي بنى مسجد الحاج داوود بالعلادية، ويعاون كلا منهما شيخ خفر واحد يرأس مجموعة من الخفراء لحراسة المدينة ليلا.. كما كان هناك أحد الخفراء يتولى اخطار المواطنين بما يخصهم كطلبات الالتحاق بالخدمة العسكرية أو اخطاره بغرامة أو قضية ما.
اما ما يتعلق بالصيد في هذه الفترة لا يختلف كثيرا عن الحاضر وهذا الاختلاف يتمثل في اختفاء بعض أنواع الاسماك من بحيرة المنزلة نتيجة لعذوبتها، وانتهاء الصيد ببعض الطرق المخصصة لتلك الاسماك المختفية. وكذلك لم تعد مساحة البحيرة كما كانت فقد جف اكثرها حتى تقلصت من 720 الف فدان إلى 120 الف فدان فقط وهذه المساحة المتبقية لم تسلم من عبث المفسدين فقد استولى اصحاب القوة والنفوذ على أجزاء كبيرة منها، ناهيك عن تلوث مياه البحيرة بمخلفات المصانع المقامة في بعض المدن الجديدة.. ولكن ما كانت تتميز به مدينة المطرية في الثلاثينيات والاربعينيات فيما يتعلق بالصيد هو وجود موردتين (حلقتين) للتعامل في الاسماك بينما كانت توجد في كل من العزايزة وعزبة البرج والجمالية والروضة والقابوطى وغيط النصارى والكاب موردة سمك واحدة لكل منها، ولم يكن جائزا التعامل في غيرها، وكان لكل حلقة ناظر.. ففى المطرية كانت إحدى الحلقتين وهي الكبرى عبارة عن صرح أو سوق واسع على شاطئ البحيرة بجوار محطة السكة الحديد وكان مكانها في شارع سعد زغلول مكان مبنى التلغراف والسنترال الحالى وكان بالحلقة وزان يقوم بوزن السمك لكل صياد ويعطيه ايصالا أو قسيمة مدونة فيها اسمه ووزن سمكه ونوعه والتاريخ ثم يقام المزاد على هذا السمك ولا يبرح التاجر الذي يرسو عليه المزاد الحلقة الا بعد دفع ثمن السمك للصياد.
كانت أسعار الاسماك وبعض السلع منخفضة جدا، وهي بلا شك تناسب زمانها، فقد كان للقرش قيمة، وتكفى كثير من الاسر 5 قروش في اليوم والليلة لشراء كافة المتطلبات اليومية، موكب رؤية هلال رمضان : في ليلة ثبوت رؤية هلال رمضان كان أهالي المطرية يخرجون جماعات في الموكب مهيب يجمع كل طوائف المجتمع المطرى، فكل أهل الحرف والصناعات يتسابقون للخروج فيه ويقوم كل صاحب حرفة أو مهنة بنقديم عرض فنى مميز في هذا الموكب يمثل صناعته، فالصياد مثلا يحمل مركبا صغيرا على عربة، وصناع الاحذية كانوا يصممون حذاء ضخما ويجلسون بداخله طفلا أو طفلة، اما الفران فيقوم بصنع الفطائر والخبز في فرن صمم خصيصا لهذا الموكب فوق إحدى العربات ثم يلقى بما يخبزه على جمهور المشاهدين الذين كانوا يصطفون بالالاف على جانبى الطريق لمشاهدة الموكب والمشاركة في فرحة استقبال شهر رمضان المعظم، وكذلك صناع الحبال كانوا يمارسون مهنتهم بشكل كامل، ولم يكن يخلو الموكب من البهجة والطرافة، فكان بعض الشباب يلبسون ملابس مضحكة ويلونون وجوههم بالاصباغ والالوان مثلما يفعل المهرج في السيرك وأحيانا تصاحب الموكب بعض الالات الموسيقية، فكان هذا الموكب يشيع البهجة في ليلة استقبال شهر رمضان المبارك.
تعرضت القوات البريطانية لهزيمة نكراء في شهر مايو 1942 حيث هجمت عليها القوات الألمانية بقيادة روميل في طبرق حتى سقطت في 21 يونيو، وأسر نحو 30 الف مقاتل انجليزى، ثم سقطت بعدها مرسى مطروح، وتوالت انتصارات الالمان، وفي هذا الوقت طلب الإنجليز من الملك التخلص من بعض الضباط المصريين وتعللوا بانهم يشكلون خطرا على الملك والحكومة والإنجليز انفسهم، وانهم يقومون بدور خفى ونشاط دؤوب لخدمة الجيش الالمانى وكراهية في بريطانيا.. وكان من هؤلاء الضباط اليوزباشى «محمد أنور السادات» وفي 8 أكتوبر 1942 طلب الإنجليز مرة أخرى ابعاده عن الجيش لنشاطه الملحوظ ووعيه الوطني والسياسى، وبالفعل تم تنفيذ القرار الملكى الانجليزى بابعاد أنور السادات عن الجيش فكان أول ضابط يفصل من الجيش بدون محاكمة جدية، وقد تم اعتقاله فور مغادرته المجلس العسكري، واودعوه سجن الزيتون (المعتقل) وهناك حدثت عدة مواقف تجلت فيها وطنيته ونبأت بميلاد زعيم وطني كبير، لقد رزق بمولودة وهو في المعتقل، وعلم السادات ان زوجته في حالة صحية سيئة فاشتد حنينه لرؤية مولودته وزوجته فطلب من سجانه _ وكان ضابطا وطنيا شريفا وصديقا للسادات _ ان يغادر المعتقل بكلمة شرف لبضع ساعات ثم يعود، وبعد تردد وافق الضابط، ولكن ما جعله يزداد احتراما وتقديرا للرئيس الراحل هو عودته إلى المعتقل بقدميه قبل الموعد الذي تم تحديده، وخلف القضبان الحديدية والأسوار الخرسانية قرر أنور السادات أن يتم تشكيل سرى للمعتقلين السياسيين بقيادته لوضع خطة جماعية للهرب من المعتقل لتنفيذ سلسلة من العمليات الانتحارية ضد الأهداف الإنجليزية في مدن القناة وغيرها، وقد تعرض المعتقلون في هذه الفترة إلى التعذيب البدنى والنفسى من قبل الإنجليز المحتلين..
وقد هرب أنور السادات من المعقل رغم حراسته المشددة ليبدأ رحلة كفاح طويلة في سبيل الوطن من الاحتلال البغيض.. هرب السادات بمساعدة التشكيل السرى للضباط والمعتقلين السياسيين بعد ما تم نقله إلى مستشفى قصر العينى للعلاج، وفي هذا الوقت كان السادات متهماَفي مقتل أمين عثمان فقرر الهرب إلى مكان أكثر أماناَو في نفس الوقت أقرب إلى مدن القناة لتنفيذ الخطة السرية لمكافحة الاحتلال البريطانى في مصر، فكان القرار صائباَ.. قام بتهريب أنور السادات فنان الشعب زكريل الحجاوى إلى المطرية مسقط رأسه وموطن أسرته وعائلته وأصهاره، وكان زكريا متعوداَ على استضافة أصدقائه من الفنانين والأدباء وغيرهم في مدينة المطرية لقضاء وقت ممتع في بحيرة المنزلة بين الصيادين والمراكب والشباك وفي هذا المقام تتحفنا جريدة أخبار الدقهلية التي يرأس تحريرها الأستاذ محمد عبد الرزاق بحوار شائق مع السيدة الفاضلة الحاجة : "عائشة السوداني داود الريس " الشهيرة ب "عائشة الريس " تقول : " كان زكريا يأتى دائماَ ومعه بعض أصحابه من مصر (القاهرة) ينزلون عندنا في بيت والدى على أنهم معجبون بالبحيرة والصيادين مثل الصحفي محمود السعدني والممثل محمد رضا، وذات يوم جاء زكريا الحجاوى ومعه شاب أسمر يرتدى زى فلاحى وعلى رأسه " عمة " وقدمه إلى والدي واخوتي على أنّه صديق ومعجب ببحيرة المنزلة.. وسيقيم عندنا بعض الوقت ضيفاَ عزيزاَ.. فكان زكريا يصطحبه إلى البحيرة.. يركبان المركب مع الصيادين طوال النهار.. يصطادان.. ويطبخان طبيخ الصيادين..
و عند عودتهما في المساء كنا نعد لهما السمك بأنواعه وخاصة "الصيادية " التي كان يطلبها.. ثم يخرجان في المساء يسهران في قهوة على شاطئ البحيرة مع الصيادين واستمر هذا الحال لمدة أسابيع.. كان صديقاَ لنا بعد أيام (جابوا عربية) واشتغل عليها هذا الضيف سائقا، وكان التباع من المطرية.. كانت هذه (العربية) تنقل البضائع إلى الإسماعيلية والسويس وخط القناة والمنزلة أيضا.. واستمر هذا الحال لعدة شهور، وكان يذهب أيضا إلى القاهرة إلى منزل زكريا الحجاوى في الجيزة، وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، كشف زكريا الحجاوى لنا الحقيقة، وعرفنا بان من ضايفناه هو البطل محمد أنور السادات الذي كان متهما بقتل امين عثمان ومطلوب القبض عليه.. فكان زكريا الحجاوى واحد من اثنين رسموا له خطة الهروب، فزكريا اقترح ان يأتى له بملابس فلاح ويرتديها بعد دخوله القصر العينى، وخرج السادات حسب السيناريو الذي رسمه الحجاوى، وكانت سيارة تنتظرهم خارج أسوار القصر العينى.. خرج وسط الحراسة بدون أن يعرفه أحد وجاء إلى المطرية وعاش بيننا بدون أن نعلم حقيقة الأمر، وحينما اشتغل على سيارة نقل من المطرية إلى خط القناة كان الهدف تجميع السلاح للفدائيين ورجال الثورة، وهي ما زالت في مهد ولادتها فكانت تجمع التبرعات من المنزلة والمطرية عن طريق زكريا الحجاوى وصاحبه الذي أصبح رئيسا للجمهورية ".
وفاء عظيم : و تواصل الحاجة عائشة الريس حديثها فتروى لنا موقفا عظيما تجلى فيه وفاء الرئيس الراحل أنور السادات للمطرية وعائلة الريس التي احتضنته وهو طريد الإنجليز برتبة يوزباشى : " بعد أن وصل إلى رئيس جمهورية ذهبت اليه وقابلته في قصره فرحب بى قائلا : " اهلا بعائلة الريس بالجيزة " وسألنى عن مطالبى، وقال لى : " ايه اخبار السمك ؟!!" وعندما علمت بزيارته للمطرية لوضع حجر اساس ترعة السلام ارسلت اليه تلغرافا اعلمه فيه باننى مازلت موجودة في المطرية.. فأعلن انه سيزور البيت الذي عاش فيه أيام ضيافته.. فاستقبلناه في نفس البيت رغم أننا غير مقيمين فيه نظرا لانه آيل للسقوط فقلت له باننى سأبنى هذا البيت واضع فيه الفراش القديم والزيارة الثانية لازم (ييجى) فوعدني بذلك ولكن القدر لم يمهله فرحل بعد شهور قليلة فضرب السادات بزيارته اروع مثل للوفاء. قنبلة إيطالية فوق منزل بالمطرية
في خريف عام 1939م كانت الجيوش الألمانية قد بدأت الحرب العالمية الثانية بقيادة «أدولف هتلر» ودفع إلى عجلتها بالجيوش مسلحة ومتدربة تدريباَ جيداَ جداَ ليضم اليه إيطاليا واليابان والنمسا وهي الدول التي اصطلح المؤرخون على تسميتها بقوى المحور، وفي الجانب المضاد كانت جيوش الحلفاء بريطانيا وفرنسا ودول الكومنولث البريطانى فالولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الجنرال «أوكونور» الذي أعلن أنّه قد أعد حصاناَ ابيضاَ ليدخل به القاهرة غازياَ فاتحاَ، وليبدأ في استعادة ممتلكات الإمبراطورية الرومانية القديمة واشتعلت الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) لتلتهم نيرانها أرواح ملايين الشباب ولتدمر المدن وتقوض الحضارات ارضاءَ لأهواء حفنة من المغامرين، الذين يملكون القوة وتملكت عقولهم أحلام اليقظة وشهوة اراقة الدماء، ارضاءَ لأطماع مجنونة في سيادة العالم.. في هذه الأثناء وجدت مصر نفسها في موقف لا تحسد عليه عند بداية تلك الحرب فانّ المصريين لم ينسوا بعد أنهم كانوا لا يزالون واقعين تحت سيطرة نير الاحتلال البريطانى البغيض، الذي وقع عليهم كالكارثة المدمرة منذ عام 1889 م بعد انحدار جيوش عرابى أمام جحافل الغزاة ذوى الوجوه الحمراء والغطرسة الحمقاء وها هي جيوش الديكتاتور الإيطالي (موسوليني) تهدد بالغزو من الصحراء الليبية في هذا الوقت العصيب تصدرت الصحف المصرية والعالمية انباء ألقاء إحدى الطائرات الإيطالية لقنبلة على أحد منازل مدينة المطرية دقهلية..
يقول عالمنا الجليل الحاج محمد الأزهرى : " كنت صغيرا في المدرسة الاعدادية، وذات ليلة ونحن نيام جاءنا عند الفجر أحد الناس ليوقظ والدى لامر هام جدا، واذ به يخبره بتعرض بيت عمى إلى نيران إحدى الطائرات الإيطالية، وهمت الاسر كلها والجيران بل واهالى المدينة كلهم _ وكان عددهم قليلا في ذلك الوقت _ وذهبنا إلى منزل أبناء عمى الحاج محمد والحاج أحمد، ومكانه حاليا بمنطقة العلادية منزل الحاج شحاته عبد العال، وكان البيت مبنيا على مساحة 200 متر، والدور الارضى عبارة عن مخزن للغلال والحبوب يعلوه دوران لكل أخ من اولاد عمى دور منهما يسكن فيه اما عن القاء الطائرة للقنبلة قبيل الفجر في خريف سنة 1940 على منزل عمى، فقد اشيع ان المرحوم محمد أبو رزق العاصى كان يحمل في يده (الكلوب) ليفتح مسجد الحاج محمد الريس لاعداده لصلاة الفجر فشاهد طائرة تحلق في السماء يبدوا انها ترصد تحركاته فألقت الطائرة الإيطالية بقنبلة على الضوء (ضوء الكلوب) ظن منهم انه هدف عسكرى تابع لبريطانيا التي كانت تحتل مصر في هذا الوقت..
ذهبنا وآلاف غيرنا من الاهالى إلى هذا المنزل فوجدنا الابواب والشبابيك قد تناثرت في المربع المجاور المقابل للمنزل مما يدل على قوة هذه القنبلة كما هدمت الشقة العلوية في الدور الثالث حيث تحطم الشطر الأيمن منها ولكن حدثت هناك معجزة فقد اراد الله عز وجل الا يصاب أحد بسوء فعند سقوط السقف حملته اعمدة السرير (على النظام القديم) وجاء رجال المطافئ فانتشاوا ابن عمى وزوجته من تحت السقف فقد حماهم الله ونجاهم ومن العجيب في هذه القصة ان كانت الاصابات عبارة عن خدش بسيط في وجه احمد الازهرى بفعل تحطم زجاج النوافذ ولم تكن هناك خسائر في الارواح ".
لعبت المطرية دورا بارزا في رحلة الكفاح الوطني وخلال الحروب المختلفة التي خاضتها مصر ضد اعدائها، فقد كانت خط الدفاع الثاني بعد مدن القناة ابان العدوان الثلاثى على بورسعيد الباسلة في 26 أكتوبر سنة 1956 فكانت هذه المدينة تشتعل نارا بفعل القصف الجوى المكثف من قبل العدوان، وكعادتها دائما حملت المطرية امانة غالية فقد تطوع آلاف الصيادين والشباب من أهالي المطرية لنجدة ذويهم واخوانهم البورسعيدين وإنقاذ الأحياء منهم خاصة الأطفال والشيوخ والنساء، فكانت آلاف المراكب وقوارب الصيد ومراكب الرمل والمياه تنقل كل ثانية مئات الجرحى والمصابين لإسعافهم بالمطرية إضافة إلى إنقاذ الأحياء من أهالي بورسعيد الذين دمرت منازلهم وتحطمت مساكنهم فأصبحوا مشتتين بلا مأوى، ولكن المنظر المأساوى الذي لن تنساه المطرية هو وقوف أهلها صغارا وكبارا على شاطئ المنزلة لمشاهدة ألسنة اللهب وأعمدة الدخان الكثيف تملأ سماء الشقيقة والحبيبة بورسعيد، وكذلك لن تمح من ذاكرتهم تلك الصورة المأساوية لمئات الجثث المحترقة والمتفحمة من أبناء بورسعيد التي كانت تحملها مراكب الصيد واللنشات فوق بعضها ثم يلقى بها على أرض مرسى المراكب لتشكل أكواما من ضحايا العدوان الغادر.
لقد فتحت المطرية ذراعيها بعد قلبها للمهاجرين والنازحين من مدن القناة عامة وبورسعيد خاصة، فكان أهالي المطرية يقتسمون معهم الديار والأعمال والاقوات، ومن لم يتسع داره أو منزله كان يقوم بعمل خيام بجوارها ويشمل قاطنيها بالرعاية الكاملة، كما فتحت المساجد والمدارس التي فرغت تماما لهذا الغرض لحين تجهيز المأوى المناسب الملائم لهؤلاء الفارين من لظى الحرب..
أما عن الدور الذي لعبته المطرية عسكريا فهو يجل عن الوصف ويصعب على القلم ان يطوع من الكلمات ما يروى تفاصيل هذا الدور البطولى، ولندع شهود العيان يدلون بأقوالهم شهادة للتاريخ لتظل المطرية شامخة الرأس مرفوعة التيجان.. يقول الحاج منير محمود الشناوى : " رأيت بعينى كلا من الصاغ جمال سالم والصاغ صلاح سالم واليوزباشى احمد فؤاد الشناوى والصاغ محمد عبده الشناوى، والصاغ محمود المرسى حسين – من المطرية وغيرهم جاءوا جميعا في وقت مبكر من الصباح يتخفون في زى بلدى غير عسكرى بالقرب من مسجد عزام في سيارات وعربات كبيرة ومعهم عدد كبير جدا من الجنود بعد العدوان الثلاثى على مصر.. جاءوا إلى المطرية باعتبارها خط الدفاع الثانى في هذا الوقت لتنظيم عملية الامداد وانقاذ بورسعيد، كما كان من بينهم كثير من اهالى المطرية الذين تطوعوا، وكانوا يضحون بأنفسهم ويعملون معهم لبل نهار للمشاركة والمساعدة في حمل صناديق الاسلحة والذخيرة في مراكبهم ليلا عبر بحيرة المنزلة للفدائيين والجيش المصرى.
كانت طائرات العدو تحلق من حين إلى آخر فوق سماء المطرية على ارتفاع منخفض، واحيانا كنا نرى اشتباكات بين طائراتنا المصرية وطائرات العدو فوق البحيرة والمطرية، وقد وقعت بعض تنكات الوقود من هذه الطائرات فوق بعض بيوت المطرية ولم تكن فيها في ذلك الوقت كهرباء فكانت تطلى الشبابيك الزجاجية للمنازل بالبوية القاتمة أو الزهرة الزرقاء أو يوضع عليها من الداخل ملاءات سوداء بتوجيه من الدفاع المدنى حتى لا تكون هناك اضاءة ليلا في المدينة لئلا تتعرض المدينة للقصف اثناء اغارة طائرات العدو في هذه المنطقة..
و كانت صفارات الإنذار فوق قسم الشرطة واعلى بعض المنازل تدوى ويقوم بعض الأطفال والشباب بالمرور في شارع المدينة وظل الحال هكذا حتى انتهاء الحرب " وما زالت بعض المنازل القديمة في المطرية تحتفظ بشيء من هذا الزجاج المطلي وهو بحالة جيدة.
و حدثني عبد الرحمن الريس (75) سنة الشهير ب «الكلس» قال : «بعد العدوان الثلاثى سنة 1956 وأنا في بحر» كساب «بجوار منطقة الجميل في بحيرة المنزلة حضر إلى صلاح سالم، ومعهم عشرة ضباط يرتدون جلابيب صيادين بعد صلاة العصر.. جاءوا على مركب صيد.. فسلموا على وعرفونى أنهم يريدون أن أنقلهم إلى بورسعيد _خاصةَ أنّ المركب الذي استقلوهلم يكن يجرؤ صاحبه على تنفيذ هذه المهمة _ فوافقت على الفكرة وقمت بعمل غداء لهم وكان» طبيخ جمبرى «في سندوتشات وأعطيتهم ميعاداَ بأننا سنبحر الساعة 7,30 مساءَ، وكان ما بين العشاء والمغرب بعد العدوان الثلاثي بنحو شهر، وقمت بنقلهم في الظلام حتى لا يرانا أو يرصدنا العدو، ووصلتهم إلى مطار الجميل وكان هذا هو هدفهم ورغبتهم، وكان معهم صناديق مقفلة وشنط لم أعرف ما كان بداخلها وان تأكدت من أنها كانت أسلحة بعد ذلك، ونفس الليلة التي قمت فيها بتوصيلهم تم تفجير سبعة مواقع للعدو، حيث سمعنا سبعة انفجارات في بورسعيد وبعد عدة أيام عرفنا أنّ هذه الانفجارات قام بها هؤلاء الضباط في مواقع خاصة بالعدو.. فكانت الشرارة التي انطلقت منها عملية اجلاء قوات العدو».
بطولة وفداء: بعض الفقرات من كتاب «تاريخ المطرية عروس الدقهلية» تتحدث عن الفدائية والبطولة في حرب 1956م ودور الفدائيين عن طريق مدينة المطرية، انّه كتاب «شموس في سماء الوطن» للأستاذ محمد الشافعي يقول البطل عبد العال الهوارى : «و عند نقطة معينة أقمنا الخط الدفاعي، وبدأنا تنظيم عمل الفدائيين لمقاومة الإنجليز في بورسعيد وذلك من خلال المراكب المحملة بالسلاح من المطرية إلى بورسعيد عبر بحيرة المنزلة». و عن وجود الفدائيين في المطرية وتنظيم عملهم البطولي في بيوتها يقول البطل محمد محمد خليفة من الإسماعيلية أو "شزام" كما أطلق عليه الإنجليز هذا اللقب الذي يعنى "طائر جارح": "عندما بدأت حرب 56 تم استدعاء قوات الحرس الوطني خاصة الأفراد الذين حصلوا فرق متخصصة وكنت قد حصلت ومعي بعض زملائي على ثلاث فرق صاعقة وفرقتين مظلات وفرقتي أعمال انتحارية وذلك غير فرق الأسلحة وذهبت إلى المطرية دقهلية ووجدت الفدائيين يملأون بيوت المدينة ومعهم كثير من جنود الصاعقة ودخلنا بورسعيد مع الفدائيين ورجال الصاعقة عن طريق بحيرة المنزلة وقابلنا حسن رشدي رئيس مباحث المدينة.. "و عن عمليات الامداد والتموين لأبطال المقاومة الشعبية والفدائيين في بورسعيد من المطرية عن طريق بحيرة المنزلة، يقول البطل محمد عسران : "كانت الحكومة ترسل المواد الغذائية من المطرية عن طريق بحيرة المنزلة وكانت الأسلحة تأتى تحت الأسماك مع رجال الصاعقة والمظلات الذين دخلوا المدينة في زى الصيادين، وكان معهم أيضاَ بعض رجال المخابرات الحربية وقد تشكلت قيادة المقاومة الشعبية من بعض أجهزة القاهرة وتشكلت مجموعات المقاومة، وكان أهل المدينة مجموعة واحدة للمقاومة الشعبية، ومع ذلك فقد حدث بعض التضارب فهناك تشكيل لرجال الصاعقة وتشكيل آخر لرجال المقاومة الشعبية وقد حدث صراع خفي بين الطرفين للحصول على أكبر قدر من البطولات". و يقول البطل الفدائي حسين عثمان من بورسعيد : «ثم جاءت الأوامر بمغادرة بورسعيد بعد أن طارد الإنجليز المواطن عبد المنعم مختار وأصابوه بطلق ناري فدخل المستشفي وأجريت له عملية الزائدة الدودية، وبعد الحرب مات هذا الرجل متأثراَ بجراحه، المهم أنّ القيادة خافت علينا فتركنا بورسعيد حيث وصلنا ليلة الانسحاب». و يقول البطل علي طاهر علي مسعد من بورسعيد (67 سنة): «جاءت التعليمات بأن نغادر بورسعيد وكان البوليس الدولى قد تسلم جميع منافذ المدينة من الإنجليز، فأعطانا الأمن المصرى جلاليب قديمة على أننا من الصيادين، ووصلنا إلى المطرية عن طريق بحيرة المنزلة في الصباح، ومن المطرية إلى المنصورة ثم إلى القاهرة وعدنا إلى المطرية مرة أخرى يوم 22 ديسمبر الساعة الخامسة مساء وسمعنا عن جلاء قوات الاحتلال فعدنا إلى بورسعيد في 8 من صباح 23 ديسمبر فوجدنا المدينة كلها في احتفال كبير فشاركنا أهل المدينة احتفالاتهم بهذا النصر العظيم». مما سلف ذكره يتأكد لنا أهمية المطرية وبحيرة المنزلة ودورهما في رحلة الكفاح الوطني فهما خط الدفاع الثاني ونقطة مهمة جدا للإمداد والتموين وتنظيم العمليات الفدائية، ولدينا ما يثبت دور كثير من شبابها في ملاحم البطولة التي خاضتها مصر المنتصرة دائما ضد اعدائها على مر العصور. زيارة جمال عبد الناصر الذي شق باللنش الذي استقله من بورسعيد في الاحتفال باعياد النصر عباب مياه بحيرة المنزلة وسط صفين عن يمين وشمال من مراكب الصيادين التي ربت على العشرة آلاف مركب وقارب ولنش، وقد اصطفت في شكل منظم رائع مزينة بالاعلام واكاليل الزهور والورود والرايات الزاهية
فإن تأسيس وتقسيم شوارع المدنية الحديثة يرجع لمهندس فرنسي في عام 1907 بعد حريق المدينة الشهير، فقد صمم شوارع المدينة بطريقة عصرية على شكل لعبة الشطرنج، وذلك يناسب موقعها الساحلي لتكون شوارعها كمجرى للهواء البحري النقي، كما انشأ الفرنسيين كذلك المحطة البحرية اللتي تربط المطرية ببورسعيد ودمياط، كذلك انشأوا خط حديدي يربط المطرية بالمنصورة وهذا الخط كان معروف باسم الديزل الفرنسي، كذلك انشأوا خزان المياه الشهير والمعروف بالمدينة باسم الكباس، كما انشأوا العديد من البنايات ذات الطابع الفرنسي مثل قسم الشرطة القديم ومباني السواحل، فالمطرية اهتم بها الفرنسيين منذ حفر قناة السويس، لانها المكان الاقرب لبورسعيد.
مسجد السحراوي الشهير بالعباسي هو أول مسجد انشأ في المدينة الذي يعود إلى مؤسسه سيدي محمد السحراوي. قام ببناء المسجد عائلة السحراوي في عام 1890 وكان في ذلك الوقت المسجد الوحيد في المدينة حيث كان مكانا لتلقي علوم الدين، هذا هو المسجد الذي ساعد في إعادة بنائه الخديوي عباس حلمي الثاني في عام 1907 بعد حريق المدينة الشهير، لذلك عائلة السحراوي اطلقوا عليه اسم المسجد العباسي، فهو حاليا اقدم وأكبر مسجد في المدينة.
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.